ليلٌ تشرينيٌّ بهيم

 

رويدا البعداني

الثامنةُ والنصف جورًا واعتداء على جُنحِ ليلةٍ تشرينية وبينما كان دخان الأمس المميتُ يكتم أنفاس المنازل الفلسطينية ويعيثُ في ربوع غزة خرابا، أقدمت شرذمة من شذاذ الكيان الصهيوني بإطلاق قذيفتين غادرتين على مستشفى المعمداني مستهدفًا المبنى الذي كان يضج بأهالي غزة من أطفال ونساء وكهول والذي ارتقى على إثر هذه الجريمة أكثر من 500 شهيدٍ.

ولعلي وقتها أردتُ البكاء كَثيراً وأنا أشاهدُ دموع الثكالى وأنين اليتامى وضحايا هذه المجزرة الدامية ولكنى آثرت الكتابة على ذرف الدموع متذكرة قوله تعالى ((وعند الله تجتمع الخصوم)). وقوله تعالى: ((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)).

على الأرض المكلومة تستلقي مئات الضحايا مضرجة بدماء جروحهم الغائرة، وفي الجانب الآخر هُناك ملامح غضٌة لأطفال ماتوا قبل ولادتهم المرتقبة، وعلى فراش الموت والحياة هُناك أُمهات وثكالى تارة يجهشن بالبكاء، وتارة يحبسن أتون دمعهن تصبرًا واحتسابًا، في حين أن منظمات الإنسان وحقوق الطفولة لا تتحَرّك قيد أنملة، وليس لها أَو لحكام العرب موقف يذكر.

إن جريمة مستشفى المعمداني ستظل وصمة عار وخزي في جبين كُـلّ من ارتضى الذل وهانت عليه القضية الفلسطينية، وانقاد لقوى الشر وأصبح خادما ومطبعا لإسرائيل وحليفا لها، خَاصَّة الذين تخلوا عن الانتماء العربي وفقدوا هُــوِيَّتهم القومية وأعلنوا الولاء لأعداء الله ورسوله.

وستبقى هناك حقارة خلدت نفسها بأحرف الدناءة على مرِّ العصور، لتكون تلك الجرائم هي من أحلك الصور والأكثر دموية ووحشية في تاريخ البشرية على الإطلاق. فليس هناك شعب قد رزح تحت وطأة المعاناة، وعاش تحت ظلال الضيم والإجحاف طيلة القرن العشرين على يد المشروع الصهيوني كما الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من هذا إلا أنه قاوم، وجاهد، وقاتل، وثبُتَ، وما زال.. وواقع اليوم كفيلًا بأن يتحدث.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com