مطار صنعاء غير مغلق أمام الرحلات الأممية والمشكلة تكمن في خروج الأجهزة الملاحية عن العمل

مدير عام مطار صنعاء الدولي خالد الشايف في حوار لصحيفة “المسيرة”:

 

المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي

أكّـد مديرُ مطار صنعاء الدولي خالد الشايف، أن إجمالي الخسائر جراء إغلاق تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ للمطار منذ أغسطُس سنة 2016 تفوق 3 مليارات دولار.

وقال الشايف في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن المطار على قائمة أول الأهداف لتحالف العدوان وإن الغارات الأخيرة استهدفت معهدَ التدريب ومرافق تموين الطائرات بالوقود والهناجر ومرافق الحجر الصحي.

وأكّـد أن المطار خرج عن الجاهزية؛ بفعلِ هذه الغارات وأن الأمم المتحدة موقفها ضعيفٌ جِـدًّا في تعاطيها مع دول العدوان، وهي تحاول باستحياء الإفراج عن أجهزة الملاحة الجوية التي يحتجزها العدوان في جيبوتي منذ سنوات.

إلى نص الحوار:

– بدايةً كان الترويج الإعلامي منذ ما قبل نصف شهر تقريبًا للعدوان الأمريكي السعوديّ بمثابة ما كنا نراه تمهيداً لاستهداف جديد لمطار صنعاء بعكس الاتّجاه الذي كان يطالبُ بفتح الأجواء وفتح المطار الدولي الرسمي للبلاد.. هل كنتم تتوقعون هذا الاستهداف؟

بالتأكيد، فالعدوانُ الأمريكي السعوديّ -كما ذكرتم- شن حملة شرسة قبل شهر، وذلك بتجميعه مقاطعَ مفبركة على أَسَاس أن مطار صنعاء الدولي يشهدُ مظاهرَ عسكرية، وهي غير صحيحة تماماً، وكان الهدف من هذا هو تضليل الرأي العام العالمي، وإيجاد مبرّر لاستهداف ما تبقى من المطار، وتدميره، وقد استمر تحالف العدوان في بث الشائعات، وَالتضليلات الكاذبة حول مطار صنعاء، وَفي 20 ديسمبر الحالي كما سمع ورأى العالم قام باستهداف المطار، وهو يعلم أن هذه المنشآت محرَّمٌ استهدافها لدرجة ادعائه أنه حصل على تصريح لاستهداف المطار.

– ذكرتم في حديثكم أن العدوان استهدف ما تبقى من مطار صنعاء.. ما الذي كان تبقى، ولم يستهدفه العدوانُ طوال السبعة أعوام من العدوان والحصار لمطار العاصمة صنعاء؟

منذ مارس 2015، كان مطار صنعاء هو أول هدف استهدفه العدوان، ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا، والمطار يُستهدَفُ من مدرج الطيران، إلى ساحة الطيران، إلى محطة الكهرباء، إلى أجهزة الإرشاد الملاحي التي دُمّـرت بشكل كامل، حتى مبنى المغادرة تضرر بشكل كبير، بتكسر زجاجاته، وديكوراته، وأثاثه وشاشات معلومات الرحلات، وشبكة الاتصالات، ودورات المياه، وكل مرافق المطار تضررت بصورة كبيرة جِـدًّا.

– في الوقت الراهن.. هل المطار قادرٌ على استقبال أي نوع من الرحلات الجوية؟

المطارُ خارجٌ عن الجاهزية في الوقت الحاضر؛ بسَببِ التجهيزات الملاحية التي كانت تعمل منذ بداية العدوان وحتى اليوم، دون توفر قطع غيار لها، ودون صيانة بالمستوى المطلوب، حَيثُ أن قطعَ الغيار لا تتوفر في السوق المحلية.

– هذه التجهيزات الملاحية.. هل ما زالت تعمل أم توقفت؟

عندما وصلت هذه التجهيزات إلى مستوًى محدّدٍ خرجت عن الجاهزية، وهيئة الطيران أبلغت المنظمات الدولية بذلك أن المطار خرج عن الجاهزية، ولم يُغلَقْ بقرار سياسي، وأمام هذا الطارئ صعّد العدوان إعلامياً بالقول إن “الحوثيين” أغلقوا المطار أمام الرحلات الأممية”، وكان هناك بالأمس تصريح للناطق الرسمي للأمم المتحدة يقول: إن الحوثيين أغلقوا المطار أمام الرحلات الأممية، وهذا غير صحيح، كما أشرنا بأن المشكلةَ تكمُنُ في خروج الأجهزة الملاحية عن العمل والخدمة، وقد نبّهنا المجتمع الدولي قبل ثلاث سنوات بذلك، وكنا اتفقنا مع المنسق الإنساني وقتها “غراندي” على أَسَاس شراء منظومة جديدة.

– هل تم شراء هذه المنظومة الملاحية؟

تم فعلاً شراءُ هذه المنظومة بموافقة الأمم المتحدة، وشُحنت إلى جيبوتي، وهناك حجزها تحالفُ العدوان منذ عام 2019 إلى يومنا هذا.

وعندما خرجت هذه المنظومة عن الخدمة، طالبنا المنظمات أنه حفاظاً على معايير واشتراطات السلامة للطائرات الأممية بأن يسمح لوصول هذه المنظومة إلى صنعاء.

– عوضاً عن إرسال الأجهزة الملاحية إلى مطار صنعاء كان العدوان حاضراً لاستهداف المطار في الأيّام القليلة الماضية لمنع أية مبادرات تعيد أي نشاط جوي حتى للأمم المتحدة؟

هذا ما قام به العدوان مؤخّراً، إذ استهدف معهدَ التدريب ومرافقَ تموين الطائرات بالوقود والهناجر ومرافق الحجر الصحي، وعندما نقول إن العدوان استهدف ما تبقى من المطار، فهذا يعني أنه استهدف المرافقَ التي لم يستهدفها من قبلُ؛ باعتبَارها من المنشآت المحرَّم استهدافها، والمطارُ كاملاً بالطبع من المنشآت محرَّمِ الاستهداف والتي يجرَّمُ مستهدفها، إذ لا يجيز أي قانون استهداف المطارات، لكن تحالف العدوان تحدى المجتمع الدولي وضرب بقوانينه وأعرافه عرضَ الحائط.

– ما حجمُ الأثر الذي خلفه الاستهداف الأخير للمطار؟

الاستهدافُ الأخيرُ أثَّر كَثيراً على جوانبَ تتعلق بحركة وفحص وقود الطائرات، إذ لا يمكن تعبئةُ أية طائرة إلَّا بعد فحص الوقود؛ كون الطائرات حساسة جِـدًّا.

– بعد إيقاف شحن المعدات الخَاصَّة بالأجهزة الملاحية من جيبوتي إلى صنعاء.. هل تواصلتم مع الجانب الأممي؟

بالتأكيد، فقد تواصلنا مع المنظمات الدولية في وقته وتم الرد بأن التحالفَ رفض دخولَ هذه الأجهزة والمعدات الملاحية المحتجزة التي تم شراؤها من فرنسا وفق المعايير العالمية؛ لأَنَّ تجهيزاتِ المطارات تكون وفقاً للمواصفات الأُورُوبية.

– ما هو وضعُ هذه التجهيزات اليوم.. هل ستبقى محتجَزة؟

تحالُفُ العدوان شكَّلَ مؤخراً فريقاً في وجود أممي بعد أن شعروا بأهميّة المطار، وأنه أصبح مغلقاً أمامهم، وطلبوا من التحالف شحنَ الأجهزة إلى صنعاء، وشكّلت الرياض فريقاً لفحص هذه الأجهزة، وَاتضح لهم أنها أجهزةٌ مدنيةٌ للمطارات، ولا يمكن استخدامها في أي مجال آخر غير المطارات.

مقابل هذا تظهر الأمم المتحدة كعادتها في موقفِ الضعيف الذي يتوسَّل تحالف العدوان للسماح بدخول هذه التجهيزات، وكأن هذا التحالف أقوى من الأمم المتحدة، وهذا تناقض عجيب حقيقةً.

– في الوقت الراهن.. ما الفترة الزمنية التي يحتاجُها المطار لاستقبال رحلات أممية أَو ما شابه.. وهذا طبعاً بعد وصول وتركيب وتشغيل الأجهزة الملاحية إذَا ما تم وصولُها من جيبوتي إلى صنعاء؟

نحن التقينا نائبَ الممثل المقيم، وشرحنا له أن المطارَ بحاجة ماسة للتجهيزات المذكورة، وَللأسف رده كان مستغرباً، والقول إنهم مستعدون للهبوط بدون وجود هذه التجهيزات، وهذه مخالفةٌ كبيرةٌ لقانون الطيران المدني واتّفاقية شيكاغو “اتّفاقية الطيران المدني الدولي” التي تشترط أن تكون هناك تجهيزات ملاحية وإرشاد للطائرات، واستقبال لها مع دخولها الأجواء مع توثيق هذه الإجراءات التي تعتمد عليها لجان التحقيق في حال حصول حوادث طيران لا سمح الله، وأوضحنا لهذا الموظف الأممي أن هذا الكلام غير منطقي وتناقض عجيب، إذ لو كان هناك قرارٌ بفتح الأجواء وفتح المطار وليس به هذه التجهيزات لفعل منها قصةً كبيرةً تقومُ الدنيا لها ولا تقعد، ولكانت حُجّـةً كبيرةً علينا؛ ولكن لأَنَّ المسألةَ تخصهم رأوا أنه أمر عادي إلَّا أننا رفضنا هذه النظرة القاصرة.

– ما الخدماتُ التي تقدمها هذه التجهيزاتُ الملاحية للحد الذي ترونها غايةً في الأهميّة؟

لأننا في ظرفِ عدوان، فَـإنَّ هذه التجهيزات تقومُ بتوفير إمْكَانيات التواصل مع الطائرات الأممية والتمييز بينها وبين الطيران الحربي المعادي، وهذا ما قلناه للجانب الأممي واقتنعوا بذلك، وأنه لا يمكنُ تشغيلُ المطار إلَّا بها.

– بعد اقتناع الأمم المتحدة كما أشرت بضرورة هذه التجهيزات المحتجزة وقيام السعوديّين بفحصها.. هل ستصل هذه التجهيزات والمعدات إلى صنعاء قريباً؟

يُفترَضُ أن تصل، لكن الجانب الأممي أبلغنا أنه لا بُـدَّ من موافقةِ تحالف العدوان، وأنهم في تفاوض معهم؛ مِن أجلِ وصولها إلى مطار صنعاء.

– مع الإغلاق المُستمرّ لمطار صنعاء.. ما حجم الخسائر المادية والبشرية؟

منذ أن أغلق مطار صنعاء في 9 أغسطُس 2016 أمام المسافرين وأمام المرضى والطلاب والمغتربين، حَيثُ كان ينتفع بهذا المطار ما يقارب 90 % من المواطنين فيما 10 % أَو أقل منها كانت عبارة عن رحلات أممية.

وعندما أغلق المطار كان سبباً لكارثة إنسانية تضرر منها القطاع الصحي بشكل كبير؛ باعتبَاره كان متردياً بالأَسَاس قبل العدوان.

– بما فيه إلغاء الجسر الطبي؛ بسَببِ إغلاق المطار وترك ما يقارب 40 ألف حالة مسجلة تواجه الموت البطيء؟

هذا فقط فيما يخُصُّ المسجلين في الجسر الطبي، فهناك حوالى 450 ألف حالة مَرَضية مستعصية تنتظرُ السفرَ للخارج للعلاج، مع العلم أن المرضى قبل إغلاق المطار كانوا يسافرون إلى الأردن ومصرَ والهند للعلاج وكانوا بمئات الآلاف واليوم هؤلاء يفقد منهم حياتَه ما بين 35 -40 مريضاً يوميًّا.

وفي جانب السفر والاغتراب هناك ما يقارب 10 ملايين مغترب في أنحاء العالم هم على تواصُلٍ مُستمرٍّ مع أسرهم وأهاليهم ويرغبون في زيارة بلدهم، إضافة إلى أعمال الشحن ما قبل العدوان والتي كانت تتم عبر مطار صنعاء للأدوية والبضائع والمنتجات غالية الثمن، وقد كانت فواكه اليمن التي هي من أفضل فواكه العالم ومنها الرمان والمانجو تصدَّرُ بواسطة الشحن الجوي وكذلك المنتجات السمكية التي تعد الأفضل على مستوى الوطن العربي والتي كانت بحاجة للنقل السريع لوصولها طازجة، وبالإجمال كان هناك 2 مليون مسافر سنوياً بمعدل 5-6 آلاف مسافر كُـلّ يوم بخمسين رحلة جوية تعمل فيها 14 شركة طيران محلية وعربية وعالمية عبر مطار صنعاء.

– اليوم ما حجمُ خسائر إغلاق المطار.. إلى أين وصلت؟

الخسائرُ كبيرةٌ جِـدًّا لقطاع واسع من الشركات والمؤسّسات والوزارات التي كان لمعظمها فروعٌ في المطار بما فيها قطاع الفنادق وشركات السياحة والتخليص الجمركي، ويمكن القول إن إجمالي الخسائر لهذا الإغلاق لمطار صنعاء يفوق 3.5 مليار دولار حتى اليوم.

– رسالة أخيرة لكم؟

أولاً: رسالتُنا للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمة الطيران المدني بإيقافِ العدوان وفتح المطار الدولي وفتح جميع المنافذ، وأن يقوموا بواجبهم وفق القانون الدولي وواجبهم الإنساني وأن ينحازوا لمظلومية الشعب اليمني، وأن لا يقفوا موقفَ المتفرج، أَو المنحاز للعدو.

وَرسالتنا لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ أننا لن نستسلمَ ولن نخضعَ، وأن هذا الشعب العظيم لن يعودَ للوَصاية مهما طال العدوان والحصار الذي زادنا تماسكاً وقوةً والتفافاً حول قيادتنا السياسية وابتكاراً لكل ما نستطيعُ به مواجهة العدوّ في عقر داره وهكذا فعلنا للحد الذي وصلنا فيه لصناعة بندقية 100 % واكتفينا ذاتياً بصناعة السلاح، وهذا في وضع العدوان والحصار فكيف في الوضع الطبيعي والشعب اليمني يستغل ثرواته وخيراته وهذا ما يحسب له العدوّ ألف حساب؟!.

ورسالتنا إلى الشعب اليمني أن العدوان في مراحلِه الأخيرة، وأننا كشعب يمني حُرٍّ أصبحنا فخورين بأنفسنا بعد أن كان العدوّ ينظر لنا على أننا مغتربون ومتسوِّلون خَاصَّةً في الخليج، وأذكر في 2014 عندما كانت تأتي طائراتُ اليمنيين المرحَّلين من السعوديّة حُفاةً وقد جردوا من مقتنياتهم وحتى هواتفهم لا يملكون حتى أجورَ مواصلات للعاصمة كرسائل هدفها آنذاك إهانة الشعب اليمني كمؤامرةٍ قديمة، لكن اليوم الكثير من دول العالم تنظر للشعب اليمني نظرةَ إجلال واحترام لمَن استطاعوا أن يواجهوا هذا التحالف العريض من العدوان لأكثرَ من عشرين دولة تتقدمُهم أمريكا و”إسرائيل”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com