اليمنيون.. بين تشييعين

 

اليمنيون.. بين تشييعين

هاشم أحمد شرف الدين

———————-

 

“أقبلْ يا وليَ الله”

كلماتٌ ردَّدتها أُمٌّ يمنيةٌ خلال استقبالها جثمانَ ابنها الشهيد، عندما كان موكبُ تشييعه يتقدم نحوها، ولم تكتفِ، بل وشرعت بإطلاق بعضِ الأعيرة النارية من بندقية في يدها إلى الأعلى تكريماً له..

ستتملّكُك الدهشةُ المقرونة بالإعجاب وأنت ترى مشاهدَ الفيديو العديدة التي تعرض فعاليات تشييع شهيد أو أكثر من أبناء الجيش اليمني واللجان الشعبية ممن ارتقوا خلال مواجهتهم للعدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي دفاعاً أو هجوماً..

سترى أمهات يستقبلن جثامين أبنائهن الشهداء بالزغاريد والفل والورود، وترديد العهود بمواصلة المُضي في سبيل الله لمواجهة المعتدين وفاءً لله ولهم..

سترى آباءً للشهداء يقسمون بالله إنهم سيستمرون في إرسال بقية أبنائهم إلى الجبهات للذود عن الوطن وتحقيق الانتصار، أو نيل نعمة الشهادة..

ستدركُ أن كُلَّ تشييع يتحول إلى فعالية وطنية ثقافية بامتياز، يرفرف خلالها العَلَمُ الوطني، وتحمل اللافتات المكتوب عليها بعض عبارات توعوية، وتمسك صور الشهداء، وتلقى الكلمات التعبوية، وتحضر بقوة صرخة “الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام”، ليؤكد المشيعون من ذوي الشهيد وأصدقائه ومعارفه وكل المشيّعين أن حالة السخط الشعبي على أمريكا في أوجها، وأن مواجهتهم للعدوان مستمرة دون أدنى شك..

في المقابل – ورغم الماكنة الإعلامية الهائلة – فلا يكاد المرء يتحصل على مشهد واحد لتشييع أحد القتلى اليمنيين من المرتزقة والعملاء؟

تجاهل واضح لا يطال المغمورين منهم وحسب، بل والقيادات العسكرية الذين يُقتلون في الجبهات ثم لا نسمع شيئاً عن تشييعهم..

وإلى الآن لم ينشر أي فيديو – وإن لثوانيَ معدودة – يظهر لنا تشييع أحد أبرز موتى العملاء والمرتزقة هو الدكتور عبدالكريم الإرياني رئيس الوزراء الأسبق والذي كان أهلُه قد حصلوا على إذن من السلطة الثورية في صنعاء بدفنه في اليمن.

بمقارنة بسيطة بين التشييعين يمكن التوصُّلُ لاستنتاجين وحقيقتين..

الاستنتاجان هما:

تعاظُمُ حالة الرفض الشعبي العارم للمرتزقة والعملاء مقاتلين أكانوا أم سياسيين، والتي تتجلى في عدم المشاركة في تشييعهم أو الصلاة عليهم..

تعاظُمُ حالة التأييد الشعبي لشهداء الجيش واللجان الشعبية المقترنة بالإعزاز والتكريم والتقدير لتضحياتهم في سبيل الله والوطن والشعب..

 

والحقيقتان هما:

إن أمةً تفي مع شهدائها لَتؤكدُ أنها تفي مع الوطن الذي بذلوا أرواحَهم من أجله..

وإن مَن لم يفِ مع قتلاه وتنكر لهم بمجرد قتلهم ليؤكد أنه لا تهمه سوى مصلحته فقط..

 

ومضة:

الشهداء قدموا أرواحهم فداء للوطن دون مقابل فنالوا تكريم الشعب وتقديره، فيما قدم العملاء أرواحهم من أجل مال الارتزاق فحصدوا تجاهل قادتهم واحتقارهم ومن قبلهم ازدراء الشعب..

هذا هو جوهر المقارنة، وهنا مكمن المفارقة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com