السيد عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطورات في الساحة الفلسطينية: نحن على تنسيقٍ مع محور المقاومة وإذا تدخل الأمريكي بشكل عسكري مباشر فمستعدون للمشاركة حتى في القصف الصاروخي والمسيرات

كنا نتمنى أننا بجوار فلسطين وشعبنا حاضرٌ لأن يتحَرّك بمئات الآلاف ولن يتردّدَ في فعل كُـلِّ ما يستطيع

أمريكا وفرنسا وبريطانيا والدول الغربية أباحت للعدو الصهيوني قتلَ الفلسطينيين بكل الوسائل وقراراتُ مجلس الأمن لم تقدم شيئاً لفلسطين

الأمريكي شريكٌ في كُـلّ جرائم العدوّ الصهيوني وكل ممارساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني والأمة بشكل عام

لا يجوزُ ولا يليقُ بهذه الأُمَّــة أن تتفرَّجَ على الشعب الفلسطيني ومجاهديه، ثم تتقدَّم الدولُ الغربية لمساندة العدوّ الظالم والمدنس للمقدسات

القرارُ في عملية “طوفان الأقصى” هو قرارٌ فلسطيني يمتلكُ الشرعية وتفاجأ بها العدوُّ والصديق

+++

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ.

بدايةً نتوجَّـهُ بالتهاني والتبريكات للشعب الفلسطيني العزيز، ومجاهديه الأبطال، من كتائب القَسَّام، وسرايا القدس، وسائر الفصائل المجاهدة، فيما مَنَّ اللهُ به عليهم، وعلى أمتنا الإسلامية، من نصرٍ عظيمٍ، نصرٍ تاريخيٍّ كبيرٍ، في العملية الكبرى، العملية المباركة (طوفان الأقصى)، هذه العملية التي حقّق اللهُ بها على أيدي أُولئك المجاهدين الأبطال نصراً تاريخيًّا عظيماً ربما لا سابقة له في المسيرة الجهادية للمجاهدين الأبطال من شعب فلسطين، الشعب العزيز المظلوم.

هذه العملية التي كانت لها نتائج كبيرة في كسر المعادلات، وفي إلحاق الخسائر الفادحة بالعدوّ الصهيوني المجرم، المتكبر، المتغطرس، الظالم، المعتدي، المغتصب، كما أنَّ لها آثاراً كبيرةً جِـدًّا في الانتقال بمستوى الأداء الجهادي للمجاهدين الأبطال الأعزاء في الشعب الفلسطيني العزيز، ولها أهميتها الكبيرة في التوقيت، بحسب الظروف، بحسب الواقع، بحسب السياق الذي أتت فيه على مستوى واقع المنطقة بشكلٍ عام.

الشعب الفلسطيني هو مظلوم منذ بداية نشأة الكيان الغاصب الإجرامي، الذي لا حق له، ولا مشروعية له في اغتصاب فلسطين، وممارسة كُـلّ أشكال الظلم والطغيان بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، والسيطرة على الأرض، والظلم المُستمرّ لذلك الشعب العزيز المسلم.

منذ نشأة الكيان الغاصب، كانت نشأته نشأةً قائمةً على الإجرام، على القتل اليوم، على الاعتداءات بكل أشكالها، على الاغتصاب للأرض، على المصادرة للحقوق، على ممارسة الاختطاف والقتل والتعذيب ضد الشعب الفلسطيني، ومنذ يومه الأول كان الكيان الإسرائيلي ربيباً للدول المستكبرة الاستعمارية، بدءاً ببريطانيا، وانتهاءً بأمريكا، وحظي في كُـلّ مراحله وإلى الآن -ولا زال يحظى- بدعمٍ مفتوح، وتَبَــنٍّ كامل، من قِبَل الأمريكيين، من قِبَل الدول الغربية، كما هو واضحٌ في الموقف البريطاني بالدرجة الأولى، ويتلوه الموقف الفرنسي، والموقف الألماني والإيطالي… وهكذا بقية الدول الغربية في الأعم الأغلب.

الكل يساندون، ويؤيِّدون، ويدعمون الكيان الإسرائيلي في كُـلّ جرائمه؛ لكي يبقى مسيطراً محتلّاً، لكي يبقى في ممارساته الإجرامية الظالمة، التي هي نكبةٌ لشعبٍ كامل، شعب فلسطين الشعب المظلوم، الشعب العزيز، وبالرغم من كُـلّ العناوين التي يتشدَّق بها الغرب الكافر، وعلى رأسه أمريكا، عناوين الحقوق بكل أنواعها: حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، حقوق الشعب في الحرية والاستقلال، حق الإنسان في الحياة، كُـلّ أنواع الحقوق التي يتحدث عنها الغرب، أَو تضمنتها مواثيق الأمم المتحدة، إلَّا أنَّ كُـلّ شيءٍ من هذا لا قيمة له، ولا اعتبار له عندما يكون الموضوع متعلقاً بالشعب الفلسطيني، فأمريكا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والدول الغربية بشكلٍ عام أباحت للعدو الصهيون الإسرائيلي اليهودي كُـلّ شيءٍ في فلسطين، أباحت له أن يقتل الشعب الفلسطيني، أن يقتل الرجال والنساء، أن يقتل الكبار والصغار، أن يتفنن في قتلهم وإعدامهم بكل الوسائل، بدمٍ بارد، أَو في السجون، بكل الوسائل، أراد أن يقتلهم بالغارات الجوية، فليفعل، أراد أن يقتلهم بإطلاق النار المباشر عليهم، فليفعل، أراد أن يقتل النساء، فليقتل، لا مشكلة، لا حقوق للمرأة في فلسطين، أراد أن يقتل الأطفال، فليفعل، أراد أن يقتل الناس وهم في منازلهم، في مساكنهم نائمين، فليفعل، أطلقوا يده ليرتكب كُـلّ أشكال وأنواع الجرائم، ليحتل الأرض، ليسيطر على الممتلكات الخَاصَّة، ليهدم البيوت والمنازل، ليقلع أشجار الزيتون، ليصادر الأراضي على أصحابها بدون وجه حق، ليصادر استقلال شعب، وحرية شعب، وليحتل وطناً بأكمله، على شعبٍ كامل؛ لأَنَّهم أرادوا للعدو الصهيوني أن يكون رأس الحربة لهم في المنطقة العربية والإسلامية، لاستهداف أُمَّـة بأكملها، وليكون وكيلاً لهم، وذراعاً لهم في الاستهداف للأُمَّـة بكلها.

منذ بداية نشأة الكيان الصهيوني وإلى اليوم، كُـلُّ المشاهد، كُـلُّ الممارسات، كُـلُّ السياسات، كُـلُّ الجرائم، تفضحُ الغربَ الكافر، تفضَحُ أمريكا، تفضحُ بريطانيا، تفضحُ المجتمعات الغربية فيما تتشدَّق به من عناوين، وتقدم نفسها كأمة حضارية، كُـلّ الممارسات، كُـلّ الجرائم التي ترتفع وتيرتها في كثيرٍ من الأحيان، لتصل إلى جرائم إبادة جماعية، وإلى جرائم حرب، وإلى جرائم ضد الإنسانية، ضد الوجود البشري، كُـلّ أشكال وأنواع الجرائم، كُـلّ أنواع التعدي، هي تقدِّم شاهداً واضحًا على أنَّ الأنظمة الغربية، وعلى رأسها: أمريكا وبريطانيا، هي أنظمة إجرامية، قادتها ومسؤولوها هم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة؛ ولذلك دعموا أُولئك المجرمين من ذلك الكيان الصهيوني الغاصب، وهو كله كيانٌ إجرامي، دعموه؛ لأَنَّهم مجرمون كذلك، مجرمون يدعمون مجرمين بكل ما تعنيه الكلمة، ويجب أن ننظر إليهم نحن كعالمٍ إسلامي، وكل أحرار العالم، كُـلّ الشعوب في كُـلّ أرجاء الدنيا، أن ينظر إليهم هذه النظرة الحقيقية: إلى أنهم بالفعل أناسٌ مجرمون، طغاةٌ معتدون، ليسوا مؤتمنين على شيء، وَإذَا تشدَّقوا بعناوين يعبّرون فيها عن حقوق، أَو عن حريات، أَو عن أي شيء، فهم يتصورون أنَّ الناس أغبياء، يتصورون أنَّ المجتمع البشري غبي إلى درجة أن يضحكوا عليه، وأن يتحدثوا أمامه -وهم بما هم عليه من إجرام وطغيان- بمثل تلك العناوين لمخادعته؛ لأَنَّها عندهم مُجَـرّد أساليب للخداع، يوظّفونها سياسيًّا؛ لاختراق مجتمعاتنا، والتدخل في كُـلّ شؤوننا، وإثارة الفتن في بلداننا، وإلا فالحقائق اليوم واضحة في فلسطين.

الشعبُ الفلسطيني على مدى كُـلّ هذه العقود من الزمن، على مدى أكثر من سبعين عاماً، وما قبل ذلك، منذ بدايات هجرة الجماعات اليهودية المنظمة في إطار خطة الاحتلال لفلسطين وإلى اليوم، لم يلق أبداً أي التفاتة جادة لإنصافه، لإنقاذه من مظلوميته، لا من المؤسّسات الدولية المتعاقبة، التي تقدِّم نفسها على أنها معنية بحقوق الشعوب، بإحلال السلام والأمن للمجتمع البشري، ماذا فعلته الأمم المتحدة منذ بداية أحداث فلسطين، منذ بداية النكبة والمظلومية للشعب الفلسطيني وإلى اليوم؟! الأمم المتحدة ضمَّت العدوّ الإسرائيلي الصهيوني المجرم، الذي لا شرعية له على الإطلاق، كعضو فيها (في الأمم المتحدة)، واعترفت به، مع أنه لا مشروعية له، اعترفت به، واعترفت بسيطرته اغتصاباً وظلماً واضحًا على فلسطين، واعترفت به، واعتبرته عضواً فيها.

مجلسُ الأمن، توجُّـهاتُه، قراراتُه ماذا فعلت للشعب الفلسطيني؟ هل قامت بحماية أطفال فلسطين، نساء فلسطين، المرأة في فلسطين، الكبار والصغار في فلسطين، المدنيين في فلسطين؟! لم تحمِ أحداً أبداً، والدور الأَسَاس للمجتمع الغربي: أنَّه حاول -الأنظمة الغربية والإدارات الأمريكية المتعاقبة، والأنظمة الأُورُوبية، وفي مقدمتها البريطانية- حاولوا أن يفرضوا معادلةً تكون قائمةً على أَسَاس أن يفعل العدوُّ الصهيونيُّ الإسرائيلي ما يشاءُ ويريد بالفلسطينيين، من قتلٍ يومي، من اختطاف وسجنٍ وتعذيب، من تدمير، من مصادرة للحرية والاستقلال، من الاحتلال لوطنٍ كامل، بكل ممارسات أشكال التعذيب، من قلع أشجار الزيتون، من هدم البيوت، كُـلّ أشكال التعدي، دون أية ردة فعل من جانب الفلسطينيين، وأن تبقى مسألة الخداع والأماني بالحق الفلسطيني، في جُزءٍ من فلسطين، مُجَـرّد وسيلة لإلهاء الشعب الفلسطيني عن أن يسلك أي طريقٍ صحيح لاستعادة حقوقه المشروع، لاستعادة وطنه، بلده، لدفع الظلم عن نفسه، هذه المعادلة التي حرص عليها الأمريكي، وحرصت عليها الأنظمة الغربية: معادلة أن يفعل الإسرائيلي ما يشاء ويريد دون أية ردة فعل من جانب الشعب الفلسطيني، ثم تبقى مسألة المخادعة والأماني، التي لا حقيقة لها، ثم تأتي أَيْـضاً العملية لتصفية هذه القضية في إطار عنوان التطبيع مع بقية الدول العربية والإسلامية؛ ليقبلوا بالعدوّ الإسرائيلي فيما هو عليه من اغتصاب لفلسطين، من ظلم للشعب الفلسطيني، يقبلوا به عضواً في المنطقة، يقبلون به؛ باعتباره كيانًا طبيعيًّا، يدخلون في علاقات طبيعية معه، يعترفون به وكأنه دولة طبيعية، وصاحب حق فيما هو عليه.

مظلوميةُ الشعب الفلسطيني هي من أوضح القضايا، إن لم تكن أوضحَ المظلوميات والقضايا، وأوضح الحقوق في هذا العصر، ومع ذلك مظلومية بهذا الحجم، مظلومية شعب بأكمله، وبهذا المستوى من الوضوح، يحاولون أن يقوموا بتصفيتها وتضييعها، وحاولوا أن يحاربوا الشعب الفلسطيني من خلال أُسلُـوب التطبيع، والعلاقات مع عملائهم من العرب في العالم الإسلامي؛ مِن أجل ماذا؟؛ مِن أجل أن يُشعِروا الشعب الفلسطيني بأنه وحده في ساحة المواجهة، بدون ظهر ولا سند، وأنه لن يبقى في العالم الإسلامي ولا في الدول العربية من يكون إلى جانبه؛ حتى يجعلوا من ذلك وسيلة ضغط عليه في الأخير لتضييع قضيته، مظلومية كبيرة جِـدًّا.

ولذلك يتضح جليًّا أنَّ الشعب الفلسطيني لا خيار له إلَّا الخيار الإلهي، وهو: الجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتحَرّك الجهادي؛ لدفع الظلم عن نفسه، لطرد المحتلّ عن أرضه، لاستعادة حقوقه المشروعة، لإنقاذ أسراه، لدفع الشر والظلم الذي يمارس يوميًّا ضده من العدوّ الصهيوني.

وتحَرّك المجاهدون في فلسطين على مدى كُـلّ الأعوام الماضية، وعلى مدى عقودٍ من الزمن، يطوِّرون أداءَهم الجهادي، ويحقّقون الإنجازات الملموسة، حتى أصبحوا قوةً لها تأثير، ولها حضور فاعل، وهذا هو الحال القائم في قطاع غزة.

هذه العملية: (عملية طوفان الأقصى) هي عملية عظيمة، عملية مهمة، أتت في إطار الحق المشروع للمجاهدين الفلسطينيين، وللشعب الفلسطيني، في التصدي لعدوهم، في مواجهة عدوهم الظالم، المجرم، المحتلّ، المغتصب، الذي يظلمهم بكل أشكال الظلم، يقتلهم كُـلّ يوم، يقتل الأطفال والنساء، والكبار والصغار، يصادر حقوقهم، يحتل أرضهم ووطنهم، يصادر استقلالهم، حقهم في الاستقلال والحرية؛ ولذلك لا لوم عليهم، هم يمتلكون الشرعية الإلهية، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج: الآية39]، قال “جلَّ شأنه”: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئك مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى: الآية41]، الحجّـة واللوم يوجَّهُ ضد كيان العدوّ الإسرائيلي المغتصب، الكيان المحتلّ، وضد من يتبنونه ويقدمون له كُـلّ أشكال الدعم، في مقدِّمتهم الأمريكي، الأمريكي الذي يقدِّم القذائف، والصواريخ، والقنابل، التي تقتل الأطفال والنساء في قطاع غزة، يقدِّم الإمْكَانات ووسائل القتل والتدمير التي يستخدمها الإسرائيلي لقتل المدنيين، ولقتل أبناء الشعب الفلسطيني من كُـلّ الفئات، ومن الكبار والصغار، والرجال والنساء، وتدمير مساكنهم، وتدمير المنشآت المدنية، الأمريكي مجرم، يتبنى هذا الإجرام، شريكٌ في ذلك الإجرام بشكلٍ مباشر.

منذ أتت هذه العمليةُ صاح الأمريكي، وبادر وكأنه هو المعني بالدرجة الأولى، وهذا يبين لشعوبنا ولأمتنا الحقيقة الواضحة أصلاً، والتي شهدت بها كُـلّ الأحداث في السنوات الماضية، والمراحل الماضية، وهي: مستوى الدور الأمريكي الذي يصل إلى درجة الشراكة بكل ما تعنيه الكلمة مع العدوّ الصهيون الإسرائيلي في كُـلّ الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وضد أمتنا الإسلامية، وضد بلداننا العربية وشعوبنا العربية، وهذه حقيقة واضحة، الأمريكي شريكٌ في كُـلّ جرائم العدوّ الصهيون الإسرائيلي، في كُـلّ ممارساته الإجرامية ضد الأطفال والنساء والمدنيين، ضد كُـلّ الناس في فلسطين، ضد أمتنا بشكلٍ عام، فالأمريكي شريكٌ في الإجرام، وإسرائيلُ هي ربيبة أمريكا كما هو شيءٌ معروف، وهذه مسألة مهمة؛ لتبقى النظرة الصحيحة لشعوبنا ولأمتنا، لمعرفة من هو العدوّ، الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة، ويستهدف الشعب الفلسطيني المسلم، الذي هو جزءٌ منا، نتحمل مسؤوليةً تجاهه، وفي نفس الوقت الخطر الذي يهدّد الشعب الفلسطيني، ويهدّد الأُمَّــة بكلها، فالمسألة واضحة، عندما بادر الأمريكيين ليتبنى الموقف بشكلٍ تام، بعد أن رأى ما هو الحال الذي وصل إليه العدوّ الصهيوني، حجم الصدمة والذهول، وحجم الإرباك الكبير جِـدًّا الذي سيطر على الصهاينة، وكانت الهزيمة الكبيرة قد وصلت بهم إلى درجة الذهول، وإلى درجة الإرباك التام، الذي وضح في واقعهم، حجم الصدمة كبيرٌ جِـدًّا تجاه هذه العملية، بادرت الدول الغربية الأُخرى: بيانات، مواقف، تقديم الدعم والمساندة المالية… وغيرها.

في المقابل الواجب الشرعي، والإنساني، والأخلاقي، والقومي، والديني، الواجب بكل الاعتبارات والحيثيات على أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، وفي المقدِّمة: العرب، الواجب على الجميع أن يساندوا الشعب الفلسطيني، أن يساندوا المجاهدين في فلسطين، أن يقفوا إلى جانبهم، ويقدموا لهم كُـلّ أشكال الدعم والمساندة، على المستوى السياسي، والإعلامي، والمادي، وحتى على المستوى العسكري.

لا يجوزُ أبداً، ولا يليقُ بهذه الأُمَّــة أن تتفرج على الشعب الفلسطيني، على مجاهديه الأبطال، ثم تتقدم كُـلّ الدول الأُخرى الغربية لمساندة العدوّ الصهيوني وهو الظالم، وهو المجرم، وهو المحتلّ، وهو الغاصب، وهو المدنس للمقدسات، وأتت العملية (عملية طوفان الأقصى) في ظرفٍ واضح، حتى على مستوى الاستهداف للأقصى، بلغت مستويات الاستهداف بشكلٍ غير مسبوق، له آثاره السلبية وعواقبه الخطيرة، إلى مستوى التهديد الفعلي للمسجد الأقصى، بما له من أهميّة، بما له من قدسية لدى أمتنا الإسلامية.

فهذه العملية يجب أن تحظى بالمساندة، ويجب أن يكون هناك موقفٌ واضح للمسلمين، أين هي منظمة التعاون الإسلامي؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! أين هي الجامعة العربية؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! هناك ضعف، وتراجع، وتقصير كبير، وتفريط عظيم حتى على مستوى المواقف الروتينية، حتى على مستوى البيانات والإدانات من أكثر الدول العربية، كثيرٌ منها لهم مواقف ضعيفة، متردّدة، مجاملة.

أمَّا موقف المطبِّعين فهو موقف مخزي، كشف مدى ولائهم لإسرائيل، للعدو الإسرائيلي، وإساءَاتهم الكبيرة جِـدًّا للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه الأبطال، يتحدثون عن كتائب القسام، عن حركة حماس، عن حركة الجهاد الإسلامي، عن الفصائل الفلسطينية، والحركات الفلسطينية المجاهدة، وكأنها لا تملك أية قضية، كأن فلسطين قطعة أرضٍ من إيران، وجاء أُولئك العرب ليقاتلوا بالوكالة عن إيران؛ بينما أرض فلسطين هي في المقدِّمة أرض عربية، ولو أنَّ كُـلّ العالم الإسلامي معنيٌّ بهذه القضية؛ لأَنَّ هناك شعبًا مسلمًا، وهناك قضية تهم المسلمين جميعاً، ومقدسات إسلامية، ولكن بالرغم من كُـلّ ما يعانيه الشعب الفلسطيني، يتحدثون عنه وكأنه ليس صاحب حق، ولا قضية، ولا مظلومية، وكأنه يفعل ما يفعله لمُجَـرّد الفضول، أَو مِن أجل جهات أُخرى، مع القطع والعلم اليقين أنَّ القرار في هذه العملية (عملية طوفان الأقصى) هو قرار فلسطيني، يمتلك الشرعية والحق الواضح، وتفاجأ به العدوّ، وتفاجأ به الصديق، وأتاك قرار فلسطيني خالص، ومن واقع مظلومية واضحة في كُـلّ الدنيا، وقضية حق واضح، ليس هناك أي التباس فيها على الإطلاق؛ ولذلك واجب المسلمين أن يكون لهم موقف واضح.

ثم على كافة المستويات بالنسبة للشعوب، يجب أن يكون لها صوت مسموع، شعبنا اليمني العزيز كان له صوتٌ مسموع وواضح من اليوم الأول، منذ بداية هذه العملية، ثم ما تلاها، وسيبقى هذا الصوت مُستمرّاً إن شاء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

شعبنا اليمني هو حاضرٌ لفعل كُـلّ ما يستطيع في أداء واجبه المقدَّس، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأبطال والأحرار، وخروج شعبنا في المظاهرات والمسيرات الكبرى عبَّر عن هذا الموقف.

نحن كنا نتمنى أننا بالجوار من فلسطين، وكنا -لو تهيَّأَ لنا ذلك- لبادر شعبُنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني، وهو حاضرٌ لأن يتحَرّك بمئات الآلاف من المجاهدين، وأن يذهب إلى فلسطين، ويلتحق بالشعب الفلسطيني؛ لخوض هذا الجهاد المقدَّس في مواجهة العدوّ الصهيوني، نحن بحاجة إلى طريق، شعبنا مستعد أن يفوِّجَ مئاتِ الآلاف من المجاهدين للذهاب إلى فلسطين، عندنا مشكلة في الجغرافية، عندنا مشكلة في أن يتحَرّك أعداد كبيرة من أبناء شعبنا للوصول إلى هناك، ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردّد في فعل كُـلّ ما نستطيع، أن نفعل كُـلّ الممكن، كُـلّ ما بأيدينا أن نفعله.

نحن في تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، لفعل كُـلّ ما نستطيع، وكل الذي يمكننا أن نفعله، وهذا التنسيق فيه خطوط حمر، فيه مستويات معينة للأحداث، من ضمنها: إذَا تدخَّل الأمريكي بشكل مباشر، بشكلٍ عسكري من جانبه، هو الآن يقدم الدعم للعدو الإسرائيلي، إذَا تدخَّل بشكلٍ مباشر، نحن مستعدون للمشاركة، حتى على مستوى القصف الصاروخي، والمسيَّرات، والخيارات العسكرية بكل ما نستطيع.

هناك أَيْـضاً خطوطٌ حمرٌ أَيْـضاً فيما يتعلق بالوضع المتعلق بقطاع غزة، نحن في هذا على تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، وحاضرون وفقاً لذلك للتدخل بكل ما نستطيع، وسنحرص -إن شاء الله- أن تكون لدينا الخياراتُ المساعدةُ على فعل ما يكون له الأثر الكبير، في إطار تنسيقِنا مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة إن شاء الله.

فيما يتعلق بالإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وفي شعب فلسطين بشكلٍ عام، نقول لهم: أنتم لستم وحدَكم، شعبُنا إلى جانبكم، أحرارُ هذه الأُمَّــة إلى جانبكم، لا تكترثوا لكل الحملاتِ الإعلامية، لكُلِّ الإرجاف والتهويل، هذه العملية الكبرى وفَّقكم الله لها، وهي -إن شاء الله- إيذانٌ من الله تعالى ببدءِ مرحلةٍ جديدة، يمنحُكم الله فيها المزيدَ من تأييده، ومعونته، ونصره، وهي -إن شاء الله تعالى- مؤشرٌ من مؤشرات اقتراب الفرج الإلهي إن شاء الله تعالى.

نحن -إن شاء الله- سنكون في حالة متابعة مُستمرّة، وتنسيق مُستمرّ مع إخوتنا في المحور، مع إخوتنا المجاهدين في فلسطين، وسنكون -إن شاء الله تعالى- جاهزين للمشاركة في إطار هذا التنسيق بحسب المستويات المخطّط لها، في إطار هذه المعركة إن شاء الله تعالى.

نؤكّـد موقفنا هذا، ونتوجّـه أَيْـضاً بالإدانة والشجب لكل ما يقوم به المطبِّعون، من إساءَات تجاه الشعب الفلسطيني وأحراره، ومجاهديه الأبطال، على المستوى الإعلامي، من تخذيل وتثبيط، وسعي لتفكيك الموقف العربي بشكلٍ عام عن تبني مواقف جادة، أَو على المستوى الإسلامي بشكلٍ عام، عن تبني مواقفَ بشكلٍ جاد.

أيضاً على المستوى الإنساني، هناك تخاذلٌ واضح، حتى على مستوى الدعم الإنساني، من الدول التي تمتلك الإمْكَانات الضخمة، والتي تبعثرُ بأموالها في خدمة الأمريكيين والإسرائيليين والمجتمعات الغربية، وتبخَلُ حتى على المستوى الإنساني في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم.

نسألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن ينصُرَ الشعبَ الفلسطيني ومجاهديه الأبطال، وأن يؤيَّدَهم، ويُعينَهم، ويوفِّقَهم، ويسدِّدَهم، وأن يوفِّقَنا لنؤديَ واجبَنا كما ينبغي تجاهَ هذه المظلومية والقضية الكبرى، التي هي قضيةُ كُـلِّ الأُمَّــة، إنه سميعُ الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com