كثافة الصواريخ ودخول الطائرات المسيّرة خط المعركة تصنع التحوّلات: الاقتصاد السعودي وبيئة الاستثمار تترنّح بفعل الخيارات الاستراتيجية اليمنية

 

المسيرة: إبراهيم السراجي

كان لا يزالُ يتردَّدُ صدى خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي عشيةَ الذكرى الثالثة للعدوان، وهو يقول “قادمون في العام الرابع بمنظوماتنا الباليستية المتطوّرة والمتنوعة التي تخترق كُلّ وسائل الحماية الأمريكية وغير الأمريكية وبطائراتنا المسيّرة التي هي على مدى بعيد”، في الوقت الذي كانت تلك الطائراتُ تنفّـذ أولى عملياتها الهجومية في العمق السعودي والصواريخ تنطلق دفعةً غير مسبوقة؛ لتضرب العاصمة السعودية والأَهْــدَاف الحيوية في المناطق الأُخْـرَى، مترجمةً بذلك الخيارات الاستراتيجية التي بدأت مفاعيلُها تتحقق وآثارُها وتداعياتها تبدأ باضطرار النظام السعودي تأجيلَ طرح شركة أرامكو عمود الاقتصاد السعودي، للاكتتاب الذي كان يهدفُ منه النظامُ السعودي للحصول على مئات المليارات؛ تعويضاً لدنو خزائنه من الإفلاس.

وأعلن سلاحُ الجو المسيّر، أن الطائرات اليمنية بدون طيار من طراز قاصف1 نفّـذت هجومين نوعيين على مطار أبها الدولي في عسير وشركة أرامكو في جيزان.

وأضاف سلاح الجو أن طائرات قاصف نفّـذت عدة ضربات بالدقة المطلوبة على الهدفين المحددين في جيزان وعسير، فيما كان نشطاء سعوديون في مواقع التواصل يتحدثون عن سماع دوي انفجارات ناجمَين عن الغارات اليمنية الأولى من نوعها.

ولم يتمكن النظامُ السعودي هذه المرة من التعتيم على خطورة الموقف، فقد أعلنت سلطاتُ مطار أبها إغلاقَ المطار وتحويل الرحلات الجوية التي كانت قادمةً للهبوط في المطار لتتوجه مضطرة إلى مطار الرياض.

ورغم أن سكان أبها وجيزان من الناشِطين في مواقع التواصل تساءلوا عن سر توقف صواريخ الباتريوت عن التصَـدّي للطائرات اليمنية، إلا أن النظامَ السعودي واصل سياسته التي لم تعد مقنعة للسعوديين والعالم، زاعماً أن دفاعاته الجوية أسقطت الطائرات اليمنية في مطار أبها وفي جيزان دون أن يقدم أيَّ دليل كالعادة يُثبِتُ صحة ما يقول.

ولم يكد النظامُ السعوديُّ يستفيقُ أَوْ يستوعبُ التحوُّلَ الجديدَ للمعركة بدخول الطائرات اليمنية بدون طيار في خط المواجهة، ليجدَ نفسَه، بعد ساعات قليلة، أمام جدية إعلان الرئيس صالح الصمّاد عن استراتيجية القصف الصاروخي اليومي للأَهْــدَاف الحيوية السعودية، فتلقى الضربة الصاروخية الأكبر من نوعها والتي تجاوزت دفعة الصواريخ الباليستية التي أطلقت عشية الذكرى الثالثة للعدوان.

وأعلنت القُـوَّة الصاروخية أنها نفّـذت عملية واسعة باستخدام الصواريخ الباليستية طالت العاصمة السعودية بأكثر من صاروخ وطالت أَهْــدَافاً حيويةً في جيزان ونجران.

ووفقاً لإعلان القُـوَّةِ الصاروخية جرى استهداف وزارة الدفاع السعودية وأَهْــدَاف أُخْـرَى في الرياض بعدة صواريخَ باليتسية من طراز قاهر H2 طويل المدى، فيما انطلقت دفعة من صواريخ بدر1 قصير المدى لتضربَ مبنى التوزيع التابع لشركة أرامكو في نجران وأَهْــدَافاً حيوية أُخْـرَى ومثلها انطلقت لتضربَ مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وأَهْــدَافاً حيوية أُخْـرَى في جيزان.

ارتباك النظام السعودي وصل لأبعد مدى بصمت مطبق، فيما كانت وكالات الأنباء الدولية بينها وكالة رويترز تنقل عن شهود عيان في الرياض خاصة وفي جيزان ونجران سماعَهم دويَّ انفجارات عنيفة في تلك المناطق في حدد شهود العيان سماعهم دوي أربعة انفجارات هزت العاصمة الرياض.

وفيما لجأ النظامُ السعودي لخياره الوحيد في تجديد مزاعمه باعتراض الصواريخ، كانت ثورة المعلومات أسرعَ منه، إذ نشر نشطاء سعوديون مجدّداً في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطعَ فيديو من الرياض تظهر فشل منظومة الباتريوت الأمريكية في اعتراض صواريخ اليمن، بل وبسبب نظامها فقد ظهرت تلك الصواريخ وهي تعودُ لتسقُطَ على المناطق المأهولة في العاصمة السعودية.

كما جدّدت القُـوَّة الصاروخية التأكيدَ على جدية استراتيجية الصواريخ اليومية وكذا توسيع دائرة الأَهْــدَاف الحيوية في العمق السعودي، فأطلقت أمس الأول صاروخاً آخرَ من طراز بدر1 الباليستي على المدينة الصناعية جيزان الذي فضح النظام السعودي مجدداً بعد ما أكّـد نشطاء وشهود عيان سماعَ دوي الانفجارات من المدينة الصناعية تزامناً مع استهدافها.

 

  • تأجيل طرح أرامكو للاكتتاب

مع تآكل الاحتياطيات المالية السعودية جراء تكلفة العدوان واستنزاف الإدارة الأمريكية للنظام السعودي، لجأ محمد بن سلمان لإعلان خطة طرح جزء من شركة أرامكو التي تمثل 90% من قوام الاقتصاد السعودي القائم على النفط، للاكتتاب في البورصات الأجنبية، وحدّد النصف الثاني من العام الجاري موعداً لهذا الطرح، قبل أن يتراجع؛ بسبب مخاطر الصواريخ اليمنية التي انعكست في شكل انخفاض في قيمة أسهم الشركة، وهو ما يعني أن طرحَها سيمثل خسائرَ قاصمةً للنظام السعودي، وفي نفس الوقت تأجيل الطرح يضاعف من أزمة النظام السعودي الاقتصادية.

وذكرت تقارير غربية أن النظامَ السعودي قام بتأجيل طرح أرامكو للاكتتاب إلى العام القادم، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية وأسواق المال.

وفيما عزا محمد بن سلمان تأجيلَ الطرح لدراسة وَضْع السوق العالمي، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن بلاده غير مستعجلة على طرح أرامكو في البورصة العالمية، وهو تصريحٌ يتنافى مع تصريحاته السابقة عن استكمال كافة الإجراءات والدراسات وأن عملية الطرح ستتم في موعدها المحدد، الذي تأجل في نهاية المطاف.

لكن صحيفةَ الوسط نقلت عن خبير اقتصادي أن الصواريخَ اليمنية أجبرت النظامَ السعودي على تأجيل طرح أرامكو للاكتتاب.

وقال الخبير إن الصواريخَ اليمنيةَ أدّت لانخفاض أسهم شركة أرامكو إلى أدنى مستوى بعدَ ما كثّفت القُـوَّة الصاروخية اليمنية ضرباتِها وركزت على منشآت الشركة بشكل خاص.

قبل ذلك ومع بدء استهداف العاصمة السعودية، نشرت صحفٌ أمريكية وبريطانيا تقاريرَ عن تأثير الصواريخ اليمنية، وكشفت تلك التقاريرُ عزوفَ الشركات والمستثمرين الأجانب عن الاستثمار في السعودية رغم التسهيلات التي يقدمها النظام السعودي، مشيرةً إلى أن تهديدَ الصواريخ اليمنية جعلت من السعودية بيئةً غيرَ آمنة للمستثمرين وطاردة لرؤوس الأموال.

من جانب آخر، أفادت وكالةُ أسوشيتد برس العالمية أن قرارَ النظام السعودي بعقد القمة العربية غداً الأحد في الدمام بدلاً عن العاصمة الرياض يهدفُ إلى تفادي الصواريخ اليمنية.

وفيما يعرف النظام السعودي استحالة أن تقوم القُـوَّة الصاروخية اليمنية باستهداف القمة العربية إلا أن قرارَه -وفقاً لمراقبين- يهدفُ لتجنب فضيحة فشل الدفاعات الجوية التابعة له في حال تعرضت أَهْــدَاف في الرياض لقصف صاروخي بالتزامن مع القمة التي ستضم المئات من الصحفيين الذين قد ينقلون حقيقة الدفاعات السعودية وفشلها في التصَـدّي للصواريخ اليمنية، علاوةً على أن الفضيحةَ ستكونُ على مشهدٍ من رؤساء ومُلُوك الدول العربية المشاركين في القمة والوفود المرافقة لهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com