استشرافُ المستقبل [الرؤية الاستباقية في الثقافة القُـرْآنية]

 

إعداد/ محمد محسن الفرح

تُعَدُّ محاضراتٌ ودروسٌ من هدي القُـرْآن للشهيد القائد السيّد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه نموذجاً لكيفية ارتباط القُـرْآن الكريم (هدى الله) بالواقع الميداني والأحداث اليومية، وفي هذه المساحة نضع أمام القارئ الكريم بعض الأمثلة لحديث الشَّهِيْد القَائِـد عن حالة (الاستقطاب – وحالة التطويع)، وما هي الأَسْبَاب والخلفيات والنتائج التي أدت إلَى تلك الحالة، لنساهمَ في تعميم حالة الوعي للأمة.

إن من أهمّ الأَسْبَاب لهذا الانحراف هو إغفال أَسَاسيات الدين الهامة التي تحصِّنُ الأُمَّـةَ من الزلل وتحميها من السقوط، وكذلك الاكتفاء بالشكليات بديلاً عن الأَسَاسيات، ما أَدَّى إلَى وجود قابلية لتضليل بين أبناء الأُمَّـة، مما جعلهم عرضةً للاستقطاب والتطويع من قبل اليهود والنصارى (أمريكا وإسْرَائيْل) ومن أهمّ تلك الأسس التالي:

 

أولاً: الارتباطُ بالله والارتباطُ بالقُـرْآن عبر ورثته الحقيقيين (إعْــلَام الهدى من أهل البيت ع)

يرى الشَّهِيْدُ القَائِـدُ السيّد حسين بدرالدين الحوثي أن الارتباط بالله والقُـرْآن عبر ورثته (إعْــلَام الهدى من أهل البيت عليهم السلام من الأسس الهامة في القُـرْآن؛ لِأَن أن تعرف أن للقُـرْآن ورثةً، أن للقُـرْآن إعْــلَاماً يهدون به‪.

هذه واحدة من الأسس، واحدة من القضايا التي لا بد أن تفهمها، باعتبار ماذا؟ تثقيف قُـرْآني، وأَسَاس قُـرْآني، إذا ما عندنا هذا المفهوم ما نهتدي بالقُـرْآن على الإطلاق، ما نهتدي به على الإطلاق، إذا ما عندي هذا المفهوم سأكون قابلاً لمن يطلِّع القُـرْآن في غير مورده، في غير موضوعه، فيضلني به.

قد جعلوا مجاميع من الشباب يسيرون ليجاهدوا جِهاداً أمريكياً في أفغانستان وما هم دارين! وحركوا لهم آيات الجهاد. ألم يحركوا لهم آيات الجهاد؟ عملاء لأمريكا، متواطئون مع أمريكا، بتمويل أمريكي وبتوجيه أمريكي يحركون لك شباباً مسلمين مساكين، يحركونهم ويسيِّرونهم أفغانستان باسم الجهاد في سبيل الله،

أليس هو هنا يقرأ عليهم آيات الجهاد؟ ينكشف الموضوع وإذا المسألة كلها إنما هي ترتيبات لإخراج روسيا من أفغانستان؛ لتأتي أمريكا بديلاً عنها! ثم يقفل أولئك الإعْــلَام _ إعْــلَام الجهاد، وإعْــلَام آيات الجهاد الذين كانوا يتحدثون بها في المساجد _ يقفلون ملف الجهاد، وانتهى الموضوع. وإذا بهؤلاء المجاهدين الذين ـ الله يقول الجهاد في سبيله {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوب ة41) ـ وإذا هم يطلعوا عند أمريكا التي جاهدوا من أجلها مسيئين، وتقول عنهم إرهابيين؛ لتعتبرهم مدانين بما عملوا، ألم يصبحوا مدانين بهذه؟ قالوا: هم راحوا أفغانستان! طيب هم راحوا أفغانستان، حركَّهم عملاؤكم، حركهم عملاؤكم يسيرون إلَى أفغانستان وهم بسطاء، مساكين، على أقل تقدير قدّروا لهم جهودهم هذه؛ لأنهم اجتملوا فيكم، وأخرجوا روسيا بدل أن تضحوا بجندي واحد أمريكي! فأَصْبَـح عملهم في أفغانستان لم يكن فيه خير لهم نهائياً، لم يكن فيه خير لهم، بل أَصْبَـحوا مطاردين به. فهنا سيأتي من يحركك بآيات قُـرْآنية في غير وقتها، في غير موضوعها، القضية هذه ليست سهلة.

هذا أَسَاس هام جداً: الاهتداء بالقُـرْآن، تجد أهل البيت أليسوا ـ أنفسهم ـ إذا خرجوا عن هذا المفهوم يضلون؟ هم إذا خرجوا عن مفهوم أن للقُـرْآن ورثة هم يرشدون إليه، هم يهدون به. يصبحون هم ضالين، هم يغرقون في الضلال. (الدرس السادس مديح القُـرْآن)

 

التفاعُلُ الجادُّ مع هدى الله ومع توجيهات الحق

إذا ما وجدت نفسك أمامَ أَية قضية, أمام أَي حدث، تجد هناك من يذكرك بمسئوليتك، ويذكرك بخطورة عواقب تلك الأحداث يذكرك بعقوبة تفريطك ثم لا تهتم، فإنك من قد تجد نفسك في يوم من الأَيَّـام ليس فقط ضحية لتفريطك، بل تجد نفسك في موقف أسوء من ذلك الموقف، تجد نفسك في صف الباطل تقف في وجه الحق، تساق إلَى مواقف الباطل، 
وهذا لم يكن فقط ما حصل للعراقيين وحدهم في التأريخ، لقد حصل للكثير من البشر على امتداد التأريخ, تأريخ هذه الأُمَّـة، كم من الأشخاص ممن هم يُحسبون على جانب الحق، ممن سمعوا توجيهات الحق, وسمعوا صوت الحق ودعوا إلَى الحق ففرطوا فرأوا أنفسهم يساقون إلَى ميادين نصر الباطل!.

نحن -أعتقد -إذا لم ننطلق في مواجهة الباطل، في هذا الزمن فإننا من سنرى أنفسنا نساق جنوداً لأمريكا في ميادين الباطل في مواجهة الحق.

لا يجوز بحال إذا كنا نحن من نلوم أولئك، أَي واحد منا يلوم أهل الكوفة أليس كذلك؟ يلوم أهل العراق، يلوم ذلك المجتمع الذي لم يصغ لتوجيهات الرَّسُـوْل (صلوات الله عليه وعلى آله) بعد أن ولى علياً، يلوم أهل المدينة، يلوم أهل البصرة، يلوم أهل الشام، يلوم.
إذا كنا فقط إنما نلوم الآخرين، ولا نعرف على ماذا نلومهم، أنت تلومهم لأنهم قتلوا الحسين، أليس كذلك؟ فعلاً يلامون على أنهم قتلوا الحسين، لكن ما الذي جرّهم إلَى أن يقتلوا الحسين؟ أنت تعيش النفسية، تعيش الحالة التي جرتهم إلَى أن يخرجوا ليواجهوا الحسين، فَلُمْ أنت نفسك، ولمُهم أنت على تفريطهم يوم كانوا يسمعون علياً، واحذر أنت أن تكون ممن يفرط وهو يتكرر عليك هدي علي، وهدي القُـرْآن الكريم الذي هو فوق كُلّ هدي. (دروس من وحي عاشوراء)

 

القيامُ بالمسؤولية على أَسَاس القُـرْآن يتوقف عليها عزة العرب ونجاتهم فالدين مرتبط بهم كمسؤولية وليس مجرد ارتباط عبادة

فيحاوِلُ الناسَ أن يهتموا بتدبر القُـرْآن الكريم، وسيعرفون أن الأشياء تكون هامة جداً، هامة جداً مسألة أن يكون الإنْسَان ملتزماً بكتاب الله، وأن يهتدي بكتاب الله، قضية تتوقف عليها نجاته، وهدايته في الدنيا وفي الآخرة، ويتوقف عليها عزة المسلمين، وعزة العرب بالذات، عزة العرب بالذات وقوتهم وتمكينهم يتوقف على الاهتمام بالقُـرْآن الكريم، بغيره لا يمكن أن تقوم لهم قائمة ولا يمكن أن ترتفع لهم راية، إطلاقاًَ؛ لأنهم ربطوا بالدين، ربط مصير العرب بالدين.

عندما يربطهم بمسئولية، يربط بهم الدين، ليس فقط كعبادة بل كمسئولية، أن يتحركوا له، وأن يكونوا أَنْصَـاراً له، وأن يجاهدوا في سبيله، فمتى ما فرطوا فيه، ما عاد يمكن تقوم لهم قائمة، ما يمكن يعتزوا.

هذا ما هو حاصل وما يشهد له واقع الناس اليوم؛ لهذا واجب الناس أن نعود إلَى القُـرْآن الكريم في هذه الظروف التي يواجه فيها الدين حملات شديدة، أول شيء نحصن أنفسنا، ونحصن أولادنا، ما يصبحوا عرضة للتضليل، ما يصبحوا عرضة بأن يصبحوا في الأخير قد يجندوا لصالح أعداء الله، لصالح اليهود والنصارى، قد يجندوا فعلاً.

لأن الأُمَّـة قد مرت بحالة مثل هذه، الاستعمار الذي انتهى قبل فترة، الاستعمار العسكري الذي كان موجوداً استعمار بريطاني وفرنسي وإيطالي وبلجيكي وغيره، كانوا يسوقون الناس في الحرب العالمية، يسوقون المسلمين ليقاتلوا تحت راية البريطانيين، تحت راية الإيطاليين، تحت راية الفرنسيين، يقاتلون، يجند لك عشرات الآلاف من المسلمين يقاتلون لصالحه، لأطماعه، هذا يعتبر من أسوأ المواقف، من أسوأ الحالات. [الشعار سلاح وموقف/ص1]

 

حالةُ التنصُّل عن المسؤولية ستكونُ نتيجتُها أن تساقَ إلَى ميادين الباطل

عندما تجد أن هناك مسئوليةً عليك أمام الله فيجب أن تتحرك، حتى وإن كانت القضية فيها خوف، حتى وإن كانت القضية تؤدي إلَى أن تضحي بنفسك ومالك. ما الله ذكر هذا في القُـرْآن الكريم، طلب من المسلمين، طلب من المؤمنين، بل جعل من صفات المؤمنين الصادقين، من صفات المؤمنين الصادقين، هو أن يبذلوا، أن يجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، {إنما المؤمنون الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات: 15) أولئك هم الصادقون، والجنة هي للمؤمنين الصادقين،

وعندما تجد القُـرْآن الكريم، يطلب منك أن تضحي بنفسك، الله يطلب منك أن تضحي بنفسك، أن تضحي بمالك، أَي حين؟ إذا لم يكن أمام ما تتحرك أمريكا وإسْرَائيْل فيه، فأمام من؟ هل أمام المهدي المنتظر! أنت إذا لم تبذل نفسك ومالك في مواجهة هؤلاء الأعداء فهم من سيسخرونك أنت لتبذل نفسك ومالك في سبيلهم، في سبيلهم فعلاً، وهم متجهين، يعني هذه عندهم سياسة ثابتة: أن يضربوا المسلم بالمسلم، عندهم هذه السياسة، أن يضربوا المسلم بالمسلم.

إذا لم تتحرك، في الأخير يجندوك تضرب مَن؟ تضرب آخرين مسلمين خدمة لأمريكا وإسْرَائيْل. مثلما جندوا في السابق عشرات الآلاف من المسلمين، من أجل تحقيق مطامعهم، ومن أجل الدفاع عن مصالحهم، أيام الاستعمار الأول.

المسلمون يجاهدون تحت راية البريطانيين تحت راية الإيطاليين والفرنسيين، وقتال بين الدول هذه المستعمرة وقودها مَن؟ المسلمين، معظم وقودها كانوا هم المسلمين في بلدان أفريقيا، والبلدان المستعمَرة.

وهذه قضية يجب أن نتنبه لها، قضية لا تتصور أن بإمكانك أن تتنصَّلَ من مسئوليات الحق وتجلس هناك سليم، عندما تتهرب من الحق ستساق إلَى الباطل، أعداء الله سيسوقونك إلَى الباطل، وتبذل أَكْثَــر مما كان يطلب منك في سبيل الحق، تبذله في سبيل الباطل، وأنت تتهرب على أَسَاس أن تنجو بنفسك، ستبذل نفسك وتقتل في سبيل الباطل، والشواهد كثيرة في هذه، من التأريخ شواهد كثيرة، التأريخ في الماضي والتأريخ المعاصر، أيام الاستعمار وإلى الآن.

الآن تجد البلدان الإسْلَامية تجد الأتراك دخلوا أفغانستان. الآن في الوقت الراهن القوات الأردنية التي تتحرك ضد المواطنين في مدينة [معان] ويضربوا وبكل جُرأة، حتى ما قبلوا وساطة الآخرين، الذين توسطوا كيف يصلحوا الموقف هذا، لا، قضية أمنية وتراهم أقوياء وأشداء وشرسين، وهم؛ لأنه قالوا في الوسط متهمين أنهم وراء قتل ذلك الأمريكي، وقد تكون القضية ملفقة بكلها. [الشعار سلاح وموقف/ص8]

 

 الاعتصامُ بحبل الله بشكل جماعي والحذر من التشتت والبعثرة والفردية

أنتم في مواجهة، مواجهة مع أُمّة هي متوحّدة، تتوحد ونحن نراها تتوحد عالمياً، تتوحد كلها تحت قيادة أمريكا. ألم تتوحد كلها تحت قيادة أمريكا؟ وتصادق على إعطاء أمريكا مقام القائد للتحالف الدولي العالمي ضد الإرهاب. ما هذا الذي حصل؟ هم يتوحدون كدول، ثم تتوحد الدول فيما بينها في مواجهتنا، فهل من المعقول، ومن الممكن أن تنطلق أنت فردياً لتواجه هذه الأُمَـم من أهل الكتاب الأُمَـم الكافرة التي تريد أن تكون كافرا؟ تنطلق لمواجهتها أنت لوحدك، وهذا لوحده، وآخر لوحده؟!. لا. لا ينقذ من هذا الضلال، لا يخرج الأُمَّـة من هذا المأزق، لا تكون أَي طائفة في مستوى أن تواجه إلا إذا اعتصم أفرادها بصورة جماعية بحبل الله، فحبل الله هو الذي سينقذهم، وحبل الله هو هدايته للناس، هدايته التي تأتي لعباده المتمثلة في كتابه، وفي رَسُـوْله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فيما يرسخه القُـرْآن من انشداد روحي، وشعوري نحو الله سبحانه وتعالى، وتعلق كبير وانشداد كبير نحو رَسُـوْله (صلوات الله عليه وعلى آله).
لن تنقذَ حتى أنت إذا انطلقت بنظرة فردية، أنني سأعتصم بحبل الله وما عليّ أَي شيء، فستضل أنت رغما عنك، وستُساق إلَى الضلال رغماً عنك، وستنطلق من فمك عبارات الكفر رغما عنك؛ لأنك أمام واقع يفرض نفسه عليك، وأنت في حالة تقصير لا تمنحك مبرراً أمام الله سبحانه وتعالى، فستغرق وستهلك، ولن تستطيع أن تعصم نفسك بمفردك. (الدرس الثاني من آل عمران)

 

الموقفُ من أهل الكتاب ومواجهتهم على أَسَاس القُـرْآن الكريم

ولهذا نحتاجُ إلَى أن تكون هناك أمة، أن يؤهل الناس أنفسهم إلَى أن يصبحوا أمة قادرة على أن تدعو إلَى الخير تحت عنوان (الخير) الواسع، وأن تكون أمة تأمر بالمعروف تحت هذا العنوان الواسع، وتنهى عن المنكر بعنوانه الواسع، ثلاثة عناوين واسعة جداً، ثلاثة عناوين مهمة هي تشمل كُلّ مجالات الحياة، سواء ما كان من وجهة نظرنا لا نراه متعلقاً إلا بالدنيا، وما كان منها متعلقاً بالدين.

أليست هذه هي هداية حقيقية إذا أحد تأمل فعلاً، تجعلك تثق بالله، يجعل الإنْسَان يثق بأنه يضع الخطط الحكيمة للأمة لتمشي عليها. وهو يعلم ما سيعمل أهل الكتاب، وكيف ستكون أساليبهم، وأنهم سيغزون الأُمَّـة من الداخل فيجعلوا الأُمَّـة تقف مستسلمة أمامهم، طائعة لهم، متولية لهم، كبارها جنود لهم، وصغارها ضحية لفسادهم، فتتجمد وتتعطل كُلّ وسائل القوة الأخرى.

البترول في الأرض يصبح لا يمثل ما يمكن أن يمثله من آلة ضغط عليهم، هذه الخيرات المنتشرة في معظم البلاد الإسْلَامية كذلك لم تعد تمثل وسيلة للضغط على دول الغرب: اليهود والنصارى، هذه الأسلحة المتطورة التي يمتلكها هذا الشعب وهذه الدولة وهذه الدولة وتلك الدولة هي أَصْبَـحت قطعاً متجمدة لا معنى لها لا قيمة لها، بل ستصبح قطعاً تتحرك بفاعلية في خدمة أمريكا وإسْرَائيْل لضرب الشعوب نفسها! أليس هذا من الدهاء اليهودي؟ أليس هذا من الخبث اليهودي الشديد؟

وفعلاً كم وجدنا أن الأسلحة العربية والجيوش العربية تحركت لخدمة إسْرَائيْل وأمريكا –سواءً من حيث تشعر أَوْ لا تشعر -عندما تحركت جميعاً في مواجهة [الثورة الإسْلَامية] في إيران ومواجهة [الإمام الخميني]، الذي برز كأعظم قائد يحمل أفضل نظرة منبثقة من القُـرْآن الكريم في مواجهة اليهود والنصارى، تتحرك جيوش من مختلف الدول العربية، وقطع عسكرية من مختلف دول العالم، قطع أسلحة تتحرك في مواجهة هذه الدولة المسلمة وهذه الثورة الإسْلَامية! فتكون النتيجة في الأخير هي أنهم حموا إسْرَائيْل من أخطر جهة كان يمكن أن تواجهها في هذا العصر، كان يمكن أن تقضي عليها فعلاً، كان يمكن أن تقضي على إسْرَائيْل.

وكان [الإمام الخميني] رحمة الله عليه يرفع شعار: ((أن إسْرَائيْل غُدّة سرطانية يجب أن تُسْتَأصَل))، وكان فعلاً جاداً في أن يستأصل هذه الغُدّة، لكن العرب الذين يصرخون الآن من إسْرَائيْل، العرب الذين تحولوا إلَى جنود لإسْرَائيْل هم الذين وقفوا في وجه ذلك القائد العظيم، وذلك الشعب العظيم، والثورة العظيمة؛ لتقف إسْرَائيْل محميّة دون أن تخسر شيئاً. ومتى ما انتهى خطر ذلك الشبح المخيف تستمر إسْرَائيْل في عملها، لا تقدر -على أقل تقدير -لا ترعى جميلاً: أن هؤلاء خدموها فتتعامل معهم بوداعة وسلام يحصل هذا. (الدرس الثالث من دروس آل عمران)

 

الوعي والبصيرة

الوعي بمخاطر التقصير والتنصل المتعمد

المؤمنون يبحثون عما يجب عليهم أن يعملوه، ويخشون من أن يقصروا خطأ أَوْ نسياناً؛ لأنهم يعلمون أن هناك مؤاخذة على الخطأ والنسيان في واقع الحياة.
وأحياناً قد تكون المؤاخذة على الخطأ والنسيان توصلك إلَى ترك متعمد لحق، توصلك إلَى دخول في باطل متعمد، أَوْ توقعك في ضلال بل توقعك في كفر من حيث لا تشعر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (آل عمران: الآية 100) ألسنا في مسيرة أن نرتد بعد إيْمَاننا كافرين؟ ونحن ناسون، ونحن مخطئون لا ندري ماذا يجب علينا أن نعمل؟ ولا نعرف ماذا ينبغي أن نعمل، بل ناسين تماما، لماذا؟ ناسين؛ لِأَن نفكر في ماذا ينبغي أن نعمل؟ فقد يصل الناس إلَى درجة الكفر أثرا للمؤاخذة على نسيانهم نسوا وتناسوا وأخطئوا وتجاهلوا فأَصْبَـح واقع على هذا النحو، واقع سيكون هم ضحيته عندما يرون أنفسهم يساقون إلَى مواقف باطلة.
أولسنا الآن يطلب منا أن نسكت عن أمريكا وإسْرَائيْل؟ من الذي شجع أولئك أن يطلبوا من المسلمين أن يسكتوا؟ سكوتنا عن العمل ونحن في مرحلة النسيان لما يجب أن نعمل، لما يجب أن نفكر فيه، لما يجب أن نعمله، أَصْبَـحنا نرى أنفسنا يطلب منا قسراً أن نسكت عن أمريكا وعن إسْرَائيْل، أن نسكت عن لعن اليهود والنصارى أن نسكت عن فضح حقائقهم وفضح تضليلهم وفضح ما جنوه على هذه الأُمَّـة. المؤمنون حذرون جداً. (الهوية الإيْمَانية)

 

الوعيُ بالنتائج الحتمية للانخراط في العمالة وان النتيجة هي الخسارة

{هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}(آل عمران: من الآية119) مهما عملتم لهم لن يقدروا لكم جهودكم، لن يرعوا لكم جميلاً، لن يكافئوكم بإحسان، وهذا ما حصل، وهذا الذي نشاهد الآن، أما كان من المفترض أن إسْرَائيْل ترعى ذلك الجميل لهذه الدول العربية التي انطلقت لتقف بدلاً عنها في مواجهة [الثورة الإسْلَامية] و[الإمام الخميني] فتزيح ذلك الخطر عن وجهها، أما كان من المفترض أن إسْرَائيْل تتحول إلَى دولة مسالمة؟ دولة تهتم بأمر العرب وشأنهم. الدرس الثالث من دروس آل عمران

 

الوعي بطبيعة الصراع مع اليهود والنصارى

اليهود (بخلاء وجبناء وأذكياء) ولهذا يتوجهون إلَى التطويع وتوسيع دائرة العمالة؛ لِأَن ذلك سيبعدهم عن التكاليف البشرية والمادية

لاحظوا نحن على مستوانا الشخصي إذا هناك واحد زعل من واحد وقد جمع له في الشمطة مائة وخمسين ألف أَوْ أَكْثَــر يقول: [والله لَقَرِّح ما معي في رأسه لو أَوَفِّيْ بالجنبية] أليسوا يقولون هكذا؟ ودق أبوها، وعند الحاكم [با نتخابر من خمسين، أنا خمسين وأنت خمسين، با نتخابر من خمسين ألف، من عشرين ألف من.]!.

هذه العقلية غير موجودة، يريدون أن يضربوا بأقل تكلفة مادية، أَوْ بشرية، حتى لاحظ عندما ذهبوا إلَى أفغانستان هل كان واحد يتوقع بأنهم سينزلون آلاف الجنود مائة وخمسين، مائتين، أربع مائة؟ أعداد قليلة، معتمدين على آلياتهم الكثيرة، ويدهفوا بالمعارضة الشمالية، المعارضة الشمالية، أفغاني في أفغاني، وفي الأخير سيضربون يمني في يمني، وسعودي في سعودي، ومصري في مصري، وهكذا.

مُخَطّطاتهم رهيبة، وأَصْبَـحت الأشياء كلها تتهيأ لهم بشكل عجيب؛ لأنه فسدت النفوس، فسد زعماء وشعوب حقيقة، أَصْبَـحنا كلنا فاسدين، لا نحمل أَي وعي، لا نحمل أَي اهتمام بالقضية هذه، لا نفكر في أَي حل فيها، وأَصْبَـحنا كلنا نتلقى في نفوسنا، في تهيئة نفسياتنا من الفساد الثقافي والإعْــلَامي والأخلاقي ما يهيئ لليهود أن يحققوا أهدافاً أخرى أَكْثَــر مما وصلوا إليه، أَكْثَــر مما وصلوا إليه حقيقة.

تجد أبرز شيء في هذه المسألة والإنْسَان يتابع التلفزيون، ويتابع الرادي، يتابع الأحداث أن تفهم بأن أَي موقف تتبناه أمريكا أَوْ إسْرَائيْل أَوْ اليهود أن تجعل نفسك من داخل ضده وإن رأيتهم يضربون شخصاً يعجبك تحت عنوان مفتوح (الموالاة والمعاداة).

 

الالتزامُ بالقيم الإيْمَانية والأخلاق الدينية

هو شرفٌ عظيمٌ لك، ونعمة عظيمة عليك أن تنذر موتك لله، أن تنذر حياتك أولاً وتنذر موتك ثانياً لله سبحانه وتعالى، وما أَكْثَــر ما يحصل هذا.
مثلاً في هذا الزمن والكثير منكم شباب فيما أعتقد إذا نظرنا إلَى أمثال لكم في معسكرات في مناطق أخرى مشى بهم الحال وسوء الحظ إلَى أن تنذر حياتهم -سواء رضوا أَوْ لم يرضوا تنذر حياتهم في سبيل من؟ – في سبيل [أمريكا] في سبيل [إسْرَائيْل]! والبشر الآن. الشباب الآن. أنتم الشباب بالذات أمام مرحلة فيما أعتقد: إما أن يكون الإنْسَان قد رسم لنفسه أن تكون حياته وموته لله، وإلا فستكون حياته وموته من أجل أمريكا،

هذه القضية الشباب مقبلون عليها، ستكون ممن ينذر حياته لأمريكا وأنت في معسكر فتكلف أن تخرج ضمن حملة على منطقة معينة يقال: فيها إرهابيون! أَوْ تكون أنت معلم ممن يجمد الناس، ويهدئ الناس، ويثبط الناس، ألست هنا تعمل لمصلحة أمريكا؟ أَوْ تكون أيضاً ولست معلماً وأنت إنْسَان عادي ينطلق من فمك كلمة مع هذا، وكلمة مع ذاك: [بطل ما لنا حاجة با تكلفوا علينا لاحظ ما حصل في أفغانستان!] أليس هذا العمل الذي يؤدي بالناس إلَى القعود إلَى الخنوع، أليس خدمة للأعداء؟ فتكون أنت قد نذرت حياتك في سبيل أمريكا، وستموت في سبيل أمريكا، يكون موتك خدمة لأمريكا لأنه لم يكن موتك مؤثراً عليها.

فالإنْسَان إذا لم يتفهم من الآن ونحن في مقتبل هذه المرحلة والكثير منكم في مقتبل العمر لا زالوا شبابا طلابا، اليهود عندهم قدرة أن يثقفوا الناس وأن يعملوا الأشياء الكثيرة حتى يجعلوا الناس ينذرون حياتهم لهم، فالجندي يتحرك بغضب وشراسة، ويضرب بيت أخ مسلم له. يقتل. يدمر. ينهب، وهو في نفس الوقت، -سواء فهم أَوْ لم يفهم -إنما يخدم أمريكا. (محياي ومماتي).

 

اليهودُ والنصارى يعملون على تدمير وإفساد أخلاق الناس

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} (يس:60 – 62).
نفس العمل الذي يقوم به اليهود، لديهم خبرة شيطانية، لديهم خبث شيطاني، ومكر شيطاني رهيب، فهم يتجهون نحو الوسوسة ونحو القلوب، ونحو النفوس، بأي وسيلة من وسائل الإفساد {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} (المائدة: من الآية64) بأية وسيلة من وسائل الإفساد: بامرأة تبدوا مكشوفة في التلفزيون، على المسرح، أَوْ راقصة في السينما، من خلال شاشة التلفزيون، من خلال قنوات عربية، من خلال قنوات أخرى فضائية، من مختلف البلدان عن طريق [الدّش] الذبذبات تأتي تدخل الذبذبات عندما ترى امرأة مكشوفة في التلفزيون فاعرف لا بد أن ينقص من زكاء نفسك شيء. {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: من آل آية30) أطهر لنفوسهم.

ألم يعملوا على أن تتخلع النساء وتتبرج؟ لماذا؟ هم يعرفون أن تلك الصورة عندما تراها أنت توجد خللاً في نفسك، ووسيلة مع وسيلة أخرى، وأسلوب بعد أسلوب، وطريقة بعد طريقة، ترى نفسك قابلة، وأنت لا زلت تحس في رأسك أن اسمك مؤمن، وأنك مؤمن واسمك مسلم، وتقول للآخر يا يهودي يا نصراني، وتنطلق تصلي وتصوم وتزكي وتحج، ومسلم مؤمن، ولكن واحدةً بعد واحدة، ضربة بعد ضربة مما يفسد بها زكاء النفس وطهر النفس. ثم تضليل ثقافي، يترافق أيضاً، تضليل ثقافي عن طريق الصحيفة، المجلة، التلفزيون، الإذاعة الكُتّاب، الصحفيين، مرشدين، أشياء كثيرة جداً تهاجم الإنْسَان من كُلّ جهة.
وكلها تتجه إلَى أين؟ تتجه إلَى قلبه، إلَى نفسه؛ ولأن قلب الإنْسَان يحتاج إلَى أن يكون يحظى برعاية عالية من قبل الله سبحانه وتعالى، وأن يكون مملوء بهدي الله بهدى الله، مملوء بالولاء لله ولرَسُـوْله وللذين آمنوا، إذا لم يكن على هذا النحو فما أسهل أن يفسد، وما أسهل أن يتحول إلَى يهودي، وإلى نصراني، إلَى قلب يهودي وقلب نصراني، وهو من يرى أنه ما يزال مؤمناً.
القلب الفارغ من هدي الله ومما يرشد إليه الله سبحانه وتعالى هو من سيكون ضحية؛ ولهذا جاءت الآية بعد: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (المائدة: من الآية52).(الدرس الأول من سلسلة دروس المائدة).

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com