الشعارُ معيارٌ لتقييم المجاهدين..بقلم/ هاشم أبو طالب

 

ذهب الكثيرون إلى الحديثِ عن الآثار التي أحدثها الشعار على العدوّ وصموده أمام الحروب الطاحنة التي شُنَّت عليه، وغيرها من المواضيع، إلا أن هناك تغافُلًا عما ورد في الشعار من عهودٍ ومواثيقَ يقطعُها المجاهدُ على نفسه بالسير عليها، وهذه العهودُ معيارٌ يقيِّمُ الإنسانُ من خلالها نفسه وواقعه، وإلى أين يتجه؟ وفي صف من يقف؟ وما هي ثمرة عمله وتحَرّكه؟ وهل يسير في الطريق التي توصل إلى جنة الله ورضوانه؟، أم إلى جهنم وبئسَ المصير؟!

من الكلمة الأولى التي تقول فيها “الله أكبر” فَــإنَّ هذا اعتراف وإقرار بأن الله أكبر من كُـلّ كبير، وأنه فوق كُـلّ طاغٍ ومستكبر، وأن ما في هذا العالم هو دون قوة الله وقهره، وبالتالي فهذه الشهادة تتطلب اليقين الذي يستقر في القلب ليتحول إلى أعمال في واقع الحياة، وهذا اليقين يجعل الإنسان يتحَرّك غير مكترث بما لدى الأعداء من قوة وإمْكَانيات عسكرية وغير مبالٍ بصعوبات الحياة وتكالب الأعداء.

وفي نفس الوقت لا يقتصر تعظيم الله في قدرته على تحطيم قوة العدوّ العسكرية، بل كُـلّ عائق تراه أمامك كَبيراً يمنعك من التحَرّك لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، فمن يرى الظروف الصعبة وانصراف الناس عن تحمل المسؤولية وانجرارهم وراء ملذات الدنيا وغرورها؛ فَــإنَّ هذا الشعور يتنافى مع الإيمان بقدرة الله وعظمته، فهو الذي وعد بالتدخل في نفوس الناس ودفعها نحو تقبل هدى الله، حَيثُ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا” وعلى ذلك فقس كُـلّ العوائق التي هي في نفوسنا فقط.

وتصدرت كلمة “الله أكبر” شعار الصرخة لتوحي بأن الكلمات التالية في الشعار وما فيها من عهود هي تتطلب أناساً مؤمنين، أقوياء شامخي الرؤوس، ينطلقون دون مبالاة بما سيترتب على هذا الموقف من تبعات؛ نتيجة لسطوة الباطل وجبروته.

وعندما نأتي إلى “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” فهي عنوان التحَرّك والهدف الأسمى والغاية التي ستتحَرّك؛ مِن أجلِها وتبذل في سبيل ذلك مالك ونفسك وكلّ ما هو غالٍ ونفيس.

وعندما تصرخ بتلك الكلمات تكون قد قطعت على نفسك عهداً بأن تتعالى على كُـلّ من يظهر في الساحة ليكون بدلاً عن أُولئك، فتكون أمريكا وإسرائيل هي العدوّ الأول وَكُـلّ الأعداء الآخرين مهما كانت مسمياتهم فهم مُجَـرّد أدوات سينتهون على هامش تحَرّكك نحو رأس الأفعى.

عندما نعكس ذلك على واقعنا الداخلي، فَــإنَّ عديمي المسؤولية ممن لا هم لهم سوى توجيه السخط نحو الداخل أَو تصوير المسألة وكأننا لا نعيش في صراع مع قوى طاغية سعت إلى تدمير بلدنا وتجويع شعبنا وتدمير اقتصادنا ونهب ثرواتنا، فَــإنَّ من يتقافز عن هذه المسببات فَــإنَّه مشكوك في وعيه وإدراكه للمشروع القرآني وعليه مراجعة حساباته؛ لأَنَّه برأ الأعداء وخوّن الأصدقاء.

“اللعنة على اليهود” هي أَيْـضاً ذات معنى وتعطي الإشارة إلى أننا أمام أناس ملعونين لا يمكن بحالٍ من الأحوال التعايش معهم فهم مصدر الشر والضلال والباطل، ويجب أن نتعامل معهم على هذا الأَسَاس، وبالتالي فَــإنَّ من يروج لهم أَو يشد الأنظار إليهم ولو بالقدر اليسير فَــإنَّه يسير في الاتّجاه الخاطئ وعليه التوبة ونصب العداء لهم، ومقاطعة كُـلّ ما يأتي من جانبهم والبضائع في المقدمة.

وعندما تصرخ “النصر للإسلام” فَــإنَّ هذا عهدٌ آخر قطعته على نفسك بالتحَرّك في كُـلّ عمل يرفع راية الإسلام عاليًا، فتجاهد في سبيل الله وتنفق وتعمل على وحدة الكلمة والاعتصام بحبل الله وغيرها من التوجيهات التي وردت في القرآن، مع اليقين أن التفريط في أي توجيه من توجيهات الله يعني أنك أصبحت أدَاة هدم في بنيان الإسلام وهيأت الساحة للأعداء ولا فرق بينك وبين من يحاربون علناً.

أضف إلى ذلك فَــإنَّ من يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية سواءً بالمناصب أَو الإمْكَانات المادية ما أبعدهم عن الإيمان، والعهد الذي قطعوه على أنفسهم بنصر الإسلام، فالجهاد بذل وعطاء وتضحية وفداء، فبالجهاد في سبيل الله يحقّق الله النصر ويعم الفرج ويستفيد الجميع.

وفي مجمل الشعار بكله يوحي بأننا إذَا انطلقنا من منطلق أن “الله أكبر” من كُـلّ كبير وَإذَا جعلنا أعداء الأُمَّــة “أمريكا وإسرائيل” هم عدونا الأول واتخذنا موقفاً واضحًا من اليهود بشكل خاص فسنصل إلى النتيجة الحتمية التي ختم بها الشعار “النصر للإسلام”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com