فليكن شهرَ القرآن

 

إكرام المحاقري

لربما تعودنا على الحياة بغفلة دائمة طوال أشهر السنة، ولطالما عوّلنا على شهر رمضان الفضيل بالتوبة فيه من المعاصي والذنوب والعودة إلى الله سبحانه وتعالى وفعل الخير والإحسان وجميع الأعمال الصالحة التي تقرب المرء من ربه، راجين بذلك المغفرة لما بدر منا طوال أشهر السنة، لكن هل وقفنا عند هذا الحد أم أصبحنا ممن قال عنهم سبحانه وتعالى: (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ)؟!

كذلك ما لا نفقهه هو استخفاف أنفسنا بعظمة الدين الذي لم يرتبط بشهر رمضان فقط، بل ارتبط بواقع القرآن الكريم واقع العمل بتوجيهات الله سبحانه وتعالى من الألف إلى الياء.

مع كُـلّ ذلك فليكن هذا الشهر الفضيل محطة تربوية نربي فيه أنفسنا على التقوى، ونزكي أنفسنا فيه زكاة صالحة، لها أثرها الطيب الذي يفوح طوال أشهر السنة، ولا ينتهي أثره في أول أَيَّـام شهر شوال.

فليكن هذا الشهر شهر القرآن في واقع حياتنا، ليس تلاوة وأصواتاً رنانة وتراويح، ومن يصلي أكثر ومن يقرأ أكثر من أجزاء القرآن الكريم، بل شهر القرآن مرتبط بالغاية القرآنية للصيام والتي هي (التقوى)، والتأمل في آيات الله البينات، توجيهاته أوامره ونواهيه والالتزام بكل ما جاء فيها؛ كونها صراط الله المستقيم التي ندعو الله في كُـلّ صلاة أن يهدينا إياها.

ولنا في هذا الشهر الكثير والكثير من الفرص الربانية العظيمة والذي تعتبر رحمة من الله علينا، كما يعتبر هذا الشهر الفضيل هدية من الله لعباده المؤمنين خَاصَّة العصاة منهم، حيث جعل من الأنفاس فيه تسبيحاً وضاعف فيه الأجر والإحسان، وقبل فيه التوبة الصادقة النصوح وجعله محطة يتعلم منها المسلمون الصبر والتحمل والرقابة الإلهية التي ليست في شهر رمضان فقط بل في كُـلّ لحظة من لحظات حياة الإنسان.

فهذا الضيف الكريم يجب أن نحسن ضيافته، وأن نتعلّم منه لما بعده ونتجنب فيه كُـلّ ما هو معصية لله، وأن نلهج بذكر الله في جميع الأوقات، أن نتحرّى واقع أنفسنا ونتحرى ماهية مكانة أعمالنا وأين نحن من الدين، وهل نحن حقًّا مؤمنون أم مُجَـرّد منتميين للإسلام اسماً لا عملاً.

فهذا الشهر يعتبر فرصة ثمينة للعودة الصادقة المخلصة القيّمة لله سبحانه وتعالى، والتقيد بقيم الدين وتمييز الحق من الباطل من خلال واقع القرآن الكريم لا غيره.

نعم فليكن هذا الشهر هو شهر للقرآن، شهر للإحسان شهر للجهاد وللبذل وللعطاء، شهر التضحية والاستبسال للوعي والبصيرة والدراية والتسبيح والتقديس لله وحده لا شريك له، ولا نكن ممن لا يكسبون من صيامهم غير الجوع والعطش والتيه إلى تيههم من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، فرمضان كريم فلا نكن نحن البخلاء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com