ارتفاع كبير في أسعار المطهرات والمعقمات.. جائحة كورونا وجشع التجار تضاعف معاناة المواطنين

القفازات الطبية شبه منعدمة والصناعة تؤكّـد أنها لن تسمح بالتلاعب

 

المسيرة| تحقيق- محمد الكامل

يجتهد المواطن طه علي محسن في الحصول على كمامة طبية ومعقمات ومنظمات لا سِـيَّـما مع الحديث المتكرّر عن انتشار جائحة كورونا المستجد كوفيد 19، ودعوات وزارة الصحة للمواطنين للالتزام بالإجراءات الاحترازية لمواجهة هذا الوباء.

ويقول طه الذي يبلغ من العمر “45”: إنه أُصيب بجلطة في القلب قبل سنوات؛ لذا فإنه بحاجة ماسة للكمامات أكثر من غيره لحماية نفسه من التعرض للوباء لا قدّر الله.

ويشير طه في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أنه يتنقلُ من مكان إلى آخر، ومن صيدلية إلى أُخرى؛ بحثاً عن الكمامات والقفازات أَو المنظفات والمعقمات الطبية، لكن يؤكّـد أن ظروفه المالية صعبة جِـدًّا ولا تسمح له بشراء كُـلّ هذه الحاجيات وباستمرار، كما أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير مقارنة عما كان عليه الحال في السابق.

وخلال الأسابيع الماضية شهدت الأسواقُ ارتفاعاً غير مسبوق لأسعار المطهرات والمعقمات؛ بسَببِ الحديث المتزايد عن انتشار وباء كورونا المستجد في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، وإقبال المواطنين المتزايد عليها، ما جعلنا نتساءل عن هذا الارتفاع وهل هو مبرّر أم لا؟

 

ارتفاع مضاعف

يقول المواطن طه: إنه كان يشتري كرتون الكمامات قبل أشهر بمبلغ 6 آلاف ريال يمني، لكن السعر الآن ارتفع للضعف، ويختلف سعرُه وجودته من صيدلية إلى أُخرى.

ويزيد طه بقوله: “هذا حرام واستغلال لحالة شعب خائف من مرض، سعر الكمامات ارتفع بنسبة 300 %”، مُشيراً إلى أن الشعب اليمني يعاني الكثير من المتاعب ولم يعد قادراً على تحمّلها؛ بسَببِ العدوان والحصار المفروض على البلاد للعام السادس على التوالي.

ويتمنى طه من الجهات المختصة في وزارة الصناعة وأمانة العاصمة أن تتحمّل مسؤوليتها وتضبط هذا التلاعب وتشدّد الرقابة بأساليب حديثة وذكية؛ وذلك لأن بعض تجار الأدوية يخفون هذه المنظفات والمعقمات ربما لبيعها في السوق السوداء، مُشيراً إلى أن الوضع كارثي والناس لا يستطيعون حتى التنفس.

 

احتكار واستغلال

وقبل انتشار المرض كان سعر الكمامات والقفازات الطبية لا يتجاوز 2000 وَ1500 ريال، كما هو الحال في بقية أسعار المنظفات والمعقمات الطبية الأُخرى.

ويعزو فتح الصانع -صاحب محلات الصانع للأدوية والمستلزمات الطبية- هذا الارتفاع إلى انتشار جائحة كورونا، مبينًا أن المصانع اليمنية هي نفسها تقوم برفع الأسعار، كما أن المنتجات الخارجية غير متوفرة، سواء أكانت القفازات والكمامات أَو المعقمات والمنظفات الطبية.

ويوضح الصانع أن نسبة الأسعار ارتفعت بما يصل إلى 100 % وأكثر، حيث كان سعر “باكت” القفازات الطبية يتراوح ما بين 1200 ريال إلى 1500 ريال، أما الآن فسعر الـ”باكت” 3000 إلى 3500 ريال، بينما كان سعر الكرتون الكمامات 2000 ريال، أما الآن فقد وصل سعره إلى 6000 ريال.

ويرى الصانع أن تخوف الناس من وباء كورونا انعكس على الإقبال الكبير في شراء المنظفات والمعقمات لدرجة أن القفازات الطبية أصبحت شبه معدومة، مع معرفة أن هذه القفازات يتم استيرادها من الخارج، منوِّهًا بأن من يتحمل ارتفاع السعر هي المعامل التي كُـلّ يوم ومعها سعر جديد، أما بالنسبة لنا فنحن نبيع بحسب الشراء من المصنع وبعد حساب نسبتنا القليلة كتجار.

واختتم الصانع حديثه لصحيفة “المسيرة” بالقول: “هناك مشكلة الاحتكار من بعض التجار أَو الوكلاء أنفسهم، يحتكرون بعض البضائع للكسب أكثر، وبالتالي على الجميع من تجار ووكلاء التخفيف على هذا الشعب، خاصة وأن القفازات الطبية التي تأتي من الخارج عكس الكمامات التي أصبحت تصنع محلياً، فما يبحث عنه المواطنون بكثرة الآن هي القفازات الطبية.

وعند محاولتنا الحديث مع أكثر من تاجر وجدنا عزوفاً لدى الكثيرين وهروباً من الحديث إلينا، تحت مبرّرات وحجج تختلف من تاجر إلى آخر، فالأول يقول استئذن من عمنا صاحب المحل، وثانٍ يدعي أنه مشغول ولا يستطيع التكلم، بينما ثالث يقول إنه لا يعرف، فهذا ليس من اختصاصي.

 

تخزين وسحب المعقمات من السوق

وفي تعليقه على هذا الأمر، يقول وكيل وزارة الصناعة والتجارة محمد يحيى: من منطلق ما تملكه وزارة الصناعة والتجارة من قوانين وصلاحيات رقابية لحماية المستهلك، قامت الوزارةُ بالتنسيق، ومساعدة لوزارة الصحة العامة والسكان، والهيئة العليا للأدوية، إلى جانب الهيئة اليمنية للموصفات والمقاييس وضبط الجودة في عملية الرقابة على الأسعار، بتشكيل لجنة والنزول الميداني لمتابعة وضبط التلاعب بأسعار المستلزمات الطبية قبل حوالي شهرين، وتم إغلاق بعض شركات ومكاتب خَاصَّة ببيع المستلزمات الطبية.

ويشير يحيى لصحيفة “المسيرة” إلى أن سبب ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية وتحديداً الكمامات والقفازات والمنظفات والمعقمات الطبية في البداية وقبل دخول جائحة كورونا إلى اليمن، هو قيام بعض مرضى النفوس من التجار بسحب هذه المستلزمات من السوق وتهريبها إلى الصين بكميات كبيرة، مما أَدَّى إلى شح تواجد المادة داخل البلاد، إضافة إلى تجار آخرين وخَاصَّة بعد مضي الدولة في الإجراءات الاحترازية قاموا بتخزين كميات كبيرة وتوزيع أُخرى في السوق.

ويمضي في حديثه بالقول: “وبالنظر للوضع القائم في العالم كلِّه، هناك دول تسطو على أملاك دول أُخرى، مثل ما حدث حين قامت تركيا بالاستيلاء على سفينة كانت ذاهبة إلى الأردن، إلى جانب الدول الكبرى وخَاصَّة أمريكا التي أصبحت مثل قاطع طريق تسطو على أية سفينة تحتوي على المعقمات والمطهرات والمستلزمات الطبية التي لها علاقة بجائحة كورونا، وهو ما أثر على الأسعار بنسبة كبيرة”.

وبالتنسيق مع الهيئة العامة للأدوية، قامت وزارة الصناعة والتجارة بالنزول إلى سوق الأدوية وإغلاق أكثر من ثمانية محلات، ومن ثم كتابة تعهدات عليهم مع استمرار عملية الرقابة من جهة الهيئة العامة للأدوية إلى يومنا هذا.

ويضيف يحيى: “كما تم التنسيق مع مصلحة الجمارك، والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، إلى جانب وزارة الصحة، في عملية الرقابة على دخول مادة الإيثانول (الإسبرت) وتوزيعه على التجار لتغطية السوق بالمعقمات والمحافظة على بقاء الأسعار ثابتة وعدم ارتفاعها، من خلال إعانة التجار على عملية الاستيراد من جانب، وجهة ورقابية عليهم من جانب آخر، وذلك لخلق عملية توازن بين العرض والطلب”، مبينًا بقوله: في بداية الأمر كان هناك جشع بالنسبة لبعض مصنعي مادة الإيثانول محلياً، حيث قامت اللجان الرقابية بالنزول الميداني وبعد متابعة هذه اللجان لبيانات هذه المعامل، من حيث القوة الإنتاجية، وكمية المخزون، وكمية الشراء سواء من الداخل أَو استوردها من الخارج، وجدنا بعض المعامل تحتكر مادة الإيثانول، فتم إغلاقها أَيْـضاً، وإحضار ملاكها إلى الوزارة وإلزامهم بتعهدات خطية بعدم التلاعب بالأسعار أَو احتكار أي سلعة كانت.

ويؤكّـد يحيى أنهم في الوزارة “يولون هذا الأمرَ اهتماماً كَبيراً، وهم مستمرون في عملية الرقابة والمتابعة، وبالذات دائرة الإمدَاد الدوائي بوزارة الصحة في النزول الميداني، والتنسيق فيما بيننا حتى على مستوى مكتب الصناعة في الأمانة وفروعها مع مكاتب الصحة وفروعها، الجميع يشتغل بوتيرة واحدة”.

ويواصل حديثه: “نحن في وضع لا يُحسد عليه، فبعد أن كنا نستورد من مصر والهند، تم وقف البيع من جهتهم واشتراط مصر البيع لنا بعد مذكرة تخاطب رسمية من رئاستي الجمهوريتين”، مضيفاً: “وبالتالي لم يكن لدينا إلَّا إيجاد بدائل والاعتماد على أنفسنا، حيث قمنا بإنشاء مصنع لإنتاج مادة الإيثانول داخل اليمن وشركة للبيع والتوزيع، لأول مرة في اليمن”، مُشيراً إلى أن قيمة البرميل الإيثانول يصلُ الآن إلى 1000 أَو 1200 دولار، فيما كان قيمته لا تتعدّى 30 ألف ريال يمني، والسبب في ذلك هو الحصار والعدوان الذي يعتبر مادة الإيثانول من المواد الممنوعة والمحظور استيرادُها علينا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com