مديرُ مكتب رئاسة الجمهورية: الشهيدُ الصمَّــاد نموذجٌ للمدرسة القرآنية التي ينتمي إليها

في حوار صحفي لموقع “أنصار الله”:

 

المسيرة: موقع أنصار الله

عُرِفَ بقُربه من الرئيس الشهيد صالح الصمَّــاد وبصداقته التي جمعتهم منذ سنوات طويلة، لا سِـيَّـما خلال الحروب الست وانطلاق المسيرة القرآنية، فربط اسم أبي الفضل باسم أبي محفوظ في كثير من المواقف.

عاشا معاً أصعبَ ظروف الحكم في صنعاءَ وخاضَا معاً ويلاتِ الحروب الظالمة على صعدة، واستمرَّا معاً في مواجهة الحرب القاسية التي تشنها دول العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا منذ ست سنوات.

تولى العديدَ من المهام والمناصب منها وزيرٌ للإعلام وفي العام 2018م، جرى تعيينه مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية، فكان أكثرَ قُرباً إلى الرئيس الشهيد صالح الصمَّــاد، وبالتالي كان على اطلاع بالكثير من الأحداث والوقائع التي لامسها عن قُرب.

وفي الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس صالح الصمَّــاد، التقينا بالأُستاذ أحمد حامد -مدير مكتب الرئاسة- وأجرينا معه حواراً صحفياً استعرض فيه آخرَ مستجداتِ قضية الاغتيال، وأبرز ملامح المرحلة التي عاشتها اليمنُ في ظل حكم الشهيد، لافتاً إلى علاقة الشهيد بقائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الحوثي وكذا بالمؤسّسات المدنية والعسكرية.

وتطرق الحوارُ إلى جملةٍ من القضايا المتصلة بالرئيس الشهيد وعلاقته بالثقافة القرآنية، نستعرضُها في نص الحوار التالي:

حاوره / عبدالله الحنبصي

 

– مثّل حكمُ الرئيس الشهيد لليمن تجربةً استثنائيةً يصنفها الجميع بالناجحة والفريدة، لا سِـيَّـما في ظل العدوان والحصار المفروض على بلادنا.. ما هي دلالات ذلك النجاح، سواء على الصعيد السياسي أَو الاقتصادي أَو العسكري وحتى على مستوى الصمود في وجه العدوان؟

في البداية نعزّي أنفسنا ونعزي شعبنا باستشهاد الرئيس الشهيد / صالح علي الصمَّــاد الذي مثّل استشهادُه خسارةً كبيرةً على شعبنا اليمني في مرحلة حسّاسة وحرجة من تاريخه، كان فيها بأمَسِّ الحاجة إلى هذا الرئيس الذي تملك قلبَ كُـلّ يمني ورأى فيه حلمَه وأمله في بناء يمن جديد يمن الحرية والاستقلال والكرامة يمن العزة والصمود والتحدي، كما مثّل منعطفاً جديدًا في الصمود والتحدي واستنهاض الهمم، فحرّك باستشهاده المياه الراكـدة ودفع بالجميع نحو التضحية والاستبسال، وكان لسان حال شعبنا اليمني قائلاً: (إذا كان رئيسنا شهيداً فَإنَّ شعبنا مشروع شهادة)، وهذا ما لمسناه من اندفاع نحو الجبهات برغبة وشوقٍ ومن انتصارات متتابعة قلبت المعادلة على مستوى كُـلّ الجبهات، فقد مثلت فترة حكم الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد تجربة فريدة وناجحة في مرحلة قياسية واستثنائية وفي خضم عدوان غاشم وحصار جائر.

هذه النجاحاتُ لم تكن غريبةً على رجل تخرج من مدرسة القرآن، وتتلمذ على أيدي أعلام الهدى وتلقى وتوجيهاته مُسلِّما من السيد القائد، فكان ولاؤه للقيادة وتشرُّبُه للمنهجية القرآنية وذوبانه في المسؤولية هو ما توج مرحلتَه بالنجاح رغم كُـلّ التحديات، فبدأ يرسم ملامح الدولة اليمنية الحديثة؛ لأَنَّه كان يرى أن هذا العدوان هو أكبرَ فرصة للبناء على أسس صحيحة وأن التحديات هي التي تصنع أمماً عظيمة وأن هذا العدوان لا يزيدنا إلا صلابةً وحكمة وهذا ما بدا واضحاً في التصنيع العسكري المتنامي والمفاجئ للجميع.

 

– باعتبَاركم من القريبين من الرئيس الشهيد خلال فترة حكمه وما قبلها.. ما الذي وجدتموه فيه من مناقبَ وصفاتٍ أُخرى لا يعرفُها الكثيرون؟

الشهيدُ الصمَّــادُ كان مدرسةً من القيم ومكارم الأخلاق والصفات الحميدة، كان صدراً واسعاً وقلباً يتَّسعُ للجميع، فعندما تجلس معه ترى نفسَك أمام أخ ٍعزيزٍ يُحِبُّك ويحترمك ويقدرك، ولشدة تواضعه لا تشعر أنك أمام رئيس، وعندما تختلفُ معه يبادرُ بالاعتذار بالرسائل أَو الاتصال مذكِّراً إيَّاك بالقرآن أَو معتذراً عندما يحصل لديه لبس في موضوع ما أو قضية معينة فتتضح له، فلا يحتفظ برواسب الخلاف في نفسه ولا يحمل الحقد على إخوانه، منصفاً في خُصومته، يقبل النقد ويعترف بالخطأ، يستشعر دائماً عظمَ المسؤولية الملقاة على عاتقه ويخاف من التقصير والتفريط فيها، قريبَ الدمعة إذَا ذُكِّر، شديد الخوف إذَا قصر، كريمَ النفس رحيماً بالناس شجاعاً ومقداماً، قلبه معلَّق بالجبهات؛ ولذلك يكثر من زيارتها والتواصل بالمجاهدين فيها، بشوشاً، مهاباً، محبوباً، مرحاً، وذاكرة للأحداث يسرد لك تفاصيلَها ويعرف كُـلَّ محطاتها وما جرى فيها، خطيباً مفوهاً، ومحاضراً بارعاً يأسِرُ القلوب ويمتلك القدرة على الإقناع.

 

– ما زلنا حتى اليوم نشعر بالألم من غياب مثل هذه الشخصية.. برأيكم كيف استطاع الرئيس الشهيد أن يصلَ إلى قلب كُـلّ يمني رغم الظروف الصعبة.. وهل لذَلك علاقة بالنهج القرآني الذي استقاه الرئيس الشهيد من الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه؟

يقول اللهُ سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا).

الشهيد الرئيس كان صادقاً مع ربه وفياً مع شعبه متفانياً في مسؤوليته نزيهاً في تعاطيه مع المال العام كريماً، عزيزاً، ونموذجاً للمدرسة القرآنية التي ينتمي إليها والتي وجد الناس جمالها فيه وتجليها في أخلاقه وتجسيدها في ممارساته العملية وقوتها في مواقفه فأتقن تقديمها وأحسن تجسيدها.

والثقافة القرآنية هي جذابة إذَا قدمت بالشكل الصحيح بجاذبيتها بصفائها بنقائها كما هي، وهي أكثر جاذبية إذَا وَجدت من يجسدها عملياً كما هو حال الرئيس الشهيد؛ ولذلك نقول: إن الثقافية القرآنية التي صاغت شخصيةَ الشهيد الصمَّــاد والمنهجية القرآنية التي ينتمي إليها وجعلت منه عظيماً والقيادة الالهية التي يمثلها أعلام الهدى إذَا وجدت آذاناً صاغية ونفوساً مستجيبة طائعة، قادرةٌ على أن تنجب ألفَ صمَّــاد وصمَّــاد، وَإذَا ما كان هناك توجُّهٌ صادقٌ وإخلاصٌ لله وتسليمٌ مطلقٌ للقيادة فالله هو من يبني النفوسَ ويهدي أولياءه ويعلِّمهم ويجعل لهم في قلوب الناس وُداً.

 

– كيف كان يقضي الرئيسُ الشهيد أَيَّـامه خلال فترة حُكمه؟

الرئيسُ الشهيدُ كان مجاهداً يبذل جهده في أداء مسؤوليته وفي خدمة هذا الشعب الذي كان يرى نفسه خادماً له رغم الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة والظروف الأمنية التي تمنعه من الاستقرار في مكان محدّد وتضطره للتنقل من مكان إلى آخر، ومع هذا كان يقوم بأعماله على أكمل وجه، يتابع المسؤولين ويلتقي بهم ويزور المؤسّسات ويجتمع بهم ويوجههم ويعقد لقاءاتٍ موسعةً ومصغَّرة مع العلماء والمشايخ والشخصيات الاجتماعية والأحزاب والتنظيمات، ويزور المحافظات والمجاهدين في الجبهات، وينزل لتفقد أحوال الناس ويلتقي بهم، ويحضر الاحتفالات والفعاليات، ويزور الورش والدورات ويعد لنفسه الخطبَ والكلمات، ويهتم كَثيراً بقراءة القرآن والملازم ودروس السيد القائد، ويتابع بريده اليومي ويعمل دروس لبعض المسؤولين في شهر رمضان، إضافة إلى برنامجه الخاص لنفسه وأسرته ومرافقيه وأصدقائه ورفاق دربه.

 

– مَـا هِي العلاقة التي كانت تربط الرئيس الشهيد صالح الصمَّــاد مع كُـلٍّ من:

أولاً: قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي سلام الله عليه.

ثانياً: أعضاء المجلس السياسي الأعلى.

ثالثاً: أنصار الله والاحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية.

رابعاً: أبطال الجيش واللجان الشعبيّة.

خامساً: أبناء الشعب اليمني؟.

كانت تربطه بالسيد القائد علاقةَ اتّباع وطاعة وتسليم ومحبة وهو للسيد أخٌ عزيزٌ ورفيق درب.

ومع أعضاء المجلس السياسي الأعلى علاقة عمل وتفاهم.

ومع الأحزاب والتنظيمات علاقة شراكة وصداقة وود.

ومع أبطال الجيش وللجان الشعبيّة علاقة مسؤولية وهَمٍّ واحد وتشجيع مستمر ودعم متواصل ومتابعة حثيثة ودفع نحو بناء جيش قوى وقوة ضاربة.

ومع أبناء الشعب اليمني علاقة وفاء ومحبة وخدمة وصمود وتفانٍ وصدق.

 

– ماذا يعني لكم ظهور صناعات عسكرية تحمل اسم الشهيد الصمَّــاد؟

الصمَّــاد سيظل بالنسبة لنا عنوانَ صمود، عنوانَ كرامة، وعنوان عزة، وعنوان تضحية، وعنوان وفاء، وسيبقى حاضراً في وجداننا ملهماً ومعلِّماً، تحمل صناعاتنا اسمَه ونضرب أعداءَنا به، توجّـهنا كلماتِه ويجمعُنا حبُّه، وتحكم مؤسّساتنا رؤيته ويضبط توجّـهنا خَطه ومنهجه القرآني.

 

– إلى أين وصلت قضيةُ اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد؟

القضيةُ ما زالت منظورة أمام المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بمحافظة الحديدة، وقد عقدت ثمان جلسات ولم يصدر حكم في القضية إلى حَــدّ الآن.. لكن قرار الاتّهام قد فصل إجراءات القضية فيما يتعلق بالمتهمين المحبوسين احتياطياً، وكذا بالنسبة للمتهمين الفارين من وجه العدالة وعددهم (47) أجنبياً و(5) يمنيين.

وقد تبين من خلال التحقيقات والنتائج بأن الطائرة التي نفّذت عملية اغتيال الشهيد الرئيس هي طائرة مقاتلة بدون طيار تابعة لسلاح الجو الأمريكي، وتعاون في تنفيذ هذه الجريمة عناصرُ تابعة للعدوان ومرتزِقته.

 

– كلمة أخيرة توجّـهونها في ذكرى استشهاده؟

الشهيدُ الرئيسُ بذل روحَه وضحّى بحياته في سبيل الله فداءً لهذا الشعب ومن أجل عزته وكرامته.

وعلينا أن نبادلَ الوفاءَ بالوفاء من خلال الاستمرار بوعي في نفس الطريق التي سلكها طريقِ القرآن وطريق الحرية وطريق الكرامة والاستقلال والنزاهة والشعور بالمسؤولية وأن نكون أوفياءً للمبادئ والقيم التي حملها وضحّى بنفسه في سبيل الله؛ مِن أجلِها.

وأن يكون استشهادُه دافعاً لنا لأَنْ نتحَرّكَ بجد وعزم ومسؤولية أكبر وأن يكونَ دمُه وقوداً يدفعُنا نحو الجبهات لمواجهة أعداء الله بكل رغبة وأن نواجهَ كُـلّ التحديات بكل صمود وبإيمان كبير ووعي عالٍ وثقةٍ مطلقة بالله.

ونقول للأعداء: إن استهدافَكم للصمَّــاد لن يوهنَ عزمَنا ولن يضعفَ نفسياتنا، بل يزيدنا قوةً وصموداً وتحدياً ويجعلنا أكثرَ استعداداً للمواجهة من أي وقت مضى.

فدماؤنا ليست أغلى من دم الصمَّــاد ودماء الشهيد القائد ودماء الشهداء العظماء على امتداد هذه المسيرة المقدسة، فكلما سقط منا شهيدٌ أحيا أُمَّـة، فكيف إذَا كان هذا الشهيد هو الرئيس صالح الصمَّــاد؟!.

وفي الأخير، نسألُ اللهَ أن يلحقَنا به صالحين، ويثبِّتَنا على الطريق التي سار عليها صامدين، وأن يرحمَ شهداءَنا، ويزيدنا وعياً وبصيرة وثباتاً وحكمة وتواضعاً ورحمةً، وأن يلحقنا به شهداءَ أبراراً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com