21 سبتمبر واقع ثوري ملموس

 

د. تقية فضائل

لمن ما زال يناقش ويجادل في ماهية 21 سبتمبر أهي مُجَـرّد انقلاب أم ثورة؟ نقول له دعنا ننطلق من تعريف الأدبيات للثورة ومطابقة ذلك للواقع لنحكم عليها حكماً موضوعيا منصفاً بعيداً عن الذاتية والانطباعية المجحفة، وقد عرفت الثورة بأنها تغيير جذري في جميع نواحي الحياة وهذا بلا شك هو واقع حياتنا بعد 21 سبتمبر، فقد شهدت الأوضاع في اليمن تغييراً جذريا على جميع الأصعدة، ففي المجال السياسي لم يعد هناك مجال للهيمنة والسيطرة السياسية على اليمن لأية دولة عربية أَو أجنبية كما كان قبل 21 سبتمبر، لقد نالت اليمن استقلالها بعد طول خضوع وانقياد لهيمنة الدول الخارجية التي كانت تتحكم في قرار اليمن السياسي وَما نحياه من عدوان وحصار منذ سنوات هو أكبر دليل على ذلك، فكل ما يهدفون إليه من عدوانهم وحربهم العبثية على اليمن هو إرجاع اليمن إلى ما كانت عليه من التبعية المطلقة في جميع شؤونها السياسية التي اعتادوا عليها منذ عقود مضت حتى نعتها سفهاؤهم بأنها الحديقة الخلفية للسعوديّة!!.

أما في الجانب الثقافي فاليمن بعد 21 سبتمبر عادت إلى هُــوِيَّتها الإيمانية وأصبح الشعب يدرك زيف وخطورة تلك الأفكار الوهَّـابية المدسوسة بخبث في وعي المجتمع حتى سيطرت على شريحة من أبناء الشعب وأفسدت ما أمكنها من معتقداتهم الدينية وأخلاقهم وانتمائهم الوطني، ولكن جاءت ثورة 21 سبتمبر لتفند تلك الثقافات المغلوطة وَالأفكار الوهَّـابية المزيفة وتحل محلها الثقافة القرآنية الصحيحة، إضافة إلى أنه قد تقلص تأثير ثقافة الفكر التكفيري الوهَّـابي إلى حَــدّ كبير في أوساط المجتمع بجهود ثورية كبيرة ﻻ يمكن تجاهلها.

وَرغم الحرب العشواء المدمّـرة للاقتصاد الوطني من قبل التحالف وعلى رأس وسائل العدوّ في حربه الاقتصادية تدمير البنية التحتية بشكل عام وما يتعلق بالاقتصاد بشكل خاص، كذلك الحصار المطبق الذي يهدف إلى خنق الشعب اقتصاديًّا، ولمواجهة هذا التدمير الممنهج سعى ثوار 21 سبتمبر إلى نشر الثقافة الاقتصادية الصحيحة التي يحتاجها الشعب اليمني لينهض مجدّدًا وَينجو من الارتهان للخارج بدافع الحاجة للمنتجات الخارجية في حال غياب البديل المحلي، فكان الحل الثوري هو تشجيع الشعب على سياسة الاكتفاء الذاتي لتحل محل الاقتصاد الاستهلاكي الذي عاشت عليه اليمن عقوداً طويلة، تدهورت فيها الزراعة والصناعة وغيرها وفتحت السوق المحلية أبوابها على مصراعيها للمنتجات الأجنبية ليتحول شعبنا إلى شعب مستهلك مرتهن في قوته للخارج وقد كشفت الأحداث منذ بداية العدوان على عمق المشكلة الاقتصادية في اليمن.

وتأتي توجّـهات القيادة الثورية لإيلاء المجال الاقتصادي جل الاهتمام والرعاية وبوادر ذلك أننا نجني ثمار هذا التوجّـه تطوراً زراعياً وصناعياً في شتى المجالات رغم أننا نعيش أحلك الظروف كما تسعى قيادتنا الثورية إلى تشجيع الشعب عامة وَالشباب للإسهام في ثورة صناعية وزراعية تنهض بالبلد بأيدي أبنائه.. ولن يختلف اثنان على ما عانته اليمن قبل 21 سبتمبر من انفلات أمنى مروع قتل فيه الكثير من أبناء الشعب خَاصَّة من أبناء الجيش اليمني الذين أضحوا هدفاً سهلاً في كُـلّ مكان، فما كنا نفيق من صدمة جريمة شنيعة إلَّا لنجد جريمة أشنع وكل هذه الجرائم لم تكشف الجهات المسؤولة حينذاك للشعب مرتكبيها ناهيك عن تقديم أحد منهم للعدالة وَتنفيذ الحكم العادل في حقه، ليس هذا فحسب بل أصبح نهب الحقوق وضياعها طابع حياتنا اليومية، أما اليوم فلم نعد نسمع بجريمة ما إلَّا ونسمع بعدها مباشرة عملية القبض على مرتكبها وتقديمه للعدالة وتنفيذ الحكم العادل مما رفع معنويات الشعب من جديد وجعله يشعر بالأمان.

قبل ثورة 21 سبتمبر انتشرت الحرب الناعمة بكل أشكالها وكانت الساحة خالية لها ولمروجيها ولكن ثوار 21 سبتمبر تنبهوا لخطورة الحرب الناعمة الموجهة لإفساد جميع نواحي حياة المجتمع اليمني خَاصَّة الجوانب الأخلاقية منها، وبدأ يظهر وعيا مجتمعيا بخطورة الحرب الناعمة وضرورة التصدي لها وقد جندت القيادة الثورية شتى وسائل التوعية والإرشاد والتثقيف وحرصت على متابعة كُـلّ من دأب على ترويجها مثل المنظمات الأجنبية وفضح مساعيها وغير ذلك من صنوف المواجهة؛ لضمان مواجهة قوية تضيع على الحرب الناعمة الفرص لاستهداف الفكر والخلق والثقافة السليمة للمجتمع اليمني.

في الحقيقة إننا نحيا ثورة حقيقية متجددة ومُستمرّة نلمسها على أرض الواقع ولا جدال في ذلك وسوف تجتث بقوة كُـلّ مظاهر التخلف والفساد التي عاناها الشعب زمناً طويلاً بإذن الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com