تصاعد الصراع بين المرتزقة: حكومة الفارّ هادي تفشل مجدّدًا في العودة إلى عدن

السعودية تجبر قوات “الإصلاح” على الانسحاب من شقرة و”الانتقالي” يطالب بنصيبه من “السلطة”

 

المسيرة | خاص

ارتفعت حدةُ التوتر بين فصائل مرتزِقة العدوان، خلال الأيّام القليلة الماضية، بعد منع حكومة الفارّ هادي من العودة إلى محافظة عدن المحتلّة مجدّدًا، من قبل مليشيات ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابع للإمارات، والذي أعلن أنه متمسك بموقفه كورقة ضغط لتنفيذ عدة مطالب وشروط أعلن عنها، في الوقت الذي تحدثت أنباء عن توجيهات سعودية قضت بسحب قوات حكومة المرتزِقة من مدينة شقرة في محافظة أبين، في ما بدا أنه مناورة جديدة من الرياض لإدارة الأزمة بين الأدوات التي بات أتباعها مشتتين أكثر من أي وقت مضى.

في التفاصيل، قامت مليشيا ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابع للإمارات، الخميس، بمنع عدد من أعضاء حكومة المرتزِقة من العودة إلى عدن، حيث نشرت عدداً كَبيراً من المسلحين داخل المطار لمنع هبوط الطائرة التي كان يفترض بها أن تنقل أُولئك الأعضاء قبل أن تُلغى الرحلة تماماً.

حكومة المرتزِقة أصدرت بياناً ركيكاً وصفت فيه ما قامت به المليشيا بـ”تصرفات غير مسؤولة في التعامل مع اتّفاق الرياض”، وحاولت الاختباء وراء كارثة السيول التي شهدتها عدن مؤخّراً، إذ قالت إن ما قام به “الانتقالي” يفاقم الكارثة، برغم أنها –حكومة المرتزِقة– كانت قد تنصّلت سابقًا من مسؤوليتها إزاء هذه الكارثة تماماً.

بالمقابل، أصدرت مليشيا “الانتقالي” بياناً تمسكت فيه بمنع عودة أعضاء حكومة المرتزِقة إلى عدن، وقالت إن ما يسمى “اتّفاق الرياض” ينصّ على عودة رئيس حكومة الفارّ هادي فقط ولمهام محدودة، وتضمن البيان شروطاً وضعتها المليشيا، لتعبر بها عن أن منع حكومة المرتزِقة من العودة إلى عدن جاء كأُسلُـوب ضغط.

من أبرز تلك الشروط، السماح بعودة فريق مليشيا الانتقالي الذي منعته السعودية من مغادرة الأردن في مارس الماضي، إلى جانب وقف عمليات التحشيد العسكري لقوات حكومة المرتزِقة باتّجاه عدن وشبوة وأبين، إضافة إلى “تطبيق الشق السياسي من اتّفاق الرياض”، وهو ما يعني إشراك “الانتقالي” في سلطة المرتزِقة بالمناصفة، حيث اعتبر البيان أن حكومة الفارّ هادي بنسختها الحالية “فاقدة للشرعية”.

وخاطب بيان مليشيا “الانتقالي” السعودية بشكل مباشر بخصوص السماح لفريق المليشيا بالعودة إلى عدن، وهو ما أكّـد استمرار الخلاف بين الرياض والمليشيا، والذي كان من أسبابه منع ذلك الفريق من العودة.

وأوضحت لهجة بيان مليشيا “الانتقالي” احتدام المنافسة السعودية الإماراتية على النفوذ في المحافظات الجنوبية، وهو الأمر الذي بدا بشكل واضح مؤخّراً، عندما هدّدت المليشيا قبل أسبوع باقتراب “اندلاع الحرب” مع حكومة المرتزِقة وحزب الإصلاح، إذَا استمر التحشيد نحو عدن وأبين وشبوة، فيما كشفت مصادر إعلامية تابعة للإصلاح وقتها عن إطلاق عملية عسكرية لاقتحام عدن.

لكن مؤخّراً، تحدّثت مصادر ميدانية وإعلامية عن أوامر سعودية صدرت بسحب قوات حكومة المرتزِقة في مدينة شقرة بأبين، المدينة التي مثّلت محوراً رئيسياً في التوترات الأخيرة؛ بسَببِ كمية التعزيزات التي أرسلها حزب الإصلاح إليها.

وقالت المصادر إن السعودية هدّدت بقصف قوات حكومة المرتزِقة في حال رفضت قوات حكومة المرتزِقة الانسحاب، وهو أمر ليس الأول من نوعه، إذ سبق وتلقت حكومة المرتزِقة وحزب الإصلاح تهديدات مماثلة ضمن إحدى جولات الصراع مع مليشيا الانتقالي في محافظة شبوة.

وتوضح هذه المعطيات أن السعودية تتحكّم بمجريات الصراع بين فصائل المرتزِقة بشكل كامل، إذ يبدو أن توجيه قوات حكومة المرتزِقة بالانسحاب من شقرة جاء لإرضاء مليشيا الانتقالي التي كانت قد استنفرت بشكل كبير خلال الأيّام الماضية بإيعاز إماراتي.

هذا أَيْـضاً ما تؤكّـده الطريقة التي تعاطى بها ناشطو الطرفين مع التطورات الأخيرة، ففي الوقت الذي عبّر فيه ناشطو الإصلاح وحكومة المرتزِقة عن خيبة أملهم نتيجة ارتهان قياداتهم للسعودية ووقف التحَرّك نحو عدن بعد فترة طويلة من التحشيد والتهديد، نفى ناشطو مليشيا “الانتقالي” أن يكون قد حصل أيُّ انسحاب من شقرة، واصفين ذلك بأنه مسرحية جديدة من قبل السعودية وأتباعها من “الإخوان”.

ويبدو من محصلة ردود أفعال أتباع طرفي المرتزِقة أن هناك تشتتاً كَبيراً وتناقضات بين الخطط المعلنة لكلا الطرفين وبين مجريات الواقع، الأمر الذي يؤكّـد على أن الطرفين لا يفعلان أكثر من تنفيذ أوامر يتلقيانها.

ومن الثابت أن ما يسمى “اتّفاق الرياض” قد فشل بشكل كامل، وأن السعودية استخدمته فقط كمدخل لتعزيز نفوذها في المحافظات الجنوبية، في إطار منافستها مع الإمارات، واستمرار طرفي الصراع باستخدام هذا الاتّفاق كعذر لتبرير التصعيد المتبادل بينهما يؤكّـد أكثر على أن السعودية حريصة على بقاء هذا المدخل لإدارة الصراع بين المرتزِقة، وليس لوضع حَــدّ له.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com