“البيت الأبيض” يحرّض لسد أفق المشاورات: أمريكا ضد السلام

بايدن يؤكّـد استمرارَ تقديم الدعم العسكري لدول العدوان ويحاول ابتزازها بـ “المخاوف الأمنية”

الخارجية: واشنطن تسعى لتوريط الإمارات واستقرار المنطقة مرهون بالتجاوب مع جهود الحل الشامل

 

المسيرة | خاص

على وَقْعِ تصاعُدِ المؤشرات الإيجابية فيما يتعلق بجهود معالجة الملف الإنساني والتمهيد للسلام في اليمن، جددت الولايات المتحدة الأمريكية تأكيدَ معارضتها لهذه الجهود، من خلال محاولة جديدة لخلط الأوراق والتشويش على المشهد لدفع دول العدوان نحو رفض مطالب الشعب اليمني والتوجّـه للتصعيد الذي ترى فيه واشنطن مصلحة لها ولو على حساب مصالح السعوديّة والإمارات، الأمر الذي ردت عليه صنعاء بالتأكيد على ثبات موقفها وتمسكها بحق الدفاع عن النفس، محذرة من عواقب التماهي مع التوجّـهات الأمريكية.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أصدر قبل أَيَّـام بياناً أكّـد فيه استمرار الولايات المتحدة بدعم الإمارات في “مواجهة التهديدات من اليمن” بحسب وصفه، وذلك بالتزامن مع ذكرى العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة العام الماضي ضد أهداف حساسة في العمق الإماراتي ردا على جرائم أبو ظبي وتصعيدها ضد الشعب اليمني.

وجاء في بيان بايدن أن “الولايات المتحدة ستواصل دعم أمن الإمارات وشركائها الآخرين في الشرق الأوسط، بما في ذلك تقديم المساعدة العسكرية اللازمة” وأنها “ستقف بحزم لضمان عدم تكرّر تلك الضربات مرة أُخرى”.

وردت وزارة الخارجية بحكومة الإنقاذ الوطني على تصريحات بايدن ببيان أكّـد أن “الرئيسَ الأمريكي من خلال تذكره لما تعرضت له الإمارات من رد يمني طبيعي ومشروع قبل عام من الآن إنما يحاولُ توريطَ الإمارات وغيرها من الدول المعتدية أكثر وأكثر وتشجيعها على مواصلة العدوان وعرقلة جهود السلام الحالية”.

هذا أَيْـضاً ما أوضحه توقيتُ تصريحات بايدن الذي يأتي مع بروز مؤشرات إيجابية للمرة الأولى فيما يتعلق بالجهود التي تقودها سلطنة عمان للتوصل إلى اتّفاق يعالج الملف الإنساني ويمهد لسلام فعلي، علماً بأن الولايات المتحدة وقفت منذ بداية المفاوضات ضد تلك الجهود، بل وصل بها إلى الأمر إلى إفشال تفاهمات جيدة كان قد تم التوصل إليها بحسب ما كشف الرئيس المشاط في وقت سابق.

وأكّـدت الخارجية أن تصريحات بايدن تكشفُ بوضوح طبيعةَ دور واشنطن المعيق لجهود السلام في اليمن، وإصرارها على مواصلة عدوانها الإجرامي على اليمن، وأن أمريكا “لم تكتفِ بعدُ بما وقفت وراءه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب اليمني بما في ذلك دورها المخزي في قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء”.

وأضافت أن “أمريكا تقف وراء الحصار الظالم الذي صنع أسوأَ أزمة إنسانية في العالم على خلال المِئة سنة الأخيرة”.

واعتبر محللون أن تأكيدَ بايدن على مواصلة تقديم الدعم العسكري للإمارات ترجم محاولةَ ابتزاز واضحة للسعوديّة لمنعها من الانخراط في جهود السلام الجارية، خُصُوصاً أن الكثير من التقارير والتسريبات تحدثت مؤخّراً عن محاولات عُمانية لتقريب وجهات النظر بين صنعاء والرياض بشكل خاص ولم تكن أبو ظبي حاضرة في الصورة، حَيثُ يرى المحللون أن بايدن يحاول إيصال رسالة للسعوديّة مفادها أن الإمارات ستكون أدَاةً بديلةً لها في قيادة العدوان على اليمن والحصول على الدعم الأمريكي بالمقابل، وذلك بهَدفِ تحفيز الرياض على رفض الاستجابة لمطالب الشعب اليمني والخضوع للرغبة الأمريكية في مواصلة التعنت والتوجّـه نحو التصعيد.

لكن رد الخارجية اليمنية كان واضحًا بالشكل الذي يجعلُ الخياراتِ محدّدةً بدقةٍ أمام الإمارات والسعوديّة على حَــدٍّ سواء، إذ أكّـد بيان الوزارة أن “الانخراط في جهود السلام العادل والدائم، هو الخيار الوحيد والمتاح لأمن وسلامة بلدان وشعوب المنطقة، وهو ما تدعو صنعاء إليه وتتمسك به وتناضل؛ مِن أجلِه منذ ثمانية أعوام”، وأشَارَ إلى أن “دموع الرئيس الأمريكي تفتقر للمصداقية؛ لأَنَّ أمن وسلامة الإمارات يتحقّق فقط من خلال تشجيعها على السلام وإنهاء وجودها العسكري وشراكتها في العدوان على اليمن”.

وَأَضَـافَ أنه “لا يمكن لأية قوة في الأرض أن تمنع الشعب اليمني من الدفاع عن نفسه”.

وبالتالي فَـإنَّ الاستجابة للرغبات الأمريكية ورفض مطالب الشعب اليمني وعرقلة جهود السلام، لن يؤدي إلا إلى استئناف العمليات العسكرية التي بات السعوديّون والإماراتيون يعلمون جيِّدًا أن “الدعم الأمريكي” لا يكفي لمواجهتها.

وينطوي هذا التوضيحُ من وزارة الخارجية على رسالة ضمنية مفادها أن محاولة المراوغة والإمساك بالعصا من المنتصف لإرضاء واشنطن وخداع صنعاء، لن يكون حلا ناجحا، خُصُوصاً بعد ما شهدته الفترة الأخيرة من معطيات كادت أن تمثل نهاية للتهدئة، لولا حرص صنعاء على دعم المؤشرات الإيجابية الجديدة التي حملتها زيارة الوفد العماني الأخيرة إلى العاصمة.

لكن على أية حال، فَـإنَّ تصريحات بايدن جعلت المشهد أوضحَ مما كان عليه فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، حَيثُ أصبح على عاتق دول العدوان وفي مقدمتها النظام السعوديّة اتِّخاذ قرار واضح وحاسم؛ لأَنَّ الاستمرار بالمماطلة لن يكون له أي تفسير سوى الاستجابة لرغبات وتوجّـهات الإدارة الأمريكية الرافضة للسلام والمتمسكة بمواصلة العدوان والحصار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com