وليدُ الكعبة وشهيدُ المحراب..بقلم/ خديجـة المرّي

 

قال تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ» إنهُ الإمام علي -عليه السلام- تلك الشخصية الإيمانية الراقية جِـدًّا، التي تجلت فيه عظمة وأخلاق ومبادئ الإسلام، أسد الله الغالب، وسيفه المسلول والضارب، الذي حمل روحية الإيمان، روحية البذل، روحية التضحية، روحية الجهاد في سبيل الله، وحملّ هم الدين والأمة، وخاض غِمار الموت، واقتحم الصفُوف، وكسر الزحوف، في المعارك وهم آلفو، فهو الذي جاهد، وعانى، وضحى بِروحه ونفسه لكي يسلم الدين، وذلك عندما أخبرهُ رسول الله بأن لحيته ستخضب من دم راسه، فقال: «أفي سلامة من ديني يا رسول الله»، قال: «نعم» قال: «إذاً لا أُبالي »، هو الذي بحث عن سلامة الدين وترك الدنيا وكل ملذاتها وزخارفها ونعيمها الزائل.

وما أحوجَنا إلى أن نرجعَ إلى الإمام علي -عليه السلام- وإلى سيرته ونتعلمَ منه ونأخذَ الدروس والعبر من حياته؛ فهو شخصية استثنائية، شخصية إيمانية، ومدرسة مُتكاملة مليئة بِكل المُواصفات القرآنية، مدرسة في والتضحية والعطاء، نمُوذج راقي في الشجاعة والإيثار، وفارس شُجاع ومقدام، نحنُ بأمس الحاجة للرجوع إلى علي كي نتعلم ونستفيد؛ لأَنَّ الأحداث تعود من جديد، وفي كُـلّ زمن تتجدد بالتأكيد، فالانحراف الذي حدث وأدى إلى أن يُقتل الإمام علي -عليه السلام- ما زال قائماً إلى الآن وحتى قيام الساعة، وعلى أيدي من يدعون الإسلام صار الدين يُحسب؛ فالذي قتل الإمام عليًّا -عليه السلام- وهو ساجد في محرابه هو أشقى الأُمَّــة؛ لأَنَّهُ جلب الشقاء على هذه الأُمَّــة، وشبهُ الرسول -صلوات الله عليه وآله- بعاقر ناقة ثمود، وما زال ذلك الشقاء ممّتد إلى يومنا؛ هذا بسَببِ التفريط والتقصير في التُوجيهات الإلهية التي أصبح مُعظم الناس لا يحسبون لها حساب.

ومثلما قال الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: لا يكفي بأن نحزنَ ونبكي بل نأخذ الدروس والعبر، ونتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء؟! وبالفعل لنسأل أنفسنا لماذا؟!

الإمام علي يُقتل وهو ساجد في محرابه؟!

إنهُ الانحراف عن الخط القويم، وعن الصراط المُستقيم، فإذا ما انحرفت الأُمَّــة وتخلت عن دينها، وعن مسؤوليتها، ستكون هُناك عواقب وخيمة، ونتائج سيئة للغاية.

على الأُمَّــة اليوم -لا سِـيَّـما وهي في صراعٍ دائم مع أهل الشرك والنفاق، وهي تُواجه جموع الكفر والشر- الرجوعُ إلى القرآن الكريم، والعودة إلى أهل بيت رسول الله وأتباعهم وتوليهم والسير في خُطاهم وعلى رأسهم: قرين القرآن، الإمام علي -عليه السلام- من يحب اللهَ ورسولَه ويحبُهُ اللهُ ورسولُه، الذي قال عنهُ النبي -صلوات الله عليه وآله-: «لا يُحبك إلّا مُؤمن، ولا يبغضك إلاّ مُنافق» وقال عنهُ أيضاً: «علي مع الحق والحقُ مع علي» فالسير على درب ومنهجية الإمام علي هو الحق الذي لا بديل عنهُ غير الضلال والباطل والتيه والضياع، فعلى الأُمَّــة التمسك بكتاب ربها، والاهتداء به، والمضي على درب العُظماء، لكي تسعد في دنياها وآخرتها، وتُواجه أعدائها بقوة إيمانها وصبرها وجهادها، وهي أُمَّـة قوية، أُمَّـة عزيزة، لن تذل ولن تستكين وهي مُتمسكة بمنهج مولانا أمير المؤمنين.

فسلامُ الله على وليد الكعبة وشهيد المحراب، سلام الله عليه يوم ولد، ويوم جاهد في سبيل الله، ويوم استشهد وفاز بالشهادة التي كان يتوق إليها ويتمناها، وعهداً منا بأننا في خُطاه سائرون، لن نذل أو نميلَ أو نستكين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com