ماذا وراء استمرار احتجاز سفن المشتقات؟!

 

منير الشامي

للعام السادس على التوالي ونظامُ الرياض الذي يتزعّمُ التحالفَ العدواني، يتفنن متلذذاً في قتل الشعب اليمني، ومحاصرته، وتجويعه، يقصفُه بالصواريخ المحظورة، والقنابل المحرمة، ولم يستثنِ على تراب اليمن شيئاً، فقصف بها البشر والشجر والحجر والرمال وَحتى مقابر الأموات، ولم يفوت يوماً من أَيَّـام عدوانه إلا وبذل فيه كُـلَّ جهده وطاقته لمضاعفة معاناة الشعب اليمني، ورفع مستواها إلى أقصاه، وما من يوم يمر منها إلا وسعى لجعل أيامه الشعب جحيماً، وساعاته عذاباً أليماً، ودقائقه ناراً وحميماً، لم يترك طريقةً ظنها تشبعُ نهمَه الدموي إلا واتبعها، ولا وسيلةً تشبع غريزتَه الإجرامية إلا واستخدمها، ولا خياراً يزيده سقوطاً وقبحا إلا ونفذه.

وهو ما تشهد به جميعُ عملياته العسكرية، ومؤامراته الإجرامية وحربه الاقتصادية، فكل ما يقوم به من ظلم وطغيان لسادس عام وجّهه وركّزه ضد الشعب المستضعف كجرائمَ انتقامية بحتة لا هدف لها ولا غاية سوى القتل وسفك الدماء البريئة، وبشكل يؤكّـد أن هدفه الأول هو القضاء التام على كُـلّ اليمنيين، ولو استطاع أن يمنع عنهم الهواء الذي يتنفسونه لما تأخر عن ذلك لحظة واحدة، وهو الأمر الذي جعل أغلب عملياته العسكرية ومؤامراته الاقتصادية جرائمَ حرب متكاملة الأركان.

ولعل نَهَمَه الدموي والإجرامي في الانتقام من الشعب هو سببُ خروجه في حربه الغاشمة عن كُـلّ المبادئ والقيم الإنسانية، وتجرده عن كُـلّ أعراف الحروب وأخلاقها، وانتهاكه الصارخ لكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية والإنسانية.

وما استمراره في احتجاز سفن المشتقات النفطية إلا واحدة من أبسط جرائم الحرب الفظيعة التي يقترفها في حق الشعب اليمني المظلوم، وما حرصُه على ممارستها إلا بدافع الانتقام الخبيث من إنسانية الإنسان اليمني، وغايته من ورائها تحويل حياة اليمنيين إلى جحيم دائم؛ كون المحروقات عَصَبَ الحياة وانعدامها يخلف كوارثَ خطيرة في مختلف مجالات الحياة، وقطاعاتها، وتنعكس آثارها الكارثية المدمّـرة على كُـلّ يمني صغيرهم والكبير، وغنيهم والفقير، وذكرهم والأنثى.

تعمد فيما مضى احتجاز سفن المشتقات ليتحكمَ في الكميات التي تدخل عبر ميناء الحديدة بضوء أخضرَ من الأمم المتحدة وبعلمها وأدخلها لأعوام على جرعات قليلة، هادفا من ذلك استمرار تفاقم معاناة اليمنيين في مختلف قطاعات حياتهم الصحية، والمعيشية، والخدمية، والإنتاجية… إلخ، بأسعارها المرتفعة، وانعكاسها بغلاء متصاعد في أسعار كُـلّ السلع والخدمات، لتتظافرَ مع مؤامراته السابقة، والمستمرة بوقف المرتبات، ونقل البنك، ونشر الأوبئة والأمراض القاتلة، وإغلاقه لمطار صنعاء والمنافذ البرية والبحرية، واستهدافه للعملة بطباعة مئات المليارات لخلق أعظم وأشد وأوسع كارثة إنسانية في تاريخ البشرية، في ظل التواطؤ الأممي والدولي، وما كانت هذه الكارثة لتتحقّق لنظام الرياض المجرم دون ذلك التواطؤ.

ومؤخّراً اتجه إجرام هذه القوى الإجرامية إلى مضاعفة ومفاقمة الوضع الإنساني إلى أقصاه بعدم السماح بدخول حتى لتر محروقات واحد وفي أشد وأقسى لحظة حرجة يعيشها الشعب اليمني توقفت فيها معظم المنشآت الإنسانية الخدمية والصحية والإنتاجية والنقل… إلخ، بسَببِ نفاذ الوقود، ولماذا؟

لأن سعر المشتقات انخفض انخفاضا طفيفا رغم قلة الكميات التي يسمحون بدخولها في الماضي، ورغم تعمدهم بزيادة التكاليف بتحميلنا غرامات التأخير لسفن شحن المحروقات والتي تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات لكل سفينة عن كُـلّ يوم احتجاز، فانخفاض السعر يعني لهم انخفاض في معاناة الشعب حتى وإن كان الانخفاض، طفيفا ولا يترتب عليه تخفيف معاناة الشعب فهو عليهم كَبيراً؛ باعتبَار أن هدفهم مضاعفة معاناته، وما رسالة العدوان إلى المجلس السياسي الأعلى التي نقلها عبر الأمم المتحدة وَتهديده فيها أنه إذَا تم صرف نصفي الراتب للموظفين قبل شهر رمضان المبارك الماضي فسيقوم بوقف إدخَال المشتقات إلا أكبر دليل على وقوفهم بكل قوتهم ضد كُـلّ ما من شأنه أن يخفف من معاناة الشعب اليمني.

فهذا الأسباب هي ما أثارت غضبهم، وأثارت جنونهم، ودفعتهم لمؤامرتهم الجديدة بفرض إدخَال المحروقات عبر ميناء عدن الواقع تحت سيطرتهم من خلال مواصلة واستمرار احتجازهم لسفن المشتقات النفطية ليتمكّنوا من الوصول إلى التحكم والسيطرة المطلقة على هذه المواد ويدخلونها بالكميات التي يريدونها وتباع بالأسعار التي يحدّدونها فتصبح حياة الشعب كله تحت رحمتهم، أملا منهم في إخضاعه وتركيعه وسعيا منهم لتحطيم صموده الأُسطوري، وكسر ثباته القوي الذي تحطمت عليه كُـلّ مؤامراتهم، وتبخرت منه كُـلّ إمْكَانياتهم وقدراتهم، للعام السادس على التوالي، وهذا ما لا يكون ولن يكون بفضل الله وتأييده، ولن يبلغوه أبداً.

تساعدهم في ذلك وتدعمهم منظمة الأمم المتحدة جهاراً نهاراً، وهو ما أكّـده مبعوثها إلى اليمن “مارتن غريفيث” عبر تغريدة هزلية في صفحته طالب فيها من حكومة المرتزِقة، وأنصار الله مساعدته لإدخَال المشتقات، متجاهلا أن السفن التي تحتجزها بحرية العدوان خضعت للإجراءات الأممية وتم تفتيشها ومنحها التصاريح الرسمية لتفريغ حمولاتها في ميناء الحديدة ومع ذلك ما زالت محتجزة حتى اليوم ولم يحرك هو ومنظمته ساكنا، مِن أجلِ إطلاق سفن المشتقات المحتجزة طيلة شهور، ولا أدري ماهية المساعدة التي يريدها من أنصار الله، فحسب ما جاء في رد عضو المجلس السياسي الأعلى الأُستاذ محمد الحوثي على تغريدته بأن السفن لدى بحرية العدوان وميناء الحديدة جاهز لاستقبالها في أي لحظة ومناشدة الشعب اليمني لغريفث ولمنظمته لم تتوقف لحظة واحدة، ومع ذلك لم يعملوا شيئاً والأمر بأيديهم لو أرادوا.

فكل ما سبق يثبت ويؤكّـد أن الأمم المتحدة تسعى لتحقيق هذه المؤامرة، وأن غريفث بين في تغريدته أنه يبذل قصارى جهوده لتنفيذها ويضغط بكل قوته على أنصار الله للقبول بتسليم حياة الشعب للمرتزِقة من خلال الموافقة على دخول المشتقات عبر ميناء عدن وهو ما لا يمكن أن تقبل به قيادتنا الحكيمة، وما يجب أن يدرك خطورته كُـلّ فرد من أبناء الشعب اليمني.

وَالقبول بذلك يعني أن تصبحَ حياةُ الشعب تحت رحمة العدوان ومرتزِقته، ويعني تسليمهم طرفَي الحبل بعد أن لف حول الرقاب، فلا يتبقى عليهم إلا شد الحبل لكي يخضع لهم الجميع، وهذا حلمهم ومناهم الذي يسعون لتحقيقه من وراء احتجازهم الطويل للسفن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com