معركة الوعي في استحضار التأريخ

حزام الأسد

1- نظرية استحضار العداء الفرضي وتعاطيه كواقع لحرف البوصلة وتشتيت الأنظار عن الواقع الحقيقي.

فيما لو تمكنوا من تصفية القضية الفلسطينية لصالح الاعتراف بإسرائيل كدولة حليفة لهم وعاصمتها القدس الشريف، وتقسيم وشرذمة المنطقة وإشاعة الفوضى والحروب والدمار فيها وتمكين البريطاني والأمريكي والإسرائيلي من المناطق الاستراتيجية فيها كالجزر الهامة والمرافئ الحيوية والمضايق والممرات المائية ومنابع النفط والثروة والمناطق التأريخية والمقدسات الإسلامية، حتما عندها سيقولون بأن الرافضة والمجوس هم السبب وهم المستفيدون من وراء كُلّ ذلك ومستحضرين بذلك أساطير وتأريخ مزيف!!

 

2- التأريخ الحقيقي توثّقه المجريات وتستحضره النتائج.

مثّلٌ بسيطٌ على ذلك بالأمس القريب أدخلوا الأمريكي بقواته وترسانته وأساطيله العسكرية إلى المنطقة عبر يافطة وفزاعة العراق وخطر نظام صدام حسين، وفتحوا له بلدانهم ليُنشِئ في كُلِّ بلد منها قاعدة عسكرية وتحَرّكت جيوشهم أمام الجيش الأمريكي باتجاه العراق مستحضرين بذلك شخصية “أبي رغال” التأريخية تحت ما سُمِّي بدرع الجزيرة الخليجي وفي معركة أسموها عاصفة الصحراء تحت قيادة أمريكية ومشاركة بريطانية إسرائيلية وغربية ومكّنوا الأمريكي من بلدانهم قبل أن يمكنوه من العراق أرضاً وإنْسَاناً ومقدراتٍ وثروةً، ولا يسعفني الحديث هنا عن سرد ولو جزءاً بسيطاً من فظائع ومآسي وجرائم الأمريكان في سجن أبو غريب التي يصعق لهولها وفظاعتها كُلّ من يحمل ضمير حي بحق نساء وبنات وأطفال العراق وبحق رجاله أَيْضاً، وقس على ذلك ألف معتقل ومعتقل كأبو غريب، وعن أكثر من مليون عراقي قضَوا قتلاً وعن أكثر من ستة ملايين عراقي مشرد اليوم حول العالم.

وبعد أعوام قليلة مرت من تلك الأحداث لم يستحوا أن يقولوا عن صدام حسين الذين كانت مآذنهم تجأرُ بالدعاء عليه وعلى نظامه الفاشي البعثي المجرم الملحد والكافر!! ما لم يقله فيه حينها محمد سعيد الصحاف ولا عزة الدوري، وأنه كان ربيبَ القرآن وبطلَ العروبة والإسلام وفارسها الأول، وأن إيران والمجوس عبَدة النار والأصنام هم وراء كُلّ الموضوع واستهداف المنطقة واحتلال بلدانهم والعراق!!!

مع ذلك وللأسف تلك المخلوقات التي تردّد مثل هذه الترهات المستخفة بنفسها وبعقول غيرها ربما لا تصدقها في البداية لكن مع كثرة الترديد والاختلاق والتدليس تستهدف بها العقول وتسمم القناعات!!

ولو كلف أيُّ إنْسَان نفسَه ونظر يميناً وشمالاً في تلك الدول التي تمثل منطلق تسميم الوعي وافتراء الأكاذيب وخلق الشائعات خدمة لتوجهات ومشاريع الماسونية العالمية ورأى حجم القوات الأمريكية فقط التي دخلت المنطقة من حينها وبنت فيها القواعد العسكرية الضخمة واستمرت بالبقاء حتى بعد انتهاء نظام صدام بل توسعت وزادت عدةً وعتاداً، لما راق ولما استساغ لهم سماع أَوْ تداول ذلك التعاطي وهذا الاستخفاف الهزيل.

اليوم لم يعد يحتاج قبحهم ووضاعتهم وانحطاطهم وعمالتهم لأمريكا ولبريطانيا ولإسرائيل أن يبرروه ويوعزوه إلى عامل الضرورة لمواجهة المشروع الفارسي الافتراضي وخطر الرافضة والمجوس وعباد الأصنام والنار!! وبعبع حزب الله! وإرهاب حماس! وإجرام النظام السوري! ورجعية وتخلف أبناء الشعب اليمني!.

لقد انقشع الغطاءُ وتبدّدت الضبابية وتساقطت الأوراق وبات الحقُّ والباطل عياناً بياناً ظاهراً لكل الناس.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com