واكتمل الربيعُ المحمدي

 

دينا الرميمة

ما أن تبدأ معالم الربيع المحمدي بالظهور حتى تمتلئ القلوب بفرحة يصعب على مفردات اللغة توصيفها وتكتسي الأرواح بنور نبيها وحبه نور طغى على ظلامية أرباب الجور والنفاق وَكُـلّ مخلفات الحياة وأحزانها وأكدارها.

فترى الأرض اليمنية بمدنها وحواريها بسهلها وجبلها في سباق على ارتداء حلة الربيع المحمدي غير أبهة بلوم ونقد أُولئك التائهون في ظلمات الإسلام الوهَّـابي السعوديّ مجزئين سيرة نبيهم وسنته ولاهثين وراء ثقافات الغرب المتطاولة على الإسلام ومنهجية الرسول السمحة، ومتهمة له بالتخلف والرجعية والوقوف في وجه الحضارة.

ولا غرابة حين تسمعهم يبدعون الاحتفال بيوم مولد النبي المصطفى بينما يتقربون زلفى لأربابهم من اليهود والنصارى بالكريسمس والفلانتاين معتبرين ذلك تقدماً وسمة من سمات العصر الذي بات يحكمه اللوبي الصهيوني ويتحكم بالنفس والهوى والدين إلَّا ما رحم ربي ممن لا يزال يسير على النهج المحمدي أمثال اليمنيين والقلة القليلة من أُمَّـة محمد من لا يزالون متمسكين بمبادئ وقيم الدين المحمدي الأصيل وبحب النبي الخاتم الذي جاء لإخراج الناس من ظلمات الجهل وظلم الطاغوت إلى نور الهداية والحرية والعبودية فقط لله رب العالمين، دين الإنسانية والرحمة لا دين الذبح والقتل والتسلط والخرافة كما صوره أعدائه، لا سيما أنهم لم يصابوا بمس الولاية لليهود والتبعية لطواغيت العصر؛ كونهم تحصنوا بحب آل النبي المصطفى الذي قال بأنهم سفينة النجاة لكل من سار على نهجهم واقتفى أثرهم.

وبالرغم من استماتة طواغيت العصر في ثني اليمنيين عن الرسالة المحمدية والمشروع الإلهي لكنهم فشلوا في ذلك كون اليمن وشعبها أدركوا مبكراً حقيقة هذا الطاغوت ونتيجة التبعية له والتخلي عن دينهم ونبيهم وقرآنهم؛ لأَنَّهم يؤمنون يقيناً بقول ربهم: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).

هم أَيْـضاً أدركوا سعي طواغيت العصر الحثيث في تفكيك الأُمَّــة الإسلامية وجعلها أُمَّـة بلا مشروع ولا هُــوِيَّة يسهل فيما بعد السيطرة عليها وعلى أرضها ومقدراتها وإعادتها إلى مربع الذل والتبعية والهوان الذي عمل النبي الكريم على إخراجها منه وجعلها خير أُمَّـة أخرجت للناس.

اليمنيون أصبحوا مثالًا حيًّا لدحر وكسر قوى الطاغوت وتغيير ثقافة التبعية والخنوع عبر العودة الجادة إلى تعاليم الدين المحمدي وإحيَاء مبادئه وأخلاقياته فكانوا سبباً باتساع رقعة الوعي بين أوساط الأُمَّــة الإسلامية وعودتها لتنهج منهج البراءة من أعداء دينها ملبية قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ) خَاصَّة وهي ترى اليمنيين يجابهون قوى الشر معتمدين على ربهم الذي وعد بالنصر لعباده المؤمنين وبالغلبة لحزب الله المتولين لله ورسوله وآل بيته الطاهرين.

ورغم ظروف الحرب والحصار رغم القصف والدمار ورغم ما خلفه هذا العدوان من آلام وأحزان إلا أنهم لا يزالون يمارسون طقوسهم الدينية واحتفالاتهم بكل صمود وتحدٍ، وعام بعد آخر يتصدرون الأولوية بحبهم لرسول الله.

وللعام السابع من العدوان تراهم يملأون الساح والبقاع ومن سبعين عاصمتهم المنورة وبقية المدن بيوم مولد نبيهم يجددون العهد والميثاق له بالتمسك بمبادئه وأخلاقياته وبنصرته والتصدي لكل مبغضيه والمتطاولين عليه، وبأنه الحي الذي لن يموت ذكره من قلوبهم.

وهي رسالة قوية لكل الأعراب واليهود المتحالفين سوية ضد الأُمَّــة الإسلامية وبالأخص المهرولون للتطبيع بأن القدس وفلسطين هي عربية وأن التحرير قادم ذات يوم طالما وأحفاد الأنصار يحملون حبها في قلوبهم ويؤمنون بقداسة مسرى نبيهم.

وهذا العام وكما هو حالهم كُـلّ عام واستجابة لدعوة قائدهم وحتى لا يخيبوا ثقته بهم وبإيمانهم ووفائهم بكل شوق وبكل محبة ولهفة ملأوا الساحات حُبًّا وصلواتٍ وسلامًا وذِكرًا وتوقيرًا ونَصرًا لنبيهم في موطئ أغاظ العدوّ ونالوا به رضى ربهم وعملاً صالحاً كانت وستكون له عاقبته نصراً مؤزراً في كُـلّ جبهات التحرّر والكرامة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com