أساتذة الجامعات يؤكدون لصحيفة المسيرة..الشعب اليمني سيصمد ألف عام في وجه أقبح عدوان عرفه التأريخ وليس فقط ألف يوم

المسيرة| منصور البكالي

 

 

 

أَكْثَر من ألف يوم من العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا، الذي ارتكب مئاتِ المجازر بحق المدنيين الأبرياء وعمل على تشريد ملايين المواطنين خارج مناطقهم، ودمّر العديدَ من مؤسسات الدولة والبنية التحتية، وَعرّض 17 مليون مواطن يمني بالجوع والأمراض الفتاكة، ومع ذلك أظهر الشعب اليمني صموداً وثباتاً أسطوري في وجه هذا العدوان، بل وبعد مرور أَكْثَر من الـ1000 يوم من العدوان وصلت الصواريخ البالستية اليمنية لقصر اليمامة رمز حكم النظام السعودي، بالإضَافَــة إلى صمود الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات الداخلية والخارجية، بل توغله في عمق أراضي العدو السعودي بنجران وعسيران وجيزان وتكبيد العدو لخسائر كبيرة في العتاد والرجال، خَاصَّة أن العدو كان يراهن على الانتصار في بضع أيام، إلا أن رجال الرجال صمدت مود الجبال اليمنية الراسخة وخيبت آماله وأمنياته.

في هذا الإطار التقت صحيفة المسيرة عددًا من الأساتذة والأكاديميين المختصين في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتسليط الضوء على عوامل الصمود والثبات للشعب اليمني في مواجهة هذا العدوان والحصار خلال الـ 1000 يوم من هذا العدوان الهمجي البربري.

 

 صمود أذهل المحللين السياسيين

الخبير الاقتصادي والأكاديمي بكلية الإعْلَام بجامعة صنعاء، الدكتور أحمد إسماعيل البواب، يرى أن الصمود الأسطوري للشعب اليمني أعجز النقاد والمحللين السياسيين، ولم يسبق لشعب من الشعوب خلال التأريخ الإنساني بكل مراحل الحروب والصراعات التي شهدها العالم أن صمد كصمود الشعب اليمني، هذا الصمود والثبات الذي ليس له حدود؛ بسبب انعدام الموارد السيادية بجميع أشكالها ومسمياتها، وانقطاع المرتبات ومعاناة المجتمع اليمني على مختلف المستويات، لكن كانت هناك إرَادَة وعزيمة كبيرة لدى المواطن اليمني على الاستبسال في مقاومة هذا العدوان، وهذه العزيمة هي أبرز العوامل البارزة في هذا الصمود والثبات.

ويضيف الدكتور البواب: أَيْضاً وجود الإدَارَة الحكيمة الممثلة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ساهم في هذا الصمود وفق عملية تكاملية بين الناس جميعاً على الرغم من الحصار المحكم وَالاعتداء الجائر من قبل قوى العدوان.

وأشار الدكتور البواب في حديثه عن عوامل الصمود اليمني إلى أن أجهزة الدولة تعمل بتفانٍ في ظل انعدام الراتب بكل مسمياتها، فالجميع صامد أمام العدوان الجائر على بلادنا، وسوف نصبر كشعب ونصمد إلى يوم القيامة كما قال قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي وإلى أن يتحقق النصر.

ويرى الدكتور البواب أن على المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ مطالبة المجتمع الدولي فتح المنافذ لدواعيَ إنسانية، ولا شك أن اليمنَ إن شاء الله إلى خير، المهم نخرج من الوصاية الخارجية ويستقل القرار اليمني الذي ظل مرتهناً لعقود من الزمن.

 

المراهنة على الاقتصاد

كذلك يرى عميد كلية التجارة، الدكتور مشعل الريفي، أن عنجهية وصلف العدوان خلال ألف يوم بعث روحَ التحدي والمواجهة لدى الشعب اليمني للصمود والصبر والتحمّل والمواجهة بكل جدية ومسئولية وثبات وإيْمَان بالله.

ويضيف الدكتور الريفي قائلاً “لكن في المقابل يجب على الحكومة أن تقومَ بواجباتها ومسئوليتها في الجانب الاقتصادي؛ لأن المعركة شاملة فقوى العدوان تراهن على الجانب الاقتصادي، الذي أدخلته في المعركة، في محاولة منها لابتزاز هذا الشعب وإركاعه وإذلاله، حين فشلت في الحرب العسكرية، خَاصَّة أن هناك ضعفاً ملحوظاً في الأداء الحكومي في الفترة السابقة، وهناك تقصير في إدَارَة المواجهة الاقتصادية؛ لهذا من الضرورة اتخاذ الاجراءات والسياسات المناسبة لمواجهة الحصار والعدوان الذي يستهدف المنشآت الاقتصادية ويستهدف معيشة الناس في لقمة عيشهم”.

وأكد الريفي أنه لا بد من سياسة واضحة في ما يتعلق بتوفير السيولة وإدَارَة الأزمة الاقتصادية، ولا بد من سياسة حكيمة في تنمية الايرادات وتفعيل آلية التحصيل وفق سياسة واضحة ميزانية حرب وحصار لتحدد أوجه الإنفاق الضرورية التي تكفل استمرار الخدمات العامة بأكملها، إلى جانب المواجهة العسكرية في مختلف الجبهات.

 

دور أصيل للقبيلة اليمنية

ويتحدث الدكتورُ مشعل الريفي عن الجانب السياسي قائلاً “كما يجب تقييم الأحزاب السياسية مقارنة بدور القبيلة خلال ألف يوم من العدوان، فالجميع يدرك أن القبيلة كان لها دور كبير في مواجهة هذا العدوان، بينما الأحزاب السياسية كان دورها سلبيّاً، بل إن بعضَها للأسف كشفت عن وجهها القبيح والمرتهن في أحضان العدوان وهي رهن القرار الخارجي، وكان القرار الوطني في آخر حساباتها , ونصيحتي لهذه الأحزاب أن يغلّبوا المصلحة الوطنية ويستعيدوا تأريخهم النضالي ومواقفهم السابقة، فلا يحرقون تأريخهم وسمعتهم السياسية، وجميعُنا علمنا وسمعنا بما صرّح به السفير الأمريكي ليحرض القبائل اليمنية على الوطن، وللأسف الأحزاب لم تندد بما قاله هذا السفير”.

 

 فشل مساعي العدوان

من جانبه يرى الدكتور محمد عبدالوهاب الفقيه -أستاذ الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعْلَام- “أن صمودَ وثباتَ الشعب اليمني خلال ألف يوم من العدوان والحصار كان مشرّفاً، بمقابل ارتهان الأحزاب السياسية للخارج والذي يعد خيانةً عظمى في عالم السياسة وعلومها”.

ويضيف أن “الصمود المشرّف للشعب اليمني وللجيش واللجان الشعبية وللقوى الوطنية أفشل مساعي العدوان ورتّب لمرحلة الانتصار التي نستبشر بها , وانقسام الأحزاب السياسية وارتهانها لقوى العدوان مبنيٌّ على نظريات خاطئة وغير وطنية، بدأت من داخل مؤتمر الحوار الوطني الذي مهّد لإعادة الهيكلة والإعداد لمشروع التقسيم الخطير، فكانت هذه الحرب نتيجةً لهذا المُخَطّط الخارجي الذي دفع بقيادات الأحزاب السياسية للتحالف مع المخلوع عبدربه منصور هادي لتمريرِ مُخَطّط التقسيم عن طريق شن حملة عسكرية واسعة بتحالف عدة دول مستمرة بعدوانها إلى اليوم”.

وأكد الدكتور الفقيه أن “الشعب اليمني صامد وصابر وثابت لمنع هذا المشروع الخارجي، ولن تحقق دول العدوان أهدافها مهما تغيّرت وتنوعت شماعاتها عبر التأريخ في المراحل الماضية بداية من محاربة المد الشيوعي واتفاقية الحدود التي انتهت بقضم نجران وجيزان وعسير وشروره، وشماعة محاربة إيران هي لغرض استعماري يهدف للسيطرة على المحافظات النفطية كحضرموت وشبوة لضمّها إلى دولة آل سعود ومن يقف خلفهم من الممولين من الأمريكان والصهاينة لهذا الحروب العسكرية تنطلق من أهداف سياسية فشل تنفيذها عبر العمل السياسي ولن تتحقق أهدافهم مهما عملوا ولو وصل عدوانهم لعشرة آلاف يوم، فالشعب اليمني ثابت وراسخ رسوخ الجبال”.

 

مستقبل العدوان هو الخسران المبين

وأشاد الدكتور الفقيه بالقبائل اليمنية لدورها الكبير في التصدي لهذا العدوان.. وقال: كما أن من محاسن العدوان أن توصلت القبيلة اليمنية إلى قناعةٍ تامةٍ مفادُها أن قوى العدوان لن تأتيَ للتحرير بل جاءت للتفتيت والتدمير والتقسيم والاستعمار واستعباد المواطن وإذلاله.. مؤكداً أن مستقبلَ العدوان هو الفشل والخسران الكبير، وسيُخضِعون في المستقبل لمحاكم الجنايات الدولية، فجرائم الحرب لن تسقط بالتقادم، والحل الأمثل سيعودُ إلى الحل السياسي ويجبُ على قواعد الأحزاب السياسية أن تحددَ موقفها من العدوان وتعيد هيكلتها وَأن تشكل لها قيادات جديدة بعيداً عن القيادات المحنطة والمرتهنة للخارج، كما يجب على كُلّ القوى السياسية والقبلية والحزبية أن تحافظ على وحدة الجبهة الداخلية، وليس أمامنا غير الصمود حتى تحقيق النصر، وهو قادم إن شاء الله.

 

 سنصمد ألف عام

الدكتور حسين جغمان -نائب عميد كلية الإعْلَام- يقول من جانبه إن “من استطاع الصبر الصمود والثبات في وجه أَكْبَر تحالف عسكري عرفه التأريخ وتقف خلفه أَكْبَر وأعظم الدول وَالقوى الاستعمارية والعسكرية والاقتصادية في العالم أَكْثَر من 1000 يوم، لا شك أنه يمتلك مهاراتٍ ومقدراتٍ تمكنه من صناعة النصر والاستمرار في المواجهة ألف عام وليس فقط ألف يوم”.

وأضاف أن “الشعبَ اليمني سطّر أروع ملاحم البطولة الثبات ومثّل قيم ومبادئ التحدي والعزة والشموخ بقدراته المحدودة وبرغم الحصار الخانق، إلا أنه أثبت حقيقة إيْمَانه بقضيته العادلة وَاعتماده على الله في الدفاع عن حقوقه المشروعة خلال ألف يوم من القتل وَالقصف والدمار بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة”.

 

القبيلة السد المنيع

ويتحدَّثُ الدكتور جغمان كذلك عن القبيلة اليمنية التي كانت ولا تزال السد المنيع في الدفاع عن الوطن وسيادته وحريته في وجه الغزاة والمستعمرين على مر العصور، فقال “ما يميز رجال القبيلة اليمنية أنهم حكماء وعقلاء وعند النوائب يجتمعون على ظهر رجلٍ واحد ولا يخافون في الله والوطن لومةَ لائم، ولا يمدون أياديهم إلى الغير، كما يفعل السياسيون، بالإضَافَــة إلى صدقهم مع الله ومع وطنهم ومع قبائلهم فيكون التوفيق من نصيبهم، وهذا مشهود وملاحَظٌ عنهم عبر المراحل والمؤامرات التي مرت بها اليمني والخلافات التي كانت تُحدِقُ بين القيادات والزعماء كانت القبيلة اليمنية المرجع للفصل بينهم”.. ويضيف قائلاً “كما أن محاولاتِ إقحام مشايخ القبائل في المعترك السياسي كان مؤلماً ومريراً، وله تداعياتٌ خطيرةٌ، والحمد لله فشلت هذه المحاولات وباءت بالفشل، ولن تتخلى القبيلة اليمنية عن مروءتها وشهامتها وشجاعتها وتضحياتها وعطائها الكريم في كُلّ المجالات والتي منها رفدها للجبهات بالمال والسلاح وبكل ما يلزم لتحقيق النصر العظيم”.

وطالب الدكتورُ جغمان المجلسَ السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، مراجعةَ قوانين الأحزاب السياسية ورسم خطوط حمراء يعاقب متجاوزوها. كما طالب “قواعدَ الأحزاب السياسية بإظهار مواقفها من قياداتها العميلة والخائنة للوطن وموقفها من العدوان عبرَ دعوة تصدر عن مجلس النواب لتقييمها وتقييم دورها في مواجهة العدوان في جلسة خَاصَّة لمحاسبتها وفقاً للدستور والقانون وَان تطلب الأمر إلى حلها، فلماذا هذا الصمت لا يجوز ونحن أَمَام عدوان يستهدف الجميع ويتطلب موقف وطني من واضح”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com