الجيش واللجان سمحوا لمجندي العدوان بالبقاء في منازلهم بأسلحتهم وسياراتهم وقبائل الجوف ستحل مشاكلها بعيداً عن التدخل الأجنبي

الشيخ عايض النوافي أحد مشايخ مديرية المصلوب في حوار لصحيفة “المسيرة”:

 

المسيرة- حاوره| محمد حتروش

أكّـد الشيخُ عايض صالح النوفي -أحد مشايخ بني نوف مديرية المصلوب بمحافظة الجوف- أن قبائل ووجهاء المديرية جنّبوا المنطقةَ الصراعَ أثناء دخولِ مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة لتحرير المديرية.

وأوضح النوفي في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” أن قيادة المحافظة طلبت من مشايخ ووجهاء المديرية بكافة شرائحهم التواصلَ فيما بينهم والاتّفاقَ حول تجنيب المديرية الدمار أثناء عملية التحرير، مؤكّـداً أن الاتّفاق اقتضى بعدم التعرض لمجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة أثناء تحرير المديرية، مقابلَ أن لا يحقَّ لأيٍّ من المجاهدين التعرُّضُ لأي مواطن من أبناء المديرية وإنْ كان من مجنَّدي العدوان وله كاملُ الحرية في التنقل والحفاظ على ممتلكاته.

وأكّـد النوفي أن جرائمَ العدوان وانتهاكاته على مدى خمسة أعوام أفاقت الكثير من المخدوعين، وعرّفتهم خطورةَ العدوان، الأمر الذي دفعهم للتخلي عنه، داعياً أبناء المديرية خُصُوصاً، وكافة القبائل اليمنية عُمُوماً في العودة إلى منازلهم وتحكيم العقل، وحلِّ كافة المشاكل دون التدخل الأجنبي.

 

إلى نص الحوار:

 

  • بدايةً.. هل لك أن تعطينا صورةً مختصرةً عن وضع مديرية المصلوب قبل تحريرها من قبل مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة؟

في البداية، كانت المديريةُ منقسمةً إلى عدة أقسام، ثلثٌ كان مع مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، وما تبقى من المديرية كان يسيطر عليه مرتزِقة العدوان، ولقد استمر الوضع على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات.

أما قبل تحرير المديرية، فقد تواصل معنا المحافظُ ولجنةُ المصالحة القبَلية، وطلبوا منا التواصل مع مشايخ ووجهاء بني نوف، وقمنا بالتنسيق مع وجهاء ومشايخ المديرية واتفقنا على تجنيب المديرية الصراع والحروب وظل الحوار لمدة أسبوع -وبفضل الله- خرجنا، وبالتالي خرج المرتزِقة من المديرية واتفقت القبيلة مع الجيش واللجان بأنه من يريد القتال فعليه مغادرةُ المنطقة، ومن أراد البقاء في المديرية فعلى الجيش واللجان الشعبيّة منحُه كاملَ الحرية وعدمَ التعرض له ومضايقته.

وفي أول مارس من العام الجاري، تم انسحابُ قوات المرتزِقة إلى مديرية الحزم، ولا زالت المديريةُ تنعَمُ بالأمن والاستقرار، وذلك من خلال التزام الوجهاء والمشايخ بتأمين الطريق للجيش واللجان وعدم اعتراض نقاطهم العسكريّة والأمنية، ولأبناء المديرية حرية التنقل والأمن، والحمد لله الوضع مستقر تماماً إلى الآن.

 

  • هذه الرؤى الحكيمة التي اتخذتموها لتجنيب المديرية الدمار.. لماذا برأيكم لم تأتِ منذ بداية العدوان؟

نحن قدمنا هذه الرؤية في بداية العدوان، لكن الطرف الآخر لم يتجاوب معنا، وكان يصر على ما هو عليه.. لكن مع مرور الزمن ومع كثرة الدمار والجرائم والانتهاكات التي خلّفها العدوانُ على مدى خمسة أعوام، وآخرها جريمة المصلوب التي راح ضحيتها حوالي (58) شهيداً وجريحاً من مختلف الشرائح والطوائف، من ضمنها مَن كانوا يؤيدون العدوان، فَإنَّ القبائل أخذت نظرةً سيئةً، وفاقت من سُباتها وتغيّرت نظرتهم من نظرة الحياد إلى اتخاذ موقف اقتضى بالتخلي عن العدوان ومواجهته؛ وذلك كونه يستهدف الجميع بلا استثناء، وكونه منذُ خمسة أعوام عدواناً ضد إخوانهم اليمنيين.

 

  • من المتعارَفِ عليه حسب العادات والتقاليد اليمنية أنه في حالة أن حصل عدوانٌ خارجي على البلد، فَإنَّ كافة المشايخ يتوحدون صفاً واحداً لمواجهته.. برأيكم ما الذي دفع مشايخَ ووجهاءَ المصلوب للانقسام بين مناهض ومحايد وعميل؟

في الحقيقة، الأحزاب والطوائف قسّمت القبيلة وجعلتهم ينقسمون إلى ثلاث فئات، قسم وقف ضد العدوان، واستمر مدافعاً عن وطنه، وقسم فضّل الحيادَ والمكوثَ بالمنزل، وقسم أصبح مرتزِقاً للعدوان.

 

  • من خلال نزولنا الميداني إلى مديرية الغيل شاهدنا حجمَ الدمار المهول الذي خلّفه العدوان ومرتزِقته، حَيْــثُ كانت معظمُ المنازل المدمّــرة والمزارع المنهوبة هي بفعل مرتزِقة العدوان من أبناء المديرية ذاتها.. فهل تلقت مديريةُ المصلوب المصيرَ ذاتَه؟

لا، لم يحصل في مديرية المصلوب، كما حصل في الغيل؛ وذلك لأَنَّ أبناء القبيلة يحترمون العاداتِ والتقاليدَ ويغضبون بمختلف شرائحهم إذَا حصل تفجيرٌ لمنزل أي مواطن.

 

  • من خلال حديثكم يتضح للقارئ أن عادات وتقاليدَ المصلوب تختلفُ تَمَاماً عن عادات وتقاليد الغيل.. أليس كذلك؟

العاداتُ والتقاليدُ واحدةٌ ومتقاربةٌ والأسلاف متشابهة، ولكن المختلف أن مديرية الغيل كان فيها قضايا ثأر قديمة، ومع بدء العدوان استغل المرتزِقةُ من أبناء المنطقة الوضعَ للانتقام وتأجيج الأحقاد والكراهية، وذلك من خلال تفجير المنازل ونهب المزارع، رغم أن الأشرافَ أثناء تواجُدِهم في المديرية منذُ بداية العدوان وحتى نهاية 2016م، وبينما كان قبائلُ الطرف الآخر الموالي للعدوان نازحين ولم يفعل الأشراف مثلَ ما فعل المرتزِقةُ بعد دخولهم المديريةَ في بداية 2017م.

 

  • ما حجم الانتهاكات التي تعرضت لها مديرية المصلوب سواء من العدوان أَو من أدواته من أبناء المنطقة؟

لقد دمّــر العدوان حوالي أربعة منازل، ولكن أبناء المنطقة الذين وقفوا إلى صف العدوان لم يفعلوا شيئاً؛ وذلك كونهم يتمتعون بعادات وتقاليد وشيم تمنعهم عن فعل ذلك، أما بالنسبة إلى التهجير والنزوح فمنذ 2016م نزح من مديرية المصلوب أكثرُ من (150) أسرة؛ وذلك خوفاً من طيران العدوان السعودي الأمريكي الذي كان يستهدفُ المنازلَ بناءً على رفع الإحداثيات التي تُرفَعُ إليه من حزبِ الإصلاح.

 

  • ولكن –برأيكم- ما الذي دفع المرتزِقة إلى التعاون مع العدوان ومساندته رغم أنهم يتصفون بما ذكرت؟

سببُ اندفاعِهم وراء العدوان هو الاختلافاتُ السياسيّة، ونحنُ كنا على تواصُلٍ معهم منذ بدء العدوان، ولكن عندما وجدت الإرادةُ الحقيقيةُ من القيادة نجحت المبادرةُ التي قدّمناها واستجاب الطرفُ الآخر.

 

  • ما الدورُ الذي قام به أبناءُ ووجهاء مديرية المصلوب المحايدون خلال تحرير مديرية المصلوب؟

لقد كان لهم دورٌ كبيرٌ جِـدًّا في تحييد المديرية عن الصراع والحروب، وذلك من خلال استجابتهم للمبادرة، وكان التزامُ المجلس السياسيّ الأعلى بصنعاءَ وحكومة الإنقاذ، بما أطلقته من مبادرة بعدمِ التعرُّضِ لأي مواطن وإن كان متواطئاً مع العدوان وضمان حريته والحفاظ على ممتلكاته، هذه كانت لصالح الحكومة وسهّلت لهم الأمورَ أثناء دخولهم باقي مديرية المحافظة، وأظن أنها ستكونُ نظرةً إيجابية لوجهاء ومشايخ محافظة مأرب وسيحذون حذوَ الجوف، فأنصارُ الله اتضح أنهم أناسٌ ملتزمون بما عاهدوا وحريصون على حقن الدماء، وهو ما ارتاح إليه قبائل الجوف.

 

  • بعد تحرير المديرية والتزام حكومة الإنقاذ بتأمين وحماية كافة المواطنين بما فيهم المتورطون مع العدوان.. ماذا بشأن حركة النزوح من المديرية؟

في الواقع، لم ينزَحْ أيُّ مواطن من المديرية، حتى مجنَّدو العدوان قعدوا في منازلهم بكافة سلاحهم وعتادهم وسيارتهم، ومَن ترك المديرية هم فئةٌ قليلةٌ من قيادات المرتزِقة أَو الموجودين في الخارج، ولم يعودوا بعدُ إلى منازلهم.

 

  • في الأخير، ما رسالتُكم إلى كُـلِّ المرتزِقة الذين لا يزالون يراهنون على العدوان في تحقيق أية انتصارات؟

أُوَجِّــــــــــهُ رِسالةً إلى الجميع بأن عليهم تحكيمَ العقل، ونحن نعرفُ ما ينفعُ بلدَنا وما يضُرُّه، وَمشاكلُ المحافظة سنحُلُّها نحن أبناءَها، ولا نحتاجُ لأي أجنبي يحل لنا المشاكل.

وأقولُ لبقية المرتزِقة: عودوا إلى المنازل، ولكم كاملُ الحرية والأمان، فنحن إخوةٌ ولن نُقصِيَ منكم أحداً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com