“طوفانُ الأقصى” في يومه العاشر.. يجرفُ “القبضةَ الحديدية” ويحطِّمُ “قبتَها” ويدفنُ “مقلاعَها”.. ويكشفُ هشاشةَ الكيان المؤقَّت

المسيرة| متابعة خَاصَّة:

تواصلُ المقاوَمةُ الفلسطينيةُ الباسلة، ضمنَ ملحمة “طوفان الأقصى” البطولية ولليوم العاشر على التوالي، تجريفَ ما تبقى من مزاعم الكيان المؤقَّت، عن قبضته الحديدية وتفوقه الاستخباري، بعد أن كشفت الفشلَ الذريعَ في توقّع الاستهداف الواسع الذي شنّته المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الناشئة في الأرض الفلسطينية المحتلّة، في محيط قطاع غزّة، فضلاً عن عجز القوات الصهيونية في تأمين قواعدها ومواقعها العسكرية، وبات الإجماعُ يؤكّـدُ على أنّ جميعَ الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية” أخفقت في التقديرات الاستخبارية والأمنية وردة الفعل العسكرية، في “سيناريو” التعامل مع مفاجأة “طوفان الأقصى”.

 

المقاومةُ تدكُّ المدنَ المحتلّة والمستوطنات بالصواريخ والطائرات الانتحارية:

لليوم العاشر على القتال، واصلت المقاومة الفلسطينية في غزة دكّ المستوطنات وعمق كيان الاحتلال برشقات صاروخية مستهدفةً مطار “بن غوريون” ومدينتَيْ: أسدود وبئر السبع المحتلَّتَين، وغيرها من المستوطنات.

وأعلنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، قصف مطار “بن غوريون” ومدينتي أسدود وبئر السبع المحتلّتين برشقات صاروخية؛ رداً على جرائم الاحتلال بحق المدنيين.

وفي التفاصيل، فَــإنَّ الرشقةَ الصاروخية التي أطلقت في اتّجاه مطار “بن غوريون” انطلقت قبل نصف ساعة من وصول طائرة وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن”، بعد جولةٍ له في دول المنطقة التي وصفها بـ”الصديقة”.

ونقلت وسائل إعلام عبرية تشخيص سقوط عدد من الصواريخ في أماكن مفتوحة في مدينة “بئر السبع”، بدورها أوضحت مصادر إعلام المقاومة أنّ “رشقات صاروخية عدة انطلقت من قطاع غزة بدءاً من الساعة التاسعة صباحاً، وأبرزها الرشقة التي طالت تل أبيب”، ولفتت إلى أنّ “صفارات الإنذار دوّت في مستوطنة “موديعين” في القدس المحتلّة ومنطقة “تل أبيب”، و”هشيفلا”، وَأَيْـضاً “أسدود” و”عسقلان” وعدد من المستوطنات الصهيونية”.

وفيما نشرت “القسام” صورة فوتوغرافية عبر قناتها في “تلغرام”، وأرفقتها بعبارة، “لن نوقف الغارات حتى عن مرابعنا تزول”، وبالتزامن، أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قصف الحشود العسكرية التابعة للاحتلال، فجر الاثنين، بصاروخ “القاسم” المطور، ضمن معركة “طوفان الأقصى”.

وأكّـدت سرايا القدس أَيْـضاً، قصفها حشداً لقوات الاحتلال في “مفتاحيم” و”موقع “صوفا” برشقةٍ صاروخية، كما نشرت السرايا، في عدّة بياناتٍ مُقتضبة، أنّها استهدفت “التحشيدات العسكرية “الإسرائيلية” في مستوطنات وتجمّعات “كفار سعد” و”علوميم” و”إيرز” و”دوغيت” و”نير عام” بالصواريخ وقذائف الهاون”.

كذلك، أعلنت كتائب المقاومة الوطنية في غزة “قوات الشهيد عمر القاسم”، دكّ قاعدة “زيكيم” العسكرية في غلاف القطاع بقذائف الهاون ضمن معركة “طوفان الأقصى”، وأكّـدت كتائبُ المقاومة الوطنية أَيْـضاً “دكَّ حشود عسكرية إسرائيلية شرقي “جحر الديك” بعددٍ من قذائف الهاون”.

وبالحديث عن صواريخِ المقاومة الفلسطينية، أعلن جيشُ الاحتلال أنّ “المقاومةَ أطلقت أكثرَ من 6600 صاروخ على المستوطنات والتجمّعات الإسرائيلية“، وأشَارَت وسائل إعلام عبرية إلى أنّ “أغلبية سكان مستوطنة “سديروت” غادروها بعد أسبوع من القصف المتواصل، مُشيرةً إلى أنّ سكان المستوطنة البالغ عددهم 30 ألف نسمة، غادروا بعد استهدافها بقصفٍ مُكثّـف مِن فصائل المقاومة في قطاع غزة”.

بدورها، عنونت صحيفة “هآرتس” العبرية، في حديثها عن إخلاء المستوطنين، “تحت وابلٍ من الصواريخ، غادر آخر سكان سديروت المدينة”، وتناقلت وسائل إعلامٍ عبرية أنّه و”حتى إشعارٍ آخر، توقّفت المواصلاتُ العامة في المستوطنات المحاذية للسياج الحدودي في الشمال”، وذلك بعد تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود بين فلسطين المحتلّة ولبنان.

 

الهزيمةُ والفشلُ أكبرُ من اختلاق المبرّرات:

الفشلُ الاستخباري الذي لحق بـ”إسرائيل” لخّصه المُعلّق العسكري في موقع “مكور ريشون” “الإسرائيلي”، “نوعم أمير” بعباراتٍ أكثر دلالة، وقال: “إنّ “إسرائيل” وفي يوم الـ7 من أُكتوبر الجاري، تحولت من قوةٍ استخبارية كبرى في العالم إلى قوةٍ لا توجد لديها أية استخبارات فعّالة”، وَأَضَـافَ، “هذا الأمر يحدث للمرّة الأولى منذ حرب يوم الغفران”.

بينما رأى محللون “إسرائيليون” أنّ “هذا الفشل أكبر فشل استخباري في تاريخ “إسرائيل”، ولا يمكن اختلاق أية مبرّرات لمحوه أَو تداركه“.

غير أن هذا لا يعني سيرَ البعض بالأخذ بالتحليلات التي تبرّر هذه الهزيمة وذلك الفشل، في السياق، يُرجِع محللون فشل الاستخبارات “الإسرائيلية” إلى نقص الموارد المالية والبشرية، ولا سيما أنّ الاحتلال نقل في عام 2023م، ثلاث كتائب من جنوده من “فرقة غزّة” إلى الضفة الغربية، ويذهب البعض إلى أن “التقدم التكنولوجي الكبير للمقاومة الفلسطينية جعل من الصعب على الاستخبارات “الإسرائيلية” مراقبة أنشطتها”، أما السبب الأكبر كما يراه آخرون يكمن في “الأزمة الداخلية “التعديلات القضائية” التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو”، وما أَدَّت إليه من انقسامات داخل الحكومة والمجتمع “الإسرائيلي”.

 

“طوفانُ الأقصى” يجرفُ عقيدةَ “إسرائيل” الأمنية:

خلال 20 عاماً مرّت على حصار قطاع غزّة، بنت المنظمة الأمنية “الإسرائيلية” صورةً عنها تُفيد بأنّ منظومتها المحيطة بالقطاع مُتماسكة، وعبرت عنها بـ”القبضة الحديدية”، ولا توجد هنا أيّة خُروقات سوى الصواريخ التي تُطلق خلال جولات التصعيد على مستوطنات الغلاف وفي بعض الأحيان تصيب الداخل.

لكن فصائل المقاومة قالت كلمتها، يوم الـ 7 من أُكتوبر، وخرق مجاهدوها كُـلّ الخطوط الأمنية “الإسرائيلية” التي حاصرت القطاع، وسقطت كلها خلال الساعات الأولى من الطوفان الهائج، فالجدار العازل اختُرق والسياج قُلع، والمقاومون الأبطال دخلوا المواقع والمستوطنات مُرورًا بأبراج المراقبة، ومئات الكاميرات؛ الأمر الذي جعل المنظومة الأمنية أمام صدمة.

كل هذا الفشل المتراكمِ أَدَّى إلى إخفاقِ جيش الكيان، “الذي لا يُقهر”، في حماية مواقعه وقواعده العسكرية الواقعة بالقرب من الحدود الشمالية لقطاع غزة وفي عمق 40 كم شرقاً، الأمر الذي أَدَّى بدوره إلى الفشل في حماية 24 مستوطنة في محيط القطاع؛ إذ تمكّنت الوحدات العسكرية للمقاومة الفلسطينية من اقتحام المستوطنات وفرض سيطرتها عليها، وإيقاع خسائر كبيرة في صفوف قوات العدوّ والمستوطنين.

هُنا يلفت مسؤول كبير سابق في جهاز الأمن ‏الداخلي “الإسرائيلي”، “إيغال أونا” إلى أنّ “الأسوأ من الفشل الاستخباري هو الفشل العملياتي للجيش “الإسرائيلي” في حماية قواعده والمستوطنات وحماية المستوطنين”.

إنّ الهجوم المباغت الذي شنّه مقاتلو المقاومة الفلسطينية، والأداء الجريء المتمثل بخطوة الطائرات الشراعية، والقدرات التنظيمية، بالإضافة إلى الخبرات العسكرية أفقدت قوات الاحتلال توازنها، وحطّمت عقيدة “إسرائيل” الأمنية، ولا سيما أنّ جيش الاحتلال لم يستطع التدخّل سريعاً لاستعادة قواعده العسكرية والمستوطنات؛ إذ بقي مقاتلو المقاومة لمدّة لا تقل عن يومين داخل المستوطنات المحيطة بالقطاع، وما زالوا يتناوبون فيها ذهاباً وإياباً، ناهيك عن عمليات التسلل التي تجري حتى الآن من قبل المجاهدين.

 

سلاحٌ مُبتكر.. وتكتيكٌ أربك “الجيشَ الذي لا يُقهر”:

استخدم مجاهدو المقاومة الفلسطينية مع بداية “طوفان الأقصى” للمرّة الأولى الطائرات الشراعية لأغراضٍ عسكرية، وتجمع هذه الطائرات بين ميّزة المِظلة التقليدية التي يتمّ استخدامُها للهبوط من الطائرات العسكرية، وقوّة الدفع التي توفّرها محرّكاتٌ تعمل بالطاقة؛ لمنحها القدرة على الانطلاق من الأرض، واتِّخاذ مساراتٍ مُحدّدة بقوّة دفع يُمكن التحكُّمُ بها عن طريق المِظلي الذي يستخدمها.

ويُشير خبراء عسكريون إلى أنّ الطائرةَ الشراعية التي تم استخدامها يمكنها أن تنطلقَ بسرعة تتراوح بين 40 و60 كيلومتراً في الساعة، مع قدرتها على الوصول إلى ارتفاعات تتجاوز 5700 متر فوق سطح البحر.

ويوضحون أنّ صوتَ المحرّك مع اختيار توقيت الطيران من أهم التحديات عند الاستخدام، لكن اللافت أنّ المقاومين انطلقوا بالطائرات في ساعات الفجر، حَيثُ يكون الهواء خفيفاً، مقارنةً مع أوقات أُخرى خلال النهار، ولا سيما عندما يشتدّ الهواء مع سطوع الشمس فيكون الإقلاع والتحليق أسهل.

 

“طوفان الأقصى” يحطِّمُ القبة الحديدية ومقلاع داوود:

الأمر المعقّد، الذي تجاوزه مقاتلو المقاومة هو اختراق أجواء الداخل المحتلّ من دون الاكتراث لمضادّات الدفاع الجوّية، المتمثل بمنظومة القبة الحديدية المصممة على أرقى المستويات، وكذلك “مقلاع داوود”، فخر الصناعة “الإسرائيلية”، وكان من الأمر الأَسَاس في تلك الأسلحة، هو تحديد المقطع الراداري أَو البصمة الرادارية، وهو المقطع الذي يستطيع الرادار رؤيته من الجسم الطائر، فكلما كبُر هذا المقطع، كان من الأسهل على الرادار كشفه، وتعتمد تلك البصمة بدورها على عوامل عدّة، وهي: الجسم الطائر، سرعته، شكله، عُلوّ طيرانه، زاوية التقاطه، وجود التضاريس حوله.

لكن، وفي حالة الطيران الشراعي التي نفذها مقاتلو المقاومة، حلّقوا على عُلُوٍّ مُنخفض، واستخدموا التضاريسَ والأبنية دون أن تكشفهم موجات الرادار، مع العلم أنّ تحليقَ الطيران الشراعي إلى داخل المستوطنات جرى بالتزامُنِ مع إطلاق نحو 5000 صاروخ؛ الأمر الذي أَدَّى إلى إرباك منظومة “القبة الحديدية” في تحديد أهدافها.

الأمر الثاني، الذي فاجأ العدوّ ميدانيًّا: هو تكتيك أربك جيش الاحتلال، وهو إعلان المقاومة الفلسطينية في اليوم الثاني لـ”طوفان الأقصى” إجراء تبديل بين عناصرها في الميدان؛ أي بين من هم في المستوطنات “الإسرائيلية” المحيطة بالقطاع، وبين مقاتليها في غزة.

ونجاحُ هذا الأمر يعود إلى “السرية” في تنفيذ العملية على مستوى القيادة والأفراد، كما أنّه يُدلل على توفّرِ الطرقِ الآمنة التي أحدثتها في بداية العملية وحدة الهندسة التي فتحت 80 ثغرة في الجدار والسلك الشائك، وفق الإعلام الإسرائيلي.

وكذلك تُدُلُّ عمليةُ تبديل المقاتلين على دقّة استهداف المقاومة لنقاط المراقبة خلال الساعات الأولى من الهجوم، ويعود الأمر أَيْـضاً، إلى وجود روح معنوية عالية جِـدًّا عند مقاتلي الفصائل الفلسطينية، وانهيار معنويات جنود الاحتلال، ولا سيما بعد النجاح الكبير الذي حقّقته العملية في ساعاتها الأولى.

وكانت قد ألقت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية الضوءَ على فشل الاستخبارات “الإسرائيلية” وبالتالي تطوُّر التكنولوجيا التي تستخدمها “حماس” لاختراق السياج الحدودي مع قطاع غزة، وتنقل الصحيفة أنّه وقبل أسبوع، من “طوفان الأقصى” كانت القواتُ “الإسرائيلية” في معسكر “رعيم” تستعرضُ قوّتها أمام الرئيس الهولندي للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، الأدميرال “روب باور”، وعندما حصل أمرُ الاختراق أبدى باور ذعرَه من الطريقة المتطورة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الجديدة التي تمكّنت فيها حماس من التهرُّبِ من نظام المراقبة “الإسرائيلي”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com