فجرُ الصحراء”.. تأديبُ العدوّ السعوديّ على أسوار نجران

العملية قطعت آمالَ المملكة وبددت مخطّطاتها في الاستحواذ وبسط النفوذ

 

المسيرة | أيمن قائد

ظلت منطقةُ “اليتمة” الواقعةُ في مديرية خب والشعف بمحافظة الجوف شمال شرقي صنعاء لسنواتٍ كثيرةٍ تحت هيمنة النظام السعوديّ، الذي كان يتدخل في كلّ صغيرة وكبيرة، ويتحكم بكل مفاصلها، لكن عملية “فجر الصحراء” أعادتها إلى حُضن الوطن.

وتأتي الأهميّةُ الاستراتيجية لهذه العملية؛ كونها تقترب من أبواب مدينة نجران، وتدُقُّ ناقوسَ الخطر لمملكة العدوان التي تستمرُّ في غيها وتماديها للعام السابع على الشعب اليمني الأصيل والكريم، كما أنها تمثل ضربةً غيرَ متوقعةٍ لقوى العدوان والمرتزِقة الذين ظنوا أن هذه المناطق بمنأًى عن التحرير.

ويرى الخبير والمحلل العسكري، زين العابدين عثمان، أن الشي المهم في عملية “فجر الصحراء” أنها أتت متزامنة مع عمليات التحرير التي تخوضها قواتنا الجيش واللجان في مأرب، وهو أمر يؤكّـد الإرادَة الصلبة والثابتة للقيادة وللشعب اليمني في مواصلة تحرير كافة المناطق التي يسيطر عليها العدوان خُصُوصاً تلك التي في الجوف، وَأَيْـضاً تؤكّـد مستوى الاستعداد والاقتدار العسكري الذي باتت عليه قوات الجيش واللجان لخوض عدة عمليات هجومية كبرى في أكثر من اتّجاه ومنطقة.

ويشير عثمان إلى أن عملية “فجر الصحراء” تعد إحدى أكبر وأضخم العمليات العسكرية، من حَيثُ مستويات إعداداتها ونتائجها الميدانية، فقد حرّرت بفضل الله تعالى 1200 كم مربع، أي منطقة” اليتمة” وَما جاورها التي تعتبر آخر وأهم منطقة ومعقل يتمركز عليها مرتزِقة العدوان في مديرية خب الشعف، فبتحريرها تكون محافظة الجوف محرّرة بالكامل عدا بعض المناطق المبعثرة في الصحراء شرقاً وشمالاً، مُضيفاً أن منطقة “اليتمة” تعتبر منطقة استراتيجية وذات أهميّة؛ كونها بُقعةً قريبةً من حدود السعوديّة، وتتحكم بالخط الدولي الهام الذي يربط محافظة الجوف بمنفذ الخضراء في نجران تحديداً، كما أنها كانت محطةً رئيسيةً لحرس الحدود السعوديّ ومرتزِقته الذين يعتمد عليهم في تنفيذ عملياته للسيطرة على مديرية خب والشعف وتأمين حدود السعوديّة شمالاً.

ويؤكّـد أن تحرير محافظة الجوف بالكامل مثّل ضربةً قاضيةً للسعوديّة ومرتزِقتها وانهياراً لآخر تموضع لهم وتحرّر محافظة الجوف بالكامل، وأنها مثلت وفاةَ المخطّط والمشروع السعوديّ الذي كان يهدف منذ عقود لبسط السيطرة المباشرة على الجوف وتحويلها إلى إقطاعية خَاصَّة بالمملكة.

ويقول أَيْـضاً: إن مجاهدي الجيش واللجان أعطوا أفقاً واسعاً لمهاجمة الجيش السعوديّ وفتح جبهات جديدة على الحدود والتقدم إلى أعماق المناطق الشمالية في نجران، مبينًا أن تحرير محافظة الجوف أهم محافظة حيوية باليمن التي تحوي في باطنها بحيرة هائلة من النفط والمياه الجوفية.

بدوره، يقول عضو مجلس الشورى، مستشار المجلس السياسي الأعلى، عبدالملك الحجري: إن محافظةَ الجوف كانت إحدى المناطق التي راهن عليها العدوّ السعوديّ كَثيراً خلال الفترة الماضية، وتحديداً اشتداد المعارك على أسوار مدينة مأرب وتقدم بواسل جيشنا من المجاهدين لحسم المعركة هناك، مؤكّـداً أن عملية “فجر الصحراء” جاءت في وقتها المناسب بالتزامن مع هستيريا تحالف العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي السعوديّ الإماراتي وضرباته الإجرامية الأخيرة التي استهدفت الأحياء المدنية والمنشآت الحيوية والطرقات.

ويشير الحجري إلى أن استهداف العدوان للأحياء السكنية يدل على مدى عجز العدوّ أمام صمود واستبسال وتقدم قواتنا المسلحة في الميادين العسكرية المختلفة، موضحًا أن عملية “فجر الصحراء” وغيرها من العمليات الجارية عسكريًّا وميدانيًّا في اللحظة الراهنة هي رسالة واضحة لتحالف العدوان السعوديّ الأمريكي أننا سنواجه التحدي بالتحدي وسنواجه التصعيد بالتصعيد وثقتنا بالله ثقة مطلقة أن النصرَ حليفُنا بإذن الله تعالى.

من جانبه، يقول الناشط السياسي خالد العراسي: إن عملية “فجر الصحراء” دليل على أن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة مُصرون على دخول مناطق لم تدخلها دولتنا وحكومتنا منذ عقود، فبالرغم من تبعية وخنوع وخضوع النظام السابق بشقيه العفاشي والإخواني واللاحق الدنبوعي إلَّا أنَّه لم يكن مسموحاً دخول شمال الجوف وبالتحديد المناطق الحدودية مع السعوديّة، بل إنَّه ضمن “اتّفاقية جدة” التي تم من خلالها ترسيم الحدود اليمنية السعوديّة، أَو بالأصح بيع الأراضي اليمنية وشرعنة استمرار ضم جيزان ونجران وعسير في تلك الاتّفاقية ابتلعت السعوديّةُ جزءاً كَبيراً من أراضي الجوف بشكل مثلث وتساءل الكثيرون عن سبب هذا الابتلاع واعتبروه إنجازاً كَبيراً “لغفاش” وللموقِّعين على الاتّفاقية؛ لأَنَّها مُجَـرَّدُ صحراء قاحلة لكنهم لم يدركوا أن تلك البقعة لم تسعَ السعوديّة لابتلاعها من فراغ ولديها دراسات توضح كُـلّ الثروات الموجودة هناك؛ ولأن الثروةَ عبارةٌ عن أحواض نفطية وغازية (أحواض وليس بُقَعاً متفرقة)، فقامت السعوديّة بدفع مبالغَ للخونة نظير استقطاع أراضي الجوف (لاحظوا خريطة اليمن قبل الاتّفاقية وبعدها وركزوا على المثلث).

ويضيف العراسي أن ما هذا إلَّا الجزء اليسير من أسباب القلق والتوتر الذي تصاب به السعوديّة ومن خلفها أمريكا وبريطانيا وفرنسا كلما ازداد تقدم أبطالنا في جبهات تحرير مثلث الكنوز (مأرب والجوف وشبوة).

أما عن أهميّة تحرير الجوف من الناحية الجغرافية الاستراتيجية، فيذكر العراسي أنه وبتحرير الجوف نكون قد حصلنا على شريط حدودي طويل مع العدوّ وذلك من خلال تطهير حدود الجوف مع السعوديّة، وبتحرير الجوف أَيْـضاً نكون قد أغلقنا منفذاً مهماً جِـدًّا للعدو في مأرب، من خلال السيطرة على حدود الجوف مع محافظة مأرب وكذا نكون قد قمنا بتأمين صعدة وعمران ومنع حدوث أي اختراق لجنود العدوّ إلى صعدة أَو عمران من خلال الجوف.

ويتابع العراسي: من خلال “فجر الصحراء” حصلنا على منفذ إلى حضرموت، وهذا إنجاز عظيم جِـدًّا جِـدًّا نحمد الله عز وجل عليه حمداً كَثيراً، ونشكر قائدنا السيد عبدالملك سلام الله عليه، كما نشكر جميع المجاهدين الأحرار وقيادتنا وقواتنا بكل فئاتها وأنواعها على هذا الإنجاز الذي سيدونه التاريخ وتتحدث عنه أجيالنا.

أما الناشط الإعلامي حمود محمد شرف، فيرى أن الإنجاز الأهم في عملية “فجر الصحراء” يتمثل في أنه أول وصول في التاريخ المعاصر للقوات المسلحة اليمنية إلى منطقة اليتمة وما حولها منذ اكتشاف مخزون النفط الهائل فيها، مُشيراً إلى أن هذه المنطقة ظلت لعقود طويلة خاضعةً لهيمنة المملكة السعوديّة، مبينًا أن هذا أحدُ أسباب الجنون السعوديّ الأمريكي مؤخّراً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com