ما وراء دعوة مرتزقة “الإصلاح” لتركيا بالتدخل المباشر؟!

 

منصور البكالي

من المعروف أن الدورَ التركي في الحرب على اليمن كان مقتصراً على جوانب إرسال الخبراء ونقل الإرهابيين من سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان.. إلى اليمن منذ بداية العدوان، إضافةً إلى تقديم الدعم المالي واللوجستي لاتباعها في حكومة الفنادق المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: لماذا جاءت هذه الدعواتُ في هذا التوقيت؟ وما هي الأسباب؟ وهل هي بداية لمرحلة جدية من الصراع بين النمور الورقية الأمريكية على الساحة اليمنية لترى من هو الجدير بتنفيذ ما بقي من المخطّطات الصهيونية في المستقبل وتأهيله لخوض الحرب الإسرائيلية المستقبلية مع حلف المقاومة؟

ولماذا لم تتدخل تركيا بشكل مباشر وعلني على الميدان منذ البداية؟ أم أن أمريكا لم تكن حينَها واثقةً منها وكانت على حذر شديد من تواجدها؟

وما هي الأسباب التي جعلت الطرف التركي يتريث إلى هذه الفترة؟

وهل نتوقعُ أن مطالبةَ الناشطين السياسيين والإعلاميين التابعين لحزب الإصلاح بالتدخل التركي عفويةٌ أم هي بداية لتنفيذ خطة تركية تريد من خلالها تنفيذ أجندة متعددة ليس أولها الانتقام من النظامين الإمارات والسعودية المشاركَين في محاولة الانقلاب على أوردغان في العام 2016م، وقبلها الانتقام للرئيس المصري السابق محمد مرسي؟

لماذا أجلت تركيا الرد إلى هذا التوقيت؟ رغم أن الجماعة تعمل بتخطيط تكاملي وتدير المواجهة في ليبيا واليمن وسوريا تحت إشراف أمريكي إسرائيلي، وبازدواجية في المعايير، ولا تؤمن بالحدود الجغرافية لعملها، وتملك الأدوات من أتباعها والتلون بأوجه عدة وباستماتة عجيبة في مواصلة القتال في صف السعودي والدفاع عنها في عمق نجران وجيزان وعسير.

ولماذا نستبعد انقلاب المرتزِقة اليمنيين المدافعين عن الأراضي السعودية بعد أن طفح الكيل من الممارسات الاستغلالية بحقهم وبكرامتهم من قبل الجانب السعودي؟

وهل من مصلحة السعودية اليوم الاستمرار في التحالف مع حزب الإصلاح؟ والوقوف متفرجة على الحلم التركي وهو يتمدد ويتوسع في أكثر من دولة ويهدف للف حبل المشنقة على رقبتها بشكل دائري؟

وما هي الأوراق السعودية لوضع حَــدٍّ أمام الطموح التركي بإعادة الامبراطورية العثمانية من جديد ونشر قواعدها العسكرية لخنق النظام السعودي الهش ذي القاعدة الشعبيّة الوهَّـابية الإخوانية؟

وهل أدركت تركيا أن النظام السعودي في أضعف مراحلة؛ بسَببِ تكاليف عدوانه على اليمن منذ خمسة أعوام؟

وهناك من يقول من حق تركيا التي صارت لاعباً إقليمياً في الكثير من الملفات الاستفادةُ من الحرب في اليمن للوصول إلى الحدود السعودية وفرض واقع سياسي وعسكري جديد يحتم على الرياض الخضوع لشروط أنقرة؟ ولماذا لا نستبعد حلم تركيا بالسيطرة على الأراضي المقدسة لتستطيع من خلالها إعادة إمبراطورتها القديمة؟

كما يمكن توقع طلب الرياض ضمانات من تركيا قبيل دخولها المباشر في العدوان على اليمن، وكانت الأهداف للمشاركة في مواجهة الجيش واللجان الشعبيّة والتواجد الإماراتي فقط.

وفي الجانب الآخر، لماذا لا نعتبر التصريحات السعودية بوقف العدوان على اليمن استشعاراً منها بهذا الرعب القادم إليها من الشمال ومحاولتها لإعادة ترتيب أوراقها واستعادة أنفاسها؟ أم أن ضربات اليمن البالستية وطيرانها المسيّر قطعت العقد فانفرطت حباتُه من يدها وباتت غير مسيطرة على سير الأحداث، رغم أن صاحب الشأن الأول الأمريكي هو من يدير ويخطط ويوجه في مختلف الملفات وفق مصالحه دون أي اعتبار لبقاء النظام السعودي من عدمه؟

وهل نتوقع أن تستغل الرياض تصريحاتِ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد على الحوثي في مقابلته مع قناة BBC البريطانية لوقف الحرب الفوري والخوض في حوار علني في الرياض، لتجنيب نفسها ذلك الخطر؟

أم أنها مستمرة في المكابرة والمقامرة إلى أن يتفق كُـلّ الخصوم على البداية بتصفيتها؟

دعونا نذهب إلى زمن غير بعيد –في ظل التدخل الأردوغاني المرتقب- هل نسي الأتراك خسائرَهم وهزيمتهم في اليمن، ليأتوا بجحافلهم العسكرية من جديد؛ لمحاولة الاستمرار بالسيطرة على منابع النفط والغاز في مأرب وشبوة وغيرهما من المحافظات اليمنية الغنية بالثروات المعدنية والطبيعية؟

ومن المستبعد أن تكون عين أوردغان على اليمن والمغامرة بالمواجهة مع الشعب اليمني الذي حفر تاريخَه في أنصع صفحات التأريخ والنضال في حقبة الاحتلال العثماني لليمن؟ وهو يعرف قدر قوته العسكرية الأضعف من قوة وزخم قوة تحالف العدوان الذي فشل وهزم أمام مواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبيّة لحكومة صنعاء منذ 5 أعوام إلى اليوم؟

بل الهدف غير اليمن، يرمي إلى تصفية حسابات أُخرى مع عود الإخوان اللدود النظامين السعودي والإماراتي، تحاكي مراحل من الصراع القديم وتلبي شغف الأمجاد العثمانية، وطموحات العودة إليها مجدّدًا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com