كيف نستفيد من شهر رمضان لتحقيق التقوى؟

 

أبو الباقر الجرادي

– استقباله بتوبة شاملة ونفسية زاكية:

أول ما نحرص عليه أن نستقبل هذا الشهر الكريم، وابتداءً من أول ليلة فيه بالإنابة إلى الله، بالتوبة إلى الله، بالاستغفار، بالاعتذار إلى الله من كُـلّ ذنب، من كُـلّ إثم وتقصير، بالشعور بالندم بالتضرع، بالاستحياء من الله بنية صادقة على الاستقامة، توبة نصوح، توبة صادقة شاملة من كُـلّ الآثام والمعاصي والذنوب.

نصحح وضعيتنا مع الله ومع عباده، نقيم واقعنا بدءاً من قلوبنا ومشاعرنا، هل يسود في مشاعرنا المحبة لله فوق كُـلّ شيء، والخوف منه، نبدأ باستقبال هذا الشهر بمراجعة النفس، بمراجعة الواقع، نأمل ونفتش عن عوامل النقص، عن الأخطاء بنفسية حريصة.

– نستقبل هذا الشهر الكريم بنفسية زاكية: كغض البصر فله أهميّة في الحفاظ على زكاء النفس، نحفظ أبصارنا، نحفظ زكاء نفوسنا.

– أن نتعلم منه قوة العزم والإرادَة:

شهر رمضان يعتبر مدرسة تربوية نتعلم قوة العزم والإرادَة بترويض أنفسنا كيف نسيطر على أنفسنا، أن نمنعها مما تهوى وترغب، وأن نجعلها تطيع الله وتلتزم أوامره.

فالكثير من الناس هم أسيروا رغبات أنفسهم، مثلاً الذين يضيعون أوقاتهم ويمضون أوقاتاً طويلة بالعكوف على الجوالات والكمبيوترات والإنترنت، غارقون في متابعة المسلسلات، يحوّلون الليالي المباركة، ليالي الهداية وفق رغبات أنفسهم وميولها، وهنّ ليالٍ يجب أن يعمروها بالتواصل مع الله والإقبال إلى الله بروحانية العبادة والطاعة والخضوع… إلخ، فالكثير من الناس أسرى لشهوات أنفسهم، يتبعون الشهوات كما حكى الله عنهم، سلس الانقياد للشهوة سرعان ما ينساق، وإن كان فيها معصية لله، وتجلب سخطه وغضبه.

فالصيام ينمي قوة العزم والإرادَة إذَا كان يعي أن عليه أن يربي نفسه على السيطرة عليها، والتطويع لها، يبني واقعه على أَسَاس هدى الله.

– نتعلم منه كيفية التعود على الصبر للنهوض بالمسؤولية:

فخلال شهر رمضان المبارك نخوض تجربة عملية فيها مشاقّ على النفس، ونتعود أن نصبر على تلك المشاق، نتعود على أية معانات نفسية أَو جسدية، نتعود أن نصبر، وبالتالي نكسب ونتعلم قوة التحمل، وهذا شيء مهم إذَا كنا نشعر أنفسنا بأنه شهر إصلاح النفس، وتخليصها، وتنقيتها.

شهر رمضان يعتبر من أهمّ الوسائل للعناية بالنفس، في ظل واقع الترويض والتطويع للنفس على الصبر، وطاعة الله خلال شهر رمضان فرصة لتزكية النفس وتخليصها من الشوائب والعيوب مما قد تعلقت به النفس أَو ألفته أَو ارتبطت بذنب معين مثل الرياء، والعجب، والغرور، والكبر كذلك من الذنوب حالة الهمز واللمز وهتك أعراض المؤمنين أَو أي عيب أَو ذنب من الذنوب.

فممكن خلال الصيام، والقيام، والدعاء، والاستعانة بالله الإقلاع عن ذلك والتخلّص منه، ونكون بعيدًا عنه فيما بعدُ.

– يعتبر شهر رمضان المبارك ترويضاً للنفس البشرية، تصليحاً كأي جهاز يحتاج لعناية وإصلاح:

تصحيح العلاقة مع الله ومع عباده، وتصحيح التصورات، تنمية الروح الخيرة، الكسر لشهوة النفس، وطمع النفس، ورغبة النفس، وهوى النفس يترك أثرًا إيجابيًّا في معنويات الإنسان، يتنامى فيه الخير والرغبة في فعل الخير، كذلك تتحسن أخلاقه وسلوكياته في التعامل مع الآخرين؛ لأَنَّ الصيام يساعد على أن تكون منشرح النفس ومرتاح البال، لا أن تكون ضيّق النفس، عبوسًا، متجهمًا، ومنفعلاً يتكلم على هذا ويسخط على هذا، فالصيام موسم ألفة، موسم محبة حاول أن تكون ملتزمًا لا تعمل ما يحبط صيامك وقيامك.

– الاهتمام بتلاوة القرآن بتبصر وإصغاء وتفهم والاهتداء به:

يجب أن نتعامل مع هدى الله، من يريد الاهتداء والاستبصار والتنوير، من يريد الإتباع والعمل والالتزام والتمسك فيما يحدّد لنا من مسؤوليات، أَو يدعونا إلى عمل نسلم لله، ونستجيب لله، نتقبل توجيهاته، نعمل ما نسمعه من هدى الله نستوعبه، ونقلع ونترك فيما يحذرنا وينهانا ونتقيه، فهدى الله نور نستنير به في ظلمات الحياة، فنرى بنور الله حتى لا يتمكّن أحد من خداعنا وإضلالنا.

من يتعامل مع هدى الله بجدية ويتفهم وينتفع لا يمكن أن يكون عرضةً للشيطان وتأثيراته ولا للمضلين وشبهاتهم، فالحرب التضليلية والإعلامية والحرب التثقيفية والفكرية مستعرة وهوجاء لا يتحصن الإنسان منها إلا بنور القرآن وبهدى القرآن وبثقافة القرآن.

– الاهتمام بالدعاء بتضرع وإقبال إلى الله:

من الأشياء المهمة في شهر رمضان، الاهتمام بالدعاء، دعاء بإنابة إلى الله يجب أن يستغل الدعاء في رمضان؛ لأَنَّه موسم الدعاء، فقد ورد بين آيات الصيام قول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، فشهر رمضان يستجاب فيه الدعاء لمن أقبل إلى الله واستجاب لله، استجب لله يستجب لك، ومن الوسائل المهمة التي ينبغي التركيز عليها الدعاء بالمغفرة والعفو، طلب الرحمة والهداية والتوفيق، الدعاء للمجاهدين بالنصر والعون والتثبيت والتأييد.

– أعمال الخير والإحسان والعطاء:

يحرص الإنسان على البذل والعطاء والجود والتعاون مع المحتاجين والفقراء، حتى من ليس عنده إمْكَانيات وظروفه صعبة لا يتحرج من إعطاء القليل ولو يقدم تمرة، هكذا المتقون (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ)، فالذي يبخل على الإنفاق ويده قصيرة ليس عنده لا بذل ولا عطاء، فقد لا يقبل كُـلّ أعماله، فالبخلاء متأثرون بالشيطان، صدقوا الشيطان عندما وعدهم بالفقر (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ)، البخل ناتج عن سوء الظن بالله، فالبخلاء ما صدقوا الله عندما وعد بالفضل وأن يخلف عليهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com