رغم الفرص المهملة والجهود الإضافية الناقصة … اللواء الأخضر يتصدّر مناطق الجمهورية زراعةً للحبوب

 

المسيرة: خاص  / يحيى قاسم المدار

لا تختلف أساليبُ الزراعة في اليمن من منطقة لأُخرى من حَيْـثُ البذر والحراثة إلى التربية وحتى الحصاد، لكن ما يختلف هو المناخ والموسم وتعدّده كما هو الحال مثلاً في محافظة ريمة، التي ربما تزرع في السنة الواحدة ثلاث مرات من حبوب الشام أَو ما يُسمّى في بعض المناطق الرومي وغيرها من المناطق التهامية، وكلُّ ذلك يرجع إلى خصوبة الأرض وعطاء الخالق جلَّ وعلا المتواصل بالأمطار كهذا العام، محافظةُ إب هذا العام كانت من أكثر المناطق زراعة للحبوب بأنواعها، زرنا سوقَها في مدينة إب لكن ما وجدناه كان مفاجئاً لنا، قرابة أربعة محلات لبيع الحبوب في المدينة الكبيرة بطولها وعرضها، وحوالى أربعة طواحين لطحن الحبوب البلدي والخارجي فقط..

عند سؤالِها عن أسباب رحيل تجار الحبوب من ذلك الحي في المدينة، البعضُ أرجع الأسبابَ إلى غلاء أسعار المحلات التجارية، والبعضُ إلى عزوف التجار إلى تجارة أُخرى بعد قلّة محاصيل الحبوب وهروب المزارعين عن بيع ما يجنونه واقتصارهم لسدِّ حاجة البيت بعد كثرة الأسرة الواحدة وَأَيْـضاً بعد تقسيم الأراضي بين أفراد العائلة، وهي من أهـمِّ أسباب قلة الإنتاج التي تعاني منها الأسواقُ اليمنية، فأكثر من تقسّموا الأراضي أصبحوا لا يهتمون بزراعة أرضهم البسيطة الصغيرة، بل إن غالبيتهم يقوم بالبناء في تلك الأراضي التي خرجت من نصيبه، وهذه أَيْـضاً من أكثر الأسباب التي أدّت لقلة الإنتاج والزراعة، وهي ما يسمونها بالزحف العمراني على المزارع الخصبة؛ بسَببِ قلة وعي لدى الورثة وملاك تلك الأراضي، وَأحياناً الحاجة إلى ذلك المكان، حَيْـثُ لا يوجد لديهم غيرُه كما يؤكّـد أحدُ أبناء إب..

 

جهود إضافية تضاعف الإنتاج:

المهـمُّ أَن في محافظة إب مخزوناً كَبيراً من الحبوب، لكن هناك الكثيرُ من الأراضي لم تستغل بعدُ في زراعة ما يؤمن الحاجةَ اليومية لدى الأسر، وأثناء تواجدنا أمامَ أحدِ الطواحين وجدنا الكثيرَ من المواطنين من أبناء مدينة إب يتهافتون على شراء الحبوب البلدي بجميع أنواعه، كما لفت انتباهنا وجود كيس كبير فيه مخلوط أَو مجموع لأكثر من عشرة أنواع من الحبوب والبقوليات، وهذه الخلطةُ مخصصةٌ للأطفال تعرف بما يُسمّى “شبيسة”، وعليها إقبال كثير من المواطنين لشرائها؛ نظراً لما تحتويه من فوائد غذائية يؤكّـدها المواطنون أنفسهم على صحة أطفالهم، كذلك يحرص الكثيرُ من أبناء إب على وجود العصيد من القمح أَو من الشام في وجبات الغداء، سواءً بين المرق وهو الأكثر وكذا بين العسل البلدي كوجبة أَسَاسية في كُـلّ مائدة..

أحدُ أصحاب الطواحين وهو ممن يشتري من المزارعين ويبيع للمواطنين، يؤكّـد أَن هناك تراجعاً كبيراً في الإنتاج والبيع للحبوب البلدي؛ بسَببِ غلاء البلدي الذي يصل القدحُ وهو حوالي أربعين كيلو إلى أكثر من ثمانية عشر ألفاً، وإقبال الناس على الخارجي الذي يباع بالنصف من ذلك، أحد المزارعين كان متواجداً في نفس المكان تحدّث إلينا قائلاً: إن العدوان والحصار هما أحدُ تلك الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع سعر الحبوب؛ بسَببِ منعهم للأسمدة الحيوية للحبوب حتى يتم بيعُ المهرب منه بسعر ثمانين ألف ريال، بعد أَن كان سعرُه أقل من خمسة آلاف قبل الحصار، كذلك عدم وجود المشتقات النفطية وخُصُـوصاً مادة الديزل التي يعتمد عليها المزارعون من البذرة والسقاية وحتى الحصاد وأكثر الأحيان تخسر كُـلَّ ما زرعت؛ بسَببِ الجفاف وعدم متابعة السقاية للمزارع التي قمت بزراعتها، ولو كنا -والحديث للمزارع – نحسب الربحَ والخسارةَ ما زرعنا ولا خرجنا من بيوتنا، لكن قد هيه مهرتنا وعملنا وما نفعل حتى يخرجنا اللهُ من هذا الحصار والعدوان على البلاد..

 

خطر يهدّد قاعاً زراعيًّا غنيًّا:

منطقة سحول بن ناجي، وهي عبارةٌ عن قاع كبير يقع قبيل دخولك مدينة إب للشمال منها، وهو الذي تغنّى به الكثيرُ لما كان يحويه من الحبوب، الآن للأسف الشديد قد زحفت عليه المباني السكنيةُ من كُـلِّ اتّجاه وكذا شجرة القات التي تجتاح تلك المساحات وبكثرة دون رشاد ولا إرشاد بخطورة الوضع الكارثي في ذلك القاع الجميل، السكانُ هناك لا يأبهون بتلك الأفعال الشنيعة، ركونا عند البعض منهم فيما تُقدّمه بعضُ المنظّمات الخارجية من سلات غذائية كما يحدثنا البعض من أبناء المنطقة، وهم يعتبرون أَن ما تقدمه المنظّمات سينقطعُ في يوم ما، لكنهم مواصلون في تجريف الأرض وزراعتها بالقات..

وهنا لا بُدَّ لنا أَن نقولَ: لا بُدَّ لعودة حقيقية إلى منتجات أرضنا وما جادت به من خير وفير، وَلا بُدَّ من وعي حقيقي يتحلّى به المزارعون اليمنيون في زراعة ما يستفيد منه الشعبُ؛ من أجل تأمين القوت الضروري بَعيداً عن ما تقدّمه المنظّمات وكذا دخول المنتجات الخارجية، بالإضافة إلى وعي المستهلك المواطن اليمني بالقيمة الغذائية الكبيرة للمحاصيل البلدي التي لم تلوثها السموم والمبيدات الخطرة على الأرض والإنسان والشجرة..

وضرورة قيام الدولة ممثّلةً في وزارة الزراعة والري بإنزال برامج توعوية تستهدف الجميعَ في ضرورة زراعة وشراء المحاصيل البلدية والتعريف بمخاطر المنتجات الخارجية، ومنها الدقيق الأبيض الذي لا يحتوي على أية فائدة أَو قيمة غذائية سنتناولها في موضوعٍ آخرَ بالتفصيل إن شاء اللهُ..

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com