السعوديّةُ (سياسةٌ متخبطةٌ) هل تستطيع تتجاوزُ ضغوطاتِ أمريكا هذه المرة؟..بقلم/ حسن محمد طه *

 

من المعلوم أن غالبيةَ الشارع العربي ومعظمَ الشارع العالمي مُدْرِكٌ للدور الخبيث لنظام السعوديّة، في إدارة وتمويل المؤامرات المتتالية التي تحاك ضد دول المنطقة؛ فهي (السعوديّة) سببٌ لكل الأزمات السياسية والمواجهات العسكرية في المنطقة العربية التي قادها ويقودها ملوكها (آل سعود)، هذا النظام الذي تكيف على التخبط والتناقض حتى أدمن على المسارعة أينما توجّـهه أمريكا لتمويل وتنفيذ الخطط الشيطانية والمشاريع الأمريكية التدميرية وأطماعها الاستعمارية في دول المنطقة تحت عناوين ظاهرها (مصالح السعوديّة) وفي باطنها (مصالح أمريكا وربيبتها إسرائيل فقط) ومن المؤكّـد أن السعوديّة ليست بمأمن من الاستهداف في مختلف المراحل وإنما تتغير الأساليب عَمَّا أذاقته لشعوب المنطقة وستتجرع نصيبها حينما يأتي دورها.

ولو أعدنا شريطَ الأحداث للأزمات التي عصفت بدول المنطقة العربية والإسلامية إلى ما قبل أربعين عاماً لمعرفة من المتسبب في إشعال فتيل تلك الأحداث فسوف تبرز أمامنا (السعوديّة يد أمريكا) في المقدمة كـ(قائد مباشر لتحالف محدّد، أَو قائد بالوكالة، أَو محرضة، أَو صانعة أزمة) وفي جميع الحالات هي الممول الرئيسي لتلك الأحداث والأزمات التي استهدفت دولاً عدة بافتعال وتغذية صراعات وأزمات سياسية أَو بعمليات عسكرية بالجيوش النظامية، ابتداءً من حرب العراق وإيران لـ8 أعوام وتوصل الطرفين لاتّفاق وقف الحرب؛ مما أثار غضب أمريكا والسعوديّة وكان ذلك سبباً لافتعال السعوديّة وأمريكا أزمة الخليج واحتلال العراق للكويت التي تزامنت مع دخول الأساطيل والبوارج والمدمّـرات الأمريكية الخليج، وتمركزت في مياه البحار المحيطة بالدول العربية من بداية التسعينيات وحتى يومنا هذا (وهو هدف أمريكا الأَسَاسي) مُرورًا بالاحتلال الأمريكي للعراق الذي أعقب أحداث 11 سبتمبر 2001م التي صنعتها أمريكا لفرض مصطلح ومسمى الإرهاب على العرب خَاصَّةً والمسلمين عامة لتتحول (محاربة الإرهاب) إلى بطاقة تصريح دائم تستخدمها أمريكا لانتهاك الأجواء لطائرات التجسُّس وطائرات بدون طيار وتنفيذ عمليات عسكرية مباشر في أية دولة.

ولم تكتفِ السعوديّة بتدميرِ مقدرات دول وشعوب المنطقة بالعمليات العسكرية، بل عملت على تأسيس وتمويل الجماعات المسلحة بمختلف توجّـهاتها الأيدولوجية (الجماعات الإسلامية التكفيرية “نموذج القاعدة وداعش” وتغذية المكونات الطائفية والعنصرية والانفصالية والقبلية والحركات المتمردة) والتي عبثت بأمن واستقرار دول عديدة: (باكستان وأفغانستان والعراق أكراد وسنة وشيعة والصومال والسودان بجنوبه وشماله، وسوريا وليبيا واليمن وشمال مصر).

فألحقت الضررَ البالغَ بمصالح تلك الدول وقتل الملايين من شعوبها وتسببت في تدمير بنيتها التحتية والاقتصادية مما أوجد قناعات معززة بحقائق لدى شعوب الأُمَّــة بأن هذا النظام هو القاتل الحقيقي للمسلمين وتدمير أوطانهم.

ولعل التمادي والغرور والإمعان في الظلم الذي دأب عليه النظام السعوديّ وأمريكا قد أعمى بصيرتهم فلم يخطر على بالهم بأن مؤامرتهم وعدوانهم على اليمن ستكون مختلفة عن كُـلّ المؤامرات والحروب المباشرة أَو بالوكالة في بقية الدول العربية والإسلامية التي سبقت عدوانهم علينا، لا سيَّما أن الدول التي تم احتلالها كانت جيوشها تصنف بأقوى الجيوش في المنطقة مقارنة بتصنيف اليمن المتأخر من حَيثُ التسليح والتدريب.

ومما زاد في تمادي وغرور السعوديّة وأمريكا هو أنهم كانوا على ثقة بأن أسلحة الردع الاستراتيجي ومنظومة الدفاع الجوي في اليمن قد تم تعطيلها بأيادي أمريكية تحت إشراف السفير الأمريكي والنظام السابق وتدمير بعضها في مظاهر احتفالية تم توثيقها في حينه وتم نشرها قبل سنوات وتم استهداف الجيش بالتفكيك وتعدد الولاءات والقيادة ومصدر القرار تحت مسمى (إعادة الهيكلة) وكذلك تأجيج الصراع السياسي وتغلغل الإرهابيين في مختلف مفاصل الدولة؛ ما جعل دول العدوان على ثقة من حسم المعركة في أسابيعٍ معدودة، غير أن عدوانَهم على اليمن كشف القِناعَ عن كُـلّ تلك السياسات والمؤامرات وكان أحفاد الأنصار وقائد ثورة الـ21 من سبتمبر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ومن حوله من أحرار هذا الشعب هم الذين انفردوا بتغيير المعادلات وموازين القوى من خلال فضح وتعرية تلك المؤتمرات بالمواجهة والصمود في وجه عدوانهم على مدى 8 أعوام فتغيرت المعادلة من وضعية الدفاع السلبي إلى وضعية الهجوم إلى عمق العدوّ واستهداف مصالحه الاقتصادية، فكانت كفيلة بإفشال مشاريع العدوّ الاستعمارية وأجبرته على البحث عن مخرج من ورطة المستنقع الذي وقع فيه.

ونؤكّـد ومن هذا الواقع بأننا قادرون أَيْـضاً على إفشال المراوغة ومحاولة الالتفاف على التفاهمات والاتّفاقات التي تمت بين صنعاء والرياض برعاية الوسطاء العمانيين وأن أية محاولة من السعوديّة للتنصل عنها والمماطلة بالتوقيع على اتّفاق السلام بصفتها طرف أَسَاسي في عدوانها على اليمن بل وبصفتها قائد لتحالف العدوان فلن تجدي نفعاً ولا يمكن القبولُ بها مهما كان الثمن، وعلى السعوديّة أن تضع في حسبانها أنه لا يمكن أن يتم التوقيع على اتّفاق على أرضِ المعتدي.

وننصحها بترك المراوغة والتحَرّكات السرية وتبادل الأدوار مع الأمريكي، وأن التسريبات التي يتداولها المأجورين في مطابخهم الإعلامية لن تخترق وعي اليمنيين؛ فكل هذه الأساليب تدل على عدم المصداقية وعن النوايا المبطنة لإعادة التموضع وتقمص دور الوسيط والمماطلة بتنفيذ بنود الملف الإنساني (مرتبات موظفي الدولة وفتح المطار ورفع القيود عن ميناء الحديدة وتبادل الأسرى وفتح الطرقات وتسخير عوائد النفط والغاز لتمويل مشاريع خدمية)، وسيواجهها الشعب اليمني وجيشه بمرحلة حاسمة من الردع الاستراتيجي غير المتوقعة، سواءً من حَيثُ نوع العمليات الهجومية أَو من حَيثُ نوع وأهميّة الأهداف التي سيتم قصفها، أو حجم الدمار والأضرار المترتبة عليها والتي لن تكون محصورة على السعوديّة فقط، بل ستتضرر كثيرٌ من دول المنطقة والدول التي تسمي نفسها عظمى.

وليدركوا بأن مبادرات قائد الثورة وخطاباته التي أطلقها منذ بداية العدوان حتى آخر خطاباته بما فيها من الوعد والوعيد أنها لن تتغير، ونحذر بأنها صادقة وصلاحيتها ستظل إلى حين يتضح موقف السعوديّة الأخير، بعدها ستنتهي كُـلّ المبادرات وتبدأ صلاحية سلاح الردع الاستراتيجي حينها لن ينفع السعوديّة الندم مهما كانت قوة أمريكا التي أعاقت رغبة السعوديّة في السلام، واسألوا البراكين الباليستية والمجنَّحات التي تنتظر ساعة الصفر لإطلاقها بفارغ الصبر.

* عضو مجلس الشورى

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com