أُستاذ الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبدالملك عيسى في حوارٍ لصحيفة “المسيرة”: جميعُ تبريرات العدوان سقطت والأمريكيون لا يريدون الوصولَ إلى حل

المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي

أكّـد أُستاذُ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبد الملك عيسى، أن العدوان الأمريكي السعوديّ وصل إلى مرحلة العجز في تحقيق أهدافه في اليمن.

وقال في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: إن جميعَ تبريرات العدوان سقطت وآخرها مبرّر مواجهة التمدد الإيراني في بلادنا.

وأشَارَ إلى أن السعوديّةَ سعت إلى تأسيسِ مليشيات في المناطق المحتلّة؛ بهَدفِ زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن على المدى البعيد.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً دكتور عبد الملك، كيف سقطت مبرّراتُ العدوان على اليمن، بدءًا بالحديثِ عمَّا كانت تسمِّيه الرياض “شرعية هادي” التي ألغاها آلُ سعود بكل سهولة بعد أن تم استهلاكُها؟

حقيقةً أنه منذ البداية عمل العدوان على مجموعة من الأكاذيب؛ مِن أجل شن حملة عسكرية منسقة ضد الشعب اليمني كانت تقوم كلها على أَسَاس أنها استجابة (للرئيس هادي) حينها -كما كانوا يردّدون- ولإعادة “الشرعية” التي كانت قائمة على الانتخابات، والتي كانت فترة رئاسته قد انتهت فعلاً، والمفارقة أن كُـلَّ الدول التي شاركت في العدوان على شعبنا ليست حتى دولًا ديمقراطية من أَسَاسها كـ: السعوديّة والإمارات والبحرين وقطر وغيرها، إلا أنه سرعانَ ما تكشفت التفاصيل الحقيقية منذ البداية بإعلان عبدربه منصور هادي حينها بأنه لم يعلمْ بعاصفة الحزم إلا من التلفزيون بعد شن أولى الضربات ضد المدنيين جوار مطار صنعاء الدولي؛ فكانت الأكذوبةَ الأولى التي يتم فضحُها للعلن ومن بعدها تساقطت كُـلّ الأكاذيب تباعاً.

 

– منها كذلك أكذوبة محاربة إيران في اليمن!

نعم مواجهة إيران في اليمن والتي لا تبعد عن حدودِ السعوديّة والإمارات إلا بفاصلٍ بحري لا يتجاوز الكيلومترات القليلة، ورغم أن حجم التبادل التجاري بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين دولة الإمارات بلغ 21.4 مليار دولار، حَيثُ احتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول المجاورة في تصدير السلع إلى إيران.

 

– مع توقيع الرياض وطهران اتّفاقية لعودة العلاقات برعاية صينية كان هذا كافياً لإدراك أن الحرب في اليمن لا علاقة لها بشماعة إيران، وأن الأمر مرتبطٌ بأطماع الجارتين في جغرافيا وثروات اليمن إلى جانب الأمريكان ومخطّطاتهم حول الحروب القادمة؟

شهد العالَمُ بأكمله وبالوساطة الصينية توقيعَ اتّفاقية ما بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين السعوديّة، وكانت هذه ورقةَ التوت الأخيرة التي سقطت وسقطت معها تبريراتُ العدوان على اليمن من قبل تحالف الشر المدعوم أمريكياً، والتي تكشف، بما لا يدع مجالاً للشك، أنها حرب أمريكية أديرت بأيادٍ سعوديّة إماراتية لمصالحَ تخُصُّ الأمنَ القومي الأمريكي؛ مِن أجل الهيمنة على العالم واحتلال اليمن في حربها ضد الصين وروسيا؛ ومن أجل حفظ أمن الكيان الصهيوني المؤقت، وهذا الأمر أصبح واضحًا للعيان في ظل الذكرى الثامنة للصمود.

 

– ما بعد انتهاء دور هادي و”سقوط ذريعة إعادة الشرعية”، كيف يجري توظيف الأرجوز “العليمي” اليوم لتحقيق أهداف العدوان؟

السعوديّةُ بعد هذه الأعوام تريد إنهاءَ عدوانها على الشعب اليمني؛ ولذلك تخلصت من مسمى “الشرعية” وأتت بمجموعة من الأرجوزات، على رأسهم المخبر رشاد العليمي، وكان الهدفُ واضحًا، وهو السيطرة على قرار الشعب اليمني عبر هذه الشخصيات المختارة؛ فهي أصلاً لا تمثّل إلا نفسها، كما أنها غير مقبولة لا سياسيًّا ولا شعبيًّا، وكان هدف السعوديّة الوصول إلى اتّفاق معهم عبر تقويتهم ضد شعبهم، والقول بأنها انسحبت من العدوان على اليمن، إلا أن حكمةَ القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- أسقطت هذه المؤامرة الكبرى على الشعب اليمني، وأعادت تصويب الأمور إلى واقعها الحقيقي عبر التركيز بأن السعوديّة هي من أعلنت الحرب، وهي من تتحمل المسؤولية الكاملة على نتائجها، وهذا الأمر أَدَّى إلى سقوط الكثير من المؤامرات، وتهاوي كثير من المشاريع الخبيثة ضد الشعب اليمني، حَيثُ كان مأمولاً تصوير ما يجري بين اليمنيين على أنها معارك داخلية بين أطراف محلية، وأن لا علاقة للسعوديّة ولا لدول التحالف بها، وهذا كان من ضمن أهداف إنشاء ما يسمى بالمجلس الرئاسي التابع للسعوديّة، وقد كان الوفد الوطني على مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه، وكرّر خطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- وتمسك به.

 

– هل هذا ما شوّش مشاريع العدوّ محدثاً شرخاً بين المتحالفين لتظهر الخلافات العميقة على السطح أخيراً؟

هذا صحيح، فقد دفع السعوديّة لمراجعة الحسابات التي بنت سياستها عليها، حَيثُ سقطت كُـلّ المؤامرات وتهاوت الكثير من التدخلات مما دفع الأمريكي بأن يحضر بنفسه إلى ميدان المواجهة باحتلاله الشاطئ اليمني بالمخاء والمهرة وشبوة وحضرموت وبعض الجزر اليمنية الهامة كجزيرة ميون وسقطرى وغيرها، وهي من الجزر الهامة على مستوى العالم بأكمله وذلك لتحكمها في إمدَادات الطاقة العالمية، وكلها مناورات ستفشل في ظل وعي ومسؤولية وصمود وتماسك الشعب اليمني وفي ظل القيادة الثورية الحكيمة.

 

– على ضوء ما ذكر.. هل يتصور أن دولة تبحث عن مخرج من الحرب على اليمن تقوم بالتمدد الآن جنوباً في أجواء صراع وخلاف مع الإمارات؟

الخلاف الإماراتي السعوديّ أصبحَ واضحًا للعيان، وهو انعكاس واضح وجلي للخلاف الأمريكي السعوديّ غير المعلن في مقاربة الملف اليمني، فالسعوديّة تعرف بأن أمريكا لا تستطيع حمايتها من بأس الجيش اليمني عبر صواريخه الباليستية وطيرانه المسيَّر، وبالتالي هي تبحث عن حلول سياسية مع اليمن، بينما أمريكا لا تريد الوصول في هذه المرحلة إلى أية حلول مع الشعب اليمني، تريد فقط تبريد الحرب لوقت آخر تكون فيه قوية لاستمرار العدوان على اليمن مرة أُخرى، ولذلك دخلت بشكل مباشر وصريح لاحتلال أجزاء من اليمن، وقد فشلت هذه الخطوة عبر تأكيد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- بأن اليمن “يعرف” السعوديّة؛ فهي التي أعلنت أنها قائدة هذا التحالف العدواني على اليمن وهي من أعلنت ذلك، وبالتالي كُـلّ هذه الأمور لا تؤثر على الشعب اليمني، بل عليها هي أن تجد حلولاً لمثل هذه الأمور ورفع الاحتلال عن الشعب اليمني، وهذا هو المدخل الطبيعي والوحيد للحل السياسي.

 

– على ماذا تراهن السعوديّة بهذا الحضور فيما تعيش حالة قلق من استهداف منشآتها الحيوية؟

تراهنُ السعوديّةُ على الاتّفاق السعوديّ الإيراني المستجَد، والتي تتعامل معه وكأنه نهاية المشاكل لديها، وتعتبر الملف اليمني في جيب إيران، وهذا وهم كبير تقع فيه السعوديّة.. وأعتقد أنها ربما ستستيقظ من هذا الوهم مع تهديدات وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي الأخيرة؛ لأَنَّ اليمن على استعداد كامل لإعادة اليوم الأسود الذي تحدث فيه وزير النفط السعوديّ بضرب بقيق وخريص مرة أُخرى وإن كان بشكل أكبر وأوسع حجماً وتأثيراً.

 

– أخيراً.. ما وصلت إليه البلاد من فوضى هو نتاج الفعل السعوديّ الأمريكي، وهذا سيعيق استقرار البلاد لفترة من الزمن ربما ما يوجب أن تتحمل تبعاته السعوديّة وحلفها إذَا أرادت السلام؟

لا بدَّ أن تتحمل المملكة نتائج فعلها القبيح، وأحد أهم نتائج العدوان على اليمن هي وضع اليمن في حالة عدم استقرار ذلك؛ لأَنَّ السعوديّة والإمارات دعمت وأسست مليشيات متناقضة متناحرة، وهذا ما نشاهده يوميًّا في جنوب اليمن الحبيب ما بين مسميات المجلس الانتقالي وبين قوات العمالقة وقوات اليمن السعيد والأحزمة الأمنية بكل المحافظات الجنوبية وغيرها من صراع يتمثل في الاغتيالات وآخرها محاولة اغتيال ما يسمى بمحافظ تعز المرتزِق ووزير دفاع المرتزِقة وهي تصفيات داخلية ما بين هذه المليشيات؛ وهذا لا يعيد الاستقرار للشعب اليمني، بل يدفع اليمن نحو عدم الاستقرار على المدى المتوسط، لكن الدولة في صنعاء ستبذل الكثير من الجهد لتصفية هذه المليشيات التي أُسِّست سعوديّاً وإماراتياً لتمزيق اليمن إلى كانتونات متناحرة لتطبيق مؤامرة الحرب على اليمن عبر تحقيق حلمهم المتمثل في مشروع الأقاليم الستة وهذه المؤامرة فشلت فشلاً ذريعاً بتصدي جيشنا ولجاننا الشعبيّة، في ظل حكمة وقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-.

وهنا نقول ونؤكّـد أن اليمن سينتصرُ بإذن الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com