– تقارير لجنة عقوبات مجلس الأمن كشفت بوضوح أن “شرعية” الفار هادي مجرد عذر للتدخل العسكري الأجنبي في اليمن وتقسيمه وتدميره

– ممارسات دول العدوان التي أوردتها التقاريرُ الدولية والأممية أكدت أن “الشرعيةَ” التي يقاتل من أجلها “التحالف” هي مصالحه الخاصة

– النصوص الدولية والأممية شهدت بتفكك وتآكل وعجز سلطة الفار هادي وارتباطها بالتنظيمات التكفيرية

 

الشرعية الملفّقة

 

لم تألُ دولُ تحالف العدوان جُهداً في حشد وتلفيق الأسانيد الواهية والمسوغات المزيّفة لشرعنة وتبرير تدخلاتها المقنعة في الشأن اليمني، الرامية لتحقيقِ سياساتها وفرض سيطرتها ونيل أطماعها اللا مشروعة، حتى وصل بها المطافُ حين تلاشت آمالها وتساقطت أدواتُها حَـدَّ استخدام القُــوَّة المسلحة للاعتداء على سيادة الدولة اليمنية واستقلالها السياسيّ وسلامتها الإقليمية، فضلاً عن بجاحتها وهمجيتها الوحشية في استخدام القُــوَّة المحرَّمة دولياً لقتل الشعب اليمني بجميع مكوّناته وفئاته دون تمييزٍ، في سبيل فرض إرادتها وإنفاذ إملاءاتها وتعزيز تدخلاتها غير المشروعة. وهي بذلك السلوك الإجْــرَامي تكشفُ عن حقيقة تدخلاتها السافرَة في الشؤون الداخلية للعديد من البلدان وَدعمها للإرْهَـاب وجلبها للمرتزِقة وسعيها لإسقاط الحكومات الشرعية وَمساندة الشرعيات الملفقة.

 

إنَّ التدخُّلَ العسكريَّ لدول تحالف العدوان يُعَدُّ خرقاً سافراً لميثاق الأُمَــم المتحدة، وعدواناً غاشماً من شأن استمراره تهديد أمن واستقرار وسيادة الجمهورية اليمنية، وتقويض استتباب السلام الإقليمي، ويعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر، ويترتب على ذلك السلوك العدائي، قيام المسؤولية الدولية لدول التحالُف، وَيحتم هذا العدوان الغاشم ضرورة ممارسة اليمن لحقها المشروع في الدفاع عن النفس في ظل عدوانٍ بغيض لم يتوانَ عن جلب المرتزِقة والاستعانة بجماعات الإرْهَـاب التي يدَّعي زوراً وتدليساً محاربتها، ولم يمتنع عن استخدام أفتك الأسلحة المحرمة دولياً، فأوغل في سفك الدم اليمني، وأسرف في تدمير البُنية التحتية المدنية، وتفنّن في القتل والتنكيل والدمار، وتمادي بجرمه وغطرسته في استهداف حياة الإنْسَان دون التمييز بين مشروعٍ أَو محرم. كما أمعن كأسلوبٍ من أساليبه العدائية، في إحكام حصار شامل طالت أثاره كُــلّ مقومات الحياة، وَزادت من آلام الشعب وأوجاعه، مرتكباً بذلك أفظع الجرائم الدولية بحق المدنيين، ومتسبباً في حدوث أعظم كارثة إنْسَانية هي الأسوأ عالمياً، في انتهاكٍ صارخ لمقتضى قواعد القانون الدولي لحقوق الإنْسَان والقانون الدولي الإنْسَاني.

إنَّ انتهاكَ سيادة الدولة اليمنية بدلاً عن صونها، وفقدان السيطرة الفعلية بدلاً عن تكريسها، وتفشي الإرْهَـاب وتوظيفيه خلافاً لزعم محاربته، وانتشار العصابات المسلحة والمليشيات الطائفية والانفصالية والحزبية والإرْهَـابية، وإنشاء الكيانات التابعة من أحزمة ونُخَبٍ أمنية وعسكريّة تعمل بالوكالة لتجسيدِ غايات دول تحالف العدوان وتحقيق مصالحها الخَاصَّــة، وتقويض السلطات المفترضة لتلك الحكومة المزعومة، وفقدانها للقيادة والسيطرة، وتوظيفها لتوليفات مسلحة مرتزِقة وأُخْــرَى إرْهَـابية، وخضوعها الذليل لتحالف العدوان، وتواجدها الدائم في فنادق الرياض، وعجزها المستمرّ عن تأمين موضع قدمِ لوزرائها في تلك المناطق التي تصفها بالمحرّرة، ناهيك عن تآكل سلطتها وانهيار مُؤَسّساتها على جميع المستويات، بما في ذلك فشلها التام بمناطق السيطرة المزعومة في توفير الأمن، وتحقيق العدالة، وصَوْن الكرامة، وتقديم الحماية الأساسية والخدمات الضرورية التي لا غنى عنها لحياة المدنيين عِوضاً عن مضاعفة المعاناة ومفاقمة الكارثة الإنْسَانية، لَدليلٌ قاطعٌ على أن تلك السلطة الصورية والشرعية المفبركة لم تكن يوماً سوى غطاء اتخذته دول العدوان لإخفاء وتقنيع حقيقة أطماعها وفعلية أَهْــدَافها وعدم مشروعية مصالحها في اليمن، فضلاً عن تحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل السعوديّة والإمارات كأدوات إقليمية في إطار سياساتها الخارجية وغاياتها الإقليمية ونفوذها الاستعماري.

لقد أوغل عدوانُ تحالف الرياض عن قصدٍ في تعميق معاناة الشعب اليمني، وبالَغَ عن عمدٍ في مفاقمة الكارثة الإنْسَانية لتحقيق مآربَ سياسيّةٍ تتنافي وقيمَ الإنْسَانية وأعرافَ الحرب ومبادئَ وقوانين الأُمَــم، كُلُّ ذلك بُغيةَ تحقيق غايات دولية وإقليمية خَاصَّــة بالولايات المتحدة الأمريكية وكيان الصهاينة، تحت غطاء ذرائعَ شتى مثل زعم إعَادَة تلك الشرعية البائدة أبرز عناوينها.

ولم يستثنِ إجْــرَام تحالف الرياض في استهدافه أحدً، طفلاً كان أَو مرأة، شاباً أَو شيخاً، إلا وطالته قذائف التحالُف وصواريخ العدوان. فمن قتلٍ للأطفال والنساء، وتدميرٍ كامل للمساكن والأوطان، إلى حصارِ شاملِ وجائر فاقم من أوجاع الشعب اليمني بكل فئاته دون تمييزٍ؛ كُــلّ ذلك بحجة إعَادَة تلك الشرعية الزائفة لدمية العدوان.

وكما أن العدوانَ لم يتردّدْ في الاعتداء على سيادة الدولة اليمنية والتدخل المستمرّ في الشؤون الداخلية، ومصادرة القرار اليمني والاستقلال الوطني، وتقويض حَـقّ الشعب في تقرير المصير، وقتل وإبادة الأبرياء، وتدمير البُنية التحتية المدنية، واحتلال الجزر، ونهب الثروات، وسرقة التراث، وتوظيف الإرْهَـاب، وتفتيت النسيج الاجتماعي، وإذكاء الطائفية البغيضة، وتهديد وحدة اليمن وسلامة أراضيه، واستهداف الاقتصاد وفرض الحصار، وجلب المرتزِقة وعصابات الإرْهَـاب؛ لم يتردد أيضاً في فبركة الأحداث، ونسج الأكاذيب، وتقنيع الأطماع، وإخفاء الأَهْــدَاف، وتحريف الحقائق، وبث الزيف، ونشر الافتراءات، واختلاق الذرائع، كُــلّ ذلك تحت ستار إعَادَة تلك الشرعية الساقطة لتحالف عاصفة العدوان.

إن زمناً طويلاً من التزييف والتدليس والتضليل لتبرير سفك دماءٍ بريئة وطفولة مذبوحة في اليمن بزعم إعَادَة شرعية زائفة؛ لدليل واضح على موت ضمير العالم، وانهيار منظومة القيم، وسقوط قناع الحقوق، وهشاشة فاعلية القانون لصالح تحقيق الأطماع وبسط النفوذ وتكريس الهيمنة.

لقد مثّلت شرعيةُ العدوان الوحشي على اليمن يوماً سلطة انتقال سياسيّ لتحقيق أَهْــدَاف مرحلية محدّدة ومزمنة في إطار مبادرة خليجية بمظلة دولية وتواطؤ أُمَــمي، في سياق ثورة شعبيّة عارمة وتدخل خارجي مقيت، تشابكت فيه إرَادَة التغيير ومصالح الوطن مع مطامع ومصالح المستعمر وقوى التسلط والهيمنة التي اتخذت من هادي أداةً لضمان استمرار تسلطها وحماية مصالحها غير المشروعة من جهة، والالتفاف المفضوح على إرَادَة التغيير من جهة أُخْــرَى.

إن أساسَ تلك الشرعية الملفقة التي زعمها العدوان كذريعة لتبرير تدخله العسكريّ في اليمن، تَمثَل في بادئ الأمر بتوافق سياسيّ منقوص تحت ضغط وإملاء قوى خارجية، دأبت على التدخل في الشؤون الداخلية للبلد وانتهاك سيادة الدولة اليمنية واستقلالها السياسيّ وتقويض حرية الشعب واحتواء استحقاق التغيير ومطالب الثورة، لصالح حماية مصالحها وبسط نفوذها، لا نزولاً عند رغبة الشعب وانصياعاً لمشيئته. أعقب ذلك التوافق استفتاء شعبي محدود لم يكن بمنأىً عن التعتيم والفبركة؛ بهدف تعزيز وشرعنة توافق تلك القوى السياسيّة المغلوبة على أمرها حيناً، والواقعة تحت رحمة سياط عقوبات مجلس الأمن وتهديد دول التدخل حيناً آخر، على أن تتولى سلطة التوافق مهمة إدَارَة شؤون الدولة وتسيير دفة الحكم فيها لفترة انتقالية مزمنة بمهام رئيسية محدّدة، في تحايُـلٍ واضح على مطالب التغيير واستحقاقات الثورة، كشفتها الوَقائع العملية وفضحتها الحقائق والأحداث. ورغم ذلك، فشلت تلك السلطة في إدَارَة المرحلة وفرطت بالمصلحة الوطنية وارتهنت لقوى خارجية حتى أضحت أداةً لتحقيق أطماع المعتدي ومطيةً لهذا العدوان الغاشم.

كما عملت تلك السلطة على تدمير الجيش وإضعافه وتفكيك منظومة الدفاع الجوي وقتل الطيارين واغتيال الضباط والقادة وأفراد الجيش في استهدافٍ ممنهج، ناهيك عن كشف أسرار الجيش وتشتيت قواه؛ تمهيداً للعدوان عليه. كُــلّ ذلك، بحجة إعَادَة هيكلة الجيش.

وعملت جاهدةً على تحقيق أجندات دول التدخل والعدوان عبر محاولة تمرير فدرالية الدولة ذات الأقاليم الستة التي مثلت نقطة تباينٍ واختلاف بين تلك السلطة ومن ورائها القوى الخارجية من ناحية، والقوى الوطنية التي رأت فيها خطراً مستقبلياً على وحدة الوطن وَنسيجه الاجتماعي وتهديداً محتملاً لسلامة الإقليم ووحدة وتكامل أراضيه من ناحية أُخْــرَى.

إن شرعية هادي المزعومة قد وصل بها الأمرُ في نهاية المطاف حَـدَّ فقدان المساندة المحدودة، وانفراط عُرَى توافق القوى السياسة التي ارتكز على أساسها في الوصول إلى سلطان الحكم وإدَارَة شؤون الدولة، إذ سعى جاهداً نحو تكريس سلطته والعمل على تأمين مصالحه وتحقيق أطماع وأجندة دول التدخل، متناسياً همومَ وأوجاع الشعب ومطالب ثورته واستحقاقاته، وإذ جعل نصبَ عينيه مطالبَ المستعمر بحُلته الجديدة ونفوذه البغيض وأدواته الرخيصة، وإذ صرَفَ جُلَّ اهتمامه على نسج المؤامرات واحتواء مطالب الثورة والالتفاف عليها. ففشل في إدَارَة المرحلة فشلاً ذريعاً وانتهك القانون وفرط بالسيادة والمصلحة الوطنية وفقد السيطرة الفعلية وتضاءلت قدرته على القيام بوظائف الدولة وخدمة الشعب، فضلاً عن توفير الحماية له أَو الدفاع عنه، حتى وصل الحال حَـدَّ الفوضى العارمة حيث انتشر الإرْهَـابُ وكَثُرَ الاغتيالُ وفُرضَ الجرع وارتفعت الأسعار وتَردت الأوضاع، فتفاقمت معاناة الناس واستُغلت لقمة العيش وانعدم أمن المجتمع وسكينته العامة. حينها أدرك الثوار أن مسارَ التغيير في خطر جسيم. فتعالى وهَج الثورة من جديد وارتفع شَرَارُها وصدحت أصوات الثوار في وجه السلطة المرتهنة والعملية التي سارعت باستخدام القُــوَّة المفرطة واستعانت بقوى الإرْهَـاب لقمع الاحتجاج وإخماد لهيب الثورة وهيجان الشعب الصاخب.

وحين أوشكت فترةُ ولاية الدمية هادي -المزعومة بتمديد مؤتمر الحوار- على الانقضاء وانتهاء مركزه القانوني، المشكوك فيه أصلاً، كممثل للجمهورية اليمنية ومعبر عن إرَادَة الدولة، سارع بتقديم استقالته بغية خلط الاوراق، تنفيذاً لتوجيهات تلك القوى الخارجية. لكنه فشل في تحقيق ذلك، وخابت آماله وَتبددت فترة ولايته المزعومة وانقضى مركزه القانوني وَفقد السلطة والسيطرة الفعلية والمساندة الوطنية وانطوت حقبة حكمه البائس. فسارع الثوار نحو سد الفراغ والعمل على الحفاظ على حَـقّ الشعب في التغيير وتقرير المصير وحماية مُؤَسّساته وتحقيق مطالب واستحقاقات الثورة وصون سيادة واستقلال وحرية الدولة التي فرط فيها هادي، وَعملت قوى الهيمنة على الحيلولة دون تحقيقها.

لكن ذلك، لم يرُقْ لقوى التدخل، فسارعت في حياكة المؤامرة وفبركة الواقع واختلاق الأكاذيب والذرائع ونسج فصلٍ جديد من فصول الغطرسة والهمجية والتدخل المقنع، هذه المرة بقناع الشرعية وإيقاع الاعتراف، لتسويغ تدخلها في الشؤون الداخلية للبلد وعدوانها على سيادة واستقلال الدولة. فعملت تلك القوى العدوانية على تهريب دميتها، لاتخاذه كذريعة رخيصة لعدوان بغيض، خططت لشنه عدة أشهر، وفق تصريحات وزير خارجية الرياض من عاصمة العدوان واشنطن.

ولتعويض فقدان الدُّمية هادي لأساس الشرعية الوطنية، والمساندة الداخلية والسلطة والسيطرة الفعلية وانتهاء فترة ولايته وانقضاء مركزه القانوني وانتحاله صفة رئيس الدولة وفراره خارج البلد، سارعت قوى العدوان إلى لملمة الشتات وفبركة الشرعية وتعزيزها بالاعتراف الدولي واغتصاب السيادة الخارجية للدولة اليمنية وإصدار قرارات أُمَــمية منحازة وتشكيل تحالف دولي وشن عدوان وحشي بذريعة الاستجابة لطلب تلك الشرعية البائدة، في محاولةٍ بائسة لتبرير وتسويغ تدخلها السافر وعدوانها الهمجي على سيادة واستقلال الدولة اليمنية وحريتها الوطنية. وهي بذلك الإجْــرَام، قد كشفت عن حقيقة زيف وتدليس ديمقراطية أمريكا وقيمها المزيفة، واستبداد وغطرسة ممالك الخليج التي لا تضع اعتباراً لحق الشعوب في تقرير المصير، ولا تتردد في التدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سيادتها واستقلالاها وحريتها الوطنية.

تلك هي الشرعية التي صنعتها أيادي الهيمنة وساندتها دول العدوان وتذرعت بها قوى الغطرسة والاستبداد، إذ جعلت منها أداةً لفرض إرادتها وبسط سيطرتها ومصادرة حَـقّ الشعب اليمني وحريته وانتهاك سيادة الدولة وتبرير التدخل السافر في شؤون سلطانها واختصاصها الداخلي. فأضحى بذلك هادي ذريعةَ العدوان الزائفة وشريكَه الرخيصَ في قمع الشعب وارتكاب أبشع الجرائم الدولية في حقه والتسبب في أسوأ كارثة إنْسَانية عالمياً، بحسب تقارير الأُمَــم المتحدة والمنظمات الدولية، ناهيك عن جلب العدوان ومرتزِقته وتنظيمات الإرْهَـاب، واستهداف مقومات الاقتصاد اليمني، وتدمير البنية التحتية الخدمية، وقتل الشعب وسفك دماء الأبرياء، ومفاقمة المعانة الإنْسَانية، وإهدار الأمن والسكينة العامة وإحلال الفوضى في مناطق الاحتلال دول العدوان.

يتبع….

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com