انـتـهـت لُـعـبـةُ إضَـاعة الـوقـت.. بقلم/ رحـاب الـقـحـم

لا نوايا تجاه رفع الحصار، ولا جديةَ أمميةً لتحقيق ذلك، وما يظهر من تصريحات إيجابية لا يرتبطُ بالواقع، ولا ثقةَ في عدو يخلط السم بالعسل، وما لم يلمس اليمنيون أثراً لرفع المعاناة، فالحديث عن السلام لا يتجاوز لُعبة إضاعة الوقت، وهي لعبة خطرة في النهاية، وإن بدا لطرف العدوان أنه قد أدمَنَ عليها، وعليه استيعاب رسائل السيد القائد؛ فدماء اليمنيين ومعاناتهم ستبقى خارجَ قاموس المساومة، وستظل جرحاً غائراً على مدى الأجيال.

مساعي الوفد العماني محاولةٌ ربما أخيرةٌ لإحياء العملية التفاوضية، لكنها تنتظرُ خطواتٍ تنفيذية وليس فقط أجواء إيجابية، ومن يعرقل هذا المسار معروفٌ بالضرورة، فواشنطن تقول لا حلول تبدأ من رفع الحصار وتسليم رواتب الموظفين من العائدات الوطنية النفطية والغازية، ووصفتها سابقًا بأنها مطالب تعجيزية، لكنها بالنسبة لليمن استحقاق وطني سيادي، لا تنازل ولا تفاوض عليه.

تتوقف المعركةُ حَيثُ ينبغي أن يُرفعَ الحصار، أَو تعود الحرب وتنتهي حالة خفض التصعيد، ومثلما انتصرت اليمنُ حين أوقفت الغزوَ وأجهضت مشروع الاحتلال لكل اليمن ومشروع كسر الإرادَة الوطنية الثورية، يستعد اليمنيون اليوم لاستكمال الملحمة البطولية الجهادية الوطنية؛ لكسر الحصار المفروض واستعادة الثروة السيادية وطرد القوات الاحتلالية، ومعركة من هذا النوع السيادي منتصرة حتماً.

استراتيجيةُ المساومات وإضاعة الوقت؛ لإطالة أمد المعاناة، جراءَ التضييق والحصار التي تعتمدها دول العدوان مكشوفة ومراقبة، وإن حاولت الاستفادة من النفَس الطويل في السلام، والأمر مجرَّبٌ وتكرّر واشنطن ترديدَه بعد أن تيقَّنت أنه لا مساومات ولا تنازلات في الملفات السيادية، حين يقول مبعوث البيت الأبيض: إن تسليم المرتبات تعجيزي، ثم تعود المشاورات لبحث هذه الملفات في صنعاء؛ لأَنَّ المعركة سيادية واسترداد عائدات النفط والغاز لدفع رواتب الموظفين سيادي وأَسَاسي ومركزي، وهو استحقاق لا مفاوضات بشأنه، لكنه يأتي ضمن المحاولات الوطنية لتفكيك الحصار، أما البديل فهو وخيم.

لا مساس بالاستحقاقات الوطنية والسيادية، كانت هذه ولا تزال معركتنا مع العدوّ الخارجي المعتدي، معركة هُـوِيَّة واستقلال وكرامة استنهضت كُـلّ أبناء شعبنا، ولن تتحول إلى أقل من ذلك، مع الإدراك أن المحطةَ الحاليةَ وكسر الحصار تتطلب تصلباً وصموداً ونفَساً طويلاً، دون أن يجدَ التحالف منفذاً للهروب من الإقرار بأن اليمن دولةٌ لا تعطي السيادة مقابل أي شيء، وهي نِدٌّ يستند على أعمدة متينة بعد الله، القائد والشعب وأبطال القوات المسلحة.

بعد نقاشات استمرت لأيام، غادر الوفد العماني الوسيط، ترتيباً لجولة مفاوضات قادمة، تسعى صنعاء لأن تكونَ حاسمةً في وضع حَــدّ للمعاناة، وتحذر من استمرار المراوغة، فتلك لعبة قد تعود على العدوّ بنتائجَ مغايرة، ولا قبول في استمرار الوضع الراهن، ولا مناص من النزول عن الشجرة، ومن يرفض النزول حتماً سيسقط، والسقوط إلى جحيم، ولن يكون على أرضٍ مستوية، ولن تُكسر رؤوس المعتدين فحسب، بل ستُحرق البقرة الحلوب، وأية رهانات خارج المصلحة اليمنية، لن تدفع إلا باتّجاه التصعيد، حينها لا جدوى من الصراخ والعويل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com