ما بين الاستقلال وعودة الاحتلال

 

د. مهيوب الحسام

ما بين الذكرى الـ 54 للاستقلال عن الاحتلال البريطاني وخروج آخر جندي بريطاني من عدنَ في 30 نوفمبر 1967م وعودة الاستعمار والاحتلال 48 عاماً، وهي فترة زمنية لا تتجاوز عمر جيل واحد، ليعود بطمع أكبر وبعدوان على اليمن كله وإجرام وحصار وتجويع لكل الشعب اليمني دون استثناء وتدمير لكل مقدراته وغزو واحتلال لأراضيه من عدن إلى مأرب ومن تعز إلى المهرة وسقطرى وحضرموت ومن أبين إلى ميدي منذ 7 سنوت ومن نفس المستعمر وإن عاد متدثراً بالصهيوأمريكي، معتمداً على كياناته الأعرابية والعبرية التي أنشأها قبل رحيله.

يعود الاحتلال لليمن هذه المرة وبأطماع أعلى وأهداف أوسع وبتحالف أكبر يشمل أكثر من 17 دولة وبسكوت وتواطؤ من دول العالم كلها وبمرتزِقة أكثرَ من الداخل والخارج وبأسلحة أكثرَ تطوراً وفتكاً وبإجرامٍ غيرِ مسبوق في التاريخ، ومع ذلك ولسوء حظه يواجَهُ بصمود أُسطوري من شعب لا يملك سوى إيمَانه بالله وبعدالة قضيته وحقه في الدفاع عن نفسه، شعب مؤمن مجاهد بقيادة ثوريةٍ مؤمنة مجاهدة واعية مدركة بمشروعٍ قرآني رباني وهو -بعون الله وبقيادته ومجاهديه- يحقّق انتصاراتٍ إلهية أُسطورية إعجازية؛ لتكون هزيمة الغازي ونهايته أسوأ من السابقة.

بعد مرور 54 عاماً على الاستقلال فَـإنَّ سؤالاً مُلِحًّا يتبادَرُ للذهن وبقوة، لماذا لم يدُم الاستقلالُ طويلاً? رغم أن ثورةَ 14 أُكتوبر 1963م كانت ثورةً وطنيةً والاستقلال كان استقلالًا حقيقيًّا مستحَقًّا وبعد فترة وجيزة من خروجه مرغَماً مهزوماً مُذَلًّا في العام 1967م يعود مَـا هو السبب? هناك أطماع استعمارِية متزايدة ولكن هناك عواملُ حقيقية داخلية وخارجية أَدَّت إلى هذه العودة المبكرة ومنها:

1) نجاح الثورة في ظل غياب مشروع وطني جامع جعل من الاستقلال مشكلةً تحتاجُ إلى حلول إما غير متاحة أَو غير مسموح بها من المستعمر عبر عملائه في الداخل، ما جعل البعض يبحثون عن حلولٍ من الخارج بالارتماء في أحضان قوى خارجية أُخرى.

2) نجاح المستعمر في زرع عملاء له في الداخل يعملون على تنفيذ مخطّطاته ومشاريعه وجماعات دينية إخواوهَّـابية تؤصل لفكره وتشرعن له أطماعه، ونجح إلى حَــدٍّ كبيرٍ في زرعهم بمفاصل الدولة وإيصالهم للسلطة.

3) تزايد أهميّة الموقع الجغرافي والجيو استراتيجي لليمن وبما يملك من ثروات كبيرة وهائلة زادت معها أطماعُ المستعمر وجعله يخصِّصُ مراكزَ أبحاث تعكفُ على دراسةِ كيفية العودة إلى اليمن مرةً أُخرى.

4) من أبرز وأهم ما عجَّلَ بعودة الاستعمار والاحتلال هو ظهورُ حركة ثورية فتية بمشروع إيمَاني وطني حقيقي بقيادة واعية مدركة تشكِّلُ إفشالاً حقيقيًّا على مخطّطاته في اليمن وفي المنطقة والأمة، وفشله مع عملائه في الداخل وأدواته في المنطقة من خلال ستِّ حروب في إخمادِها لتتوج الحركة نضالَها بثورة في 21 سبتمبر2014م تحمل أهدافاً من أبرزها الحرية والاستقلال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com