مدينة أصفهان تحتضنُ جثمانَ “الزعيــم حجازي”

فارسٌ يترجّلُ عن فرسه.. والراية تنتقلُ من العميد حجازي إلى أبناء الأُمَّــة

 

المسيرة / خاص

تستقبلُ مدينةُ أصفهان التاريخية في إيران، اليوم الثلاثاء، الموكبَ الجنائزي المهيب للعميد المجاهد “محمد حجازي”، نائب قوة القدس في الحرس الثوري الإسلامي، حَيثُ سيوارى جثمانهُ الطاهر الورى في رحابها، بعد حياةٍ حافلةٍ بالجهاد والعطاء والبذل والتضحية، الجدير بالذكر أن العميد حجازي المعروف في الأوساط الشعبيّة في أصفهان بلقب “سردار حجازي” بالفارسية وتعني “الزعيم حجازي” قد وافتهُ المنية، يوم أمس الأول، عن عمرٍ ناهز الـ 65 عاماً، على إثر مرضٍ عُضالٍ يعود إلى إصابته بالسلاح الكيميائي خلال أَيَّـام الدفاع المقدس (1980م- 1988م).

حيث قال المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية العميد “رمضان شريف”، في بيان صحفي: “إن السبب الرئيسي لاستشهاد العميد حجازي هو الآثار الكيميائية للحرب”، بعد أن أكّـدت اللجنة الطبية في مستشفى “بقية الله” ذلك.

 

من هو نائبُ قائد قوة القدس في حرس الثورة؟

العميد الحاج “سيد محمد حسين زاده حجازي” مجاهد وجريح مخضرم، من مواليد 1956م، في مدينة أصفهان، نشأ في أسرة متدينة وانضم إلى صفوف الحرس الثوري إبان انتصار الثورة الإسلامية وتأسيس الحرس الثوري الإسلامي، وأصبح عضواً في هذه المنظمة الثورية.

في السنوات الأولى لانتصار الثورة الإسلامية، ذهب العميد “حجازي” كعضو في الحرس الثوري إلى منطقة أذربيجان الغربية وكردستان لمواجهة التمرد المضاد للثورة هناك، ليشارك في عمليات التصدي للمجموعات المناوئة والانفصالية في غرب البلاد، وبعد بدء حرب السنوات الثمانية المفروضة على إيران، نشط في إيجاد القوات الشعبيّة وتعزيز قوات التعبئة (الباسيج)، وهي قوات شبه عسكرية تتكون من متطوعين من المدنيين ذكوراً وإناثاً، تقدّم مختلف الخدمات التطوعية بمثابة القوة المساعدة وتشارك في أنشطة مثل الأمن الداخلي وتوفير الخدمات الاجتماعية، وتنظيم الاحتفالات الدينية العامة وغيرها.

 

الدرجاتُ العلمية والأكاديمية للعميد حجازي

أمضى “محمد حجازي” سنوات دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه أصفهان، وأصبح عضواً في هيئة التدريس بجامعة الإمام الحسين (ع) بعد حصوله على درجة الماجستير في الإدارة الحكومية من جامعة طهران، ودكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من كلية الدفاع الوطني العليا.

 

العميد حجازي في فترة الدفاع المقدس وما بعدها

بقي العميد حجازي في الحرس الثوري الإسلامي، بعد انتهاء أَيَّـام الدفاع المقدس (الحرب المفروضة)، وتولى مسؤوليات مهمة كنائب منسق قوة الباسيج للمقاومة، وقيادة قوة مقاومة الباسيج (1997م-2007م)، ورئيس الأركان المشتركة للحرس الثوري الإسلامي (2007م-2008م)، ونائب منسق القائد العام للحرس الثوري الإسلامي (2008م-2009م)، فنائباً لقائد “معسكر ثار الله” (2008م)، والمنوطة به مسؤولية توفير الأمن في طهران، كما وتولى منصب نائب رئيس الأركان للجهوزية والدعم والبحث الصناعي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة (2009م-2014م)، ومسؤول عن مقر الحرس الثوري في المنطقة الثانية للبلاد، ونائب قاعدة سلمان الميدانية في الجبهتين الوسطى والغربية، ومن كبار قادة الدفاع المقدس والمسؤول عن التجنيد والتنظيم وإرسال القوات إلى الجبهات، ونائب قائد الحرس الثوري في المنطقة الرابعة للبلاد وأخيرًا نائباً لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري.

 

الحضور في جبهات المقاومة

كان العميدُ حجازي مسؤولاً عن الحرس الثوري في لبنان في السنوات الأخيرة، وقدم خبراته الكبيرة في خدمة المدافعين عن قضايا أُمَّـة الإسلام المصيرية، ومساعدة جبهة محور المقاومة في مواجهة مجموعات داعش الوهَّـابية والإرهاب التكفيري (من 2014م، حتى هزيمة داعش) واستلم منصب نائب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي (منذ ديسمبر 2019م – إبريل 2021م)، وقد كان مسؤولاً في السنوات الأخيرة عن الميدان في أحد محاور جبهة المقاومة، بحسب ما جاء في تقرير مقتضب لـ “مركز الاتّحاد للأبحاث والتطوير”.

تحدث “سردار حجازي” في مقابلة مفصلة مع وكالة أنباء فارس، والتي جرت عام 2008م بصفته نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، عن خطة الحرس قائلاً: “إن هناك أفكاراً عن طرح استراتيجيات لإلحاق الخسائر الفادحة بالعدوّ في فترة قصيرة، ولكن في نفس الوقت، لا يجب أن نقاتل العدوّ بالآليات والتكتيكات التي يعرفها”.

وفي مقابلة نشرت قبل وفاته، كان يعتقد حجازي أن الولايات المتحدة عانت من إخفاقات كثيرة، وإحدى هذه الإخفاقات كانت في مجال ردعها.

العميد حجازي كان زميلاً للشهيد الحاج “قاسم سليماني” منذ سنوات عديدة، وفي الساعات الأخيرة من حياة هذا المجاهد العظيم، وقبل مغادرته لبنان إلى العراق واستشهاده كان دوماً إلى جانبه.

 

وضع اسم العميد حجازي على قائمة عقوبات الاتّحاد الأُورُوبي

منع الاتّحادُ الأُورُوبي 29 مسؤولاً إيرانياً، بمن فيهم محمد حسين‌ زاده حجازي، من دخول الاتّحاد الأُورُوبي بموجب قرار مؤرخ 10 أُكتوبر 2011م، وذلك بحسب زعمهم دورهم في انتهاك حقوق المواطنين الإيرانيين الواسعة النطاق ومصادرة جميع أصول هؤلاء المسؤولين في أُورُوبا.

 

إنتاج أفلام هوليودية ضد القادة الإيرانيين

جدير بالذكر أنه خلال تواجد العميد حجازي في فيلق القدس تم تقديم شخصية “مجيد جوادي”، في المسلسل المعادي لإيران (homless) و”الملقب بـ”العميد حجازي” كواحد من كبار قادة الحرس الثوري، حيث نسب إليه العديد من الأعمال الإرهابية خارج إيران، فقد أمعنت هوليود منذ عدة عقود في إنتاج أفلام عدائية وذات طابع خاص ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتشويه صورة بعض المسؤولين والقادة الإيرانيين مثل العميد حجازي، والذين لديهم مسؤوليات مهمة في البلاد، وتجدر الإشارة إلى أن الكيان الصهيوني كان يسعى دوماً إلى اغتياله، طيلة الأعوام الماضية.

 

مصدرُ الصواريخ الدقيقة لحزب الله

من المعروف أن العميد حجازي كان من الشخصيات المؤثرة، وفقاً لبعض المصادر، فهو مؤسّس وحدة الصواريخ التابعة لحزب الله اللبناني.

وفي مقابلة مع الميادين في 3 يناير 2021م، تحدث عن القوة الصاروخية لحزب الله في لبنان: “يجب الرجوع إلى رأي الخبراء “الإسرائيليين” لفهم مدى عمق قلقهم وخوفهم”.

وفي المقابلة المذكورة صرح العميد حجازي: “قالوا إنهم لم يسمحوا بإيصال هذه الصواريخ إلى حزب الله.. حسناً، أنتم تعلمون أن السيد حسن نصر الله، وهو شخص صادق، وقال إن هذه الصواريخ وصلت إلى يد حزب الله.. وعددهم أكثر مما يتخيله العدوّ.. اليوم المقاومة لديها قدرات جيدة، وَإذَا تصرف العدوّ بحماقة فسوف يندم عليها بالتأكيد”.

 

ماذا قالت جبهة المقاومة عن “الزعيم حجازي” قُبيل وداعه؟

وقد نعى السيد علي الخامنئي الشهيد العميد محمد حسين حجازي في بيان التعزية، واصفًا إياه بالفكر الديناميكي، وصاحب القلب المليء بالإيمان الحقيقي، والمليء بالدافعية والتصميم، والقوة الكاملة في خدمة الإسلام والثورة، مُضيفاً بأن الراحل خدم في مسؤوليات كبيرة ومؤثرة في حرس الثورة الإسلامية وكان فخورًا وناجحًا فيها جميعاً، معتبرًا غيابه مصدر أسف وأسى.

كما نعاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عبر برقية أرسلها للسيد الخامنئي واصفاً الراحل بالأخ الكبير والسند القوي.

من جهته، ردّ قائد حرس الثورة في إيران العميد “حسين سلامي” على احتفاء الصهاينة برحيل نائب قائد “قوة القدس” العميد محمد حجازي، مؤكّـداً لهم أن “فرحهم قصير ونهاية كيانهم قريبة على يد الشعب الفلسطيني الذي أخرجوه من وطنه”.

وشدّد سلامي على أن “الراية اليوم انتقلت من العميد حجازي إلى أبناء الأُمَّــة”، مُشيراً إلى أن “المقاومة في وجه الاحتلال مستمرّة وشعلتها لن تنطفئ”.

في السياق، اتصل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية بقائد “قوة القدس” في حرس الثورة الإيراني الجنرال “إسماعيل قاآني”، معزياً بالقول: “نقدّر دور إيران في دعم شعبنا ومقاومته”، مجدّدًا شكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها المستمرّ للقضية الفلسطينية.

وَأَضَـافَ هنية أن “الراحل العميد حجازي كان شخصيةً عملت وخدمت المقاومة لسنوات طويلة”، مُشيراً إلى أن “فقدانه يشكّل خسارةً للمقاومة”.

بدوره، قدم الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين “زياد النخالة” للجنرال “قاآني” تعازيه بفقدان العميد حجازي.

وقال النخالة: “لقد أفنى العميد حجازي عمره في خدمة الإسلام والمسلمين”، مُضيفاً أن “الراحل كان في الخطوط الأمامية للدفاع عن فلسطين ولبنان”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com