الأحداث كفيلة بأن تغربل الناس

 

مرام صالح مرشد

منذ أن بدأ العدوُّ يصب حقده على اليمن واليمنيين، منذ أن دخلت اليمن في دائرة الحرب، حين انطلقت الصرخة من جبل مران على لسان حليف القرآن، أدرك الأغلب أن المسلمين هم المستهدفون من هذا العدوّ، هم المحاربون، هم الذين يُضربون عاماً بعد عام، هم الذين تُضرب نفسياتهم، لكن للأسف ليس الجميع من أظهر هذا الشيء، نعم هم يعلمون مدى دقة وصحة هذا الشيء إلّا أنهم لا يظهرونه، وقد يرجع ذلك لعدة أسباب منها:

أن البعض لم يسأل حتى نفسه ليكتشف من هو هذا العدوّ الذي يضرب النفسيات وَيحاول تفكيكَ الأُمَّــة، وأنه يعيش وفق ما زاد اليوم تداوله من المتخاذلين: (يسدوا أنا حالي حال نفسي).

أو أن البعض ينظر إلى الأحداث ويكون على علم ودراية بالعدوّ الحقيقي، لكن حالة الصمت قد أعمت عينيه وأغلقت قلبه، هذا هو صمت الخوف من أن يُضرب أَو يُستهدف كما حاول اليهود باستهداف من قبلهم، لقوله تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ)، وبالفعل صمت الناس، بل صمت العالم بأسره في ظِل هذه الظروف التي مرت ولا زالت تمرُّ بها بالبلاد اليوم، والأزمات التي تعيشها البلاد، فهي حالة مخزية على المتخاذلين والقاعدين الذين تغلب خوفهم من أمريكا على قول الحق؛ لأَنَّهم يعلمون اليوم أن من يصرخ هو من يقوم بهز الكيان الأمريكي والإسرائيلي وزعزعة عملائهم في الداخل والخارج.

أو أنهم قد أصبحوا في حالة من الإفلاس جراء الحصار والعدوان، فتدخل لهم أمريكا وأعوانها من هذه النافذة، وتقوم بتمويلهم بالمال لينجرّوا إلى صفوفهم، ويسكتوا عن قول الحق الذي هو صفعة للأعداء فيصبحوا شياطين على هيئة بشر، ساكتين عن جرائم يومية يروح ضحاياها من أبناء بلد هذا المرتزِق الذي باع دينه ونفسه بحفنة مال لا تعطي قيمتها لشراء حذاء تداس عليها الأقدام، باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان فعاشوا مستعبدين، وخسروا دنياهم مع الآخرة.

ولأن الشهيد القائد قد لاحظ على الأُمَّــة الإسلامية ما بها من خلافات، وتفرقة، وتشتت، وتأكّـد أن ما يجمع شمل هذه الأُمَّــة ويرتقي بها إلى ذروة الكمال الإنساني هو الشعار الذي يهز كيانَهم ويريهم ضعفهم، وأطلق السيد حسين -سلامٌ عليه- الشعار الساحق لأعدائه، وجعل المسلمين في وقته يعلنون براءتهم من هذا الشيطان اللعين، وجعلهم يتمسكون بالمشروع القرآني، وتطبيقهم أَيْـضاً لما جاء به القرآن، فهنا كانت الصفعة لهذا العدوّ السفاح نعم، لقد رأى أن هذه الكلمات القرآنية هي من توقظ الشعوب من غفلتها، وأنها النجاة من أساليب العدوّ الخبيثة.

انطلقت الصرخة من منطلق إنقاذ الناس من المستنقع العميق الذين كانوا ينجرون إليه بدون أن يشعروا بمدى خطورة هذا العدوِّ المتصهين، الذي يريد الزجَّ بهم في ويلاتِ الحروب، فمن عَلِم بمدى تأثير هذه الصرخة في نفوسِ الأعداء، فقد أحيا روحَ الغيرة والحمية في نفسه ولدينه وقيمه، ويخرج نفسه مما كانت الأُمَّــة ستقع فيه من استعباد، فلن نجدَ إنساناً إيمانه مكتمل إلّا حين نجد إنساناً مؤمناً يعلن البراءة من أعداء الله ومِن مَن والاهم، ويعلن حبَّه وولاءه لله ولرسوله وللذين آمنوا، لقوله تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com