الشعار مشروع أُمَّـة وموقف واعٍ.. دوافع المشروع القرآني (2)

 

المسيرة| محمد الشميري

أشار السيدُ عبد الملك في خطابه في ديسمبر عام 2016 بذكرى الصرخة إلى دوافع المشروع القرآني وبواعثه، وحصرها في دافعين رئيسيين:

1ـ منطلق المسؤولية الدينية.

2ـ الهيمنة الأمريكية التي أنتجت حالةَ الخنوع والذل والعار.

وهذان الدافعان أوضحهما الشهيدُ القائدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في ملزمة الصرخة واستشهد السيد عبد الملك به في بداية خطابه وأكّـد بقوله: ((وانطلق معه المشروع القرآني العظيم والمهم من واقع الشعور بالمسؤولية أمام الله، وفي واقع سيئ ومرير ومخزٍ ومهين تعيشه أمتنا الإسلامية في المنطقة العربية والعالم عموماً)).

ويتجلى ذلك في حديث الشهيد القائد سلام الله عليه عندما قال: “عندما نتحدث أَيْـضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلو فيه من حالتين، كُـلٌّ منهما تفرِضُ علينا أن يكونَ لنا موقف. نحن أمام وضعية مَهِيْنة: ذل، وخزي، وعار، استضعاف، إهانة، إذلال، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كنا لا نزال نحمل القرآن ونؤمن بالله وبكتابه وبرسوله وباليوم الآخر لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف.

الحالة الثانية: هي ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم من أنه لا بد أن يكون لنا موقفٌ من منطلق الشعور بالمسئولية أمام الله سبحانه وتعالى. نحن لو رضينا -أَو أوصلنا الآخرون إلى أن نرضى- بأن نقبل هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضَّعَة، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل”.

 

أهدافُ المشروع القرآني

أما عن أهداف هذا المشروع المقدس فيقول السيد عبد الملك الحوثي في خطابه بمناسبة ذكرى الصرخة عام 2016: “انطلق هذا الهتاف هُتاف الحرية والعزة والإباء ليحقّق جملة من الأهداف”.

ويحدّد السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله تلك الأهداف فيما يلي:

1ـ “ليحطم جدار الصمت وليخرج الأُمَّــة من حالة السكوت إلى الموقف من حالة اللاموقف إلى الموقف، وأن تعبر عن حالة سخطها وعدائها لأُولئك الظالمين والعابثين والمستكبرين في الأرض”.

2ـ “يعبر عن حالة سخط يجب أن تسود الأُمَّــة لا ينبغي أبدًا أن يحل محل هذا السخط حالة رضا؛ لأَنَّ حالة الرضا تلك هي التي ستمهد لأَن تقبل الأُمَّــة بهيمنة أُولئك وباحتلالهم للبلدان وسيطرتهم على المقدرات”.

3ـ “سيكون حافزًا مهمًا لأن تتحَرّك الأُمَّــة في بناء واقعها الداخلي؛ لأَنَّ واقعَ الأُمَّــة ليس قائمًا على أَسَاس أنها أُمَّـة تعيش في مواجهة أخطار وتحديات، ولها أعداء بهذا المستوى بهذا الخبث بهذا المكر، وتعيش حالة من الاستهداف الكبير، بالتالي هي تعيش حالة التدجين وحالة الخضوع وهذه الحالة عطلت واقع الأُمَّــة من التوجّـه إلى عوامل البناء إلى عوامل القوة؛ لأَنَّ الأُمَّــةَ التي تعيشُ حالة الإدراك والإحساس بالخطر وبأن لها أعداء يستهدفونها، هذا الإحساس وهذا الشعور يدفعها إلى أن تبحث عن عوامل القوة لتبني نفسها لتكون قوية فتتمكّن من دفع الأخطار ومواجهة التحديات”.

4ـ “يقدم ثقافة ويعالج حالة، إنها يرسخ فينا الثقة بالله والاعتماد على الله وإيماننا بأن الله هو الأكبر في هذا الوجود بكله، هو خالق هذا الوجود سبحانه وتعالى، وهو المهيمن والعظيم والمقتدر، وحينما نثق به ونعتمد عليه يمكننا أن نتحَرّك في واقع الحياة وفي مواجهة هذا التحدي بمعونته وبنصره وبتأييده وأن نسترشد بهديه العظيم والحكيم والمنير فنستبصر في واقعنا مهما كانت عتمة الظلمات”.

5ـ “يعطينا رؤيةً صحيحةً تجاه العدوّ، ويشخص هذا العدوّ من هو بالتحديد أين هو مصدر الخطر؟ أين هو منبع الخطورة على أمتنا؟”.

6ـ “يحصِّنُنا من حالة التلبيس والتضليل التي تخدم أُولئك إلى حَــدٍّ كبير، اليوم هناك عمل كبير في داخل الأُمَّــة يحاول أن يحول بوصلة العداء في غير الاتّجاه الصحيح يحولها في داخل الأُمَّــة، عندما ننظر في واقعنا كمسلمين في هذه المرحلة ييأس الإنسان ويتألم كيف تتحَرّك أعداد كبيرة الآلاف من الناس فيما يخدم أمريكا وإسرائيل خدمة مباشرة، فيما يحقّق لأُولئك أهدافهم وما يرومونه، هذا اختراق كبير في واقع الأُمَّــة وتحَرّك للأسف الشديد محسوب على الإسلام، من التكفيريين والقاعدة والدواعش الذين هم بمجملهم صناعة للاستخبارات الأمريكية؛ لأَنَّهم لو كانوا صادقين لو كانوا مخلصين، لو كانوا فعلا ضمن مشروع مستقل وهم على هذا المستوى والقدرة من التحَرّك في المنطقة عُمُـومًا لكانوا تحَرّكوا في فلسطين، أين هو موقفهم من العدوان الإسرائيلي؟ بما أن لديهم هذه القدرة والإمْكَانية من الدخول حتى إلى البلدان المجاورة لفلسطين بما فيها سوريا، لماذا لا يقفون الموقف المشرف والمسؤول تجاه العدوان الإسرائيلي حتى في هذه الأيّام”.

 

العوائقُ التي توقَّع حدوثها الشهيد القائد

ويتعمق الشهيدُ القائد سلام الله عليه في استعراض العوائق التي توقع حدوثها، حتى على مستوى الشعور النفسي لدى الناس، فيتحدث سابراً أغوار النفوس البشرية ومستعرضاً الحالةَ النفسيةَ للكثير من الناس، مركزاً على تأثيرات تلك الحالة النفسية الهزيلة، فيدخل إلى النفوس لعرض ما تشعر به فيقول: “من هو الذي تشعر بأنك تخاف منه؟ عندما تتحدث عن أمريكا، عندما تتحدث عن إسرائيل، عندما تلعن اليهود والنصارى. إذَا شعرنا في أعماق أنفسنا بأننا نخاف الدولة فإننا نشهد في أعماق أنفسنا على أن هؤلاء هم ماذا؟ هم أولياء لليهود والنصارى، أي دولة كانت يحدث في نفسك خوف منها فإنك في قرارة نفسك تشهد بأن تلك الدولة هي من أولياء اليهود والنصارى. هذه واحدة. وإلا ما الذي يمكن أن يخيفني من جانبهم إذَا ما تحدثت عن أمريكا وإسرائيل وعن اليهود والنصارى؟؟”.

ويستمر في ذلك وكأنه يستعرض العوائق التي يمكن أن تعيق المشروع العظيم، ويفندها بحجّـة ومنطق: “ليس من مصلحتكم أن تظهروا للناس بأنهم يخافونكم إذَا ما تحدثوا عن اليهود والنصارى، وتحدثوا عن أمريكا وإسرائيل؛ لأَنَّكم وإن قلتم ما قلتم، وإن صنعتم ما صنعتم من مبرّرات فإن القرآن علمنا أنها ليست بشيء، أنها ليست واقعية”.

مستنداً في ذلك على: “القرآن الكريم قال لنا: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ}”.

ويوجه السيد حسين -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- حينها النصح للسلطة بعدم التصدي لهذا المشروع القرآني العظيم، فيقول: “من مصلحتكم أن لا تعززوا تلك الحقيقة في أعماق النفوس من أننا نخاف منكم إذَا ما تحدثنا عن اليهود والنصارى، إن أعماق النفوس هو مكمن الحقائق، ففي أعماق النفوس تكون بذرات السَّخط، تكون هناك بذور الحرية، تكون هناك بذور الصرخات التي تسمعونها في وجوه أوليائكم، وفي وجوهكم إذَا ما تحَرّكتم لتبرهنوا على أنكم فعلاً كما شعر الناس أمامكم بأنهم يخافون منكم، فتعززون في أعماق نفوسهم هذه الحقيقة، التي ليس من صالحكم أن تفهموا الناس بأنها حقيقة، دعوها، ومن مصلحتكم أن تدعوها وهماً، وأن تكون وهماً في نفوس الناس، ليس من مصلحتكم أن يكون من جانبكم أي تحَرّك، أي حدث لتعززوا هذه الحقيقة في النفوس”.

 

ضرورةُ العمل في مواجهة الاستكبار العالمي

وقبل أن يضعَ الآلية التنفيذية لمشروعه، يشدّد على ضرورة العمل في مواجهة الاستكبار العالمي: “عندما نتحدث، ونذكر الأحداث وما يحصل في هذا العالم وما يحدث، ووصلنا إلى وعي بأنه فعلاً يجب أن يكون لنا موقف، فما أكثر من يقول: ماذا نعمل؟ ماذا نعمل؟ وماذا بإمْكَاننا أن نعمل؟ أليس الناس يقولون هكذا؟ هذه وحدها تدل على أننا بحاجة إلى أن نعرف الحقائق الكثيرة عما يعمله اليهود وأولياء اليهود، حتى تلمس فعلاً بأن الساحة، بأن الميدان مفتوح أمامك لأعمال كثيرة جِـدًّا جداً جداً”.

معتبرًا مجالات العمل كثيرة: “الميدان ليس مقفلاً، ليس مقفلاً أمام المسلمين، أعمال اليهود والنصارى كثيرة، ومجالات واسعة، واسعة جِـدًّا، وهم يحسون بخطورة تحَرّكك في أي مجال من المجالات لتضرب عملهم الفلاني، أَو تؤثر على مكانتهم بصورة عامة، أَو لتؤثر على ما يريدون أن يكون سائداً، لِحافٌ على العيون وعلى القلوب”.

ويرفض بشدة الرضا بالأمر الواقع، والانسياق نحو الخنوع: “فإذا رضينا بما نحن عليه، وأصبحت ضمائرنا ميتة، لا يحركها ما تسمع ولا ما تحس به من الذلة والهوان، فأعفينا أنفسنا هنا في الدنيا فإننا لن نُعفى أمام الله يوم القيامة. لا بُدّ للناس من موقف، أَو فلينتظروا ذلاً في الدنيا وخزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة. هذا هو منطق القرآن الكريم، الحقيقة القرآنية التي لا تتخلف، {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}، {وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.

ويتساءل مجدّدًا عن مدى استعداد الناس، وما العمل الذي ينبغي أن يكون: “إذا قلنا نحن مستعدون أن نعمل شيئاً فما هو الجواب على من يقول: [ماذا نعمل؟]”.

 

الآليةُ التنفيذيةُ للمشروع القرآني المتمثلة في الصرخة والمقاطعة

وفي 17/ يناير/ 2002م في قاعة مدرسة الإمام الهادي في مَرَّان – صعدة يضع -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- الانطلاقة الأولى لمشروعه ويطلق صرخته المدوية، قائلاً: “أقول لكم أيها الإخوة اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا:

الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام].

أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد -بإذن الله- ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكنَ أُخرى، وستجدون من يصرخ معكم -إن شاء الله- في مناطق أُخرى:

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام].

هذه الصرخة أليست سهلة، كُـلّ واحد بإمْكَانه أن يعملها وأن يقولها؟.

إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم”.

وكانت صرخة: {الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام} الخطوة العملية الأولى، وبداية المشروع، وجوهره، وأَسَاسه وروحه، وفي هذه المحاضرة (الصرخة في وجه المستكبرين) التي تعتبر من أوائل محاضرته، نجده عليه السلام، يرسم فيها الخطوط العريضة للمشروع القرآني الذي نهض به، ويضع الخطة العملية، والآلية التنفيذية للقيام بمشروع يناهض الغطرسة الأمريكية آنذاك، المتمثلة تلك الآلية بترديد الشعار، كانطلاقة أولى تلتها المقاطعة والعديد من الأعمال، التي رسم ملمحها العام المرتكز على تنمية السخط ضد أمريكا وإسرائيل الذي تنفق الغالي والرخيص لكي تتفاداه.

فعمل السيد المؤسّس سلام الله عليه على توجيه كامل العداء نحو العدوّ، وهذا ما أكّـده السيد القائد عبد الملك الحوثي في ذكرى الصرخة عام 2016: “نجد لزامًا أنه يجب أن نتحَرّك لتبقى بوصلة العداء دائماً إلى العدوّ الحقيقي إلى إسرائيل وإلى أمريكا، وبالتالي لفت نظر وانتباه الناس إلى مؤامرات أمريكا ومؤامرات إسرائيل، ما تتحَرّك به أمريكا وإسرائيل على كُـلّ المستويات على المستوى السياسي على المستوى الاقتصادي على المستوى الأمني على المستوى العسكري على كُـلّ المستويات، هذا شيء مهم؛ لأَنَّهم يتحَرّكون تحَرُّكاً شاملاً وينشطون بإمْكَانيات هائلة ويستفيدون من واقع مؤسف في داخل الأُمَّــة”.

وأكّـد فيه أن هذا المشروع أتى بسماتٍ يوضحها بقوله: “هذا المشروع القرآني بهتافه وشعاره ومشروعه الآخر المتعلق بالمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية هو مشروع نحتاج إليه كمسلمين؛ لأَنَّ بقاءنا بلا مشروع يعني البقاء في حالة من الاستسلام والصمت التي تخدم الأعداء، وهو مشروع متنور؛ لأَنَّ الثقافة القرآنية تتضمن رؤية شاملة متكاملة تتناول الواقع وتتناول مشاكل الأُمَّــة وتتناول الأحداث وطبيعة الصراع وما تحتاج إليه الأُمَّــة في مواجهة هذا الصراع”.

والسيد عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير في ذكرى الصرخة يوضح أن الشعار “موقف ضمن مسار عملي وخلفه ثقافة وخلفه رؤية ومشروع وبجانبه خطوات عملية أُخرى كمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية وبناء الأُمَّــة على كُـلّ المستويات سياسيًّا وعسكريًّا واقتصادياً وثقافياً وفي كُـلّ المجالات حتى تكونَ في مستوى التحمل للمسؤولية وبمستوى مواجهة الأخطار والتحديات”.

 

تأثيرُ الشعار على الأمريكيين وعملائهم

وخلال إيضاحه تأثير الشعار، بدأ بتوقع ردة فعل المنافقين واعتبره مؤشراً لصحة وفاعلية المشروع فقال: “سينطلق المنافقون هنا وهناك والمرجفون هنا وهناك ليخوفوكم، يتساءلون: ماذا؟ ما هذا؟”.

لكنه يوضح أن تحَرّك المنافقين من مؤشرات صحة عملك وفاعليته: “أتعرفون؟ المنافقون المرجفون هم المرآة التي تعكس لك فاعلية عملك ضد اليهود والنصارى؛ لأَنَّ المنافقين هم إخوان اليهود والنصارى: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} فحتى تعرفون أنتم، وتسمعون أنتم أثر صرختكم ستسمعون المنافقين هنا وهناك عندما تغضبهم هذه الصرخة، يتساءلون لماذا؟ أَو ينطلقون ليخوفوكم من أن تردّدوها”.

ثم يشير إلى أثر مثل هذا العمل على نفوس الأعداء: “ما هو هذا الأثر؟ السخط، السخط الذي يتفاداه اليهود بكل ما يمكن، السخط الذي يعمل اليهود على أن يكون الآخرون من أبناء الإسلام هم البديل الذي يقوم بالعمل عنهم في مواجهة أبناء الإسلام، يتفادون أن يوجدَ في أنفسنا سخطٌ عليهم، ليتركوا هذا الزعيم وهذا الرئيس وذلك الملك وذلك المسئول وتلك الأحزاب -كأحزاب المعارضة في الشمال في أفغانستان- تتلقى هي الجفاء، وتتلقى هي السخط، وليبقى اليهود هم أُولئك الذين يدفعون مبالغَ كبيرةً لبناء مدارس ومراكز صحية وهكذا ليمسحوا السخط. إنهم يدفعون المليارات؛ مِن أجلِ أن يتفادوا السخطَ في نفوسنا، إنهم يعرفون كم سيكون هذا السخط مكلفاً، كم سيكون هذا السخط مخيفاً لهم، كم سيكون هذا السخط عاملاً مهماً في جمع كلمة المسلمين ضدهم، كم سيكون هذا السخط عاملاً مهماً في بناء الأُمَّــة اقتصادياً وثقافياً وعلمياً، هم ليسوا أغبياء كمثلنا يقولون ماذا نعمل؟. هم يعرفون كُـلّ شيء”.

ويؤكّـد على هذا الأثر المهم: “ولنعرف حقيقة واحدة من خلال هذا، أن اليهودَ أن الأمريكيين على الرغم مما بحوزتهم من أسلحة تكفي لتدمير هذا الأُمَّــة عدة مرات حريصون جِـدًّا جداً على ألا يكونَ في أنفسنا سخطٌ عليهم، حريصون جِـدًّا جداً على أن لا نتفوه بكلمة واحدة تنبئ عن سخط أَو تزرع سخطاً ضدهم في أي قرية ولو في قرية في أطرف بقعة من هذا العالم الإسلامي، هل تعرفون أنهم حريصون على هذا؟”.

وفي ملزمة (الشعار سلاح وموقف) يتحدث السيد حسين عن فاعليته وأثره على الأمريكيين وعملائهم، بقوله: “فالشعار هذا أثبت عندما مسحوه، عندما تراه ممسوح هو يشهد -وهو ممسوح- بماذا؟ أنه مؤثر على الأمريكيين، عندما تراهم يخدشوه يشهد بأنه مؤثر على الأمريكيين، أَيْـضاً مؤثر على الوهَّـابيين، مؤثر على الوهَّـابيين أَيْـضاً بشكل كبير، ما ندري كيف سووا حتى أصبحوا هكذا يعني نافرين منِّه، أما كان المحتمل أن يتقبلوا ويرفعوا الشعار هذا؟ وخَاصَّة أنه ليس محسوباً عليهم وهو ظهر من عند أناس آخرين، لماذا نفروا منه! لماذا حاولوا أن لا يرفعوه! لماذا يحاربوه حتى لماذا يحاربونه، لا أدري ماذا لديهم من أهداف في هذه.

هو يشهد بأنه من كان يُعرف عنهم أنهم باسم دُعاة للإسلام، وأنهم أعداء لأعداء الله، وأشياء من هذه، أنها، عبارة عن كلام؛ لأَنَّهم لو كانوا أعداء حقيقيين لأمريكا، أعداء لإسرائيل، أعداء لليهود والنصارى لكان لهم من المواقف أعظم مما لنا، شعارات، مظاهرات، هم الآن في الساحة عبارة عن حزب كبير تحت اسم حزب الإصلاح، حزب كبير، أليس باستطاعته أن يكون له مظاهرات؟ مثلما يعمل الشيعة في لبنان، مثلما يعمل الشيعة في إيران، مظاهرات ضد أمريكا، مظاهرات ضد إسرائيل، يكون لهم شعارات يرفعونها، يوزعونها.

لكن ولا كلمة ولا موقف، هذا يثير الشك فيهم هم، أَو أنهم ليسوا موفقين إلى أنه يكون له موقف مشرف ضد أعداء الله.

يثير الشك -أَيْـضاً- في رموزهم أن لهم علاقات، هذا الذي كُشف أخيرًا عندما كانوا منذ زمن يأخذون شباب اليمن ليقاتلوا في أفغانستان، أَيَّـام كان الاتّحاد السوفيتي محتلّاً لأفغانستان.

وإذا بأمريكا هي التي كانت توجّـه بهذا وتموله، وأخذت تصريحاً من الرئيس بهذا وغيره، فهي كانت أوامر أمريكية تأتي لهؤلاء وتوجيهات أمريكية وتمويل أمريكي، وعندما أصبح الجهاد ضد أمريكا انتهى الجهاد، وكأنه أقفل باب الجهاد ضد أمريكا، لماذا أما ضد الاتّحاد السوفيتي أنه مشروع وضد أمريكا وإسرائيل لم يعد مشروعًا؟.

الشيء الآخر أنهم قد يكونون مثلاً يحاولون أن لا يحصلَ من جانبهم ما يجرَحُ مشاعرَ أمريكا، ربما يحتاجون لأمريكا، سيحتاجونها في الوصول إلى السلطة، وأشياء من هذه، فلا يحاولون أن يجرحوا مشاعرها، معناه إنهم ليسوا حركة دينية، تنطلق لخدمة الإسلام والدفاع عن الإسلام، بل حركة لها مقاصد أُخرى ممكن تضحي بالإسلام؛ مِن أجلِ مقاصدها”.

 

النتائجُ التي حقّقها المشروعُ القرآني

وفي خطابه في ذكرى الصرخة عام 2016، يختم السيد عبد الملك بذكر فاعلية وأهميّة هذا المشروع والنتائج التي حقّقها بقوله: “تحَرّك هذا المشروع القرآني يشق طريقه مهما كان حجم الصِّعاب والظروف والتحديات والأخطار بالرغم مما واجه على المستوى الداخلي من عدائية شديدة جِـدًّا جدًا جِـدًّا، ومحاربة غير مسبوقة سعت إلى وأده، وإنهائه تماماً والقضاء عليه منذ مرحلته الأولى، ولكن هذا المشروع بقي قائمًا وقويًا، كلما حورب ازداد قوةً؛ لأَنَّه مشروعٌ واقعي صحيح تشهد له الأحداث تشهد له الوقائع، أُولئك الذين يتحَرّكون في الطريق المعاكس لتقديم أمريكا وإسرائيل أنها صديقة للأُمَّـة أَو لتدجين الأُمَّــة، أَو في المشاريع الخطأ التي تخدم الأعداء هم الفاشلون وهم المتراجعون أمام واقع الأُمَّــة وهي تزدادُ وعيًا، وتدرك طبيعة الخطر، وتحس بالمعاناة، وتدرك حجم الاستهداف يوماً إثر يوم؛ لأَنَّ الشواهد كثيرة والمتغيرات والأحداث كفيلة بأن تقدم أَيْـضاً ما يشهد بما تضمنه هذا المشروع القرآني المتميز”.

أنا يا حسين بطولةٌ لم تنتهِ   بدم الشهيد نسجتها راياتي
وتلوتها (هيهات منا ذلة)   أسمعت آفاق الدنى آياتي
أنا يا حسينُ بك استبان لي الهدى   بك أهتدي في يقظتي وسُباتي
نهجُ الحسين شريعتي وعقيدتي   وبصيرتي ومعزتي ونجاتي
أنا في دمي تجري تلاوةُ هديه   ديني الشعارُ وراتبي وصلاتي

فقارن أخي القارئ الكريم بين أن يكونَ شعارُك نجمةً أَو هلالاً أَو صنماً أَو تمثالاً وبين أن يكونَ شعارُك الله الكبير الذي بيده ملكوتُ كُـلّ شيء عليه تتوكل وبه تثق وإليه تلجأ ومنه تستمد العون والنصر والتأييد.

إمامَ البطولةِ أما أنا   فيحلو بدربك ليْ مصرعي
 إليكَ انتمت هاهنا أحرفي   وقلبيَ لمن جار لم يركعِ
رفعتُ شعارك لن أنثني   جيوشَ الطغاةِ ألا فاسمعي

هذه مقاربةٌ بسيطةٌ والمحاضراتُ مليئةٌ بالدروس والعِبَر العظيمة بإمْكَانكم العودة إليها وتأملها، وتتبع ملامح هذا المشروع العظيم وفاعليته وأهميته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com