خبراءُ عسكريون واقتصاديون لصحيفة “المسيرة”: تحذيراتُ السيد القائد واضحةٌ وعلى النظام السعوديّة تحمُّلُ تبعات المماطلة

تحذيراتٌ ستربكُ حلمَ المجرم ابن سلمان ورؤية 2030 

المسيرة – محمد الكامل: 

يستمرُّ العدوانُ والحصارُ الأمريكي السعوديّ على اليمن للعام التاسع على التوالي، ومع فشل العدوّ فشلاً ذريعاً اعتمد على وسائلَ اقتصادية وأمنيه تحقّق لهم بعضَ أهدافهم العدوانية؛ لحفظ ماء الوجه، من خلال إنهاك الشعب اليمني وإضعافه وتبديد قدراته وخياراته الوطنية.  

وأكّـد قائد الثورة عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله، في كلمته بمناسبة استشهاد الإمام زيد رضي الله عنه أن استمرار العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي والحصار الشامل على الشعب اليمني لن يستمر وسيعرض العدوّ لمخاطر لن يتحملها، وأشَارَ السيد القائد في كلامه إلى انتقال دول العدوان من الخطة (أ، العسكرية) إلى الخطة (ب، الاقتصادية)، وأن الرد اليمني على هذا العدوان جاهز وسيكون قوياً”، ونتساءل هنا: ما أخطار استمرار العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن؟ وكيف سيكون الرد اليمني على نيوم والاستثمارات السعوديّة؟“. 

ويجيب عدد من الخبراء العسكريين والمحللين الاقتصاديين على هذا السؤال، مؤكّـدين أن استمرار الحصار والعدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي سيعرض العدوّ لمخاطر كبيرة جِـدًّا؛ بما يجعل مصالح واستثمارات تلك الدول تحت مرمى الاستهداف العسكري للقوات المسلحة اليمنية، وفي مقدمتها مدينة نيوم والاستثمارات السعوديّة.  

ويقول الدكتور عادل محمد الحوشبي، وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتنمية: إنه وطالما دول تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي مُستمرّة في حصارها على الشعب اليمني فهي تدرك مخاطره وآثاره الكارثية على مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والإعلامية والعسكرية والأمنية، في محاولة يائسة لزيادة المعاناة والبؤس للشعب اليمني، تنفيذاً للإملاءات الأمريكية والبريطانية، واقتطاع أجزاء من اليمن، كما أشار السيد قائد الثورة حفظه الله، في كلمته بمناسبة استشهاد الإمام زيد –عليه السلام- 

ويوضح في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن أهم ما تأمل دول تحالف العدوان الحصول عليه من خلال الحصار وحالة اللا حرب واللا سلم، هو استكمالُ مشاريع تدمير النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب اليمني الواحد وزرع الخلافات والانقسامات بين المكونات المجتمعية اليمنية في مختلف المحافظات، وكذلك فرض الوضع الحالي كأمر واقع لليمن وتوسيع الهوة بين المناطق والمحافظات سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعياً وثقافيًّا، وَأَيْـضاً تهيئة الأوضاع؛ لتسهيل تمزيق وشرذمة اليمن إلى كيانات ضعيفة تابعة لدول العدوان وأسيادهم“.  

ويشير إلى أن تضمن هذه المرحلة للسعوديّة والإمارات من نهب الثروات واستغلال الموارد السيادية لليمن بشكل مباشر أَو عبر أدواتهم المحلية والتي من أهمها النفط والغاز والإيرادات المالية المختلفة والمعادن الثمينة، وغيرها من الثروات الطبيعية، لافتاً إلى أن السعوديّة والإمارات تهدف من خلال استمرار العدوان والحصار وتداعياتها الكارثية، إلى إثارة الضغوط الشعبيّة على حكومة الإنقاذ الوطني، على أمل حدوث ردود فعل شعبيّة غاضبة تحقّق لهم تغييراً للواقع الحالي وفرض نظام عميل لخدمتهم، خُصُوصاً وأن بعص المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تدق ناقوس الخطر من أهمها: ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجوع وغيرها، في اليمن، مُشيراً إلى أن هذا هو ما عبّر عنه السيد قائد الثورة حفظه الله في حديثه بمناسبة يوم استشهاد الإمام زيد –عليه السلام-، عن انتقال دول العدوان من الخطة (أ، العسكرية) إلى الخطة (ب، الاقتصادية)“.  

ويكمل حديثه: “كما يسعى العدوّ إلى الحصول من القيادة بشكل مباشر على تنازلات سياسية وعسكرية واقتصادية وأمنية تحقّق لهم بعض أهدافهم العدوانية لحفظ ماء الوجه، من خلال إنهاك الشعب اليمني وإضعافه وتبديد قدراته وخياراته الوطنية، ويواصل استكمال عزل اليمن سياسيًّا واقتصاديًّا ودبلوماسياً وإعلامياً على الساحة الإقليمية والدولية في محاولة لإخفاء جرائمه ودوره في تدمير اليمن والسعي لتقسيمه، وفرض وصايته وشروطه للحل السلمي وقد سخرت دول العدوان المليارات من الدولارات لهذا الغرض، وكذلك إنشاء الكيانات الانفصالية والجماعات الإرهابية وتمكينها من بعض المناطق والمحافظات وخَاصَّة في المحافظات الجنوبية، تحت مختلف المسميات: الأحزمة الأمنية، النخب المناطقية، والمجالس، والقاعدة وداعش وغيرها، وتمكينها من السيطرة عليها، سعياً للانفصال بها“.  

ويزيد بالقول: “تجدر الإشارة إلى أن الحصار لم يقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والدبلوماسية، بل شمل الجانب العلمي والتكنولوجي؛ بهَدفِ تأخير نهضة وتقدم اليمن في مختلف المجالات عشرات السنين، ليضمن تفوقه العلمي والتكنولوجي والعسكري والاقتصادي على اليمن، ومساعي الأعداء لتحقيق أهدافهم الشيطانية، كما عبر عنها السيد قائد الثورة رضوان الله عليه في حديثة بمناسبة استشهاد الإمام زيد رضي الله عنه“.  

ويؤكّـد أن الرد اليماني على نيوم والاستثمارات السعوديّة فلا لا يمكن لأية دولة أن تهنأ بالأمن والاستقرار وتحقيق نهضة شاملة وهي في حالة حرب وعدوان، خَاصَّة على جيرانها، مشيراً إلى أن الهدنة المزعومة قد حقّقت للسعوديّة الكثير من الإنجازات الاقتصادية وأصبحت لاعباً مهماً في السياسة الاقتصادية الدولية، وعبر سياسة تخفيض إنتاج النفط واتّفاقها مع أوبك وروسيا قد حافظ على ارتفاع أسعار النفط عالميًّا“.  

ويضيف أن الهدنة مع اليمن قد أفسحت المجال لبناء وتطوير نيوم الحلم السعوديّ الجديد القائم على مشاريعَ عملاقة في المجالات التكنولوجية والابتكارية والذكاء الاصطناعي والمشاريع الضخمة المتقدمة ومشاريع المستقبل، ومشاريع الترفيه المؤسّسي، حَيثُ يقدر أن تصبح مدينة نيوم مركَزًا لجذب وتدفق الاستثمارات الأجنبية والوطنية إليها، وبالتالي فَـــإنَّ استهدافها عسكريًّا سيكون له آثار كارثية على المشروع برمته وعلى الاستثمارات الأجنبية في بقية أجزاء المملكة وسوف تزول حالة الاستقرار والرخاء الاقتصادي الذي تتمتع به المملكة حَـاليًّا.  

ويؤكّـد أن القدرات العسكرية المتطورة قادرة على ضرب العمق السعوديّ وتلحق الدمار والخراب بالبنية التحتية للاقتصاد السعوديّ القائم على إنتاج وبيع النفط، مُضيفاً أن تحذيرات السيد قائد الثورة واضحة ومبرّرة ويتحمل النظام السعوديّ تبعاتها في حال استمر في غيِّه ونهجِه العدائي، التي ممكن أن تكونَ تشكِّل نهايةً لرؤية 2030م، وتجميد أَو إرباك لخطط محمد بن سلمان في حلمه بمدينة نيوم 

  

تحذيرٌ أخير: 

من جانبهِ، يؤكّـد الخبير في الشؤون العسكرية، زين العابدين عثمان، أنه ما زال معسكر العدوان وبالمقدمة أمريكا وبريطانيا لا يريد تنفيذ المطالب الإنسانية التي قدمتها العاصمة صنعاء، المتضمنة إيقاف العدوان ورفع الحصار بشكل كامل ودفع مرتبات الموظفين من الثروات النفطية“.  

ويوضح في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الحقيقة المُجَـرّدة تظهر محاولات الطرف الأمريكي والبريطاني التهرب والمناورة عن تنفيذ هذه المطالب عدا تنفيذاً جزئياً لا قيمة له ومحاولة جر المفاوضات إلى واقع عقيم وطويل الأمد؛ بهَدفِ كسب المزيد من الوقت للتنكيل بشعبنا اليمني وإغراقه أكثر في المعاناة الإنسانية والاقتصادية التي يرزح فيها“.  

ويضيف وقد وضحت بيانات المبعوث الأمريكي ليندر كينغ بأن مِلف صرف المرتبات مسألة معقدة، في صورة واضحة تعكس أن واشنطن ولندن لن تظهر حسن نيات ولا رغبة في تنفيذ أيٍّ من المطالب المشروطة حَـاليًّا أَو مستقبلًا، كما أنها تؤكّـد مضيها في خططهم الخبيثة التي تتمحور حول المحافظة على الواقع كما هو عليه وإبقاء الضغوط والمعاناة مُستمرّة على الشعب اليمني لأطول فترة ممكنة“.  

ويتابع حديثه، “لذلك قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في خطابه الأخير وجه جملة من الرسائل والإنذارات لقوى العدوان“، مؤكّـداً أن الوضع القائم لن يبقى كما هو لمدة طويلة“، ومحذراً بأنه لا يمكن أن نسكت تجاه الاستمرار في حرمان شعبنا من ثروته، واحتلال بلدنا، وحالة العدوان، والحصار“.  

ويزيد بالقول:لذلك كانت هذه أحد الرسائل الجوهرية الذي أراد السيد القائد من خلالها إفهام معسكر العدوان الأمريكي والبريطاني وأدواتهم السعوديّ والإماراتي بأن خططهم في استغلال المفاوضات وإطالتها لن تمرَّ، كما أن محاولة قتل شعبنا اليمني حصاراً وفقراً وجوعاً سيكون مقابله العودة للتصعيد“.  

ويؤكّـد أن الوقت محدّد وَإذَا ما نفد فَـــإنَّ المرحلة التالية ستحتضن عودة التصعيد وانفجار الوضع بالكامل، وقوى العدوان الأمريكي والبريطاني أمام فرصة أخيرة لتنفيذ المطالب في هذه الظروف، ما لم سيكون تجاهلها أكثر من هذا الوقت آخر خطأ استراتيجي ترتكبه قبل أن تعود الأوضاع للنقطة صفر وتعود المواجهة والعمليات العسكرية الشاملة، موضحًا أن تحذير ونصح قائد الثورة يعد تحذيراً أخيراً، وما خلفه تقف الخيارات الاستراتيجية التي أصبحت حَـاليًّا على طاولة القوات المسلحة، والتي سيتم المباشرة في تنفيذ سيناريوهاتها فور تضييعِ دول العدوان هذه الفرصة“.  

ويضيف، “السعوديّة تحديداً اليوم أمام خيارين فقط سيترتب عليهما مصيرها ومستقبلها الاستراتيجي والاقتصادي والأمني، فإن وقفت على السلام وعملت على تحقيقه ستكون بذلك قد وضعت أولى أقدامها نحو مستقبل آمن ومستقر، وإن رضخت للضغوط والإملاءات الأمريكية واستمرت في الحصار والعدوان ستكون قد رضخت للانتحار والغرق في اليمن“.  

ويبين عثمان أن الحرب المقبلة مختلفة عن الجولات الماضية وستكون السعوديّة واستثماراتها أمام كارثة حقيقية ستتجاوز تداعياتها خسارة أمنها القومي والاستراتيجي وخسارة الاقتصاد والاستثمارات الكبرى في منطقة نيوم الحية وشركة أرامكو، وتتجاوز كُـلّ التوقعات، مؤكّـداً أن قواتنا المسلحة بفضل الله تعالى، وبما لديها من قوة ضاربة على الأرض تستطيع خوض حرب هجومية مدمّـرة ترتكز استراتيجيتها على تدمير البنية الاقتصادية والنفطية للسعوديّة، وستوجّـه ضربات مركزة باتّجاه نيوم وفروع شركة أرامكو التي تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميًّا، وسيتم توجيه صدمات قاتلة ومباشرة للاقتصاد الأمريكي والغربي الذي يقتات بشكل رئيسي على واردات النفط السعوديّ“.  

ويضيف لذا ليس هناك خيارات أُخرى لتجنب هذه التداعيات سوى إيقاف العدوان والحصار على اليمن والذهاب نحو السلام، وَإذَا لم يفهم العدوّ ذلك ولم يذهب نحو السلام الفعلي والشامل؛ فلا سلام للجميع وستدور رحى الحرب على أمن الطاقة، الذي سيدفع السعوديّ ومن خلفه الأمريكي والغربي أثمانًا باهظة جِـدًّا“.  

ويعد مشروع “نيوم” من أكبر المشاريع الاستثمارية في المملكة والتي شملتها رؤية السعوديّة 2030 التطويرية، وهو عبارة عن مدينة حديثة عالمية شاملة، وسمي مشروع نيوم (NEOM) بذلك، (NEO) تعني الحديث باللغة اللاتينية، أما حرف الـ (M) فيشير إلى المستقبل العربي.  

ولا يقتصر المشروع على السعوديّة فحسب، بل يشمل ثلاث دول عربية هي (السعوديّة، الأردن، مصر)، ويقع المشروع على الساحل الغربي الشمالي للمملكة على طول البحر الأحمر، ويمتد على طول 468 كيلو متراً على ساحل البحر الأحمر من مدينة تبوك، كما تبلغ مساحته (26500) كيلو متر مربع.  

وتبلغ تكلفة المشروع قرابة (500 تريليون دولار)، وقد بدأت المملكة فيه عام 2017م، وستنتهي المرحلة الأولى من المشروع في عام 2025، وغالبًا ما يتم تنفيذ المشروع نهائيًّا عام 2030 تحقيقاً لرؤية المملكة ببناء المدينة الاستثمارية المتطورة والأولى من نوعها.  

وبناء على المعلومات أعلاه، لم يكن السيد القائد بحاجة إلى الحديث كَثيراً عن مشروع “نيوم”، وبمُجَـرّد الإشارة إليه سيدرك السعوديّ ما معنى الاستمرار في حصار الشعب اليمني والعدوان عليه دون الوصول إلى أفق واضح، وما معنى أن تتساقط الصواريخ اليمنية الدقيقة على هذا المشروع العملاق في المملكة.  

وإذا كان “نيوم” هو المشروع الاستثماري الأكبر في السعوديّة، فَـــإنَّ هناك مشاريع استثمارية أُخرى تعمل الرياض على إنشائها، حَيثُ تنطلق السعوديّة من رؤية 2030؛ بهَدفِ رفع المستوى الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وتطمح السعوديّة لتصبح مركزاً عالميًّا للنقل والخدمات اللوجستية بحلول عام 2030، ولهذا فَـــإنَّها تعمل على تحويل مطار الرياض (مطار الملك سلمان الدولي) إلى مركز طيران ضخم، حَيثُ تخطط السعوديّة بأن يمتد المطار على أكثر من 57 كليو متراً مربعاً، ويتضمن 6 مدارج متوازنة لتتعامل مع أكثر من 180 مليون مسافر، وخدمة 3.5 مليون طن من البضائع بحلول عام 2030م، ولا يتوقف الطموح السعوديّ عند هذا الحد في الجانب الاستثماري، فرؤية 2030 تسعى إلى تحويل الرياض إلى واحدة من بين أكبر عشرة اقتصادات مدن في العالم.  

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com