الهجرة مع الرسول والمؤمنين

 

مرتضى الجرموزي

تزامناً مع ذكرى الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها وآله أفضل الصلاة والتسليم، ومع احتفالنا بهذه المناسبة الكريمة، كان لزاماً علينا أن نستلهم منها الدروس الإيمانية الصادقة والتضحية الجسيمة في مجابهة المخاطر والتحديات التي كانت تُحاك ضد رسول الله، شخصه رسالته ونهجه وأتباعه، من قبل أحزاب الشرك في قريش ومكة وما حولهما، وهما يحيكان المؤامرات للإيقاع به ومحو ما جاء به من عند الله الذي حضر بقوة للدفاع عن الرسول والرسالة، وكان عوناً في كُـلّ تحَرّكات النبي الذي بعثه رحمةً للعالمين وهدايةً للبشرية.

ومع سخط اليهود وبغضهم، كان قد اتّفقوا فيما بينهم على قتل رسول الله، حيث أجمعوا بمكرهم وخديعتهم أربعين فارساً من كُـلّ القبائل للقيام بهذه الخطة، حتى يتفرّق بزعمهم دم النبي بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم الثأرَ لدمه.

ولكنّ الله حال بينهم وبين ما يمكرون ويشتهون وحاق بهم: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ)، حيث أعز الله نبيه ودينه وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الذين آمنوا هي العُليا، فكان أن أمكن الله منهم ومكنّ المؤمنين من رقابهم قتلاً مشروعاً، وجعلهم أذلةً خاسئين منهزمين ضعفاء منكسرين قتلى وهاربين بخزيهم وذلّهم من مكة والمدينة والطائف ومن جزيرة العرب.

ومع احتفالنا بذكرى الهجرة المباركة، حمداً وشكراً عملاً وقولاً، كان لنا وقفة مباركة وحديث طيّب مع أُولئك المؤمنين الصادقين الذين وقفوا مع رسول الله، جاهدوا جهاده ونهجوا نهجه واقتفوا سيرته.

مجاهدونا أبطال الجيش واللجان الشعبيّة وأحرار القبائل اليمنية المجاهدة، والتي كان وما زالت تعاني المشقات التي عاناها رسولُ الله وأصحابه وأهل بيته وأحفاده، وبما أن رسول الله قد شتم واتّهم بالسحر والشعوذة والجنان، تعرّض للطّرد والأذى من قبل تحالف جاهلية العرب، التاريخ يعيد نفسه ولم يأتِ بجديد، الحق هو ذاته الذي خرج لأجله دفاعاً رسول الله والإمام علي والصحابة، والباطل هو نفسه الذي خرج لأجله دفاعاً أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان وحلفاؤهم، لم يتغيّر شيء سوى الأسماء والصور والإمْكَانات.

اليوم نرى تحالفاً عربياً يظم المنافقين واليهود والمشركين وعوام المرتزِقة من شُذّاذ الآفاق، بما فيهم وأخبثهم المرتزِقة اليمنيون الذين وقفوا وقفة المنافقين في عهد رسول الله، نرى التحالف السعودي الأمريكي يسب ويكيل التُهم التي كالها أسلافه على رسوله وأصحابه، تُهم السحر والجنون والشعوذة والكذب والخداع، وزد إلى ذلك الفرس والمجوس والروافض والإيرانيين والانقلابيين، ها هم اليوم ومنذُ ستة أعوام وأكثر يكيلونها على أحرار اليمن ممن وقف موقف الحق لدحر الباطل والمعتدين.

وبما أن للباطل أشباهَ رجال مسيّرين وفق إرادَة الشيطان، فإنّ للحق رجالاً وفق إرادَة الله يسيرون، هاجروا اقتداءً برسول الله تركوا الأهل والأحبة والولد تركوا بيوتهم وأموالهم وهاجروا إلى حيث وجّه الله، يتقبّلهم بقبول حسن.

وفي هجرتهم يطاردهم سُراقة بن سعود الأمريكي بأقماره الصناعية وبطائراته الاستطلاعية التجسسيّة والاستخباراتية، يغير عليهم بطائراته الصهيوإماراتية، لكنهم أضعف من أن ينالوا من رجالٍ ناموا على فراش رسول الله، وهاجروا معه تراهم في غار حراء ومتارس جهادهم يرابطون لا ينامون، لا يهجعون إلاّ قليلاً من الليل.

وها نحن نعيش عاماً سادساً هجرياً رسولياً سماوياً يمنياً أوسياً خزرجياً نخوض فيه الحرب الضروس، نواجه المعتدين ونتحدّى حصارهم ونقارع طغيانهم، بالله نثق وعليه نتوكل، ولأن العدوَّ فرض الحرب والحصار والمكر والخداع والقتل والدمار، كان لزاماً علينا أن نسابقهم إلى الميادين نخرج إلى الجبهات ولنجعلها محاريب منابر ومساجد؛ لأنه لو تقاعسنا أَو تخاذلنا لعبث بنا وبدورنا وبيوتنا ومساجدنا من قبل من لا يرقب في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّة.

لكنّنا بعون الله وفضله وبفضل قيادتنا الثورية ومجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة وأحرار القبائل ورجالات اليمن العسكرية والسياسية والقبلية والثقافية الإعلامية، نعيش السلام الحقيقي والأمن الاجتماعي والغذائي والديني، وبإذن الله تعالى كما هُزمت الأحزاب وقُتل أصحاب الأخدود ومات غرقاً الفراعنة، وتاه بنو إسرائيل وانتحر النمرود وضاع كُـلّ الظلمة الطغاة، أن تحالف العدوان ذاهبٌ نحو الهلاك والضياع وإلى الهزيمة المذلة تقوده ذنوبه وقدماه، وسيهلك عن بكرة أبيه وسنحتفل بالهجرة والانتصار المرهون بالتحَرّك الفعلي والشكر العملي، كلٌّ من مكانه ومهامه المكلّف بها.
الأمل بالله كبير أن العدوَّ سينحدر وسيولُّون الأدبارَ ثّم لا يُنصرون، وكما انتصر الإسلام وارتفعت رايته بالرسول وأئمة آل البيت والمهاجرين والأنصار وبالأوس والخزرج، سينتصر اليمنيون بفضل الله وقوّته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com