“غريفيث” في مأرب لحماية المرتزقة: بريطانيا “ترفع المصاحف”!

بعد وصول المجاهدين إلى مشارف المدينة وبالتزامن مع استمرار الانتصارات:

 

المسيرة | خاص

في الوقت الذي بات فيه المجاهدون على مشارفِ مدينة مأربَ، وسط تزايُدٍ مستمر لجغرافيا سيطرتهم في الجبهة الشرقية ككل، وفيما يتصاعد هلعُ الخونة المحشورين بين عجز تحالف العدوان عن مساندتهم، وبين انهيارهم المتواصل، هرع المبعوث الأممي “مارتن غريفيث” إلى مأرب، أمس، محاولاً إنقاذ المرتزِقة وتحقيق ما عجزوا هم و”التحالف” عن تحقيقه، في مهمة مشبوهة وفاضحة غُلفت بتصريحات مراوغة وركيكة عن “الحل السياسي” و”المعاناة الإنسانية”، وهي مهمةٌ سرعانَ ما فشلت في خداع “صنعاء” التي بادر مسؤولوها إلى الرد على تصريحات غريفيث بلهجة حاسمة، أعادت تذكيرَ المبعوث بأن الطريقُ الوحيدُ للحل السياسي وإيقاف معاناة اليمنيين هو وقفُ العدوان والحصار بشكل كامل، وليس إنقاذَ الإصلاح.

 

مهمةٌ “أمميةٌ” عاجلةٌ لحماية المرتزقة

“غريفيث” ظَهَرَ، أمس السبت، إلى جوار محافظ مأرب المعيَّن من قبل العدوان، في مؤتمر صحفي، طالَبَ فيه بـ”الوقف الفوري غير المشروط للأنشطة العسكرية وبدء عملية خفض تصعيد”، وأن “تبقى مأربُ ملاذاً للنازحين كما بقت منذ بدء الحرب” بحسب زعمه مختتما حديثه بخيار أقرب إلى التهديد وهو: “إما تصمت البنادق ويتم استئنافُ العملية السياسية، وإما ينزلق اليمن مرةً أُخرى لنزاع ومعاناة واسعي النطاق”.

مجرد ظهور المبعوث الأممي إلى جوار المرتزِق العرادة في هذا التوقيت، وداخل مدينة مأرب، كشف بوضوح أن غريفيث جاء إلى المحافظة في مهمة عاجلةٍ؛ لتشييد فزاعة أممية تضمن لحكومة الفارّ هادي وحزب الإصلاح استمرار البقاء في المدينة التي بات مجاهدو الجيش واللجان على مشارفها، بعد نجاح عملية البنيان المرصوص في تحرير أكثر من 2500 كيلو متر مربع من الجبهة الشرقية.

وهذا أَيْـضاً ما كشفته تصريحاتُ غريفيث التي انطوت على كثيرٍ من المغالطة والتناقض، ففي الوقت الذي يطالب فيه بالعودة إلى “الحل السياسي” يتناسى تَمَاماً أن ذلك الحلَّ يجبُ أن يتضمَّنَ وقفَ الحرب والحصار على اليمن كاملاً، وليس “خفض التصعيد في مأرب” فقط، بل إنه حاول وبدون حياء أن يختزل البلاد كلها في مأرب، عندما هدّد بأن استمرار القتال في مأرب سيجر اليمن كله إلى معاناة واسعة النطاق، وكأنه لا توجد معاناة في بقية البلاد جراء العدوان والحصار.

توظيف غريفيث أَيْـضاً لـ”المعاناة الإنسانية” في مهمته المشبوهة لحماية المرتزِقة، كان توظيفا مفضوحا، أوَّلاً من خلال الادِّعاء بأن “مأرب” كانت ملاذا للنازحين خلال خمس سنوات، متناسياً أن مجرد السماح بدخول مأرب كان ومازال يعتمد على عملية فرز عنصري ومناطقي وسياسي من قبل سلطات المرتزِقة التي اعتقلت الكثير من المسافرين في مأرب؛ بسَببِ “ألقابهم” فقط.

وإلى جانب ذلك فإن مطالبتَه بأن “تبقى مأربُ ملاذاً للنازحين” كان بمثابة القول إن استمرارَ الحرب في بقية اليمن لا بأسَ به، والمهم أن تبقى مأربُ للمرتزِقة دائماً، فواقعُ السنوات الخمس الماضية يقول إن “النازحين” الوحيدين الذين كانت مدينة مأرب “ملاذاً آمناً لهم” هم قيادات حكومة الخونة وحزب الإصلاح، الذين ما زالوا ينهبون كُـلّ إيرَادات المحافظة على مرأى ومسمع من العالم كله.

لم تكن “المعاناة” التي تحدث عنها غريفيث سوى “مصحف” محرف حاول أن يرفعَه لحماية المرتزِقة المذعورين داخل مدينة مأرب، والذين كشفت زيارته لهم أنهم يمرون بأسوأ أوضاعهم، كما كشفت أن تحالف العدوان بات عاجزاً تَمَاماً عن حمايتهم، أما المعاناة الإنسانية الحقيقية التي يقاسيها اليمنيون في مختلف المحافظات جراء العدوان والحصار، فغابت كما هي العادة عن بيان غريفيث؛ لأَنَّ الحديث عنها يدين “التحالف” ومرتزِقته، وهو ما يناقض مهمة الأمم المتحدة في اليمن.

 

صنعاء ترد: لا حلول جزئية ووقف العدوان والحصار هو الطريقُ الوحيدُ للسلام

بالمقابل، ردَّت “صنعاءُ” بسرعة، وبلهجة حازمة على تصريحات غريفيث وظهوره المشبوه، ونفخت الغبار الذي حاول أن يطمس به الخطوطَ العريضة لعملية السلام، ويغطي به على حقيقة مسعاه، إذ كتب رئيسُ الوفد الوطني وناطق أنصار الله، محمد عَبدالسلام، على حسابه في “تويتر” أن “الحل في اليمن يرتكز أوَّلاً على وقف العدوان ورفع الحصار ثم إجراء مفاوضات سياسية جادة، وأية دعوات مجزأة هي دعوة مبطنة لإطالة العدوان والحصار”، في إشارة واضحة إلى دعوات غريفيث لـ”خفض التصعيد في مأرب” فقط.

وأضاف عَبدالسلام موجهاً رسالة مباشرة أن “على المبعوث الأممي أن ينأى بنفسه عن الأجندة المشبوهة فالطريق نحو المشاورات السياسية يتطلب وِقْــفاً للعدوان وفكًا للحصار”.

وإلى جانب ذلك، كتب عضو الوفد الوطني، عَبدالملك العجري: “في الوقت الذي نؤكّـد موقفنا الثابت والدائم من السلام العادل والشامل بوقف العدوان ورفع الحصار وَتسوية سياسية تشمل الجميع، نؤكّـد بالقدر ذاته أن محاولات التطويع والتمييع لن يكتب لها النجاح، ومخطئ من يعتقد أن الإنجليز البديل المناسب لترويض وتطويع من لا تستطيع أمريكا تطويعه ولا ترويضه”.

وفي السياق نفسه، ردَّ نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي، على تصريحات غريفيث قائلاً: إن: “التهدئة الحقيقية هي تلك التهدئة التي تبني الثقة ويلمس أثرها الناس وتقود لأجواء داعمة للحل الشامل وهذا النوع من التهدئة يستدعي فتح المطار ورفع الحصار عن الميناء والدريهمي وصرف المرتبات وتمكين الشعب من ثرواته النفطية والغازية باعتبارها لكل اليمنيين وليست خَاصَّة فقط بمنتسبي تنظيم الإخوان”.

هذه الردود أعادت ضبطَ المشهد الذي حاول غريفيث التلاعب به، إذ جدّدت التأكيد على أن السلام يجب أن يكون شاملاً، يستفيد منه جميع اليمنيين وليس “الإصلاح” فقط، كما جدّدت التأكيد أَيْـضاً على أن الوصول إلى هذا السلام يأتي عبر طريق وحيد هو وقف العدوان ورفع الحصار بشكل كامل، وتصريحات المبعوث الأممي تخرج تَمَاماً عن هذا الإطار، لتكشف حقيقتها كمحاولة بائسة لإنقاذ المرتزِقة من السقوط، وإطالة أمد جرائم العدوان ونهب مقدرات البلاد برعاية “أممية” وتحت غطاء “إنساني”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com