إعادةُ التموضع الأمريكي في المنطقة..بقلم/ محمود المغربي

 

تحاولُ الإدارةُ الأمريكية الحاليةُ كبحَ جماح حكومة نتنياهو المتطرفة التي تحاول إشعال الحرائق في المنطقة وتوريط أمريكا بمواجهة مفتوحة وغير مضمونه النتائج مع إيران ومحور المقاومة في منطقة متزعزعة تكاد أمريكا تفقدُ السيطرةَ والنفوذَ والهيمنة عليها.

فالولاياتُ المتحدة الأمريكية -التي تخوضُ مواجهةً عسكريةً شرسةً مع روسيا- لديها معركةٌ خفيةٌ أكثرُ أهميّةً وشراسةً على زعامة العالم مع الصين، وهي تدركُ أن التورطَ في أي صراع في الشرق الأوسط مهما كان صغيراً سوف يستنزفُ الإمْكَانياتِ الأمريكية المستنزفة أصلًا، ويضعِفُ قدرتَها على مواجهة الصين، التي تأمل بتوريط أمريكا في أي صراع عسكري يمكن للصين تغذيته وتجنُّب مواجهة محتومة ومباشرة مع أمريكا، التي بدورها تدرك أن الصين هي القوةُ الوحيدة في العالم القادرة على هزيمة أمريكا، بعد أن باتت الصين قوةً عسكرية واقتصادية وبشرية عظمى ومنافساً قوياً وحقيقياً ليس لأمريكا بل للغرب بشكل عام، وهاجساً يقلقُ منامَ صُنَّاعِ السياسَة والقرار في واشنطن، وخطراً ربما لا يمكن التصدي له أَو هزيمته ليس عسكريًّا واقتصاديًّا، بل إن أمريكا أصبحت عاجزةً عن مواجهة ووقف النفوذ الصيني الذي وصل إلى عمق المصالح والنفوذ الأمريكي وإلى منطقة ودول كانت خاضعةً بشكل مطلَقٍ للهيمنة والوصاية الأمريكية وإلى كيانات صنعتها أمريكا، مثل: المملكة السعوديّة والإمارات.

وربما هذا ما يدفعُ بالولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادةِ التموضعِ خارجَ دول الخليج، وتوزيع ثقلها العسكري في مناطق بديلة وقريبة من الكيانات الخليجية (سوريا والأردن وجنوب شرقي اليمن)؛ لعلها تستطيعُ قطعَ الطريق على الصين التي تستخدمُ قوتَها الاقتصادية للانتشار، وبسط نفوذها على الدول والقارات، دون اللجوء إلى إرسال الأساطيل العسكرية وحاملات الطائرات، على الأقل حتى الآن، وتحقّق نجاحاتٍ كبيرةً على حساب النفوذ الغربي.

وأعتقد أن التواجُدَ العسكريَّ الأمريكي شرقي اليمن وعلى جزيرة سقطرى سوف يتزايدُ، وربما تصبحُ المناطقُ المحتلّةُ مركَزَ تواجُدٍ للقوات الأمريكية؛ لعدة أسباب: أولها أهميّةُ وموقعُ واستراتيجيةُ تلك المناطق، وإشرافُها على طرق التجارة العالمية وقربها من بوابة الخليج الفارسي.

والأهمُّ من ذلك سهولةُ إمدَاد تلك القوات، وتواصلها مع مشاة البحرية الأمريكية؛ كونها تقعُ على منطقة مفتوحة ومطلةٍ على المحيط، ومتوسطة بين الشرق والغرب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com