السيد عبدالملك الحوثي في خطابه بالذكرى السنوية للشهيد القائد 1441هـ:

 

  • السيد حسين شهيدُ القرآن ومشروعُه تميز بالمسؤولية والحكمة والصوابية
  • محاكمةُ السعودية لقيادات حماس خدمة لإسرائيل
  • أمريكا تتحملُ المسؤولية عن نشر الفيروسات والأوبئة
  • نؤكّـد على العناية بالإجراءات الوقائية والإرشادات الصحية ونحذر من التهويل والهلع
  • ننصح المرتزِقةَ باليقظة والحذر من اتّخاذهم ناقل للفيروس
  • هناك انتصارات وعمليات قوية في الساحة وواجبنا التصدي للعدوان
  • السيد حسين رضوان الله عليه قدم أكثرَ من 100 درس ومحاضرة لها علاقةٌ بالخيار القرآني وتتجه نحو كُـلّ المجالات سياسياً واقتصادياً وإعلامياً وعسكرياً
  • الموقفُ القرآني في عنوانه العام يتجهُ نحو التصدي للهجمة الأمريكية الإسرائيلية، ويرسم لنا برنامجًا عمليًّا لنكونَ في مستوى المواجهة
  • الخيار القرآني مضمونُ الربح والفوز، وخيارُ الولاء للعدو خاسرٌ وفاشل وعاقبته سيئة
  • عُرِفَ عن الأمريكيين أنهم استخدموا سلاحَ نشر الأوبئة عبر السلاح أَو بأشياءَ تقدم تحت غطاء إنساني مثلما قدموا بطانيات مصابة بجراثيم تنشر الجدري القاتل للهنود الحمر وفتكت بهم
  • بعضُ الشركات الأمريكية عُرِفَ عنها أنها قد تنشُرُ وباءً بعد أن تُعِدَّ له لقاحًا، وبعد انتشاره تأتي لتبيعَه بمبالغَ كبيرة جداً

 

 

أُعُوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّداً عبدُه ورَسُوْلُه خاتمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّد، وبارِكْ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أصحابهِ الأخيارِ المنتجَبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحينَ.

أَيُّهَا الإخْوَةُ والأخواتُ..

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..

والسَّلامُ والرحمةُ والرضوانُ على شهيد القرآن السيد حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ”.

في ذكراه السنوية التي تعودُ بنا للحديث عن مشروعه العظيم، وعن عطائه الكبير، وعن جُهُودِه المثمرةِ التي لا زالت قائمةً في واقعنا.

عندما نعودُ إلى تلك المرحلة المهمَّة والحسَّاسة والخطيرة التي تحَرّك فيها السيدُ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” بمشروعه القرآني العظيم، ندركُ أنَّه بحقٍّ شهيدُ القرآن، وندركُ أهميّةَ وقيمةَ الموقف والخيار الذي اتّجه فيه، وأسّسه، وبناه، ونحن اليوم نتحَرّكُ على أَسَاسه في مواجهة هذه التحديات الكبيرة والخطيرة التي نواجهها اليوم.

في تلك المرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي تحَرّكت فيها أمريكا وإسرائيل لمرحلةٍ جديدة، وظَّفت فيها تلك الأحداث إلى أقصى حد، وسعت من خلال ذلك إلى إحكام سيطرتها التامة علينا كأمةٍ مسلمة في مختلف شعوب وبلدان الأُمَّــة الإسلامية.

في تلك المرحلة، تلك الهجمة الشاملة والخطيرة التي كانت ستجردنا كأمة من كُـلّ ما نمتلكه من هُــوِيَّتنا الدينية والإسلامية، من ثروتنا، من حريتنا، من استقلالنا، تساعد العدوّ على السيطرة التامة علينا كبشر، وكجغرافيا، وكثروة ومقدرات، في تلك الهجمة التي يقابلها أَيْـضاً في واقعنا الداخلي كأمةٍ مسلمة وضعية سلبية ومطمعة للأعداء، أُمَّــة تعاني في واقعها الداخلي من الكثير من المشاكل والأزمات، وإرث الماضي، إرث الطغاة والجبَّارين، الذين أضعفوا هذه الأُمَّــة، والذين سلبوا منها إلى حَدٍّ كبير روحها المعنوية، وعناصر القوة فيها، حتى باتت أُمَّــةً يطمع فيها أعداؤها، أمام تلك الهجمة بكل ما تمثله من خطورةٍ كبيرة، وأمام الواقع الداخلي الخطير جِـدًّا والمطمع للأعداء، كانت مسألةُ تحديد المواقف والخيارات أمام تلك الهجمة مسألةً بالغةَ الأهميّة، تستدعي اهتماماً وتركيزاً وعنايةً ونظرةً موضوعية، وتستدعي التحلي بالمسؤولية، والتعامل بجدية، وتحتاج إلى التوفيق من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وللأسف الشديد هذا ما غاب عن كثيرٍ من أبناء الأُمَّــة، الذين كانت منطلقاتهم، وكانت قراءتهم، وكانت نظرتهم إلى تلك الهجمة نظرة خاطئة، ومنطلقاتهم في التعامل، وفي تحديد المواقف، وفي تحديد الخيارات أَيْـضاً منطلقات خاطئة.

البعضُ من أبناء هذه الأُمَّــة وكثيرٌ، في هذا الاتّجاه وفي هذا الخيار من الأنظمة والحكومات، اتّجهت نحوَ تبنِّي خيار وموقف الطاعة لأمريكا، والولاء لأمريكا، والعمل على تنفيذ الأجندة الأمريكية، والتحَرّك تحت المِظلة الأمريكية، فكان خيارُ الولاء لأمريكا، والطاعة لها، والدخول أَيْـضاً في ولاء لإسرائيل، والتورط في هذه الجريمة الكبيرة، كان هو خيار البعض من أبناء الأُمَّــة، وتحت هذا الخيار برنامجُ عمل كبير يشتغلون عليه في داخل الساحة الإسلامية بتوجيهٍ من الأمريكي، ووفق الخطط المعدة سلفاً من جانبه، من ذلك: العمل على إزاحة أية عوائق أمام السيطرة الأمريكية، أي عوائق في هذه الساحة الإسلامية، أي تحَرّك مناهض للسيطرة الأمريكية، تنفيذ الكثير من المخطّطات والمؤامرات التي تستهدف هذه الأُمَّــة، مثل: الفتن الطائفية، الفتن تحت العناوين المختلفة: السياسية… وغيرها، العمل بكل ما من شأنه إضعاف هذه الأُمَّــة من داخلها، واستهداف كُـلّ عناصر القوة التي يمكنُ أن تستندَ إليها الأُمَّــةُ في مواجهة تلك الهجمة الشاملة التي استهدفتها في كُـلّ المجالات وتحت كُـلّ العناوين.

والبعضُ من أبناء هذه الأُمَّــة كان موقفُهم وخيارُهم هو الصمتَ، والسكوتَ، والإذعان، والاستسلام، والخنوع، والتوقف عن أي عمل، وعن أي تحَرّك لمناهضة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية، والتصدي لها، وكانوا أَيْـضاً ينشطون ويتحَرّكون في اتّجاه التبرير لخيارهم بالنيل من كُـلّ موقفٍ يختلف معهم، ويتجه نحو التصدي لهذا الخطر الكبير على أمتنا الإسلامية.

فكما نرى كِلا هذين الموقفين لا ينطلقُ من واقع مسؤولية، ولا من دراسة صحيحة، ولا من منطلقات صحيحة، في تلك المرحلة الحرجة والحسَّاسة والخطيرة جِـدًّا أتى السيدُ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، وحدّد خياره، وبنى موقفه ليكون موقفاً وخياراً قرآنياً، على أَسَاس العودة إلى القرآن الكريم، وهذا الموقف وهذا الخيار يمتاز بعناصر وأسس يستند إليها، لا تتوفر لأي خيارات ولا أي مواقف أُخرى.

أول ما يتحلى به هذا الخيار وهذا الموقف هو: المسؤولية، المسؤولية، هذا الخيار، وهذا الموقف، وهذا الاتّجاه، انطلق على أَسَاس من المسؤولية، لم ينبع من هوى، ولم ينطلق من فراغ، وليس الدافع إليه دافعاً خاطئاً، أَو دافعاً سلبياً، لا يمثِّل أجندة خارجية لصالح أي طرف هنا أَو هناك، ولا إملاءات من أحد، إنها توجيهات الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، إنه هديه، إنها أوامره، إنها تعليماته “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ما يقدِّمه القرآن الكريم من رؤية، ما يهدي إليه من عمل، ما يرشد إليه، ما يقدِّمه من تقييم، كُـلّ ما يقدِّمه القرآن الكريم هو من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، فأن يكون التوجّـه نحو التبني للموقف القرآني، ولما يرشد إليه القرآن الكريم، هذا هو عين المسؤولية، وبالتالي لا يمكن التشكيك في موقفٍ كهذا، لا في دوافعه، ولا في صوابيته.

أيضاً كان من العناصر المهمة التي يمتاز بها هذا الموقف وهذا الخيار: هو ضمان حكمته وضمان صوابيته، لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يكون الموقف الذي يرشد إليه القرآن الكريم، ويحدّده القرآن الكريم، والخيار الذي يعتمد على القرآن الكريم، لا يمكن أن يكون موقفاً خاطئاً، ولا يمكن أن يكون موقفاً عشوائياً وسلبياً، كُـلّ ما في القرآن الكريم هو حكيمٌ من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” بما فيه توجيهات، من إرشادات، ما رسمه وحدّده من مواقف وخيارات، هو بالتأكيد حكيم، فالقرآن الكريم هو حكيم، هو القرآن الحكيم، وهو الكتاب الحكيم، وما فيه هو من حكمة الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وهو أحكم الحاكمين، وبالتالي لا يمكن التشكيك في أنَّ الموقف الذي حدّده القرآن، أَو أنَّ الخيار الذي رسمه القرآن ليس حكيماً، لا يمكن ذلك أبداً، بل هذا يضمن أن يكون الموقف قرآنياً، وأن يكون الخيار مستنداً إلى القرآن الكريم، هذا يضمن له أنه هو الحكيم، وأنه هو الصائب.

أيضاً من الإيجابيات المهمة والعناصر المهمة لهذا الخيار ولهذا الموقف: ضمانُ قوته، وضمانُ الثبات عليه؛ لأَنَّه يصيرُ حينئذٍ كجُزءٍ من التزاماتنا الدينية، والتزاماتنا الإيمانية، عندما ننطلقُ منطلقاً قرآنياً، عندما نتبنى الموقفَ القرآني، عندما نتجهُ وفقَ الخيار الذي رسمه القرآنُ الكريم، فنحن حينئذٍ نتحَرّك ونتبنى الموقف الذي هو جزءٌ من التزامنا الإيماني، والتزامنا الديني، والتزامنا الإسلامي الذي نتمسك به، ونصرُّ عليه، وندرك أنه لا مجال للمساومة عليه، ولا للخروج عنه، إلَّا ونخل بالتزامنا الإيماني والتزامنا الديني.

البعضُ مثلاً كانت لهم مواقفُ مناهضةٌ للهيمنة الأمريكية وللهيمنة الإسرائيلية، أَو معارضة، ومن عناوين ومنطلقات أُخرى، كالعنوان الوطني، أَو العنوان القومي… أَو أية عناوين أُخرى، ولكن قليلٌ منهم من ثبتوا على ذلك، قليلٌ منهم من ثبتوا على ذلك، كنا نسمع البعض يتحدث عن الوطنية، وحديث واسع، ويستند في موقفه إلى الوطنية، ولكنه سرعان ما تراجع عن موقفه، وخرج عن موقفه، وباع الوطن والوطنية.

البعضُ تحت العناوين القومية، ثم إمَّا خانوا، أَو تراجعوا، أَو انهزموا، أَو أُصيبوا بالإحباط، والقليلُ منهم مَن يثبتون ويستمرون على ذلك؛ لأَنَّه ما مِن دافعٍ يساعدُ على الالتزام والثبات على الموقف، مثلما هو الدافع الإيماني، الدافع الذي ينطلق على أَسَاس الالتزام بالموقف كموقف ديني، الإنسان يستشعر فيه المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ويتحَرّك بدافع المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، فهذا يضمن أَيْـضاً قوة الموقف، والثبات على الموقف، بأكثر من أية عناوين ومنطلقات أُخرى مهما كانت إيجابية.

من العناصر المهمة والأَسَاسية لهذا الموقف: هو أنه يعتمد على الهداية الإلهية، على هداية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، فالله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” جعل كتابه القرآن الكريم كتاباً للهداية، قال عنه: {إِنَّ هَذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، قال عنه: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة: من الآية16]، فالقرآن الكريم هو كتاب هداية، يهدينا إلى الموقف الصحيح، وعندما نأتي إلى الموقف الصحيح، وإلى الخيار الصحيح، يدخل تحته برنامج عمل كبير وواسع، ويدخل تحته أنشطة كثيرة، ويدخل تحته تقييم واسع، يدخل تحته كُـلّ ما يتطلَّبُه الموقفُ من عناصرَ كثيرةٍ، ومفرداتٍ كثيرة، وأمورٍ كثيرة، نحتاجُ في كُـلٍّ منها إلى هداية، القرآنُ الكريمُ يقدِّمُ هذه الهداية، هداية من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” في كتابه المبارك، وبكتابه المبارك، هداية إلى كُـلّ هذه الجزئيات والتفاصيل الكثيرة، التي نحتاج فيها إلى هداية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ونحن في أَمَـسِّ الحاجة إلى هداية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ولذلك سمَّى كتابه نوراً يخرجنا من الظلمات.

ولذلك نجدُ الكثيرَ ممن يعتبرون أنفسَهم عباقرةً ولهم اتّجاهاتٌ أُخرى، ويقدِّمون أنفسَهم على أَسَاس الاستغناء عن القرآن الكريم، وعن الهداية الإلهية، يعتمدون على تنظيراتهم، على تفكيراتهم، على آرائهم، على قراءاتهم الشخصية للأحداث والمواقف، للتحديات والمخاطر، رأينا الكثيرَ منهم سقطوا، ورأينا الكثيرَ منهم غابوا عن الساحة، ورأينا الكثيرَ منهم لم يقدِّموا الحَلَّ، ولم يقدِّموا الرؤيةَ الصحيحة، ورأينا الكثيرَ منهم في حالةٍ من التخبط والعمى والحيرة، ورأينا الكثير منهم يعيشون حالةَ الإحباط والإفلاس والعجز والتيه، وهذا ماثلٌ أمامنا في الساحة، نجدُ الكثيرَ والكثير، مَن يتتبعْ، من يراقبْ، من يتأملْ يشاهدِ الكثيرَ والكثير.

أمَّا الاعتمادُ على القرآن الكريم فهو يقدِّم الهداية في كُـلّ التفاصيل التي نحتاج إليها في موقفنا القرآني وفي خيارنا القرآني؛ ولذلك قدَّم السيدُ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” أكثرَ من مِئة درس ومحاضرة، تضمَّنت الكثيرَ من هذه التفاصيل التي لها علاقةٌ بهذا الخيار القرآني، وبهذا الموقف القرآني، والتي تتجه نحو كُـلّ المجالات: على المستوى السياسي، والاقتصادي، والإعلامي، والاجتماعي، والعسكريّ، والأمني، والتي لها صلة بكل واقع حياتنا، ولها ارتباط بكل ما نحتاج إليه في هذا الخيار، وفي هذا الموقف، لها علاقة بكل تلك التفاصيل؛ حتى نحمل الفكرة من القرآن، والرؤية من القرآن في كُـلّ تلك التفاصيل المرتبطة بهذا العنوان المهم.

فالموقفُ القرآني ليس فقط في عنوانه الكبير، وعنوانه العام؛ باعتبَارِه يتَّجهُ نحو التصدي لهذه الهجمة الأمريكية والإسرائيلية، والتصدي لهذا الخطر الشامل علينا في ديننا ودنيانا، إنما هو يدخل نحو التفاصيل ليرسم برنامجاً عملياً بنَّاءً وقوياً يتجه بنا لنكون في مستوى المسؤولية، وفي مستوى مواجهة هذه التحديات وهذه الأخطار، ويتحَرّك بنا في كُـلّ المجالات، في تفاصيلها الكثيرة لنتجه الاتّجاه الصحيح والسليم، الذي يثمر قوةً وعزةً ومنعةً، ويوصلنا إلى الانتصار في مواجهة هذا التحدي، وفي مواجهة هذا الخطر، وفي التصدي لهذا الشر.

فالاعتمادُ على هداية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” مسألةٌ مهمةٌ جداً، نحنُ بحاجة إلى الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” كبشر، نحن بحاجة إلى هدايته بأكثرَ من حاجتنا إلى ما يمُنُّ به علينا من عطاء مادي، هو أحياناً، هو يرزقنا، هو الذي نعودُ إليه لنسأله الكثيرَ والكثير في كُـلّ ما نفتقر فيه إلى رحمته، وإلى فضله، وإلى عطائه من واقع حياتنا، في مختلف حاجياتنا كبشر، كناس، ولكن من أحوج ما نحتاج إليه فيه هو الهداية، وهو الهادي “جَـلَّ شَأْنُـهُ”، وهو الذي يخرجنا من الظلمات إلى النور، وجعل كتابه كتاب هداية، {هُدًى لِلنَّاسِ}[البقرة: من الآية185]، {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: من الآية2]، {يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، في كُـلّ المجالات، في كُـلّ الشؤون، في كُـلّ المواقف، في كُـلّ التفاصيل، هو {يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.

ولذلك الرؤيةُ القرآنية دائماً ما تكونُ هي متفوقةً على أية رؤيةٍ أُخرى؛ لأَنَّها هي ليست فقط قَيِّمةً، إنما الأقومُ، أكثر من ذلك هي الأقوم. فالاعتمادُ على هداية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” بعيداً عن التخبط وراء الكثير من النظريات والأفكار والآراء، التي كثيرٌ منها خاطئة، ويؤدِّي الاعتماد على البعض منها إلى السقوط لهذا الأُمَّــة، إلى الخسارةِ الكبيرةِ لهذه الأُمَّــة، أَو يمثِّلُ الكثيرَ منها رؤىً ظلاميةً، تزيدُ الأُمَّــة تيهاً وضياعاً، ولا توصلُها إلى نتيجةٍ مثمرة.

أيضاً من العناصر المهمة للموقف القرآني، والخيار القرآني، وخيار العودة إلى القرآن الكريم: أنَّ الموقف والخيار القرآني يستند إلى زخم تعبوي وتربوي عظيم ومهم جداً، ورؤية كاملة، رؤية تفصيلية لمسار عملي شامل وبنَّاء وقوي؛ باعتبَارِ المرحلة طويلةً، وباعتبار الصراع شاملاً، وهذه مسألة مهمة جداً، مهمة جداً، المسألة ليست مسألة موقف يصدر في بيان، موقف سياسي يصدر في بيان وانتهى الموضوع. لا، المسألة مسيرة عملية شاملة، تخرج الأُمَّــة من وضعيتها التي أطمعت أعداءها فيها، وتبنيها وتنهض بها في مواجهة هذه التحديات وهذه الأخطار التي تستهدفنا من جانب أعدائنا، مسيرة عملية شاملة، وهذه المسيرة تحتاج إلى زخم تربوي، وزخم تعبوي.

عندما نرى البرودَ في كثيرٍ من أبناء الأُمَّــة، حالةٌ عجيبةٌ جِـدًّا من عدم الاستشعار للمسؤولية، حالة من فقدان الغِيرة، من فقدان الحماس، من فقدان الدافع، حالة عجيبة من الإحباط، حالة غريبة جِـدًّا من الإفلاس من القيم المهمة، إفلاس من الكرامة، إفلاس من الشعور بالعزة، ورضا بهيمنة العدو، رضا بالخنوع، رضا بالاستسلام، رضا بالقعود، رضا بأن نكونَ أُمَّــة تعيشُ أُمَّــةً مقهورةً مستضعفة محطَّمة، على هامش ما عليه بقية الأمم، وتحت سيطرة غيرها، رضا بالدونية، والخنوع، والاستسلام، والعجز، هذه الحالة ما الذي يعالجها؟ إلَّا أن يكونَ هناك ما يعالجُ الحالة التربوية لدى هذه الأُمَّــة، ما يُنَمِّي حتى في المشاعر والوجدان الشعورَ بالعزة والكرامة، ما ينمِّي الإحساس بالمسؤولية، ما ينمِّي تلك القيم العظيمة في الإسلام؛ لتعودَ في أبناء الأُمَّــة وجداناً ومشاعرَ، ثم يترجمها موقفٌ، ويترجمها عملٌ، ويترجمها خياراتٌ صحيحةٌ، وباتّجاهات صحيحة.

فالموقفُ القرآني يستندُ في القرآن الكريم إلى هذا العطاء العظيم: العطاء التعبوي، كم في القرآن الكريم من آيات ذات طابع تعبوي، توجد عندك الاندفاع، الحماس، الأمل، الثقة، العزة، الكرامة، الشجاعة، الاستبسال، تعالج هذه الأُمَّــة من كُـلّ تلك الآفات التربوية، التي أثَّرت على الكثير من أبناء الأُمَّــة، وعلى العكس من الخيارات الأُخرى، لا تمتلك بقدر ما يمتلكه القرآن في هذا الجانب، ليس لها هذا العطاء الذي يقدِّمه القرآن الكريم، العطاء الذي يبني فيك الروحية الإيمانية، التي تجعل عندك الدافع العظيم، وما يصاحب هذا الدافع، وما يرافق هذا الدافع من قيم عظيمة ومهمة جداً، تجعل منك عنصراً فاعلاً، وإنساناً عملياً، وتجعل عندك اندفاعاً لفعل المواقف، ولتبني المواقف العظيمة، والتصدي للتحديات والمخاطر مهما بلغ حجمها، ومهما كان مستواها.

فالخيارُ والموقفُ القرآني يستندُ إلى هذا الزخمِ التعبوي، ويستندُ إلى رؤية كاملة، ليس ناقصاً، هو خيار في كُـلّ تفاصيله وجزئياته يمتلك الرؤية كمسيرة عملية، وينطلق بوعي، وقراءة صحيحة للأخطار والتحديات، وأنَّ مواجهتها ليست مواجهة لحظية، ولا آنية، ولا بموقفٍ واحد يصدر وانتهى الأمر، إنما -كما قلنا- كمسيرة عملية شاملة، تصلح واقع هذه الأُمَّــة، وتنهض بهذه الأُمَّــة وتبنيها من جديد، وهذه مسألةٌ مهمة، وبوعي بحقيقة هذا الصراع، وأنه صراع شامل، وأنه في كُـلّ ميدان: على المستوى السياسي، على المستوى الإعلامي، على المستوى الاقتصادي… في كُـلِّ المجالات، هذا صراعٌ شاملٌ يحتاجُ إلى رؤية متكاملة، وهذا ما يمتاز به هذا الخيار والموقف القرآني الذي يقدِّم الرؤية متكاملةً، ويتحَرّك بالأمة لتواجه في كُـلّ هذه الاتّجاهات، كيف تتحَرّك سياسياً واقتصادياً، وكيف تتحَرّك إعلامياً، وكيف تتحَرّك في كُـلّ مناحي هذه الحياة.

أيضاً الخيارُ القرآني هو خيارٌ مضمونُ الربحِ والفوز والعاقبة، الخيارات الأُخرى: خيار الولاء للعدو، والطاعة للأعداء، خيار خاسر، وفاشل، وخائب، وخيار عاقبته سيئة، خيار الجموع والقعود والاستسلام، وفتح المجال للعدو، خيار خسارة، خيار خسارة، وعاقبته أَيْـضاً عاقبة سيئة في الدنيا والآخرة.

أمَّا الخيارُ والموقف القرآني فعاقبتُه مضمونة، وربحُه والفوزُ فيه مضمون؛ لأَنَّه يستندُ إلى الوعد الإلهي، إلى وعود الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ويستند إلى الحقائق، ويعتمد على السنن الإلهية، ولهذا فهو الموقف الصحيح، الموقف الذي تحتاج إليه الأُمَّــة فعلاً، الموقف الذي هو موقفٌ مجدٍ، يجدي هذه الأُمَّــة، تصلُ الأُمَّــةُ من خلاله إلى هدفها؛ لتكون أُمَّــةً قوية، لتكون أُمَّــةً لها منعة، وأمةً عزيزةً، وأمةً تواجه التحديات، تواجه الأخطار، بدلاً من أن تبقى أُمَّــةً ضعيفةً تحت سيطرة أعدائها، خانعةً لأعدائها، مستسلمةً لأعدائها، فيسحقها أعداؤها.

الخيارُ والموقفُ القرآني هو خيارٌ امتاز بهذه الميزات المهمة جداً: يستندُ إلى الوعد الإلهي، يعتمدُ على الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” وعلى وعودِه الصادقة، يتحَرَّكُ في الموقف الذي يقفُ معه اللهُ، وهو القائلُ “جَـلَّ شَأْنُـهُ”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7]، هو القائل “جَـلَّ شَأْنُـهُ”: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: من الآية40]، هو القائل “جَـلَّ شَأْنُـهُ”: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم: من الآية47]، فهذا الخيار وهذا الاتّجاه هو الاتّجاه الذي تكونُ فيه الأُمَّــةُ تحظى بالمعية الإلهية، والنصرِ من الله، والتأييدِ من الله؛ لأَنَّه تحَرّك وفق المنهجية التي رسمها الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”؛ لأَنَّه يعتمد على كلمة الله، على توجيهه، وعلى الطريقة التي رسمها، يعتمد الموقف الذي حدّده الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وحينها تكون الأُمَّــة في الموقف الذي تحظى فيه بتأييد الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، بمعونته، بتوفيقه، بنصره، بأن يكون الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” معها، وهذه مسألة مهمة الأُمَّــة أحوج ما تكون إليها، نحن كمسلمين نؤمن بهذا، ونحن في أَمَـسِّ الحاجة إليه، يعني: هذه المسألة هي من المسلَّمات في انتمائنا الإسلامي، في ثقافتنا الإسلامية، مما نؤمن به كمسلمين، ولكن في الواقع العملي الكثير لا يتحَرّك فيه، وإلَّا كُـلُّ مسلم يؤمنُ بقول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، يؤمنُ بقول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}، يقرُّ بالقرآن، وبأنه حق، وبأنه صدق، وبأنه من اللهِ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ولكن كيف يترْجَم هذا إلى موقف عملي، كيف تتحول هذه الثقة إلى ثقة يعيشها الإنسان في شعوره ووجدانه، وفي موقفه وعمله؟ هنا في الموقف القرآني والخيار القرآني يتحقّق هذا، ثم نرى الشواهدَ على ذلك.

وأيضاً مما لهذا الخيار، ولهذا الموقف، ولهذا الاتّجاه من إيجابيات: أنه الخيار الطبيعي، والموقف المفترض بنا كمسلمين، نحن كأمة ننتمي للإسلام، الشيء الصحيح، الشيء الطبيعي جداً، الشيء المفترض بنا: أن نعودَ إلى القرآن الكريم الذي نؤمنُ بأنه كتابُ الله، وأنه من الله، وأنه الحَـقُّ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، وأنه كِتابُ هداية، وأنه نورٌ، وأنه بصائرُ، نعودُ إلى هذا القرآن الكريم، ونعودُ إلى هذا الكتاب لنعتمدَ على توجيهاتِ اللهِ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” في هذا الكتاب، وما يرسمه لنا من خيارات، وما يحدّده لنا من مواقف.

ولذلك عندما نعودُ إلى ردة الفعل تجاه هذا المشروع القرآني، هي بحد ذاتها أَيْـضاً تشهدُ لأهميّة هذا الخيار وهذا الموقف، ردة الفعل السلبية ممن لهم خيارات أُخرى: سواءً خيار العمالة والولاء لأمريكا وإسرائيل، والطاعة لأمريكا، والتحالف مع أمريكا، والتحَرّك تحت راية أمريكا، والقتال مع أمريكا، والعمل بكل ما يستطيعون في خدمة أمريكا، وتحت توجيهات الأمريكيين، أَو من كانت خياراتهم خيارات الاستسلام، والقعود، والتنصل عن المسؤولية، والسكوت، وفتح المجال أمام الأعداء ليفعلوا ما يشاؤون ويريدون، والاستسلام التام لهم.

عندما ننظُرُ إلى ردة الفعل من تلك الأطراف التي لها تلك الخيارات، واعتمدت على تلك المواقف، نجد مواقفها أَيْـضاً مفضوحة، هي التي ليست طبيعية، ليست سليمة، هي الخاطئة، هي التي يجب أن ننتقدها كمسلمين، وأن نعتبر أنَّ ردة الفعل السلبية تلك في العداء لهذا المشروع القرآني، في التحَرّك ضد هذا المشروع القرآني، أنها هي الخاطئة، وأنها هي السلبية، ولذلك من عظمة هذا المشروع القرآني أنَّ كُـلّ خطوة، وكل اتّجاه، وكل خيارٍ يصادمه، يعاديه، يتصدى له، هو مفضوح، هو مفضوح، وغير طبيعي؛ وَلأَنَّـهُ غير طبيعي؛ وَلأَنَّـهُ غريب جداً، يأتي في القرآن الكريم الحديث عمَّن لهم تلك المواقف، وتلك التوجّـهات، وتلك الخيارات، بقول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، الموقف الذي يتجه فيه الإنسان ليوالي عدوه، وعدو أمته، وعدو دينه، وليطيعه، ولينفذ مؤامراته، وليقاتل تحت رايته، ولينفق المال في سبيله، وليعمل على تنفيذ أجندته، هو موقفٌ مريض، موقفٌ غيرُ سليم نهائياً، موقفٌ سلبي، وموقفٌ أحمقُ، وموقفٌ خاطئ، وموقف باطل، وموقفٌ غير مشروع، وغير محق، ويدُلُّ على أنَّ من يتجهون مثل هذا الاتّجاه أنهم كما عبَّر عنهم القرآن الكريم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، ناس لا يعيشون السلامةَ الفكرية، ولا السلامةَ الأخلاقية، لا سلامة في فكرهم وثقافتهم ونظرتهم للأمور، ولا سلامة في أخلاقهم، ولا سلامة في إيمانهم، ولا سلامة في وعيهم، لهم اختلالٌ كبيرٌ في هذه الأمور.

كذلك مَن يريدُ لأُمَّةٍ بحجمِ الأُمَّــة الإسلامية، بما تمتلكُه من قدرات وإمْكَانات، وبما منَّ الله به عليها من نور، من هداية، كفيلة إذَا تمسكت بها، واعتمدت عليها، أن ترقى بها لتكون في أرقى مستوى، ولتكون أُمَّــةً عزيزةً وحرةً ومستقلةً وعظيمةً، وتعيش حياةً كريمة، يريد لكل هذه الأُمَّــة، بكل ما تمتلك، وبكل ما أعطاها الله، أن تتحولَ إلى أُمَّــةٍ خانعةٍ مستسلمة عاجزة، تقدِّم نفسها وكلما لديها لأعدائها، هذا خيار غير طبيعي أبداً، غير سليم نهائياً.

عندما تحَرّك السيدُ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” بمشروعه القرآني، وبنى موقفه، وحدّد خيارَه على أَسَاس من القرآن الكريم، وعلى أَسَاس الاهتداء بالقرآن الكريم، كانت ردة الفعل كبيرة تجاهه، مع أنَّ موقفه سليم بكل ما تعنيه الكلمة، صحيحٌ بكل ما تعنيه الكلمة، يستند إلى القرآن الكريم، ويعتمد على القرآن الكريم، وموقف طبيعي ينسجم مع الفطرة الإنسانية، الفطرة التي فطر الله الناس عليها لأية أُمَّــةٍ تتوق إلى الحرية، تتوق إلى الاستقلال، إلى الكرامة، إلى العزة، هذا يحقّق لها كُـلّ هذه الآمال، وكل هذه التطلعات، الموقف والخيار الذي يحقّق كُـلّ هذا.

ردةُ الفعل التي ركَّزت على التصدي لهذا المشروع، والمحاربة له؛ ولأَنَّ السيد حسين بدر الدين الحوثي “رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” انطلق على أَسَاس هذا الموقف، وعلى أَسَاس هذا الخيار، ولم يكن له أي أجندة أُخرى، ولا ارتباطات أُخرى، المشروع القرآني لا يمثل أجندة لصالح أي طرف هنا أَو هناك، ولم يكن مبنياً على حسابات ومكاسب شخصية، ولا فئوية، ولا حزبية… ولا لأي اعتبار من الاعتبارات التي تؤثِّر على الآخرين، وكان طاهراً ونظيفاً من كُـلّ ما وجِّه إليه من اتّهامات، وكل تلك الدعايات التي برّرت أَو اعتمدت لتبرير الموقف المعادي لهذا المشروع القرآني، ووجه هذا المشروع القرآني من يومه الأول ومن بداية انطلاقته بعداء شديد عندنا في الداخل اليمني، واتجهت السلطة بإشرافٍ أمريكي، وبدورٍ أمريكيٍ واضح، كان يعبِّر عنه مسؤولون أمريكيون، وكان يعبِّر عنه السفير الأمريكي في صنعاء بكل وضوح، بعدائية شديدة لهذا المشروع القرآني، وبسعيٍ دؤوبٍ وبكل الوسائل للتصدي لهذا المشروع القرآني، حملات دعائية وإعلامية كاذبة ومشوهة، استهداف لكل من ينتمون إلى هذا المشروع القرآني بدايةً بالسجون، والإجراءات الكثيرة التعسفية، من هو موظف يُفصل، من له حتى أدنى مسؤولية في هرم الدولة يفصل، أَو يعادى، أَو يسجن، السجون امتلأت آنذاك سجون الأمن السياسي وكثير من السجون في كثير من المحافظات امتلأت، ثم بالحروب، مع أنَّ هذا المشروع القرآني الذي يمتلك شرعية القرآن الكريم، شرعية الحق، شرعية الأصالة الدينية والإسلامية التي ننتمي إليها، مع أنه تحَرّك منذ يومه الأول بخطوات حكيمة وسليمة وصحيحة فيها الخير لأبناء الأُمَّــة، وليس هناك ما يبرّر آنذاك للسلطة حتى من ناحية الدستور والقانون العداء لهذا المشروع، والوقوف ضد هذا المشروع، مشروع لخير الأُمَّــة، مشروع صحيح وسليم، مشروع لا يتجه لحساب مصالح شخصية، أَو فئوية، أَو حزبية. أبداً، مشروعٌ لكل الأُمَّــة، لخير الأُمَّــة كلها، وضد الأعداء الذين يشكِّلون خطورةً كبيرة على الأُمَّــة بكلها، وصولاً إلى الاستهداف بالحروب، والحرب الأولى التي أدَّت إلى استشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله تعالى عليه”، بكل ما يمثله ذلك من خسارة رهيبة وفادحة؛ لأَنَّسان عظيم يمتلك هذه الرؤية الفريدة، ويجسِّدها في روحيته وفي أخلاقه، وتحَرّك في تلك المرحلة، لم يساوم، ولم يتراجع أبداً؛ لأَنَّه حمل روحية القرآن؛ لأَنَّ هذا المشروع يمتلك من عناصر القوة في الروحية، في النظرة الصحيحة، في قوة الموقف، في الثبات على الموقف، ما يجعل الإنسان صامداً وثابتاً في مواجهة كُـلّ التحديات مهما بلغت؛ وَلأَنَّـهُ يمتلك كُـلّ هذه العناصر، بقي قائماً هذا المشروع بالرغم من كُـلّ التحديات والصعوبات والمحاربة الشرسة جداً، وفي كُـلّ تلك المراحل وإلى اليوم، واليوم المعركة قائمة على أَشَدِّها.

العداءُ لهذا المشروع القرآني الذي تديره أمريكا، هذا العداء بكل ما فيه من برامج عدائية، حروب بكل أشكالها، واستهداف بكل أشكاله، على كُـلّ المستويات ومنه دائماً العسكريّة التي لم تتوقف في كُـلِّ المراحل الماضية، هذا العداء إلى اليوم وفي كُـلّ تلك المراحل التي عشناها إلى اليوم، تجلت الأمور بشكلٍ أوضح وأوضح في ساحتنا العربية والإسلامية؛ لأَنَّ كُـلّ ما نشهده اليوم، ما جرى في العراق، وما يجري في سوريا، ما جرى أَيْـضاً من استهداف ومن عداء شديد لحزب الله في لبنان، ما يجري اليوم من مؤامرات على الشعب الفلسطيني، والموقف السلبي تجاه الحركات المجاهدة في فلسطين، ومنها حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي… وكل الحركات الحرة في فلسطين التي تعادي إسرائيل، وتسعى لتحرير فلسطين، ثم تتجه البعض من أنظمة المنطقة العربية، من الأنظمة العربية، من الحكومات العربية لعداء تلك الحركات في فلسطين.

ما نشهده اليوم في السعودية من محاكمات وسجن واعتقالات لأعضاء من حركة حماس؛ لانتمائهم إلى حركة حماس، وماذا فعلته حركة حماس بالسعودية؟ هل فعلت شيئاً بالنظام السعودي؟ لا، لموقفها من إسرائيل، لعدائها لإسرائيل، لسعيها لتحرير المقدسات في فلسطين، وعدائها لإسرائيل، تستهدف من قِبَل مَنْ؟ مِن قِبَل النظام السعودي، فيصبح العداء لإسرائيل، ويصبح السعي لتحرير فلسطين، ويصبح التمسك بقضايا الأُمَّــة المبدئية، ومنها المقدسات في فلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، يصبح إدانة وجريمةً بنظر النظام السعودي وغيره من الأنظمة العميلة.

اليوم هناك تجلٍ إلى حَــدٍّ كبير في هذه الخيارات والمسارات والمواقف، وفي سلبيتها الكبيرة في واقع الأُمَّــة، العدوان الذي يجري على الشعب اليمني يهدف إلى إخضاع هذا الشعب لمن؟ إخضاع هذا البلد لمن؟ عندما يخضع هذا البلد للسيطرة السعودية والسيطرة الإماراتية، معنى ذلك: أن يخضع للسيطرة الأمريكية والسيطرة الإسرائيلية؛ لأَنَّ كلاً من النظام السعودي والنظام الإماراتي ليسا سوى أداتين من أدوات أمريكا وإسرائيل في المنطقة، كلاهما يخضعُ لأمريكا، كلاهما يعملُ لتنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة.

في كُـلِّ هذه المراحل يتجلَّى أكثرَ وأكثرَ الخطرُ الأمريكي والإسرائيلي على منطقتنا، على أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وفي غيرها، في العالم الإسلامي بكله، يتجلى أكثر وأكثر، الفتن، المؤامرات، الاستهداف الاقتصادي، الاستهداف بكل الوسائل لهذه الأُمَّــة تتجلّى يوماً بعد يوم، يدرك الكثير والكثير اليوم أنَّ هذه معركة لا مناصَ منها، أنَّ هذا الخطر لا بدَّ من التوجّـه الجاد والمسؤول للتصدي له، أنه لا يمكنُ لهذه الأُمَّــة ولا تستفيدُ أبداً من التجاهل لهذه الأخطار ولهذه التحديات؛ لأَنَّها تحديات تأتي إلى ساحتها، وتتحَرّك إلى عُمقها شاءت أم لم تشأ.

عندما نتأمل في واقعنا هل يمكن أن نتجاهل هذه الأخطار، ثم ندفع عن أنفسنا بالتجاهل شيئاً من هذه الأخطار؟ لا؛ لأَنَّ الأمريكي يشتغل على عناوين، يدخل من خلالها وينفذ من خلالها إلى الساحة العربية والإسلامية في كُـلّ منطقة، في كُـلّ بلد، في كُـلّ شعب، فلا يجد الناس مناصاً ولا حلاً ولا خياراً صحيحاً إلَّا التوجّـه ضد هذا الخطر، وَإذَا أرادوا أن يكون هذا التوجّـه صحيحاً سليماً، وأن يمتلك من عناصر القوة ما لا يمتلكه أي خيار آخر، ولا موقف آخر، وأن يمتلك أهدى رؤية، وأقوم رؤية، فبالتأكيد سيكون ذلك ما يهدي إليه القرآنُ الكريم، سيكون ذلك من خلال العودة إلى القرآن الكريم، العودة في مقام الإتِّباع، في مقام العمل، في مقام الاهتداء بالقرآن الكريم، في مقام العودة إلى رؤيته العملية التفصيلية، التي تتحَرّك على أَسَاسها الأُمَّــة لمواجهة هذه التحديات والأخطار، وهذا ما تشهد له كُـلّ الوقائع وكل الأحداث التي نعيشها اليوم.

واستجد في هذه المرحلة تهديد جديد في الساحة العالمية، هو فيروس كورونا، وكثرت الأقاويل والتحليلات لهذا الخطر المستجد في الساحة العالمية، ولا يمكن أن يمر بنا مثل هذا الحدث مثل هذا التهديد دون أن نتحدث عن خطرٍ في هذا المستوى.

طبعاً بعيداً عن كُـلّ التحليلات والرؤى المطروحة، يهمنا أَيْـضاً العودة إلى القرآن الكريم، ثم النظرة إلى هذا الواقع من خلال القرآن الكريم، عندما نعود إلى القرآن الكريم نجد أنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” أكّـد لنا في كثيرٍ من الآيات المباركة، والتي يشهد لها واقع الحياة، أنه “جَـلَّ شَأْنُـهُ” قد هيَّأ للبشرية الحياة على هذه الأرض، وهيّأ في هذه الحياة كُـلّ ما يلائمها، وكل ما يساعد هذا الإنسان في الاستقرار في هذه الحياة، فأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنة، وجعل كُـلّ الظروف التي تحيط بنا في هذه الحياة بالشكل الذي يدعم هذه الحياة ويناسبها ويلائمها، درجة الحرارة في كوكب الأرض بالشكل الذي يلائم هذه الحياة، ويناسب هذا الإنسان في كثيرٍ من أرجاء الأرض، بالقدر الذي يحتاجه الإنسان، المعايش وكافة متطلبات الحياة التي يحتاجها الإنسان في غذائه، وفي دوائه، وفي ملابسه، وفي مسكنه… وفي كافة احتياجاته متوفرة وموجودة هيَّأها الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” للإنسان، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: الآية15]، هيَّأ لنا الظروفَ الملائمة لحياتنا على الأرض، هيَّأها لنا، وبالتالي فإنَّ الكثيرَ من الأوبئة والكوارث والمصائب التي تأتي إلى هذا الإنسان، إنما تكونُ نتاجاً لأعمال الإنسان وتصرفاته وسلوكياته، وهذا ما يؤكّـدُه القرآنُ الكريمُ في كثيرٍ من الآيات المباركة.

الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: الآية41]، الفساد الذي يحدث في البر ما هو؟ الفساد الذي يحدث في البحر ما هو؟ هو فساد يأتي إلى مفردات وعناصر هذه المخلوقات والكائنات التي خلقها الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” للإنسان، في النباتات، في الحيوانات، وحتى في البيئة والمناخ، فيما يتعلق بهذه الحياة وبمحيطنا في هذه الحياة الذي نحتاج إليه لنتصرف فيه هنا أَو هناك، يظهر الفساد والاختلال نتيجة تصرفات هذا الإنسان، التصرفات الخاطئة، التصرفات غير الرشيدة، غير السليمة، غير الصحيحة، التي لا تعتمد على أَسَاس من هدي الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” وتعليماته، التي ترعى لهذا الإنسان حياته بشكلٍ صحيحٍ وبشكلٍ سليم.

ولهذا نجد آيةً أُخرى مهمة في القرآن الكريم يقول الله “جَـلَّ شَأْنُـهُ”: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأرض بَعْدَ إصلاحهَا}[الأعراف: من الآية56]، الله قد أصلح لنا الأرض بما يؤمِّن لنا عليها حياةً صالحة، حياةً مستقرة، حياةً ننعم فيها بما أنعم به علينا من مختلف أنواع النعم التي لا تحصى ولا تعد، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل: من الآية18]، ولكن تأتي تصرفات الإنسان، تصرفات البشر التي تترك أثراً سلبياً في واقع الحياة، يمتد هذا الأثر السلبي إلى كثيرٍ في واقع الحياة، إلى عناصر ومفردات هذا الكون، هذه الأرض بنفسها في برها، وفي بحرها، وفي مناخها وبيئتها وفي جوها.

تأتي آية أُخرى في القرآن الكريم يقول الله فيها: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: الآية30]، وبالتالي عندما نتأمل في واقع الإنسان في الواقع البشري نجد أنَّ كثيراً من الكوارث، من المصائب، من المآسي، أتت من خلال الإنسان، من خلال البشر، من خلال بعضهم، أَو من خلال مجتمعات معينة، أَو من خلال قوى معينة من بني الإنسان، عندما نتأمل في هذا الجانب، وفي واقع هذه الحياة، نجد بعضاً من النقاط المهمة جداً، الإنسان يتسبب في الأوبئة والكوارث والمصائب من خلال عدة أمور:

أولاً: من خلال عدم ارتقائه في تعامله وسلوكه ونشاطه وحركته في الحياة على أَسَاس من المسؤولية والرشد والمبادئ والتعليمات الإلهية، كثير من تصرفات الإنسان تخرِّب تضر، إمَّا تضر ببني الإنسان من حوله، أَو تضره هو، أَو تضر في الواقع، تضر البيئة، تضر في واقع الحياة، ولهذا أتى في القرآن الكريم قول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {وَإِذَا تَوَلَّى} عن نوعية من البشر، الذين لا يتحلون بالمسؤولية والرشد، ولا يلتفتون إلى التعليمات الإلهية، ولا يستجيبون لأوامر الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: الآية205]، فالكثير من الناس ممن هم بعيدون عن الالتزام والانضباط في مسيرة حياتهم، في تصرفاتهم بشكلٍ عام، في معاملاتهم، في حركتهم في هذه الحياة، بعيدون ومتعنتون على توجيهات الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، لا يلتزمون بالضوابط الصحيحة، بالقيم والأخلاق والمبادئ، يتصرفون من منطلقات أُخرى: أهواء أنفسهم، أحقاد وعداوات، يتجرَّدون من القيم والأخلاق والمبادئ، لا يبالون بأي تصرف مهما كان ضاراً، قد يضر بهذا المجتمع أَو بهذا المجتمع، بل أحياناً يتعمَّدون ما يضر، ما يسيء، ما يدمِّر، ما يجلب الضرر بالبشر هنا أَو هناك.

ثانياً: من خلال خلل في التعامل مع الطبيعة، الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” خلق هذا الكون، خلق هذا العالم، وخلق هذه الأرض، وأودع في هذه الأرض الكثير من العناصر التي يتحَرّك فيها الإنسان وفيها قابليات، وأودع الله فيها من الخصائص ما يمكن أن يستفيد منه الإنسان فيما ينفعه، وفيما يفيده، ويمكن إذَا تصرّف فيها الإنسان بشكلٍ خاطئ، أَو تعامل معها بطريقة خاطئة، أن يتضرر من ذلك، وأن تتحول إلى مصدر خطر، ومصدر ضرر على هذا الإنسان، فتعاملنا مع الطبيعة، تعاملنا مع ما خلقه الله لنا بطريقة خاطئة، أَو بطريقة سلبية قد ينتج عنه، وقد يترتب عليه أضرارٌ تنالنا نحن، ويعتبر هذا أَيْـضاً بما كسبت أيدينا، وناتجٌ عن تصرفاتنا الخاطئة، وعن أعمالنا الخاطئة، هذا أَيْـضاً جانبٌ آخر.

ثالثاً: العمل الممنهج والمقصود لنشر الضرر، كاستخدام وسائل ضارة أَو مفسدة، من ضمن هذا الجانب: الحرب البيولوجية، الحرب البيولوجية: هي عملية استخدام للفيروسات والجراثيم ونشرها؛ من أجل نشر أوبئة ضارة وفتَّاكة بالإنسان، بمجتمعٍ هنا أَو مجتمعٍ هناك، اليوم تمتلك دول مثل أمريكا وبعضٍ من الدول تمتلك مختبرات ومعامل ضخمة وبإمْكَانيات كبيرة، وتعتمد على دراسات وأنشطة واسعة للاستفادة من بعض الفيروسات والجراثيم الضارة التي تنشر الأوبئة وتفتك بالبشر، ومن خلالها تنتشر الكثير من الأمراض القاتلة، أمراض متعددة تسببها فيروسات أَو جراثيم، منها هذا: مرض كورونا، منها أَيْـضاً أوبئة أُخرى مثل: الانفلونزا، منها حتى: الجدري… أمراض كثيرة هي ناتجة عن ماذا؟ عن فيروسات أَو عن جراثيم معينة، وتدخل إلى الإنسان تلك الأوبئة أَو تلك الأمراض نتيجة تلك الفيروسات أَو نتيجة تلك الجراثيم.

من زمان طويل على مدى عقود من الزمن اشتغلت بعض الدول لتمتلك قدرة استخدام هذه الجراثيم والفيروسات، بل إنَّ بعض الدول استخدمتها كوسيلة لإلحاق الضرر بدولٍ هنا أَو مجتمعاتٍ هناك، وعملت على كيفية استغلال هذه الفيروسات والجراثيم، وكيفية العمل على تكثيرها من خلال ظروف ملائمة لتكثيرها، ثم تعبئتها وطريقة نشرها بوسائل متنوعة في مجتمعات معينة؛ لاستهدافها بتلك الأوبئة، أصبحت وسيلة من الوسائل التي تستخدم للإضرار بالمجتمعات البشرية هنا أَو هناك، طبعاً هذا العمل إجرامي، إجرامي بكل ما تعنيه الكلمة، وضرره ضررٌ يعم، قد يستهدف مجتمعٍ ما، أفراد ذلك المجتمع بأطفالهم ونسائهم، وكبارهم وصغارهم، ويفتك بمجتمع كبير.

عُرِفَ عن الأمريكيين وعن دول أُخرى أنها استخدمت هذا النوع من الأسلحة: نشر الوباء عن طريقِ وسائلَ معينة: إما أسلحة، إما أشياء تقدم تحت غطاء إنساني، مثلما قُدِّم آنذاك للهنود الحمر في أمريكا، قدِّمت لهم في بعضٍ من الأحيان وسائل، مثلاً: بطانيات وهي مصابة بتلك الجراثيم التي تنشر الجدري القاتل، وفتكت بأعداد كبيرة منهم، مجتمعات أُخرى كانت تستهدف أَيْـضاً من خلال ما يقدم لهم تحت عناوين إنسانية، وسائل أَو إمْكَانات معينة ملوثة، ملوثة بفيروسات أَو ملوثة بجراثيم تنقل أوبئةً قاتلة، وتستهدف بها تلك المجتمعات، فأحياناً تلوث وسائل معينة وتصل أحياناً مواد طبية، أحياناً مواد غذائية يمكن أن تلوث وأن تقدَّم لتفتك بمجتمع هنا أَو مجتمع هناك، وَأَيْـضاً أسلحة، هناك أسلحة متفجرة تنشر تلك الجراثيم، أَو وسائل كذلك عسكريّة ذات طابع عسكريّ لنشر تلك الجراثيم، أَو نشر تلك الفيروسات ونقلها إلى مجتمع معين؛ لاستهدافه بتلك الأوبئة القاتلة، ونشأ عن هذا ما يسمى بالحرب الجرثومية، ونشأ عن هذا ما يسمى بالحرب البيولوجية، وهذه حقائق معروفة في عالمنا اليوم، معروفة على المستوى العسكريّ، ومعروفة على المستوى العلمي، وحقائق قائمة في الواقع، ولها شواهد وأمثلة كثيرة من الاستخدامات، ومعروف أن تلك الدول تمتلك هذه الإمْكَانات.

ولذلك يتحدث في هذه الأيّام البعض من الخبراء في هذه المجالات، خبراء في الحرب البيولوجية يتحدثون عن الأمريكيين أنهم اشتغلوا منذ سنوات في مجال العمل على الاستفادة من فيروس كورونا، وكيفية توفير الظروف الملائمة لتكثير هذا الفيروس، ولنشره ونقله إلى مجتمعات معينة، غير غريب عن الأمريكي أن يشتغل في مثل ذلك، أن يعمل على الإضرار بالمجتمع البشري على نحوٍ واسع لأهداف كثيرة، منها أهداف عدائية لمجتمعات معينة، لدول معينة، سواءً في عالمنا الإسلامي، أَو خارج عالمنا الإسلامي، من الطبيعي جِـدًّا ومن المعقول، من المتوقع يعني أن الأمريكي قد يتجه إلى استهداف الصين كبلد ناهض ومنافس للأمريكي على المستوى الاقتصادي، وعلى المستوى الحضاري، وعلى مستوى الإمْكَانات والنهضة الاقتصادية، يجد فيه بلداً منافساً له، فيتجه إلى استهدافه؛ لإضعافه. في عالمنا الإسلامي بالأولى أن يركِّز الأمريكي وهو يعادي أمتنا، وأن يركِّز على مجتمعات في داخل هذه الأُمَّــة، أَو بشكلٍ عام، بل في كافة المناطق، في كافة الأمم، في كافة القارات يمكن أن يشتغل على نشر هذا الفيروس؛ لأَنَّه لا يبالي بالمجتمعات البشرية.

يمكن لشركات من الشركات التي يمتلكُها اللوبي الصهيوني في أمريكا، الشركات العملاقة العابرة للقارات، التي تجعلُ من نشاطها العدائي للأمم والشعوب عملاً أَسَاسياً بالنسبة لها، وتجعلُ من المصلحة الاقتصادية والمادية مبرّراً لفعلِ أي شيء مهما كان مضراً بالشعوب والأمم الأُخرى، يمكن لها أن تشتغلَ لنشر وباء معين، وتعد علاجاً له أَو لقاحاً مضاداً له؛ لتبيعه فيما بعد، بعد أن نشرت ذلك الوباء بمبالغ مالية كبيرة جداً، بل عُرِف عن الأمريكيين، وعُرِف عن شركات في أمريكا من الشركات العملاقة العابرة للقارات، التي تشتغل في الطب والدواء، عُرِف عنها هذا: أنها أحياناً -وكُتِبت كتب، وأُنتج عن ذلك برامج كثيرة في وسائل إعلامية كثيرة- أنها تعمل على هذا النحو: قد تنشر وباءً معيناً بعد أن تعد لهذا الوباء بعضاً من اللقاحات والعلاجات والأدوية، ثم بعد انتشار ذلك الوباء، بعد أن يلحقَ ضرراً كبيراً بالمجتمع البشري، تأتي لتبيعَ تلك الأدوية بمبالغَ كبيرة جداً، وتجنيَ أرباحاً طائلة.

التوجُّـهُ العدائي، التجرُّدُ من كُـلِّ القيم الفِطرية والإنسانية والأخلاقية والدينية، الأطماع الرهيبة والجشع الهائل جداً، قد يدفع تلك القوى وتلك الدول وتلك الشركات التي فيها إلى فعل أي شيء مهما كان مضراً، طالما أنه يحقّق ذلك الهدف العدائي، أَو ذلك الهدف الاقتصادي، أَو تلك مع بعضها البعض، مجموعة أهداف تلتقي وتجتمع، فغير بعيد أن يكون هناك توجّـه أمريكي لنشر هذا الفيروس، لنشر هذا الوباء، للاستغلال له، حتى وإن أضر بالمجتمعِ الأمريكي نفسه، هل يمكن أن نتوقعَ أنه يهمُّهم أمرُ شعبهم أَو مواطنيهم؟ لا. وقد ينشرون فيما بعد تلك اللقاحات أَو الأدوية أَو بعضاً منها في مقابل الأرباح التي يحصلون عليها هنا أَو هناك.

فإذاً هذا أَيْـضاً من أشكال الدور التخريبي داخل البشر، نشر الفساد، هذا من مصاديق الآية المباركة: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: الآية205]، هذا من أشكال الفساد الذي ينتشر، والضرر الذي ينتشر عن طريق بعضٍ من البشر الذين ينشرون ما يضر بالناس، ما يضر بالإنسان في نفسه، في صحته، في حياته، ما يضر بالبيئة، ما يسبب الكوارث، ما يسبب الجذب في مناطق، ما يسبب السيول والأمطار التي تجرف مناطق بأكملها، ما يضر بالمجتمع البشري بأشكال متعددة ومتنوعة من الضرر: الضرر البيئي، الضرر بالمناخ، الضرر بالصحة العامة، الضرر على المستوى الاقتصادي، الضرر بالناس في حياتهم المعيشية، كما هو الاستهداف لهم أَيْـضاً في أمنهم، من خلال الحروب، من خلال العدوان، من خلال الجرائم الكبيرة التي تستخدم بتلك الوسائل التي صنعها أولئك بقنابلهم المدمرة والفتاكة والقاتلة، بأسلحتهم التي أطلق عليها على المستوى الدولي بأنها أسلحة محرَّمة دولياً، ثم هي تستخدم للفتك بالشعوب، كالقنابل العنقودية التي تستخدم بشكلٍ مستمر في العدوان على بلدنا، وأسلحة أُخرى، هذا حاصل، وهذا قائم، وهذا شيءٌ حاصل، ويتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى أمريكا وقوى الاستكبار، قوى الاستكبار وعلى رأسها أمريكا هي اليوم تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى عن هذه الأوبئة والكوارث والمصائب الموجودة في الساحة العالمية، يشترك معها البعض بقدرٍ أَو بآخر، بقدر ما على الجميع من مسؤوليات، وبقدر ما يحصل من جانبهم من إخلال لهذه المسؤوليات، هم يمتلكون المختبرات والمعامل والإمْكَانات والوسائل التي تنشر الأوبئة والكوارث والمصائب، هم يعتمدون السياسات التدميرية التي أفقدت المجتمع البشري أمنه، هم يعتمدون السياسات والأساليب التي يغذون بها النزاعات بين الأمم والشعوب، هم الذين يعملون على نشر الأزمات والمشاكل في كافة المجتمع البشري، ويستخدمونها كسياسات للعمل من خلالها على السيطرة على هذا المجتمع البشري، ثم لهم سوابق في استخدام أنواع من هذه الأسلحة.

في المقابل نحن كأمةٍ مسلمة، وكشعوب تواجه هذه التهديدات من أبناء البشر في مختلف الساحة العالمية، نجد أنَّ أمامنا ما يمكنُ أن نعتمدَ عليه لمواجهة كافة التهديدات والأخطار، وأنَّ المجتمع البشري بشكلٍ عام بحاجة ماسة إلى العودة إلى التعليمات الإلهية للضبط وتصويب مسيرة الحياة، عندما نجدُ بعضَ بني البشر إذَا امتلكوا شيئاً من القدرات أَو الإمْكَانات، ألحقوا الضرر بالآخرين مهما كان حجم هذا الضرر، هذا يعود إلى ماذا؟ إلى أزمة أخلاقية، إلى بُعد عن القيم والتعليمات الإلهية، من يؤمن بتعليمات الله، من يؤمن بالقيم والمبادئ الفطرية والإلهية، لا يمكن أن يرتكب مثل هذه الجرائم.

ولذلك نجدُ حتى في ساحتنا الإسلامية مَن يُحسَبون على الإسلام، مَن يُحسَبون من المسلمين إذَا ابتعدوا عن تلك التعليمات الإلهية، إذَا ابتعدوا عن تلك القيم، إذَا ابتعدوا عن تلك التوجيهات التي أتى بها القرآنُ الكريمُ والدينُ الإسلامي، يفعلون كما يفعلُ غيرُهم من بني البشر، يُشَكِّلون خطراً على الناس في حياتهم، في أمنهم، في استقرارهم، في معيشتهم… في كُـلّ شؤونهم. فعودة المجتمع البشري إلى التعليمات الإلهية عودةً صادقة، هو الذي يضبط ويصوّب مسيرة الحياة الإنسانية، هو الذي يضبط لنا الحضارة، فيجعل الإنسان يتجه نحو ما ينفع، ولا يوظِّف الإمْكَانات والقدرات نحو ما يضُرُّ بالمجتمع البشري، نحو ما يؤثِّر على حياة الناس، على صحتهم، على أمنهم واستقرارهم.

الأمريكي والإسرائيلي ومن على شاكلتهم ومَن يواليهم لا يتورعون أبداً عن ظلم البشرية بأي شكلٍ من أشكال الظلم، لا باستهداف البشرية بالفيروس، ولا بالجرثومة، ولا أَيْـضاً استهدافِ بني الإنسان بالقنابل والأسلحة الفتَّاكة والقاتلة والمدمِّـرة، ولا يتورعون عن إفساد حياة الناس بأي شكلٍ من أشكالها، لا إفساد البيئة، لا إفساد الاقتصاد، لا إفساد الأخلاق، لا إفساد كُـلّ عوامل صلاح المجتمع البشري وصلاح حياتهم، لا يتورعون عن فعل أي شيءٍ يضر.

ثانياً: من المهم أن نعيَ طبيعةَ الدور السلبي والتخريبي والتدميري لقوى الشر تلك؛ لكي نتجهَ بمسؤولية إلى مناهضة هذا الدور التخريبي، تلك القوى عندما تلحظ وعي الشعوب، وعندما ترى أنها تستفز الشعوب بتصرفاتها الإجرامية، بما تفعله مما يلحق الضرر بالمجتمع البشري، وأنها تسبِّب ردةَ فعل قويةً، وبالمستوى المطلوب من أبناء الشعوب تجاه هذه الممارسات الإجرامية والضارة بالمجتمع البشري، ستراجع حساباتها، الأمريكي إذَا رأى أنه سيسبب لنفسه عداء الشعوب وعداء الأمم، وردة الفعل من هذه المجتمعات البشرية التي لا تقبل بهذه الممارسات الضارة بالناس في حياتهم، في صحتهم، في معيشتهم، في أمنهم واستقرارهم، هذا له أهميّة كبيرة جِـدًّا، أمَّا إذَا رأى أنه مهما فعل لا يواجه بردة فعل، لا يتحمل تبعات تصرفاته وممارساته الإجرامية والسيئة، وليس لها من عائد عليه سلباً، فهو سيستمر، وسيعتبر نفسه ناجحاً في خططه ومؤامراته وتصرفاته تلك، لكن عندما يرى عداءً من المجتمع البشري، ومحاسبة من المجتمعات البشرية الأُخرى، ويرى ردةَ فعلٍ من الجميع، هذا سيجعله يراجع حساباته، ويرتدع عن الممارسات الإجرامية بحق الشعوب والأمم.

ثالثاً: من المهمِّ جِـدًّا العنايةُ بالإجراءات الوقائية، والإرشادات الصحية من الجهات ذات الاختصاص، مثلاً: هناك تعليمات على المستوى الصحي، تعليمات وقائية، ما يتوقاه الناس مما ينشر مثل هذه الأوبئة، يستفاد من هذه الارشادات والتعليمات، ودائماً ما تقدَّم في مثل هذه الأيّام من الجهات المعنية عندنا في اليمن وفي غير اليمن، الجهات المعنية تقدِّم النصائح والإرشادات، وتقدم عبر وسائل الإعلام، وتذاع للناس إرشادات وقائية، وإرشادات صحية من الجهات المختصة، عندنا وزارة الصحة والجهات ذات الاختصاص تشتغل على هذا الموضوع، من المهمِّ جِـدًّا الحذر من الهلع والتهويل، النظرة إلى مثل هذا الوباء أنه أصبح كارثةً لا يمكن دفعُها، ولا التصدي لها، ولا النجاةُ منها، والعمل على التهويل وإثارة الهلع والفزع والذعر بين أوساط الناس، هذه قضية سلبية، هذا عمل عدائي، هذا استهداف للناس، توظيف للمخاطر بشكلٍ يحبط الناس ويرعبهم، ويؤثر سلباً على حياتهم، لا.

وكذلك الحذر من التهاون والتفريط أمام هذه الأخطار، لا ينبغي التهاون ولا التجاهل لهذه الأخطار، بل ينبغي أن نجعل منها فرصة للعناية بواقعنا وبالذات الأُمَّــة الإسلامية، الأُمَّــة الإسلامية يفترض بها أن تجعل من هذا التهديد فرصة لبناء واقعها لتنهض وتكون في مستوى مواجهة التحديات والأخطار، ولتقدم النموذج الحضاري الراقي، النموذج الذي إن تمكَّن ينشر الخير في الأرض، ولا ينشر الشر، ينشر الخير للبشرية للعالمين، يعمم في الساحة العالمية الخير والمعروف، ويعمل على تطهير الساحة البشرية من الكوارث والمصائب النكبات والويلات الناتجة عن الأشرار من بني البشر، الذين يتصرفون مثل هذه التصرفات الظالمة.

نحن في شعبنا اليمني المسلم العزيز ونحن نواجه أَيْـضاً فيروسات من نوع آخر، فيروسات العدوان وجراثيم الخيانة، في حرب مستعرة، ونحن أَيْـضاً قادمون بعد أيام على العام السادس من هذا العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا، عانينا من الكثير، عانينا من وسائل القتل والإبادة الجماعية من القنابل الأمريكية، من الأسلحة التي قدَّمتها أمريكا، من الدور القاتل والظالم التي أدارته أمريكا على بلدنا، وبأدواتها في المنطقة عن طريق النظام السعودي والنظام الإماراتي، ومن يشتغل معهم في هذا العدوان لاستهداف بلدنا.

علينا أَيْـضاً أن نسعى للتصدي لهذا العدوان، فيروسات العدوان وجراثيم الخيانة، أن نتصدى لها بأشكالها وأنواعها، وأن نواصل مشوارنا في التصدي لهذا العدوان، ونحن اليوم في أواخر العام الخامس في موقعٍ متقدم بفضل الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، باعتمادنا على الله، بتوكلنا على الله، بالتحلي بالمسؤولية، بالعمل الجاد، بالاهتمام، هذا كان له ثمرة طيبة، ونرى أنفسنا اليوم في موقع متقدم ونحن نخوض معركة الحرية والاستقلال، والدفاع عن أنفسنا، عن شعبنا، عن بلدنا، عن ديننا، عن هُــوِيَّتنا الإيمانية، عن كرامتنا، عن عزتنا، نرى أنفسَنا في موقعٍ متقدم، فلنواصل مشوارَنا باهتمام على كُـلّ المستويات وفي كُـلّ المجالات.

إلى اليوم بفضل الله وبحمد الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” هذا الوباء لم يصل إلينا، استفدنا من الحصار هذه الفائدة: من العُزلة التي نتجت عن هذا الحصار الظالم، أنَّ بلدنا حفظ لحَدِّ الآن، وبحفظِ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، الإجراءات التي تقوم بها الجهاتُ المختصة يجبُ التفاعُلُ معها، والتعاون معها فيها، وكذلك التحَرُّك الشامل للتصدي لهذا العدوان الظالم على كُـلّ المستويات، وطبعاً في ظل هذا العدوان أي شيء يصل هو بفعل هذا العدوان بإشرافٍ أمريكي، وسيتمُّ التصدي له على هذا الأَسَاس؛ باعتبَارِه فعلاً عدائياً أمريكياً في المقدمة، وعبر أدوات أمريكا في هذه المنطقة عبر النظام السعودي والإماراتي.

نوجِّهُ أَيْـضاً في هذا المقام النصيحةَ للمرتزِقة، والذين يتواجدون أَيْـضاً في المناطق المحتلّة، أن يكونوا على حذر، ربما كما باعوا أنفسَهم ليقتلوا في المعارك، ربما يتم الاعتمادُ عليهم لنشر هذا الوباء في أوساطهم؛ بهدفِ تعميمه ونشره إلى بقية أرجاء اليمن، إذَا لم يكونوا يقظين ومتحذِّرين فهذا إفراطٌ رهيبٌ جِـدًّا في الغباء، وخسارة فادحة لهم، ولكن يجب أَيْـضاً التفاعل في كُـلّ المنافذ التي فيها إجراءات وقائية، سواءً في محافظة البيضاء، أَو في محافظة تعز، أَو في المحافظات الأُخرى التي فيها إجراءات وقائية بهدف التصدي لهذا الفيروس.

في التصدي للعدوان يجب الاستمرار في دعم الجبهات بالمال والرجال، بحمد الله هناك انتصارات مهمة، هناك عملياتٌ قويةٌ في الساحة، هناك تَصَدٍّ كبير لهذا العدوان، وواجبُنا طالما استمرَّ هذا العدوانُ أن نتصدَّى له بكل ما يمكن.

إن شاء اللهُ ستكونُ لنا كلمةٌ قريبةٌ بعد أيامٍ، التي نفتتحُ بها العامَ السادسَ من الصمود في التصدي لهذا العدوان، نتطرَّقُ في تلك الكلمة لمواضيعَ أُخرى؛ حتى لا نطيلَ أكثر في هذه الكلمة.

نَسْأَلُ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يَرْحَمَ شهداءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأن يَنْصُرَنَا بِنَصْرِهِ، إنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاءِ.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com