السيد عبدالملك الحوثي في محاضرته الرمضانية الـ 17:

 

الله يقدم الضمانة لعباده أنه متكفل برزقهم والمطلوب التحرك لا البطالة والكسل والإهمال والقعود

لا أزمة موارد في اليمن والغبن عندما كانوا يقولون في المناهج الدراسية وَالإعلام الرسمي إننا بلد فقير بالموارد

من أعظم النعم الثروة الحيوانية والزراعية والبحرية لكن الناس أفقروا أنفسهم بسياسات خاطئة كالجلوس في المدن والشقق المنعزلة

واقع الحياة عند العرب أصبح فوضوياً إلى حَدٍّ كبير؛ لأنهم فقدوا عناصرَ أساسية تبنى عليها النهضة والحضارة

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.

وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.

اللَّهُّم اهْدِنَا، وَتَقَبَّــــلَ مِنَّـا، إِنَّــكَ أَنْتَ السَّمِيْعُ العَلِيْمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّــكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيْــمُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ..

السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

نعودُ إلى الحديثِ على ضوء الآية المباركة في سورة الأنعام، وكان سياقُ الآية في قوله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: من الآية151]، وتحدَّثنا على ضوء هذه الآية المباركة، وعلى ضوء هذا النص، هذه الفقرة من هذه الآية عن كيف يتعامل البعض مع مشكلة الفقر، وبالذات الفقر الشديد (الإملاق)، وقد يدفع البعض تدفعه معاناته من الفقر الشديد إلى أن يعتمد على وسائل محرَّمة، على وسائل محرَّمة، يسعى من خلالها لعلاج هذه المشكلة، أَو للتعامل مع هذه المشكلة، وقد يظلم أبناءه وبناته، وقد يرتكب محرَّمات أُخرى، وقد يظلم المجتمع من حوله، وقد يظلم البعض، فالوسائل المحرَّمة كثيرة التي يلجأ إليها البعض في التعامل مع هذه المشكلة، تحدَّثنا عن البعض، ونتحدث -إن شاء الله- لاحقاً في المحاضَرات القادمة عن جوانبَ أُخرى.

اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” بعد هذا النهي قال “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، فهو هنا “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” يلفت نظرنا إلى كيف نتوجّـه بشكلٍ صحيح لمكافحة هذه المشكلة، ولمواجهة هذه المشكلة: بالعودة إلى الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، والالتجَاء إليه “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”، والأخذ بأسباب الرزق، والاعتماد على توجيهاته “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”، {نَحْنُ}: الله “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”، الرزاق، الكريم الوهَّـاب، الغني الحميد، ذو الفضل الواسع العظيم، من بيده ملكوت كُـلِّ شيء، من بيده خزائن السماوات والأرض، يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، وهذا طمأنة، وضمانة، ووعد إلهي لا يمكن أن يتخلَّف أبداً؛ لأَنَّ اللهَ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” لا يخلفُ وعدَه أبداً، يقدِّمُ الضمانةَ لعباده، ولمن يعانون من هذه المشكلة أَيْـضاً، أنه متكفلٌ برزقهم وبرزق أولادهم: بنين وبنات، فهذه الضمانة مهمة جِـدًّا؛ لأَنَّها أول ما تعالجه في مشكلة الفقر: هو القلق النفسي، والضغط النفسي؛ لأَنَّه يترك تأثيراً سيئاً جِـدًّا على الإنسان، ويكون هو الدافع لارتكاب الجريمة، والدافع للاعتماد على وسائل محرَّمة، القلق، والضغط النفسي، والتوتر النفسي، والانزعَـاج النفسي.

عندما يكونُ الإنسانُ مُعَانياً من جهة، وفاقداً للأمل في الحصول على متطلبات حياته الضرورية من جهةٍ أُخرى بالطريقة الصحيحة، والطريقة السليمة، والطريقة المشروعة، فهذا الضغط النفسي يؤثِّر عليه، فمع يأسه يفكِّر بوسائلَ محرَّمة، ويوسوس له الشيطان أَيْـضاً ويشجِّعه، وقد يأتي أَيْـضاً من شياطين الإنس من لهم أنشطة واهتمامات وأعمال كثيرة جِـدًّا وفق الوسائل المحرَّمة، وبالطرق غير المشروعة، فيسوِّلون له أَيْـضاً، ويوسوسون له، ويشجِّعونه على الاتّجاه معهم في الاتّجاهات الخاطئة، وفي اعتماد الوسائل والأساليب المحرَّمة، فهذه ضمانة مهمة لمعالجة هذه الحالة النفسية، وعلى الإنسان أن يثق بالله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”؛ وبالتالي يتجه الاتّجاه الصحيح لمواجهة هذه المشكلة، بدءاً بالالتجَاء إلى الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، ثم الأخذ بالأسباب التي أرشد إليها.

اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” من أسمائه الحسنى: الرَّزاق، هو الذي يرزق، وهو “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” خلق لنا الأرزاق، خلق الأشياء الكثيرة جِـدًّا، وأنعم علينا بالنعم الوافرة جِـدًّا، التي فيها رزقٌ لنا، تلبِّي احتياجاتنا، تتوفر لنا من خلالها متطلبات حياتنا، وأَسَاسيات معيشتنا، وما نحتاج إليه.

عندما نعود إلى القرآن الكريم نجد في آياته الكثير والكثير من الحديث عن نعم الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، وعما أعده لنا من الأرزاق؛ لأَنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” هو الرَّزاق، كما قال “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” عنه نفسه: {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: من الآية58]، الرَّزاق ذو القوة، المقتدر على أن يخلق ما يشاء ويريد مما يحتاج إليه عباده، ومما تحتاج إليه خليقته، والقادر على إيصال ذلك إليهم، والقادر على أن يجعله على النحو الذي يناسب احتياجاتهم، فلا يعجز ولا يضعف “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” عن ذلك.

يقولُ جَـلَّ شَـأْنُــهُ: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[الجمعة: من الآية11]؛ لأَنَّ رزقه واسع، ورزقه عظيم، ورزقه على أرقى مستوى، نعمه نعمٌ عظيمة.

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرض إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: من الآية6]، وليس فقط بني آدم، وليس فقط الإنسان، إنما كُـلّ الدواب التي على الأرض، {عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، فهو قد خلق أرزاقها، وهيَّأ لها الهداية إلى أرزاقها، وسخَّر لها ما تحتاج إليه في ذلك، وهيَّأ لها الظروف المناسبة لذلك، كُـلّ ما يتطلبه الموضوع هيَّأه، {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}[هود: من الآية6]، هو قادرٌ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” على تدبير أمر رزقها، {كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود: من الآية6].

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ}[العنكبوت: من الآية17]؛ لأَنَّه هو الرزَّاق، هو الذي بيده خزائن السماوات والأرض، هو الذي بيده ملكوت كُـلّ شيء، الذي هو على كُـلّ شيءٍ قدير، فنطلب منه الرزق، ونبتغي منه الرزق، ونأخذ بالأسباب العملية، والأسباب المعنوية، والأسباب المتنوعة التي أرشدنا إليها للحصول على الرزق والبركة.

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[الإسراء: من الآية70]، هو “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” رزقنا، وليس أي رزقٍ عادي، إنما من الطيِّبات، رزق بني آدم من الطيِّبات، من طيِّبات الرزق، ولهذا النعم التي أنعم بها علينا، ورزقنا بها في الحياة، هي كلها في إطار الطيِّبات، {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: من الآية70].

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” أيضاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}[فاطر: الآية3]، هو “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” الذي خلق كُـلّ ما نحتاج إليه، متطلبات حياتنا الأَسَاسية هي من خَلْقِه، خلقها رزقاً لنا، ونعمةً علينا، وجعلها من الطيِّبات، في المأكولات، والمشروبات، والملبوسات… ومختلف أغراض الحياة للإنسان، ليس هناك إلهٌ آخر يمكن أن نقول: [أمَّا تلك النعم فهو الذي أوجدها وخلقها من العدم].

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” أيضاً: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض يَبْسُطُ الرِّزْقَ}[الشورى: من الآية12]، يعني: يوسِّعه، {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}[الشورى: من الآية12]، يجعله بِقَدَر، وفق حكمته “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، لكنه يرزقُ، يرزُقُ الجميعَ، ويصل رزقه إلى الجميع.

من أسمائه “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: الوهَّـابُ، من أسمائه الحسنى، فهو المنعم واسع النعمة، والذي يهب الكثير والكثير من نعمه لعباده، سواءً ما كان منها النعم الجماعية، أَو على مستوى كُـلّ شخصٍ منهم، أَو مستوى ما أنعم به على البعض منهم، الوهَّـاب، فهو يهب الكثير والكثير والكثير بغير حساب، يقول “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوهَّـاب}[ص: الآية9].

من أسمائه الحسنى “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: الكريم، {يَا أَيُّهَا الْإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار: الآية6]، {تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: الآية78]، ولذلك نعمه واسعةٌ جِـدًّا، عطاؤه عطاءٌ واسعٌ جِـدًّا، وعطاءٌ كريم، يقدِّم أحسن الأشياء، أفضل الأشياء، ذات جودة عالية، ذات منفعة كبيرة، ذات جمال وروعة، نجد هذا في مختلف ما أنعم به علينا من المأكولات وغيرها.

قرأنا في سورة الرحمن في الحديث عما فيها من النعم، وما عرضه الله لنا من النماذج من النعم العامة، وكيف هي على أرقى مستوى، وتحدَّثنا على ضوئها عن كثيرٍ من النعم، وهناك أَيْـضاً حديثٌ واسعٌ جِـدًّا في القرآن الكريم عما أنعم الله به، بدءاً من الحديث عن تجهيز هذه الأرض بمتطلبات احتياجاتنا كافة، الأرض بكلها ككوكب نعيش عليه، هيَّأها الله لحياتنا من كُـلّ الجوانب، ووفر فيها كُـلّ متطلبات حياتنا، فهو “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” يقول: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأرض وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قليلًا مَا تَشْكُرُونَ}[الأعراف: الآية10]، فهيَّأ فيها ما نحتاج إليه لمعيشتنا، ومكننا، هيَّأ لنا فيها الحركة، العمل، السعي فيها للإنتاج، فأتى التمكين مع ما أعدَّ فيها من النعم، وما جعل فيها من المعايش، ما نحتاج إليه لمعيشتنا، فهيَّأ فيها ما نحتاج إليه من المعايش، وجعل حتى في البشر أنفسهم على المستوى المعرفي والذهني، وعلى مستوى ما منحهم من طاقات وقدرات، وهيَّأ لهم من وسائل وأسباب ما يصلون فيه إلى معايشهم، وما تتوفر لهم من خلاله احتياجاتهم ومتطلباتهم الأَسَاسية.

يقولُ “جَـلَّ شَـأْنُــهُ” أَيْـضاً عن الأرض: {وَالأرض مَدَدْنَاهَا}[الحجر: من الآية19]، يعني: جعلها مبسوطةً، هي كروية، ولكنها مبسوطة، وليست كلها أماكنَ شاهقةً، ومعلَّقةً، وصعبةَ الحركة، {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}[الحجر: من الآية19]، الجبال التي تثبتها، وتجعلها مستقرةً، لا تكون مضطربةً، حتى لو كانت في حركة، فهي حركة من دون اضطراب يؤثِّر على حياة الإنسان، والجبال بنفسها كثيرٌ منها جعلها الله مغطاة بالتراب؛ حتى يتهيَّأ عليها السكن، والزراعة، والاستفادة منها، وكثيرٌ منها أودع الله فيها أصناف وأنواع من المعادن، ويستفيد الإنسان منها في عملية البناء، ويستفيد الإنسان منها في أغراض كثيرة، مع أنها تقوم بمهمة رئيسية في استقرار حياة البشر على الأرض؛ باعتبَارها رواسي.

{وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُـلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}[الحجر: من الآية19]، مختلف النباتات، مئات الآلاف من النباتات المتنوعة، والتي لها فوائد متنوعة، تنفع هذا الإنسان، شيءٌ منها: في غذائه، شيءٌ منها: في طبه وعلاجه، شيءٌ منها: في ملبسه وكسائه وأثاثه، شيءٌ منها: في مسكنه ومتطلبات عمرانه… فوائد كثيرة جِـدًّا، إضافة إلى فائدتها على الأرض نفسها فيما يتعلق بالأوكسجين، والتمثيل الضوئي ومنافع أُخرى، وفائدتها أَيْـضاً للثروة الحيوانية التي يستفيد منها الإنسان كذلك، وكلها بشكلٍ متوازن، وبقدرٍ مناسب.

{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}[الحجر: من الآية20]، ما تحتاجون إليه في معيشتكم، في أكلكم، في شربكم، في غذائكم، في متطلبات حياتكم، في وسائل دخلكم، {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}[الحجر: من الآية20]، الدواب والحيوانات الأُخرى التي هي خارج إطار اهتمامكم في هذه الحياة.

وهكذا أَيْـضاً يذكِّرنا بهذه النعمة، ويلفت نظرنا إلى استثمار هذه النعم، من منطلق أنه استخلفنا على هذه الأرض، وجعل لنا هذا الدور المهم في استثمار نعمها وفق توجيهاته وهديه، يقول “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: الآية15]، هو “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، هو رَبُّنا الذي يجب أن نعبده، وأن نشكره، وأن نتحَرّك في استثمار نعمه وفق توجيهاته وتعليماته؛ لأَنَّها التعليمات الصحيحة التي يتهيأ لنا من خلالها الاستثمار لنعمه على أرقى مستوى، وبما يحقّق لنا التكامل المعنوي والمادي، والسمو الروحي مع بعض.

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولًا}، هيَّأ اللهُ لنا الأرضَ لنعملَ عليها، لنتحَرَّكَ عليها، لنسافِرَ فيها، لنعملَ فيها الأشياءَ الكثيرة جِـدًّا وهي مهيأة لذلك، مسخَّرة لذلك، وهذا عامل مهم جِـدًّا في التمكين في النعمة، كان بالإمْكَان أن تكون هذه الأرض كثيرة الزلازل جِـدًّا، ومضطربة، ومليئة بكلها بالبراكين، وفي وضعية غير مستقرة، فتكون الحياة عليها صعبةً جِـدًّا، لكن الله هيَّأ لنا أن تكون ذلولاً: مستقرةً، وتستقر الحياة عليها، وأن يتهيَّأ لنا فيها الكثير من الأعمال والأشغال في ظاهرها وباطنها.

{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}، مطلوب منا أن نستثمر هذه النعم، أن نتحَرّك في هذه الأرض، أن نعمل، لا يمكن أن نستفيد من هذه النعم ونحن نعتمد على البطالة، والجمود، والكسل، والإهمال، والقعود، لا بدَّ من الحركة، من الأخذ بالأسباب، والله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” زوَّد الإنسان في مداركه ومعارفه، وهداه وألهمه، وجعل له أَيْـضاً في وسائل هذه الحياة ما يستفيد منه، {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، فهيَّأ المعايش، وهيَّأ الأسباب والوسائل، ومع ذلك سخَّر، يقول “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرض وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ}[لقمان: الآية20]، نعمة التسخير هي نعمةٌ عظيمةٌ جِـدًّا؛ لأَنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” خلق هذه النعم، نعم كثيرة جِـدًّا، وموارد ضخمة جِـدًّا للثروات التي يحتاج إليها الإنسان، ويستفيد منها الإنسان، وينتفع منها الإنسان في شتى مجالات حياته، ولكن مع ذلك سخَّر، فهو جعل هذه النعم وفق نظم، وجعل فيها خصائص يستفيد الإنسان من خلالها بأشكال كثيرة، وبأساليب متنوعة، وبأشكال متعددة، فيكون لك في استخدام أي نعمة من النعم طرق كثيرة، وفوائد كثيرة، ومنافع متنوعة، وهذه من النعم العجيبة جِـدًّا التي أنعم الله بها على الإنسان.

في مسألة التسخير يأتي الحث لنا في القرآن الكريم إلى التفكير، والتفكر، ودراسة هذه الأشياء، دراسة هذه النعم، معرفة ما أودع الله فيها من الخصائص والمنافع، وكيفية استثمارها، والانتفاع بها، والاستخراج لها، وإعادة إنتاجها بأشكال متنوعة ومتعددة.

أيضاً النُّظُمُ والسُّنَنُ الكونية، والقوانينُ الكونية، التي أودعها الله في السماوات وفي الأرض، وفيما يتعلق بمختلف ما خلقه لنا في هذه الحياة، وأتى أشياء كثيرة جِـدًّا، مما يدرس الآن في علم الفيزياء، وفي علم الكيمياء، ما يجعلُ لدى الإنسان إمْكَانيةً واسعةً لاغتنام هذه الثروات، والانتفاع من هذه المنافع التي أوجدها الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، كُـلّ ذلك عن طريق التسخير، الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” هو الذي هيّأ لنا هذه النعم، وجعل فيها هذه الخصائص، وجعل فيها أَيْـضاً إمْكَانية أن نستثمرها وننتفع منها بأشكال متعددة، ثم الوسائل لذلك، الوسائل التي نحتاج إليها في ذلك، الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” هو الذي هيأ لنا هذه الوسائل، التي ساعدتنا في حركتنا في الحياة، وفق نظم جعلها وفق تدبير وتهيئة وتسخير لهذه الأشياء التي خلقها لنا، فننتفع منها بأشكال كثيرة جِـدًّا.

عنوانُ التسخير هو من أَهَـمِّ العناوين في القرآن الكريم، وهو يلفت نظر الإنسان إلى استثمار هذه النعم والحركة فيها، والاستفادة من ذلك، من خلال العلم، التفكير، التجربة، الدراسة، الهداية الإلهية التي تأتي له في ضمن ذلك، في ضمن اهتماماته العلمية الصحيحة، في ضمن اهتماماته، في تجاربه في الحياة، في ضمن توجّـهه لاستثمار هذه المنافع.

{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ}[لقمان: من الآية20]، أسبغها وأتمها، نعم كثيرة جِـدًّا ووافرة، {ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، منها ما هو ظاهر أمام أعيننا مشاهد وملموس، ومنها ما هو باطن:

إما باطنٌ في الأرض، في باطن الأرض، نستخرجُه من باطن الأرض، مثل ما فيها من الثروة النفطية، والمعادن، والخيرات الكثيرة جِـدًّا.

أو موجودٌ، إنما خارج إدراك الإنسان، لكنه بالتجربة يكتشفه ويلمسه، مثل ما قصة الأثير، مثل ما يستفيد الإنسان منه في الموجات التي يعتمد عليها في الاتصالات، وفي غير ذلك.

وكذلك ما لا ينتبه له الإنسان من النعم ويغفل عنه، وهو كثير في ألطاف الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، وفي رحمته الواسعة، وفي فضله الواسع.

اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى” أَيْـضاً يقول في القرآن الكريم: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[إبراهيم: من الآية32]، الماء من الثروات الأَسَاسية، ومن الاحتياجات الضرورية، يعتمد عليه الإنسان في حياته بشكلٍ واسع، بدءاً من الشرب، وكذلك بشكلٍ أَسَاسيٍّ جِـدًّا فيما يتعلق بالزراعة، الماء ثروة مهمة جِـدًّا، ونعمة عظيمة، من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا، وَأَيْـضاً هيأ لنا وسائل للاستفادة من هذه الثروة بأشكال كثيرة، وَأَيْـضاً في التعامل معها، عندما تأتي الأمطار، تأتي مياه كثيرة جِـدًّا، ولكن في كثيرٍ من الدول يتجه البشر إلى كيف يخزنون هذه المياه بشكلٍ أفضل، في سدود، في حواجز، في برك، في أشكال متنوعة.

عندنا نحن العربَ تقصيرٌ في هذا الجانب وقصور، قصور في العناية بالاستفادة من تخزين هذه المياه، ومن حسن تصريفها، حسن تصريفها وفق قنوات، ضمن أنشطة واهتمامات زراعية واسعة منظمة، ولذلك تجد كيف تتحول المسألة إلى مشكلة في كثير من المناطق، الكثير من الناس يبنون منازلهم في مجرى السيل، وتأتي المآسي، وتتكرّر مثل هذه المآسي، أَيْـضاً لا ينظمون تصريف هذه المياه التي تأتي وتتدفق من الأمطار، وفق طريقة يستفاد منها في الزراعة، فتتحول الأمطار إلى مشكلة عند الكثير من الناس، وفي الكثير من المناطق، لهذا السبب، وتتحول -في نفس الوقت- مشكلة الجدب مشكلة أُخرى، فإن جاء جدب، صاح الناسُ من الجدب، وإن جاءت الأمطار ونعمة الغيث، صاح الناس من ذلك، وكثُرت الإشكالات، والمشاكل، والمعاناة، والمآسي في كثيرٍ من الأحيان، ليس هناك حُسن تعامل، ورشد في التعامل مع هذه النعم، هذه نعمة، كيف نتعامل معها؟ كيف نستفيد منها على نحوٍ واسع، بأشكال متنوعة، بوسائل متنوعة؟ ذهنية الناس -خَاصَّة لدينا نحن العرب- بعيدة عن التركيز على هذه الأمور؛ لأَنَّ واقع الحياة عند العرب أصبح عشوائياً إلى حَــدٍّ كبير، وفوضوياً إلى حَــدٍٍّ كبير؛ لأَنَّهم فقدوا عناصر أَسَاسية تبنى عليها النهضة والحضارة.

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، فالشيء الصحيح أن يتجه الإنسان -مع الشكر لله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”- إلى استثمار هذه النعمة، إلى العمل على كيفية الاستفادة منها بشكلٍ واسع، إلى حسن تصريفها، لاحظوا حتى عندما تنزل، تنزل سيول ضخمة جِـدًّا إلى مناطق زراعية، إلى الجوف مثلاً، أَو إلى تهامة، أَو إلى مناطق أُخرى، مسألة الاستفادة منها، تصريف هذه المياه، عبر قنوات مفيدة للزراعة عمل ضعيف جِـدًّا، وغائب إلى حَــدٍٍّ كبير، في المناطق نفسها كان الآباء والأجداد يهتمون بالبرك وخزانات المياه بأفضل من الآن بكثير، غابت هذه المسألة إلى حَــدٍٍّ كبير لدى الناس، الحواجز والسدود لم تكن من المشاريع الرئيسية التي تهتم بها الدولة فيما مضى، ولا المواطنون، الحواجز للمياه بأشكال متنوعة مسألة ضعيفة جِـدًّا، ويقل الاهتمام بها، لا التصريف، ولا وسائل وإمْكَانات التخزين للمياه.

{فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}، الزراعة، الزراعة بمختلف محاصيلها: الفواكه، الحبوب، مثل: الذرة، البر، الشعير… إلخ. مختلف أنواع المحاصيل الزراعية: الخضروات… إلخ. ثروة ومورد ضخم؛ لأَنَّه عند الحديث عن الجانب الاقتصادي، من أول ما يأتي الحديث عنه: الموارد، الموارد العامة التي تمثل ثروة حقيقية للأُمَّـة، المياه، الزراعة، الزراعة ثروة رئيسية، ثروة مهمة، ثروة عظيمة، إذَا أحسن الإنسان الاستفادة منها، واشتغل فيها بشكل صحيح، والتزم فيها بالضوابط الشرعية والتوجيهات الإلهية، تأتي له البركات أَيْـضاً، وتعالج له مشاكل كبيرة في حياته، ونأتي -إن شاء الله- للحديث عن هذه الأمور لاحقاً.

{وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُـلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}[إبراهيم: 32-34]، حتى نعمة الوقت، نعمة الوقت من النعم العظيمة جِـدًّا، إذَا أحسن الإنسان استثمار وقته، وهي من النعم التي يهدرها الناس، من أكثر ما يفرط الناس فيه هو في نعمة الوقت، كم يضيعون من الأوقات في أشياء تافهة، كم يضيعون من الأوقات في كلام كثير جِـدًّا، بالذات عندنا في اليمن مع القات، تأتي الأفكار الخيالية، وعلى حسب التعبير المحلي [الهدرة]، كلام كثير لا فائدة منه، وتضييع أوقات طويلة جِـدًّا، حتى نعمة الوقت من أعظم النعم، من أَهَـمِّ النعم، إذَا أحسن الإنسان إدارته، ونظمه، واستثمره في العمل، وتخلص من الأشياء الكثيرة التي لا قيمة لها، لا أهميّة لها، لا داعي للكلام الكثير عنها، كثير من الأمور لا داعي للكلام الكثير عنها، يمكن أن يختصر الكلام بشأنها؛ لاستثمار الوقت، وإن شاء الله نتحدث أَيْـضاً عن نعمة الوقت في وقتٍ لاحق بشكلٍ أوسع.

{وَآتَاكُمْ مِنْ كُـلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}، كُـلّ متطلبات حياتنا قد أوجدها الله لنا، إنما بقي كيف نستثمرها، كيف نعمل فيها، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، نعم واسعة جِـدًّا، وكثيرة جِـدًّا، وهائلة جِـدًّا، لا يمكن إحصاؤها وحصرها، إلى هذه الدرجة.

يقولُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}، الأنعام: الإبل، البقر، الغنم (الماعز، والضأن)، من أعظم النعم، ثروة حيوانية ذات أهميّة كبيرة جِـدًّا في حياة الإنسان؛ إنما كيف يستثمر هذه النعمة؟ كيف يستفيد منها؟ {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل: 5-6]، الثروة الحيوانية، إضافة إلى الثروة الزراعية، ثروة ضخمة جِـدًّا، ومهمة جِـدًّا، والإنتاج منها إنتاج واسع، الإنتاج الغذائي إنتاج واسع، الحليب ومشتقاته الكثيرة جِـدًّا، اللحوم، وهكذا، أشياء كثيرة، الزبدة، وَأَيْـضاً في الدفء والأثاث، والملابس، منه أشياء كثيرة جِـدًّا، ومع جماله، ومنافع أُخرى، منافع أُخرى، فهي من الموارد الضخمة والمهمة، والمهيأ للإنسان أن يستثمر فيها، أن يربي أبقاراً، أَو أغناماً، أَو ماعز، أَو إبل، تنتج، ويكون مصدر رزق مهم له.

كان العرب فيما مضى يهتمون بهذه الثروة، إلى حَــدِّ أنها كانت من عمولاتهم الرئيسية التي يدفعون فيها الديات، ويدفعون فيها المهور، ويدفعون فيها أشياء كثيرة، وكان لديهم مئات الآلاف من هذه النعمة، من الأنعام، من المواشي، من الأبقار، والأغنام، والإبل، كانت ثروة رئيسية في العالم العربي، الآن تقلصت وتركها أكثر الناس، الناس أفقروا أنفسهم، أفقروا أنفسهم، يذهبون إلى الفقر، إلى الفقر، سياسيات خاطئة، أفكار خاطئة، يتكدسون في المدن، ويجلسون في شقق منعزلة، ويتركون أرض الله الواسعة، حَيثُ يمكنك أن تربي أبقاراً وأغناماً، وإبلاً، وتمتلك هذه الثروة، وتنتجها، وتستفيد منها في غذائك، وتمثل مصدر دخل لك، لكن ماذا؟ يتهربون يعني، هناك تيه عجيب في العالم العربي.

يقولُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: الآية14]، الثروة البحرية ثروة ضخمة جِـدًّا، فيها المأكولات، الأسماك، نعمة كبيرة جِـدًّا؛ إنما كيف يستثمرُ الإنسانُ هذه النعمة بشكل صحيح ولا يخرب، ولا يخرب، وكيف ينمي وسائل الإنتاج، ويطور وسائل الإنتاج، وينظم آليات العمل، بطريقة تكون عملية الإنتاج أقل كلفة وأكثر وفرة، إضافة إلى الحلية: الزينة، حتى الزينة تستخرج من بين البحر، الحركة فيه، الحركة التجارية، حركة السفن والقوارب… إلخ. وسيلة للحصول على النعمة، ووسيلة للشكر، حتى للدين، شكر النعمة، فتكون نعمة الشكر نعمة حاضرة، وليس فقط نعمة الصبر على الفقر، بل ونعمة الشكر على النعمة.

موارد ضخمة، الأرض مورد اقتصادي ضخم، فيها المعادن بكل أنواعها، فيها ما يحتاجه الإنسان للعمران والبناء… أشياء كثيرة جِـدًّا تستخرج من الأرض، ثروات ضخمة.

الزراعة ثروة ومورد ضخم جِـدًّا ومتاح، هناك أراضٍ زراعيةٌ شاسعة جِـدًّا، واسعة وكثيرة، ومناطق لا زالت أكثرها مهملة، لم تستصلح بعد، والقطاع الزراعي مورد ضخم جِـدًّا، ويمكن تطويره، وتحسين الإنتاج فيه، وتقليل التكاليف… إلخ.

المياهُ موردٌ ضخمٌ جِـدًّا، ويمكن الاستثمار لها، والانتفاع منها بشكلٍ أفضل، الثروة الحيوانية، الثروة البحرية، الموارد موجودة، الموارد العامة موجودة، ليس هناك أزمة في الموارد، عندنا في اليمن مثلاً، وفي مختلف البلدان العربية، وفي بقية العالم، لكن الغبن كبير في العالم العربي، والغبن كبير عندنا في اليمن، كانوا يقولون في المناهج الدراسية، وفي الإعلام الرسمي -فيما مضى- أننا بلد فقير بالموارد، هذا كذب، هذا كذب، نحن بلدٌ غنيٌّ بموارده، عندك أرض، أَو إن احنا في الهواء معلقين! عندك إمْكَانية للزراعة، بل وتنوع بيئي يساعدك على التكامل في المحاصيل الزراعية، البيئة الجبلية تنتج أنواع معينة ممتازة جِـدًّا من المحاصيل الزراعية، البيئة في المناطق الشرقية تنتج أَيْـضاً أنواع معينة وبوفرة كبيرة وجودة عالية في محاصيل زراعية معينة، البيئة في تهامة كذلك يمكن أن تنتج محاصيل كثيرة جِـدًّا، وبجودة عالية.

هذا مهيأ، هذا ممكن، رؤوس الأموال متوفرة، الاستهلاك متوفر، الموارد موجودة، الموارد البحرية، الموارد في الأرض: المعادن… إلى غير ذلك، المياه تأتي، الأمطار تأتي، تأتي أمطار غزيرة، ومع التقوى والإيمان تأتي أَيْـضاً بشكلٍ أكثر، ويمكن للإنسان أن يستفيد منها في تصريفها وتنظيم قنوات الري، وتنظيم عملية الري، كذلك مسألة الاستفادة منها في الحواجز، والسدود، والبرك… هذا يتطلب عمل وأفكار صحيحة، وعمل صحيح، وجد واهتمام، ومن منطلق صحيح.

أضف إلى ذلك مع كُـلِّ هذه النعم والموارد الضخمة يفتح الله المزيد مع الإيمان والتقوى، الله قال “جَـلَّ شَـأْنُــهُ”: {وَلَوْ أَنَّ أهل الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض}[الأعراف: من الآية96]، أن يمُدَّ بالمزيد، وأن يجعل البركة في الحاصل، وأن يمن من نعمه الواسعة جِـدًّا، يفتح البركات، فالموارد الاقتصادية موجودة؛ إنما كيفية الاستثمار لها، والاستفادة منها، ووجود الدافع والحافز الكبير على العمل، هذا مما سنتحدث عنه -إن شاء الله- لاحقاً، إنما كان هَمُّــنا في هذه المقدمة الحديثَ عن الموارد العامة، الموارد الاقتصادية العامة، فهي موجودة ومتوفرة، والله المنعم الكريم الرزاق الوهَّـاب.

نَسْأَلُ اللهَ سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى أَنْ يَمُنَّ علينا وعليكم من واسع فضله، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وإيّاكم لما يرضيه عنا، وَأَنْ يتقبَّلَ مِنَّا ومنكم الصيامَ، والقيامَ، وصالحَ الأعمال، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، وَأَنْ يفرِّجَ عن أسرانا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بنصْرِهِ.. إِنَّـهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com