مسيرُ دُفعة “حليف القرآن”.. حضورٌ عسكريٌّ منظَّمٌ لمواجهة العدوان

المسيرة: محمد ناصر حتروش:

تمضي القواتُ المسلحة بخُطَىً ثابتةٍ نحو تطوير قدرتها القتالية والتأهيلية، وكذا التصنيع الحربي؛ وذلك لمواكبة التحديات التي تفرضها المرحلة، لا سِـيَّـما مع استمرار حصار العدوان السعوديّ الجائر ومماطلته في تنفيذ المِلفات الإنسانية المحقة.

ونفَّذت دُفعة “حليف القرآنِ” الأسبوع الماضي مسيراً، بدأ من محافظة ذمار، وُصُـولاً إلى محافظة الحديدة؛ بمشاركة ألف من القوات التابعة لقوات الاحتياط، والتدخل المركَزي، وبمسافة 100 كيلو متر، في مسير منظَّم، حاملين الأعلام الوطنية، ورايات “أنصار الله”، وفي قلوبهم هَـــمُّ الوطن الكبير، والقضيةُ الفلسطينيةُ التي لا تغيب أبداً عن وجدان اليمنيين.

وسلكت الدفعةُ سيرَها بطريقة منظمةٍ؛ لتؤكّـد مصداقية السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بأن العام التاسع من العدوان سيشهد جيشاً يمنياً منظماً، مؤمناً، وقد اتضح ذلك من خلال حمل الجنود قبل المسير للمصاحف، والتوكل على الله في مهمتهم الشاقة.

وعلى الرغم من جِراحِ البعض، وتعرُّضهم للإصابة، إلا أنهم أصرُّوا على المشاركة في المسير، بمعنوياتٍ تعانقُ السماءَ، وهِمَّةٍ عالية تدل على قوة الإيمان الذي يحمله المجاهدون اليمنيون، وعدم تخاذلهم، أَو تراجعهم عن مواجهة قوى الاستكبار العالمي المتمثلة بالعدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم الذي يسعى إلى استعباد اليمنيين، واحتلال وطنهم، ونهب ثرواتهم وخيراتهم؛ وهو ما بات واضحًا للعيان، من خلال ما يحدُثُ في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة، وبإيعاز وتواطؤ خبيث من قبل المرتزِقة أدوات الاحتلال.

وتأتي هذه الرسالة، ضمن رسائلَ عسكرية متواصلة ترسلُها القواتُ المسلحة تباعاً لقوى العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم؛ في محاولة لردعه، وإيقاف غطرسته، وعدم التدخل في الشأن اليمني، وكمحاولة لرفع الحصار، وطرد الغزاة المحتلّين من الأراضي اليمنية.

ويرى خبراءُ ومحللون عسكريون أن “القوات المسلحة أصبحت اليوم أقوى بكثيرٍ مما سبق، وأنها في مرحلة تصاعدية من حَيثُ القوة، والإعداد؛ وهو ما يشكِّلُ رعباً حقيقيًّا للأعداء الأمريكيين والسعوديّين، ويضعهم تحت مجهر قواتنا، التي تعزز كُـلّ يوم من قدراتها، وتسعى إلى فرض معادلة جديدة تجبر الغزاة على مغادرة كافة الأراضي اليمنية”.

 

فرصةٌ أخيرةٌ للعدوان:

وفي هذا السياق، يقول المحلل والخبر العسكري، اللواء خالد غراب: إن “تنفيذ مسيرة من محافظة ذمار، إلى محافظة الحديدة بوضع قتالي راجل، وَبقوامِ كتيبة، والتي نفّذتها دفعة “حليف القرآن” التابعة لقوات الاحتياط، والتدخل المركزي دليلٌ قاطع على اكتسابهم بناءً بدنياً عاليًا، ومهارات قتالية متعددة”.

ويوضح في تصريح خاص لـ “المسيرة” أن “ما تم عرضُه في قناة “المسيرة” لدفعة “حليف القرآن” أُنموذجٌ واحدٌ من النماذج التي تؤكّـد على جهوزية الجيش اليمني بكامل قوامه استعداداً لتنفيذ أية مهامٍّ قد تصدر لهم”، مُشيراً إلى أن “دلالات المسير القتالي في هذا الوقت الذي يعتبر فيه الانتقال من حالة اللا سلم واللا حرب إلى حالة الفرصة الأخيرة التي منحها سماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظُه الله- للوفد العُماني الشقيق أثناء زيارته لصنعاء مع الوفد اليمني المفاوِض”، لافتاً إلى أن “حالة العودة إلى الحرب، والتصدي للعدوان، ودحره من كامل الجغرافيا اليمنية برها وبحرها باتت أقرب من أي وقت مضى”.

ويصف اللواء غراب “ما منحه قائد الثورة لدول العدوان من فرصة أخيرة بالذهبية والتي يمكن من خلالها تمرير خدعة سياسية كبرى تنجو من متطلبات المرحلة التي يعول عليها الشعب اليمني بقيادته وجيشه وشعبه”، منوِّهًا أن “فرص العدوّ للمناورة العسكرية، أَو التفاوضية قد تلاشت، وباتت شبه منعدمة”، مؤكّـداً أن “تصرفات الأعداء على الأرض والبحر عسكريًّا، وكذلك تصرفاتهم على الجانب السياسي وعلى الجوانب الأُخرى المرادفة لعدوانهم، وعلى رأسها الجانب الاستخباراتي الذي يقود جبهات العدوّ غير العسكرية على بلادنا تظل مرصودةً وفي الحسبان”.

ويلفت إلى أن “تعمد نظام العدوّ السعوديّ المماطلة بالتقدم في مِلف المفاوضات، وتنفيذ التزاماته العلنية وغير العلنية للوفد المفاوض والقيادة، وكذا تصرفات العدوّ الأمريكي التصعيدية في الجانب العسكري المتمثل بنقله الأسطول الخامس إلى البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن وتعزيز تلك القوات بلواءٍ عسكري من مُشاة البحرية الأمريكية المارينز تثبت النوايا الخبيثة للعدوان، وأنه غير جاد في التفاوض وإنهاء الحرب”.

ويقول غراب: “كذلك هناك مؤشراتٌ أتت من محافظة مأرب عبر تصريحات أطلقها الخائنُ العميلُ العرادة فور عودته من سجنه واحتجازه في المملكة، بالإضافة إلى نتائجِ قراءة ورصدِ تصريحاتٍ لكُلٍّ من المبعوث الأممي، مارتن غرندبيرغ، والمبعوث الأمريكي، ليندركينج، وتصريحات سفراء الدول الراعية للعدوان أمريكا وبريطانيا وفرنسا وقيام تلك الدول بإنشاء قواعد عسكرية خلال مدة الهدنة في كُـلٍّ من محافظات: حضرموت، وَشبوة، وَالمهرة، وما يجري في كُـلّ محافظات اليمن الجنوبية والشرقية من أعمال سياسية واستخباراتية لمحاولة تقسيم اليمن، وفصل محافظتَي حضرموت والمهرة عن الجسد اليمني”.

ويضيف أن “جميع تلك المؤشرات، تؤكّـد بما لا يدعُ مجالاً للشك بأن هناك نوايا أمريكيةً خبيثةً للانقضاض على اليمن؛ مِن أجل استعباده والهيمنة عليه، ليتسنى لهم الاستفادة من موقعه الجغرافي للتحكم على أغلب تجارة العالم والهيمنة على خصومهم”، لافتاً إلى أن “إظهار ذلك بتسريبات علنية؛ مِن أجل إخفاء نواياهم الأَسَاسية، ورأس أولوياتهم أنهم يريدون إخضاع اليمن أرضاً وشعباً لاحتلاله، والسيطرة على موارده الوطنية الضخمة التي يخفون حجمها الحقيقي، وكان موقعُ “ويكيليكس” قد سرّب معظمها، وأكّـد ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب في حملته الانتخابية”.

ويشدّد على أن “هناك الكثير مما يجب أن يُذكَرَ ويوضَّحَ للشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم عن الإجرام الأمريكي والغربي وحلفائهم”، مؤكّـداً أن “اليمنَ يخوضُ المعركةَ بالنيابة عن مصالح وأمن وحرية أغلبِ دول العالم المغلوب على أمره أَو الغافل”، مردفاً بالقول: “على الأعداء قراءة رسائل اليمن وعلى رأسها رسائل سماحة السيد القائد -يحفظه الله- عندما تحولت من رسائل إقليمية في الآونة الأخيرة، إلى رسائل للعالم، ولشعوب العالم بمختلف أديانه، وأعراقه، وذلك من منطلق معرفته العميقة بمخطّطات اليهود التي تديرها المحافل الماسونية والصهيونية”.

ويلفت اللواء غراب إلى أن “المسير من ذمار إلى الحديدة يعطي دلالةً عمليةً على أنه قد يكون عشرات المسارات من تخوم أغلب محافظات اليمن “الحرة” جميعها إلى وجهة واحدة وهي محافظة الحديدة التي تمثل رمزيةً للساحل الغربي”، مؤكّـداً أن “المسير يحمل رسالةً شديدة الوضوح بأن المعركة المحتمل حدوثُها الوشيكُ ستكون بحْريةً بامتيَاز”.

ويرى أن “تبعية انتماء التشكيل العسكري الذي نفّذ تمرينَ المسير التابع لقوات الاحتياط العام والتدخل المركزي الذي يتبع القائد الأعلى؛ ما يعني أن تعاظم هذه القوات متعددة المهام”، مشدّدًا على أن “تعدد التشكيلات القتالية، وتنوع وتعدد التخصصات العسكرية تبعث رسالة للعدو بأن الجيش اليمني المحترف ذا العقيدةِ القتالية المعروف أداؤها لدى العدوّ، والذي يتمركز في ثغور جغرافية اليمن الحر بأكثر من 50 محوراً، قد تعاظم وازداد قوة بقوات ذاتية، وتعاظم وازداد قوة بقوات نخبة محترفة ومتعددة المهام من قوات الاحتياط، وقوات الدعم والإسناد وقوات التدخل المركزي”، مؤكّـداً أن “هذا التجييش، وهذه التعبئة المُستمرّة لم تكن مِن أجل الحفاظ على السلطة، أَو مِن أجل العروض في المناسبات، كما اعترفت بذلك الأنظمة العميلة السابقة، بل؛ مِن أجل مهمة مقدسة”.

 

دلالات المسير:

من جانبه، يقول يرى الكاتب والإعلامي زيد الشُّريف: “إن المسيرَ الذي نفذته دُفعةُ “حليف القرآن” يعطي رسالةً للعدوان السعوديّ، وفي مقدمتها القوات الأمريكية التي جاءت قبل أسابيعَ إلى البحر الأحمر، والمياه الإقليمية اليمنية، مفادها أن الشعب اليمني الصامد، وقواته المسلحة يراقبونَ تحَرُّكاتِ العدوّ الأمريكي وأدواته، ويعدُّون العُدَّةَ لخوضِ غِمارِ المعركةِ مع القواتِ الأمريكيةِ بشكلٍ مباشر”.

ويؤكّـد الشريف في تصريح لصحيفة “المسيرة” أن “دفعة “حليف القرآن” تم تشكيلُها وتدريبها من أوساط الشعب اليمني خلال هذه المرحلة، الأمر الذي يعكس التفاف الشعب اليمني الصامد مع القيادة، ورفده للقوات المسلحة، بالمزيد من الدماء والقوة البشرية المشحونة بالقوة الإيمانية والمعنوية الكبيرة”.

ويؤكّـد الشرُيف أن “الجيشَ اليمني يتمتعُ بقوة كبيرة غير مسبوقة، سواء من حَيثُ الإمْكَانيات العسكرية المختلفة الصاروخية والجوية والبحرية، وكذلك القوة البشرية”، موضحًا أن “على دول تحالف العدوان، وفي مقدمتها القوات الأمريكية، أن تدركَ جيِّدًا أن مئات الآلاف، بل الملايين من أبناء الشعب اليمني الصامد المجاهد على أتم الاستعداد لخوض غمار المعركة مع دول تحالف العدوان وعلى رأسها القوات الأمريكية سواء في البحر، أَو البر، أَو الجو”.

ويلفت إلى أن “الشعب اليمني الصامد لن يقبلَ بالذل والاستعمار، ولن يقبلَ بغير الحرية والاستقلال والعزة والكرامة، وله الحقُّ كُـلُّ الحق في ردع المعتدين، وطرد الغزاة، وانتزاع حقوقه، والعيش على تراب وطنه بكل حرية وكرامة”، لافتاً إلى أن “لدى دول تحالف العدوان تجربةً طويلةً مع الشعب اليمني وجيشه، وما هو قادم سوف يكون أقوى بإذن الله تعالى”.

وفي حين يواصلُ العدوانُ السعوديّ الأمريكي مراوغتَه في الاستجابة للمطالب الإنسانية المحقة المتمثلة في دفع رواتب الموظفين، ورفع الحصار، وتسليم الأسرى، وبالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، تمضي القوات المسلحة بخطىً ثابتةٍ نحو تطوير قدراتها العسكرية والقتالية لتواجه وتواكب أية تحديات قادمة، بحسب ما يقوله المحلل العسكري العقيد رشاد الوتيري.

ويؤكّـد الوتيري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “الهُدنةَ أسهمت بشكلٍ فعَّالٍ في تطوير التأهيل والتدريب، وكذا التحفيز في الصناعات العسكرية المتطورة والمتنوعة،” مؤكّـداً أن “التطورات العسكرية توصلُ رسالةَ تطمين للداخل اليمني بأن القوات المسلحة أصبحت أقوى بكثير مما سبق، وأنها تمتلكُ قوةً بشرية هائلة مفعمةً بالقوة والإيمان، وأن الجيش لا يمكن أن يخذُلَ الشعبَ اليمني الصابر، لا سِـيَّـما أن القيادة التي تديرُه قيادةٌ قرآنية، وبإشراف من وزير الدفاع اللواء الركن المجاهد محمد ناصر العاطفي، وكذا أَيْـضاً اللواء الركن المجاهد محمد عبد الكريم الغماري رئيس هيئة الأركان العامة”.

ويشير إلى أن “المسير الذي نفذته دفعة “حليف القرآن” والتي قوامها 1000 مقاتل أوصلوا رسالةً قوية على الجهوزية القصوى لخوض المعارك الطاحنة في سبيلِ الدفاعِ عن حِياض الوطن”، مبينًا أن “السيد القائد المجاهد عبدالملك الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي محمد المشاط، وكافة أبطال الجبهة العسكرية والجبهة السياسية والاقتصادية يشكلون رأسَ حَربة في النهوض بالشعب اليمني؛ لإخراجه بعد تسع سنوات من تحت الركام منتصِراً لكرامته، وعزته، ومدافِعاً عن قضايا الأُمَّــة، سواء القضية الفلسطينية، أَو محور المقاومة”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com