الحفاظ على الثروة الحيوانية مسؤولية وطنية

 

محمد صالح حاتم

الثروةُ الحيوانية رافد اقتصادي كبير للأسرة، وداعم للاقتصاد الوطني؛ لأَنَّها تعتبر الرديف للثروة الزراعية، والحفاظُ عليها واجب على الجميع.

كانت الأسرُ اليمنية تعتمد اعتماداً كليًّا على الثروة الحيوانية ومنتجاتها، فكانت تأكل من لحوم الماعز والأغنام والأبقار وحتى الدجاج البلدي، ففي الأعياد والأعراس أَو عندما يأتي ضيف كان يتمُّ الذبحُ من الثروة الحيوانية الموجودة في كُـلِّ بيت، لا يُشترى من السوق إلّا ما ندر، كان البيض البلدي موجودا، كان المواطنُ يستفيد من الصوف والشعر في صناعة المفروشات ومن جلود الأغنام والماعز يصنع الجواكت للتدفئة أَيَّـام البرد، وكانت الأحذيةُ تُصنع من جلود الأبقار والجمال والأغنام كذلك والماعز، كان الشعب مكتفيا، حتى إذَا احتاج المواطن لشراء سلاح أَو مهر للزواج، أو بناء بيت يبيع من الثروة الحيوانية الموجودة معه، كان السمن البلدي يُصنع من مشتقات الحليب، وكان الأطفال الصغار يتغذون على حليب الماعز والأغنام والأبقار، كانت توجد سياسة اقتصادية حقيقية في كُـلِّ منزل، وكان ممنوعاً ذبحُ الإناث كما يُقال في المثل: (بول الطلي ولا مرق أمه)، من هنا نعرف أنه كان ممنوعاً ذبحُ الإناث.. لماذا؛ لأَنَّها تهدر الثروة الحيوانية وتعمل على عدم نموها وتكاثرها، وكان أكثر المزارعين يرفض بيع الصغار يقول لك نريدها أن تتكاثر وتزداد، وهو ما جعل الثروة الحيوانية تنمو وتزداد مع مرور الأيّام.

ولكن اليوم ماذا يحدث، أغلب الأسر اليمنية لا يوجد لديها أغنام أَو ماعز، أما الأبقار فقد انقرضت عند معظم الأسر، وأصبحت هذه الأسر تعتمد على لحوم الدجاج المستورد، أصبح سعر الكيلو اللحم ٥٠٠٠ ريال، لم يعد المواطن قادرا على شراء اللحم البلدي، ارتفاع أسعار المواشي سبب في نقص أعدادها، ويشجّع على بيعها بكثرها، وفي الأعياد والمناسبات المزارع يشتري من الأسواق، والحليب والسمن يُشترى من البقالة، الزبادي والبودرة المستوردة، والسبب السياسات الهدامة، التي تعمل على هدم وقتل ودمار الثروة الحيوانية.

أغلبُ الجزارين يذبحون إناث الحيوانات وصغارها، لا رقيب ولا حسيب، رغم أننا نسمع في الإعلام منع ذبح إناث وصغار المواشي، وعقد اجتماع بين وزارة الزراعة والصناعة والمسالخ… إلخ، وكلُّ واحد يقول المسؤول هو الطرف الآخر، والضبط على الأجهزة الأمنية، وكلُّ هذا لم ينقذ الثروة الحيوانية، فكل يوم وهي تدمّـر وتهدر.

فاليوم علينا أن نعملَ على الحفاظ على هذه الثروة القيمة، والبنك المتحَرّك الذي يرفد الخزينة بالمليارات، هناك دول تقدر عائداتِها من الثروة الحيوانية ومنتجاتها بعشرات المليارات من الدولارات ومنها هولندا والدنمارك.

يجب وضعُ استراتيجية وطنية لتنمية الثروة الحيوانية، ونظراً لأهميّة الثروة الحيوانية يجب أن يكون في هيكل وزارة الزراعة قطاعٌ يُعنى بالثروة الحيوانية (تنمية الثروة الحيوانية – الصحة الحيوانية – المراعي)، بدلاً من تشتيت إدارات الثروة الحيوانية على قطاعات الوزارة المختلفة، وتشجيع المستثمرين في إنشاء مزارع نموذجية للأغنام والأبقار، وإعادة تشغيل مزارع الدولة الخَاصَّة بالثروة الحيوانية، وتوزيع رؤوس الأغنام والماعز والأبقار على المزارعين، وإيجاد عيادات بيطرية في المديريات والعزل والقرى، منع الذبح خارج المسالخ المركزية، وأن تكون هذه المسالخ تابعة لوزارة الزراعة والري؛ لأَنَّ ما يذبح في هذه المسالخ المعني به الزراعة، وأن تغلق مسالخ الجزارين الخَاصَّة.

وأن تصدر عقوبات رادعة ضد من يخالف قرار منع ذبح صغار وإناث المواشي، والأهمُّ هو توعية المواطن بأهميّة الثروة الحيوانية وكيفية الحفاظ عليها، ودعمه وتشجيعه على تنميتها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com