مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني ينظم فعاليةً بذكرى الشهيد القائد والذكرى الخامسة للصمود

 

المسيرة/ عرض/ محمد محسن الحوثي

نظّم مركَزُ الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني، يوم الخميس 26 مارس2020م، فعاليةً بمناسبة ذكرى الشهيد القائد (رض)، ومرور خمس سنوات من الصمود في وجه العدوان، قدمت فيها ورقتان لكُلٍّ من: د/ أحمد الشامي. أ/ إدريس الشرجبي.

نوجزهما فيما يلي:

الورقة الأولى: ألقاها الدكتور/ أحمد الشامي وتضمنت عدداً من المحاور، والتساؤلات التي أجابت عليها الورقة، أهمها: ماذا لو لم يتحَرّك الشهيد القائد؟! أجاب على السؤال بأن للتحَرّك هدفين رئيسيين هما:

  • الدور التأسيسي للشهيد القائد للمشروع القرآني.
  • الدور التأسيسي في تعزيز صمود الشعب اليمني تجاه العدوان.

وقبل التوسع في الطرح، أشار إلى الظروف التي كانت تمر بها المنطقة، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر2001م –تلك المسرحية- التي كانت عبارة عن ذريعة الهدف منها السيطرة على العالم الإسلامي، والدول العربية!

وكان هناك أولوية لدى الأمريكيين بين (أفغانستان، والعراق، واليمن) وبأيٍّ يبدؤون؟، وانعكست في سياسات الحزب الديمقراطي (جون كيري)، والحزب الجمهوري (جورج بوش الابن) الذي اتخذ القرار بغزو واحتلال أفغانستان ثم العراق، وقال جون كيري: “أخطأ بوش، كان المفترض احتلال اليمن”، والمبرّر: أنها أصبحت بؤرة للإرهاب، وأصول بن لادن من اليمن، والذريعة الأُخرى: تفجير السفينة كول، وتحَرّكت أمريكا تحت غطاء تحالف دولي أنشأته لتبرير أفعالها!

  • الشهيد القائد –رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- استوعب هذا.. وما يحدث، وأن طبيعة الصراع مع أهل الكتاب –اليهود والنصارى- تختلف وطبيعة الصراع مع الآخرين، سواءٌ أكانوا المنافقين العرب أَو غيرهم!

أهل الكتاب يركزون على ثلاثة اعتبارات نوجزها فيما يلي:

الاعتبار أهل الكتاب العرب
1-السخط الشعبي يلبسون الحق بالباطل، ولهذا لا يوجد تصريح أمريكي يستفز الشعب اليمني. على العكس العرب، السفير السعوديّ في أمريكا أجاب على سؤال متى ستوقفون القصف على اليمن؟ أجاب: متى يتوقف الزوج عن ضرب زوجته! (استفزاز)
2-الاعتبارات الاقتصادية ليس لديهم الاستعداد أن يدخلوا في صدامات تضر اقتصادهم العربي لا يهتم لهذين الاعتبارين، العقلية العربية على العكس.. ولا يستفيدون من الصراعات السابقة.

 

3-اعتبارات الخسائر البشرية ليس لديهم الاستعداد أن يخسروا من جيوشهم وجنودهم.

 

أهل الكتاب يراعون الاعتباراتِ الثلاثة؛ لهذا فإنّهم يميلون إلى الحروب بالوكالة، وتعتبر المعركة العسكرية آخر المطاف، وقبل أن يقوم بعملية الاحتلال المباشرة يقوم بضرب عوامل القوة الداخلية، ومن خلال –ملازم الشهيد القائد ومحاضراته- نلحظ أن العدوّ يركز على ست استراتيجيات، نوجزها على النحو التالي:

  • الحرب الناعمة: باعتبارها أخطر الحروب، ويعمل على الاختراق الثقافي، [السيطرة على الموقف الداخلي يؤدي إلى السيطرة على الخارجي]!

ويعمل على تغيير الولاءات والهُـوِيَّات.. ثم استخدام الشرائح الاجتماعية… إلخ.

  • الحرب بالوكالة: وهي نتيجة طبيعية للحرب الناعمة، [يوجد مرتزِقة، سعوديّ، وإماراتي،… إلخ].
  • فرّق تسد: يعمل على ضرب الوضع الداخلي، وتوظيف كُـلّ المتناقضات، ووصلوا إلى التفريق بين الأسرة الواحدة، وفي هذا الصدد تكلم الشهيد القائد في كثير من الملازم، واستند إلى الآية القرآنية الكريمة {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جميعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أعداء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران103
  • سياسة التجويع والإفقار: تحدث الشهيد القائد في ملازمه عن هذا الجانب وأورد آيات كثيرة، نورد نموذجين:
  • صناعة تجار يتّسِمون بالوطنية وهم يتبعون الأمريكيين والبريطانيين، ونتفاجأ أن الصناعات الوطنية هي غير وطنية.. ومرتبطة بسياسات اقتصادية مدمرة، يترتب عليها اشتراطات أمريكية، منها سياسات الخصخصة، والتقشف في الإنفاق، أَو منحها موقع عسكري، فيستخدم لتحقيق أهدافها.
  • التلبيس، [التدرج والترويض]، مثل حالات الصراع مع الإسرائيليين، من حالة المواجهة إلى حالة السكوت، ثم التطبيع، وصولاً إلى الاصطفاف معه.

كان الأمريكي يرتب للاحتلال المباشر، من خلال الإسقاطات على ثلاثة جوانب، العسكري، الأمني، السياسي، نوجزها كما يلي:

الجانب العسكري الجانب الأمني الجانب السياسي
التدمير الممنهج من خلال:

-الحروب بالوكالة، في الجنوب وفي صعدة، وقبلها أرسلوا آلاف المقاتلين إلى أفغانستان، وعادوا واستوعبوهم في الفرقة [جيش داخل جيش].

-ما قبل الهيكلة تم تدمير أسلحة استراتيجية:

تدمير الصواريخ بحضور مجندتين أمريكيتين [استهانة بالبلد

إسقاط الطائرات، اغتيالات الضباط، وهم على نوعين [صنف هم الصندوق الأسود، وصنف ضباط وطنيين].

-تم استخدام القاعدة لضرب الجيش وإسقاط المعسكرات، وذبح الجنود.. [إسقاط هيبة الجيش]

– أمام هذا التردي جاء مشروع الشهيد القائد، وبدأ العد التصاعدي للقوة العسكرية، وأصبح الجيش واللجان الشعبيّة يصنعون الطائرات والصواريخ، ويكتفي في كثير من الجوانب.

ويدخل العام السادس وهو يواجه أعتى عدوان، علماً أن الجيش العراقي استسلم خلال 23 يوماً، والجيش العربي في حرب 1967م خلال ثلاثة أيام، والأفغانستاني خلال شهرين.

لو رجعنا إلى السبعينيات من القرن الماضي، كانت الحالة الأمنية سيئة جِـدًّا، مثلاً طريق صنعاء-عمران- صعدة كانت تشتهر بالقطاعات المتعددة.. حتى في عهد الشهيد إبراهيم الحمدي!

ولم تكن الدولة تستطيع فرض نفسها على مأرب والجوف، وفي مديرية من مديريات محافظة البيضاء بلغت الثأرات أكثر من ألف قضية، وبالنسبة للمحافظات ذات الطابع المدني كانت الجرائم فيها كثيرة.. ووصل الانفلات ذروته فيما سمي بـ”حكومة الوفاق”.. حتى وصل الأمر إلى اقتحام “وزارة الدفاع”، كذلك الجنود كانوا يخلعون بدلاتهم العسكرية خوفاً من الاعتداء عليهم.. ولما وصلت المسيرة القرآنية –مشروع الشهيد القائد- أصبحت صنعاء من آمن محافظات العالم، وأصبح الفارق واضحاً بين المناطق تحت “المجلس السياسي” وبين المناطق المحتلّة، رغم الفقر والحاجة

الجماعات التكفيرية، قامت بذبح الجنود في حضرموت، وقطع الطريق في عمران وسحل وقتل المسافرين، وذبح وسحل الجنود في البيضاء، ووصلت إلى سعوان.. لولا المشروع القرآني أنها حاضرة!

بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م أصبحت اليمن تحت الوصاية السعوديّة (الهديان)، رغم ترديد النشيد الوطني “لن ترى الدنيا على أرضي وصياً”!

ولم يكن تحَرّك أَو تعيين مسؤول، وزير أَو مدير عام إلا بإذن سعوديّ، والسعوديّ يستأذن من الأمريكي، {صادق الأحمر قال: إن السفير الأمريكي يعين مشايخ اليمن}!

وصحيفة أخبار اليوم التابعة لعلي محسن قالت إن السفير الأمريكي يتدخل حتى في تعيين وزير الأشغال!

ولهذا تحَرّك المشروع القرآني، حتى نجحت ثورة 21 سبتمبر2014م، ومؤسّس المسيرة هو الشهيد القائد سلام الله عليه.

 

الورقة الثانية ألقاها الأُستاذ/ إدريس الشرجبي تحت عنوان “المسيرة القرآنية: سر المنهج وعبقرية القائد”، وتضمنت خمسة محاور رئيسية إضافة إلى المقدمة المتضمنة التعريف بالشهيد القائد ومشروعه الإيماني المختلف عن المشروعات الأُخرى –بما فيها المنتمية إلى القومية والإسلامية- وسر الصمود ومواجهة الطغاة، والعدوان، حتى أصبح مشروع الشهيد القائد محط اهتمام الباحثين ومراكز الدراسات والبحوث.

ووردت المحاور كما يلي:

 

  • مآثر وملامح الشهيد القائد:

تناول في هذا المحور مولد الشهيد القائد في منطقة نائية، وتربى على يد والده العلامة المجاهد/ بدر الدين الحوثي –سلام الله عليهم- وهو المجاهد العالم العامل، واجه مع والده التمدد الوهابي في اليمن، خَاصَّة صعدة، وكان له دور في العمل الدعوي دون الظهور في الإعلام، وكانت علوم القرآن موضوع دراسته للماجستير في السودان، وانطلق بدافع المسؤولية إلى الميادين العملية، تحَرّك في العديد منها:

  • في ميدان العمل التعاوني: وقام بأدوار مهمة لخدمة المجتمع المحلي، وحقّق عدداً من المشاريع الخدمية، وأنشأ جمعية مران الخيرية، وكان في مقدمة من يعمل في تلك المشاريع، وعرف بأخلاقه العالية، ورحمته وشفقته، فأصبح ملاذاً للمحرومين..
  • في ميدان العمل الحزبي والبرلماني: كان متفاعلاً في الحراك بعد الوحدة 22مايو1990م، وكان من مؤسّسي حزب الحق، وفاز في الانتخابات البرلمانية عام1993م، وكان يرفض التوقيع على أي قرض، أنه أدرك أن الدول المقرضة لا تريد لليمن إلا البؤس، والارتهان لدول الاستكبار العالمي، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل تحت غطاء البنك الدولي.
  • أحداث صيف1994م: كان للشهيد القائد الموقف الإنساني، الذي سجله التاريخ؛ لأَنَّه الوحيد من أعضاء مجلس النواب الذي اتخذ قرار الرفض المطلق لتلك الحرب –وبشكل معلَن- التي هدفت إلى تفتيت اليمن، وذهب إلى صعدة وتحَرّك في أوساط المواطنين وتوعيتهم برفض الحرب، ولم يكن أحد يتكلم، وهذا موقف وطني وإنساني.
  • تقييم الشهيد القائد لواقع الأُمَّـة: من خلال رسالة الماجستير، كان فاحصاً وباحثاً ومفكراً، التفكير العميق في ما آلت إليه الأُمَّـة، وكان يتألم ألماً شديداً وهو يتابع أوضاع المستضعفين، وقدم فكراً كونياً، ولولا التعتيم الإعلامي لتناول فكره الباحثون والمفكرون الاستراتيجيون.

 

  • المسيرة القرآنية: المنهج والمنطلقات:

نعرف أن المناهج في التغيير، يوجد النظريات الليبرالية والماركسية، وأبرز ما ظهر في الوطن العربي ثورة23 يوليو في مصر أحدثت تغييراً، ولكن كان هناك خلل كبير في الجانب الفكري، وانفلت الدين من السلطة، وفي هذه المرحلة شديدة التعقيد ظهر المنهج القرآني، وعبقرية الشهيد القائد، وخوض ستة حروب أنضجت تماماً الذهنية العقلية والفكرية -لطليعة المسيرة القرآنية-رغم استشهاد الشهيد القائد في الحرب الأولى، وأصبح المشروع القرآني متداولاً بعد أن كان ملاحقاً رقابياً قبل 21 سبتمبر2014م، اليوم نتحدث عن المشروع الحضاري، وبهذا العطاء، أكثر من (100) ملزمة، أطلق من خلالها مشروعه القرآني العظيم في أوساط الأُمَّـة، وقفت على البعض منها مثلاً (من نحن ومن هم؟) تتحدث عن استراتيجية كانت قد اندثرت.. هذا المشروع المقاوم وببعد ديني موضوع رائع، ونبه إلى المرتكزات الأَسَاسية (المواجهة للإمبريالية، والمسؤولية، والتربية الجهادية)، البعض يقول: ماذا قدم لنا؟، لقد قدم المشروع الحضاري، أعاد الناس إلى القرآن من منبعه الصحيح، قدم برنامجاً عملياً، كيف نواجه العدوّ، فكان يوم الخميس 17 يناير2002م هو اليوم الذي انطلقت فيه من حنجرة الشهيد القائد صرخة الحق والعزة والكرامة، صرخة [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام] ليعلن بذلك ولادة فجر جديد، لا مكان فيه للذل ولا للهوان والاستكانة والخنوع، وأورد تصريح الشهيد القائد لشبكة الـ بي بي سي أثناء الحرب الظالمة الأولى والمتاح أمام الحرب قضيتان:

  • رفع شعار [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام].
  • مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية كواجب ديني.

تلك أبرز منطلقات مشروع الشهيد القائد، والسر الذي حرك طليعة المؤمنين الصادقين، وما زالت حتى اليوم، وذكر محاضرة أُخرى تضمنت ضرورة أن نعيد علاقتنا بالله، وأن نقطع الثقة بالله، وعرج على محاضرة أُخرى تضمنت الاستفادة من المواقف، وتربية النفس، لتستمر في ثباتها، وضرب مثلاً بأولئك الذين ارتعدت فرائصهم في يوم الأحزاب فقال الله عنهم: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} الأحزاب10، وهكذا تأتي الأثار السيئة لضعف الإنسان في مواقفه.. وبذلك يكشف لنا مصير العديد من القيادات الحزبية، وكيف تنكرت لمبادئها وانقلبت عليها لتكون مرتزِقة مع عدوها، كالقيادات القومية واليسارية القابعة ذليلة في الرياض ودبي.

 

  • كيف تم تربية الطليعة الجهادية الأولى؟ وكيف تم اختيارهم؟ وما مواصفاتهم؟!

لقد كان الأَسَاس الأول في الانخراط بهذه الطليعة ترتكز على الإيمان والثقة بالله، والأَسَاس الثاني الشعور بالمسؤولية والتحَرّك، تربيتها حتى وعت وأدركت المسألة الاستراتيجية المتمثلة في (من نحن ومن هم؟)، وتجلت عبقرية الشهيد القائد في بيان مسؤولية أعلام الهدى في قيادة الأُمَّـة، ومسؤولية أهل البيت الجهادية، وتحدث عن ذلك باستفاضة في محاضرة “أهل البيت –عليهم السلام-“، وخاطبهم من القلب إلى القلب، وقدم أهل البيت مجاهدين، ودفع بصفوة الله أن يكونَ طليعة المجاهدين، وما زال المنافقون يتحدثون عن هذا السر!! ولن تهزم هذه الطليعة، وهذا هو السر الأول.

  • إنها مسؤولية المسؤولين، وأهل البيت أكبر المسؤولين، ولهذا يتدافعون إلى جبهات القتال.. واستشهد بعدد من المقاطع من محاضرات الشهيد القائد.. وصولاً إلى أن خاضت هذه الطليعة الجهادية امتحانات محّصت إيمانها وثباتها من خلال الست الحروب التي خاضتها مع النظام السابق ومعه أمريكا والسعوديّة.
  • الصرخة سلاح وموقف.

 

  • قائد استثنائي لمرحلة تاريخية بالغة الخطورة والتعقيد:

في هذا المحور، تحدث عن المرحلة ما بعد استشهاد الشهيد القائد، قاد المسيرة والمعارك السيد العلم/ عبد الملك بدر الدين الحوثي، من الحرب الثانية وحتى الحرب السادسة، وصولاً إلى ثورة 21 سبتمبر2014م، ومن معالمه أنه يتمتع بقدرات عالية، وتحقّقت على يده الانتصارات الكثيرة، وأنه قائد للحرب والسلام، وقائد للفكر والوعي، ولا يوجد له مثيلٌ في القادة العرب، إنه قائد على مستوى محور المقاومة.

واختتم الحديثُ بدعوته لقراءة خطابات قائد الثورة، وفي مقدمتها الخطاب بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com