الشهيد إسماعيل عمر المحبشي متحدثاً لوالده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة إثر قذيفة من مليشيات الغدر والخيانة “الحمد لله يا أبي كُتبت لي الشهادة”

 

المسيرة/ خاص

أثناء أحداث الفتنة التي أشعلتها مليشياتُ الغدر والخيانة بالعاصمة صنعاء، مطلع الشهر الجاري، استشهد العديد من المواطنين الأبرياء، كان منهم إسماعيل عمر المحبشي، وذلك من خلال شظية قذيفة استهدفت منزله أثناء تواجده بحوش المنزل، المجاور لمستشفى عبدالقادر المتوكل بشارع بغداد.

يقول الأخ عمر حسين المحبشي، والد الشهيد لصحيفة المسيرة وعيونه مغرقة بالدمع: “ابني إسماعيل لم يكن قياديًّا في الجيش أَوْ اللجان الشعبية، ولم يحمل السلاح يومًا، بل كان طالباً جامعياً في سنة ثانية بكلية الطب بجامعة صنعاء، يحلم دوماً بمستقبل أفضل لليمن، وأن يأتي اليوم الذي يخدم فيه بلاده من خلال عمله كطبيب، كشقيقيه الدكتور عبدالله، والمهندس أحمد”.

ويضيف متحدثاً لنا عن التفاصيل للثلاثة الأيام المرعبة من الحرب والاشتباكات بين أفراد الأجهزة الأمنية ومليشيات الغدر والخيانة التي أشعلت الفتنة والتي كان ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء وكان فلذة كبده إسماعيل أحدهم.

ويصفُ لنا والدُ الشهيد تفاصيلَ استشهاد ولده قائلاً: عشنا ليلة السبت الثاني من ديسمبر الجاري في حالة ذعر ورعب لا يوصف؛ بسبب كثافة المواجهات وأصوات انفجارات القذائف، والاشتباكات بمختلف الأسلحة دون وانقطاع، خاصة أنها كانت قريبة جِـدًّا من منزلنا.. ففي تلك الليلة خرج ولدي الكبير المهندس أحمد وفي تلك الأثناء كان ولدي إسماعيل الشهيد قلق على أخيه أحمد فخرج يبحث عنه وأثناء وصوله إلى بوابة المنزل، دعا أخاه وهو في الجانب الآخر من البيت وقبل سماعه للجواب وقعت قذيفة الغدر والخيانة وسط حوش منزلنا، فتطايرت الشظايا القاتلة..

يوقف والد الشهيد لبُرهة عن الحديث.. ثم يواصل حديثَه لنا فقال وهو يتنهد وبصوت خافت “هذه القذيفة اللعينة نالت من فلذة كبدي الشهيد إسماعيل فاخترقت صدره لتصل إلى قلبه فنزفت الدماء بغزارة..

ولم يستطع الوالد عمر مواصلةَ حديثة معنا.. انتظرتُ حوالي نصف ساعة حتى يهدأ الوالد عمر والد الشهيد والذي واصل حديثه لنا فقال “كان أول من وصل إلى الشهيد أخوه المهندس أحمد، نزلنا جميعاً بعد سماع صوته النائح بالقول حسبنا الله ونعم الوكيل، فحاولنا إسعافه إلى مستشفى المتوكل الذي لا يبعد عن بوابة الحوش سوى ثمانية أمتار فقط، ومع ذلك لم نستطع لكثافة الاشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة، وبعد ذلك حاولنا أن نستغيث ونحن نصيح فتجاوب معنا عدد من الشبان من اللجان الشعبية، فقام اثنان بفتح باب الحوش والدخول زحفاً لباب المنزل ومسرح الجريمة فأخذوه على ظهرَيهما نحو بوابة مستشفى المتوكل بصعوبة بالغة، وبعد حولي ربع ساعة لحقنا بهم بصعوبة بالغة، خاصة مع كثافة إطلاق النار على الخرسانات الاسمنتية التي كنا نحتمي خلفها للمرور نحو بوابة المستشفى، فعانينا صعوبة في ذلك، حينها كان ولدي الشهيد نزف كَثيراً من الدماء وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة قائلاً لي “الحمد لله يا أبي كُتِبَت لي الشهادة”.

ويقول والد الشهيد: (كان لكلمات الشهيد الأخيرة في أذني صدى ووقع إليم أثارت مشاعري، أريد أن أبكي بصوت عالٍ، لكن لم أستطيع، فولدي شهيد نعم شهيد وصبرت وحمدت الله تعالى على ذلك ودعوت المولى عز وجل أن يكون ولدي آخر الضحايا وأن يعم بلادنا الأمن والاستقرار.

 

 سماتُ الشهيد

وعندما سألت عن سمات وصفات الشهيد وسيرته بين أصدقائه قال لنا والده: (كان إسماعيلُ قلبُه نظيف ومختلفاً عن كُلّ إخوانه , حيث كان محبوباً بين كُلّ أصحَابه وأقرانه وكل من تعرف عليه , فقد كان الأكثر التزاماً بالحفاظ على الصلاة جماعة في الجامع , وأكثر أبنائي اهتماماً بالأحداث ومتابعة الجبهات وخطابات ومحاضرات السيد القائد /عبدالملك بدر الدين الحوثي.

 

 أُمّ الشهيد تحكي عنه

من جانبها قالت أم الشهيد سَلَامُ اللهِ عَلَيْه لقد كان ولدي إسماعيل حاضراً عندما أجريت مكالمة هاتفية عصر ذلك اليوم مع جدته في البلاد، وأثناء المكالمة سألتني جدته عنه فقال لي قولي لها إسماعيل استشهد تقولها وهي تبكي بحرقة. وتضيف قائلة رفضت كلامه ولم أكلم جدته ما كان يقول لي وقلت لها إسماعيل يسلم عليكم ويطمئن على صحتكم.. وعندما سألت عن حالتها قال لي والد الشهيد هي أكثرنا صبراً وإيْمَاناً وحمداً لله على ما أخذ وأعطى.

 

اليمن إلى خير

الدكتور عبدالله عمر المحبشي، الشقيق الكبير للشهيد، أَيْضاً رحّب بنا ودموعه تذرف بغزارة وحزنه شديد وعندما سألته عن الشهيد قال (نحمد الله على ذلك وهذا كان قدَره، ولن نتردد بعد اليوم من الانطلاق في سبيل الله وسبيل هذا الشعب للانتقام لدم أخي وسندي وشقيق ظهري ولن أنساه حتى ألحق به شهيداً في ميادين العزة والشرف).

وأقول لقوى العدوان: نحن صامدون صمودَ الجبال ولن تجدوا منا غيرَ المزيد من العطاء والتضحية، وبإذن الله اليمن إلى خير بعد كُلّ هذه التضحيات الكبيرة).

 

 صاحب قلب كبير

وأخيراً التقينا برفيق الشهيد وصديق عمره، محمد حسين، والذي تحدث عن الشهيد وعن صفاته فقال: كان إسماعيل إنْسَاناً اجتماعياً بدرجة كبيرة ومرحاً يحب الاصدقاء، قلبه كبير جِـدًّا لا يكره أَوْ يحقد على أحد، ليس هناك صديق كالشهيد إسماعيل رحمه الله، وبدورنا لن نتنازل عن دم إسماعيل وسوف نذهبُ نحو الجبهات للأخذ بالثأر له من قوى العدوان التي كان زعيمُ الخونة ذيلاً لها في العاصمة صنعاء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com