النقد المشبوه

 

طالب الحسني

في مقابلة الرئيس المشير مهدي المشَّاط الأخيرة في صحيفة الثورة، تشعر بأنك تقف أمام مرحلة وليس أمام شخصٍ يقودُ الدولة في ظروف معقدة غير مسبوقة في اليمن، ليس الغرض الكتابة عن الرئيس ولا عن المقابلة، ولكنها خيوط للذهاب إلى الطرف الآخر، الذي يرى في وقوف الدولة جزءاً من النكسة التي يعيشها العدوان منذ 6 سنوات، هذا الأخير لم يوفر وسيلة للنيل من القيادة السياسية وتوجيه حرب ناعمة وقاسية ضدها، المشَّاط رأس الدولة نفسه موضوع على قائمة المطلوبين لتصفيتهم.

كشكلٍ من أشكال العدوان يمكن أن يمسكَ بطرف المسار الذي يؤدي إلى شيطنة القيادة السياسية من وعي الناس، هي نتائج في النهاية لحربه الاقتصادية التي يبحثُ من خلالها إلى إضعاف البيئة الحاضنة وتحميلها ظروف الناس القاسية ومعاناتهم، مع كُـلّ ذلك خسر طوال السنوات التي مضت في أن يقطف ثمار من تلك الحرب الموجهة.

في الآونة الأخيرة، ظهرت موجةٌ من “النقاد” هؤلاء من الداخل، يمكن لهم خداع الناس عن طريق محاولة الإيحاء بأنهم مشروع لمواجهة “الفساد” تقف لفحص الفساد، فتجد أنك أمام خدعة فقط، تقودك إلى مقارنة أن الدولة في السابق كانت تقاد بميزانية سنوية تصل إلى 12 مليار دولار، 90 % منها تعتمد على النفط، ما تملكه حكومة الإنقاذ الوطني هو أقل من 2 % من الميزانية التي كانت موضوعة في السابق، تحت ذمة الحكومة هذه أكثر من 20 مليون مواطن يمثل هؤلاء أكثرَ من ثلثي التعداد السكاني للجمهورية اليمنية، في الوضع الطبيعي لا يمكن أن تكفي هذه الميزانية لتسيير 3 وزارات، مع ذلك الأمور تجري بصورة قريبة من المعجزة مع وضع غير طبيعي في ظروف حرب.

الموجة التي تشيطن الدولة لا تعتمد الأرقام، لا تسمي أَيْـضاً حتى يمكن الفحص والتدقيق، منهمكة في العموميات، تبحث الوصول إلى وضع صورة قاتمة لحكومة الإنقاذ الوطني وبالضرورية للمجلس السياسي الأعلى بالضرورة أَيْـضاً الرئيس المشَّاط، يحاربُ هذا الأخيرُ الفسادَ منذ أول خطاب، الموجة تقول: إن كُـلّ من يدافع عن الدولة من الشيطنة “قطيع”، المطلوب إذَن هو إعطاء صورة مهزوزة لدولة، إرسال “فيروس” للوعي المجتمعي تجعله يرى الدولة ضعيفة، والرئيس المشَّاط مفصول عن مراقبة الفساد، سيمر الفيروس ليجعل المريض يرى أن هيئة مكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة أَيْـضاً لا يقومون بدورهم، وبالتالي فإن هذه المواجهة وأشخاصها هم الذين يتصدون للفساد، أي فساد؟! لا يريدون أن يقولوا أسماء.

يمكن وضع الصورة الدقيقة على وزارات الدولة التي يجب أن تراقب، عدد حدود من الوزارات هي المرتبطة بالمراقبة، كُـلّ هذه الوزارات تعمل بصورة غير مسبوقة، هي تحارب في حرب ووسط حرب وتريد أن تجعل من الحياة في اليمن تقف صامدة، هي كذلك بالفعل، لكن في عيون المبتورين تبدو مختلفة تماماً، هم يريدون أن يرى المجتمع أن هناك عجزاً وفساداً وشياطين وعاجزين.

يريد المبتورون أن نرى الدولة مكينة فساد فقط وفقط، وبالتالي هناك سحب للمعركة نحو الداخل للتدمير الذاتي وإسقاط كُـلّ التداعيات على الداخل، ما يريده العدوّ تماماً، إبعاد الحصار والعدوان من خانة السبب الرئيس في الوضع الإنساني والاقتصادي الصعب.

من الصعب أن ترى صحيفةً تابعة لهذه المواجهة تكتبُ بالعنوان العريض وتتساءل: من يحكم صنعاء؟!، ثم لا تستغرب وتبحث عن جذور هذه المواجهة التي تريد أن تجعلَنا لا نرى فرقاً بين حكومة الإنقاذ وحكومة الفنادق في الرياض، شيطنة لهذه الدرجة ليست ولن تكون بريئةً.

الموجة أَيْـضاً تريد أن تفصل بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، هي ستشيطن الأولى وتدافع عن الثانية، نوع من التضليل الذين يمكن أن يكون طعم للكثير من البسطاء، تصبح المسألة فيما بعد مسألة جدلية وهي ليست كذلك.

للمبتورين الرئيس المشَّاط ليس “هادي” وحكومة الإنقاذ ليست فاسدةً، ولا مقارنةً ولا شبه مقارنة بين الحكومتين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com