الشهداء.. ذاكرةُ الأمم الحيّة

 

عبدالقوي السباعي

ما من أُمَّـة من الأمم خُلِّدت من دون أن تقدِّمَ قوافلَ من الشهداء من خِيرة أبنائها العظماء، ليظلَّ حضورُهم متجذِّراً في عقل ووجدان وروح الأُمَّــة وضميرها، ويستمر دورُهم في إحياء وديمومة وجودها كأمةٍ ووطن، فتكون هي الأُمَّــةَ الفاعلةَ على الدوام والقادرة على النهوض والوقوف بوجه كُـلّ أعدائها من قوى الهيمنة والاستكبار والاستغلال لآدمية الإنسان في كُـلّ زمان ومكان؛ لأَنَّها عاشت وتعيش ثقافة الشهادة وفلسفتها، ولا زالت تتشرَّبُ حُبَّ الاستشهاد وعشقَ التضحية والفداء، وتمضي بعزةٍ وأنفةٍ وكبرياء واستقلالية وسيادة لا ترضى بالتبعية والانبطاح، ولا تقبل بالذلّة والخضوع والهوان.

وحدَها الأُمَّــةُ الحيّةُ تمضي بثبات وتعمل بجدٍّ على إحياء ذكرى شهدائها الأبرار، وتنقِشُ وجودَهم في ذاكرتها وفي ذاكرة أجيالها المتعاقبة، لتبقى خالدةً بحياة شهدائها الخالدين الذين قدموا أرواحَهم الزاكية ودماءَهم الطاهرة قُرباناً لعزة وكرامة الأُمَّــة ورفعتها ووجودها، فإلى جانب كونهم أحياءً عند ربهم يُرزَقون، سيظلون أحياءً أَيْـضاً في ذاكرة الأُمَّــة خلدين فيها، مخلَّدين بها، يبعثون العزائمَ والهِمَمَ.. الصبر والصمود.. الثبات والإصرار.. الأمل والتفاؤل، في كُـلِّ أبنائها، بعد أن مضى الشهداءُ وقد صنعوا للأُمَّـة أمجادها ورسخّوا مداميكَ حاضرها ورسموا إشراقةَ مستقبلها.

وهو الأمرُ الذي سارت وتسيرُ عليه الأُمَّــة اليمنيةُ اليومَ في كَنَفِ المشروعِ القرآني العظيمِ والمسيرةِ القرآنيةِ المباركةِ حتى توسَّعت مساحتُها، وكَثُرَ رجالُها ونساؤُها، ويتنافسُ أبطالُها على شَرَفِ حمايتها، وأضحت تتمثَّلُ بقوةٍ عابرةً للحدود الجغرافية والسياسية المصطنعة، بل وقادرة على استيعاب المزيدِ من أبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية، في إطار توحُّدِها مع محور المقاومة واندماجها فيه لتكونَ جزءً فاعلًا في وجوده، لتصبحَ ببركة تلك الدماء الزاكية للشهداء الأخيار، القوةَ الفاعلةَ والمؤثِّرةَ في ميزان القوى العالمية في المنطقة، وفي مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار والضلال، في مشروعٍ عالميِّ قادرٍ على تعطيلِ كُـلِّ المشاريع الشيطانية التدميرية والتخريبية للأرض والإنسان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com