آلُ سعود.. والطريقُ المسدود..بقلم/ إبراهيم العنسي

 

ما من شرعيةٍ تحاولُ السعوديّةُ والإمارات وحتى الأمريكان الترويج لها، في الداخل اليوم فصائل متناحرة تتصارع فيما بينها لا يجمعُها هدفٌ ولا يوحِّدُها مقصد غير أنها نموذج من نماذج الارتزاق المعروفة وقت الحروب.

في الخارج مجموعات موزعة يستدعيها طارئ العدوّ وقت يشاء.

على مدار ثماني سنوات من العدوان أثبتت قوى التحالف المعادي أنها أفشل من أن تقود حرباً فيما بدت الصورة لأتباعها أن القصد من كُـلّ الدمار والخراب في اليمن ليس إعادة شرعية مصاصي الدماء أَو الحرص على اليمن إنما كان فقط احتلال البلاد والسطو على ثرواته الطائلة، غير أن المخطّط السعوديّ المتواضع لإخضاع البلاد والفكر السطحي لأتباعها في قراءة أولاً واقع العلاقة اليمنية السعوديّة وحقيقة تحَرّكات الأخيرة وتوجّـهاتها تجاه اليمن، وثانياً قصور النظر إلى إمْكَانية الاحتلال اليمن وإخضاعها بتجاهل البُعد التاريخي والإرث الحضاري لهذا البلد الذي بدا لجيل ابن سلمان حديث العهد أنه سهل قيادته وإخضاعه.

والصورةُ الأكثر حضوراً في مشهد الصراع اليمني السعوديّ اليوم حالة الارتباك وقلة حيل ابن سعود في ضوء معطيات كثيرة لا تبشر بخير للمملكة ولا لحاكمها، فالأسرة السعوديّة لم يسبق لها أن عاشت حالة انقسام كما اليوم في حين يجري جرف كُـلّ ما له علاقة بحكم أسرة آل سعود وأبناء عبدالعزيز وأحفاده جميعاً لصالح حكم آل سلمان وأبنائه، ما يعزز المزيد من الثوران الخفي غير الظاهر داخل أسرة آل سعود، حَيثُ تختفي جمار ملتهبة تحت رماد تعتيم الصورة الحقيقية بانتظار لحظة فاصلة قد تقلب المملكة رأساً على عقب مع تعدد الاقطاب والولاءات داخل هذه الأسرة منذ ستينيات القرن الماضي.

في المقابل تشهدُ القبيلةُ السعوديّة نوعاً من السخط على شكل ونهج الحياة التي يحاول ابن سلمان فرضَها على المجتمع السعوديّ مع مساعيه لسلخ المجتمع البدوي السعوديّ عن ثقافته البدوية المحافظة التي تعارض بالجملة الانفلات الحاصل ومحاولات الترويج للانفتاح والانحلال الأخلاقي والحداثة الغربية، وهذا ما سيجعلُ القبيلة السعوديّة تراجع مواقفها وولاءها لآل سلمان.

وفي مقابل تعدد اتّجاهات العداوة لآل سلمان على مستوى الأسرة والقبيلة تتأكّـد حالة الإخفاق والفشل لنظام محمد بن سلمان في الحرب على اليمن وُصُـولاً إلى التصادم الصريح اليوم مع شريكه الإماراتي حول اليمن ومساعيه شراء الوهم بإمْكَان احتلال مناطق استراتيجية في اليمن أَو حتى استغلاله لصالحه ولصالح الأمريكان، هذا ما تؤكّـده شروط التفاوض التي يروج لها السعوديّون على طاولة أية حوارات تعقد مع جانب صنعاء.

ولعل هذا الأمر باعث على السخرية رغم أن اليمن يعيش حصاراً وظروفاً صعبة، فالجانب السعوديّ الإماراتي الضعيف يصر على الحصول على مكاسبَ تتعلق بثروات اليمن وإمْكَانياته الهائلة، فيما الواقع يقول إن آل سعود وآل نهيان على وشك الوصول لمرحلة اللا عودة والإقرار بالهزيمة إن لم يتراجعوا ويخضعوا لشروط المنتصر بصنعاء، كما أن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الجنوب المحتلّ يكاد يدخل مرحلة النضج لتحول الشارع إلى تيار مقاوم بدءًا من المهرة ووُصُـولاً لعدن ثم تعز، وهو الأمر الذي لن تقوى عليه الدول الهشة التي تصنف حقيقة كمحطات وقود لتزود القوى الغربية المحتلّة فضلاً عن أن تكون دول حقيقية.

ورغم ترويجات الإعلام السعوديّ لمساعي آل سعود لحماية المنشآت الحساسة هناك وابتكار وسائل وأدوات لمنع تضررها كما تزعم مع استقدام دفاعات متطورة… إلى آخر القصة، فَـإنَّ الواقع يقول إن ضربة واحدة من اليمن كانت كفيلة بهز المملكة وجارتها على شريط ساحل عمان فماذا لو تكرّرت القصة على نحو أوسع وأعمق وأكبر متجاوزة الجو إلى البحر ثم إلى البر، يكاد المشهد أن يكون واضحًا خَاصَّة وأن صنعاء تثق بقدرتها على تصفير عداد الميزانية السعوديّة والحال بالتأكيد يندرج على الميزانية الإماراتية.

وما يظهر الآن في الجنوب أن الرياض تسعى جاهدة في سباق مع الوقت لإشعال فتيل مواجهات يمنية داخلية مع تعدد الفصائل المتناحرة المختلقة، والهدف الانسحاب من مشهد اليمن وضمان استمرار الفوضى والصراع مع صنعاء والسعي لتحييد مناطق الثروة ضمن مناطق الصراع، حَيثُ لا ينعم اليمن ولا أهله بخير ولا ينعمون بثروة، لكن المشيئة الإلهية كما تقول إرهاصات المرحلة إنها لن تقود المعتدي لشيء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com