نشطاء وإعلاميون: إحياءُ المولد النبوي ضربةٌ موجعةٌ للأعداء

في استطلاعٍ خاصٍّ لصحيفة المسيرة حول الاحتفاء بالمولد النبوي:

العلامة العزي: الارتباطُ الكبيرُ بين اليمنيين ورسول الله تُعبّر عنه الحشودُ المليونية التي تحتفي بذكرى مولده

في أجواء مليئةٍ بالذكرِ المحمديِّ، أجواء نتنّسم فيها عبقَ النبوة، من رسمَ في قلوبنا الفرحَ والابتهاجَ، يُحيي الشعبُ اليمنيُّ احتفالاتٍ بمناسبة عيد مولد أعظمِ قائدٍ بشري، أنار الأرضَ وأضاء العتمةَ لتنقشع الغمّةُ.

وعلى الرغم أنه يعيشُ أسوأَ أنواع الحصار، إلّا أنه رغم كُـلِّ ذلك يستشعرُ أهميّةَ التذكير بمناقب أعظم الأنبياء مَنْ جاء رحمةً للعالمين.

وفي ظلِّ الأجواء الروحانية والاحتفالات الشعبيّة والرسميّة التي يقيمها الشعبُ اليمنيُّ بمناسبةِ حلول المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضلُ الصلاة والتسليم، أجرت صحيفةُ المسيرة استطلاعاً مع عددٍ من العلماء والنشطاء والمثقّفين والإعلاميين حولَ المناسبة وأهميتها والغايات المنشودة من ورائها، وعادت بالتالي:

 

المسيرة: استطلاع: لطيفة العزي

في البداية، قال العلامةُ عبدالله حمود العزي -عضوُ رابطة علماء اليمن-: ‘‘هناك ما يُميّز الاحتفالَ بالمولد النبوي الشريف -على صاحبه وآله أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم- لهذا العام عمّا سبق، والتي نستطيع القولَ بأنَّ من أبرز وأهمِّ ما يُميّز هذه المناسبة عن سابقتها هو مدى الوعي الكبير والعميق الذي بات يتحلّى به الشعبُ اليمنيُّ، والذي يمكن ملاحظته من خلال التفاعل الكبير الذي تحظى به هذه المناسبة، سواءً على المستوى الشعبي وفي الأوساط الشعبيّة على مستوى القُرى والمدن أَو على المستوى الرسمي في المؤسّسات الحكومية والرسمية والتي بدا فيها متكاملاً، ففي حين عمدت وزارةُ التربية والتعليم إلى إبراز دور الرسول -صلواتُ الله عليه وآله- كأفضل معلّم ومربٍ، سعت وزارةُ الداخلية إلى إبراز دورِه -صلواتُ الله عليه وآله- كأفضل قائد عسكري شهدته البشريةُ، وهكذا سعت كُـلُّ مؤسّسة إلى إبراز صفات وخصائص الرسول الأكرم والمرتبطة بمجال عملها’’.

وأضاف العزي: ‘‘نستطيعُ القولَ بأنَّ هذا التناغمَ والتكاملَ بين الجهات الرسمية والشعبيّة في إقامة المهرجانات والاحتفال بهذه المناسبة يؤسسان إلى إظهار الرسول -صلّى اللهُ عليه وعلى آله الطاهرين- في صورته الكاملة التي يجب إظهاره بها وتعزيزاً لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).

واعتبر العلامة العزي أنَّ هذه البوادر وَالتناغم المجتمعي فيما بين الجانب الرسمي والشعبي يُعدُّ من البوادر المؤكّـدة على تمسّك الشعب اليمني بالدين والرسالة المحمدية ومدى ارتباطه بالرسول الأكرم، كما إنها تدلّل على مستوى الوعي الكبير الذي وصل إليه الشعبُ اليمنيُّ.

 

الأصنافُ التي تحارب المولدَ النبويَّ:

وبخصوص مَنْ يحاربون الاحتفال بهذه المناسبة، أكّـد العلامةُ العزي أنَّ الاحتفالَ بالمولد النبوي نعمةٌ عظميةٌ، مُشيراً إلى أنه لا بُدَّ من أن نفرّق بين المحاربين لها أَو عدم المتفاعلين معها.

وأوضح بأنَّ مَنْ يُحارب إحيَاء هذه المناسبة هم صنفان “الأول يحاربها بطريقة ممنهجة؛ لغرض عدم التذكير والاحتفال بنور الله، وهذا الصنف يقوده أعداءُ الإسلام بطريقةٍ غير مباشرة”، وخاطبهم قائلاً: “لا يُمكنكم أطفاء نور الله”، تالياً قولَه تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).

أما الصنفُ الثاني وبحسب تصنيفه فهم من “يحاربها عن جهلٍ وتقليدٍ؛ نتيجةً للثقافة الخاطئة والمغلوطة”، وقد خاطبهم قائلاً: “إن كان عدمُ احتفالكم بهذه المناسبة يعود إلى أمرٍ ديني فإنّه لا يوجد نصُّ ديني في الإسلام يُحرّم الاحتفالَ، والأصلُ في الأشياء الإباحةُ إلّا ما ورد الدليلُ بتحريمه”، وأضاف: “لو عدنا إلى القرآن لوجدنا فيه آيات تجعل الاحتفاءَ بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين- والسيرَ على نهجه واجباً شرعيًّا ولو لم يكن منها إلّا قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)”.

وأشَارَ إلى أن اجتماع المؤمنين لغرض الصلاة على النبي -صلّى اللهُ عليه وعلى آله الطاهرين- من المقاصد القرآنية الواضحة فكيف أبيتم الاحتفالَ بمن بدأ اللهُ تعالى بالصلاة عليه ثم ثنّى بملائكته المسبّحة بقداسته، ثم أمر المؤمنين بالصلاة عليه، وَآية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) تجعل الاحتفالَ به سنّة يومية فضلاً عن كونها سنّة سنوية، فلا تقولوا على الله ما لا تعلمون.

 

اليمنيون يتوارثون ثقافةَ الاحتفاء بالمولد عبر الأجيال:

من جانبه، نوّه الكاتب والناشط الحقوقي منير إسماعيل الشامي، بأهميّة الاحتفال بهذه المناسبة، مُشيراً إلى أنَّ الاحتفالَ بها يُعدُّ من أهم المحطات التي تجدّد الأُمَّـةُ فيها ارتباطها بنبيها ودينها وأعلامها.

ولفت الشامي إلى أنَّ الأُمَّـةَ لم تغفل عن إحيَاء هذه المناسبة والاحتفاء بها، وأنها تناقلت إحيَاءها والاحتفاء بها عبر الأجيال المتعاقبة لمئات السنين إلى أن ظهر المذهبُ الوهّابيُّ والقائم على تكفير كُـلِّ من يخالفه، فنشأت على أعتابه أنظمةُ الطغاة والضلال الذين اتّخذوا منه مذهباً لهم؛ بسبَبِ توافقه مع طغيانهم وضلالهم، فعمدوا على محاربة هذه المناسبة وكلِّ المناسبات الدينية وجعلوا علماءَهم يُفتون بحرمتها، وذلك من خلال تكفيرهم لكُـلِّ من يُحاول إقامة وإحيَاء هذه المناسبات الدينية في كُـلِّ بلد وصل إليه المذهب الوهابي.

وأشَارَ الشامي إلى أنَّ المذهبَ الوهابيَّ ومع انتشاره المدعوم من كُـلِّ أنظمة الجور والاستكبار من أعداء الأُمَّـة وأهل النفاق، وبالرغم من اعتماده على البطشِ في كُـلّ من يحاول إقامة أَو إحيَاء هذه المناسبات الدينية، استطاع أن يُغيّب إحيَاءها في أوساط الكثيرِ من أبناء الأُمَّـة.

وأضاف الشامي: “ولأن الحقَّ باقٍ، ونوره لا يأفل، وأعلامه لا تغيب، نرى اليوم شعبَ الإيمان وخلال أعوام قليلة قد أعاد للدين القويم مكانته، ولأعلامه مقامهم، وأولهم سيدنا وحبيبنا محمد -صلوات الله عليه وعلى آله-“.

وأشَارَ الشامي إلى أنَّ بوادرَ الاحتفال بالمولد النبوي التي تتعاظمُ ويشعُّ نورُها في وجوه السواد الأعظم من الشعب اليمني وهو يتحَرّك لإحيَاء مناسبة مولد خير البشرية، والأنوار الخضراء تشعُّ من كُـلّ بيت في كُـلّ قرية ومدينة، يعكس مدى الوعي المجتمعي للشعب اليمني وكيف أنه يتضاعفُ في كُـلّ ثانية.

وشبّه الكاتب والناشط الحقوقي كُـلَّ من يُحارب إحيَاء هذه المناسبة “بمَنْ يُحاول حجب نور الشمس بكفِّ يده”، وقال: “كفاكم ضلالاً وتضليلاً فهيهاتَ أن تطفئوا بأفواهكم نورَ الله ونورَ نبيه”، وأضاف: “اذهبوا بضلالكم قبل أن يجرفكم طوفانُ الحق، ويزهق نفوسكم قوته”.

بدوره، اعتبر رئيسُ ملتقى الكتاب العرب أنَّ إقامةَ وإحيَاء هذه المناسبة “مبادرةٌ طيبة وكبيرة ومؤثرة في نفس الوقت”، وقال إنَّ بوادرَ الاحتفال بمولد النور الشريف هذا العام لدى اليمنيين أقوى وأكثر وأكبر، مقارنةً بالأعوام السابقة وبالرغم من استمرار العدوان والحصار إلّا أنَّ المتابعَ للاحتفالات والفعاليات التي يقيمها الشعبُ اليمنيُّ في مختلف القرى والمديريات والمحافظات اليمنية يُشير إلى أنَّ الاحتفالَ بهذه المناسبة لهذا العام ستكون أكبر من سابقاتها.

 

الاحتفاءُ بالمولد النبوي ضربة موجعة للأعداء:

من جانبها، أكّـدت الإعلامية والناشطة أحلام عبدالكافي أنَّ إحيَاءَ اليمنيين لهذه المناسبة يُمثّل “ضربةً قوّيةً للعدوّ تتجاوز في قوتها الصواريخ التي تنهال على رؤوسهم؛ كونها تأتي في موضع يغيظ الأعداء، فضلاً عن مدى حاجة الأُمَّـة لإحيَاء مثل هذه المناسبة العظيمة، فيها تجدّد الأُمَّـة ارتباطها بنبيها وتستمد منه القوّةَ التي من شأنها أن تبنيَ جيلاً واعياً وأمة قوية ترفض الذلَّ والخنوع للظالمين والمستكبرين”، مشيرةً إلى أننا بأحيائنا للتعاليم الربانية التي جاء بها الرسولُ الأكرمُ سنكون أكثرَ تماسكاً وتوحّداً، والتي هي من أولويات البعثة النبوية التي نبذت الأحقادَ والضغائنَ فيما بين الأفراد والجماعات، ودعت إلى توحيد الكلمة والصف وجمع أمر الأُمَّـة تحت راية واحدة والعمل على تماسكها لتكون أكثرَ قوة وبأساً.

وتابعت: “هذا كله يُمثّل إزعاجاً لقوى الشر من الأعداء والمتربصين بأمة محمد، فعمدوا إلى تغييب واضح وتشويه ممنهج لمَنْ يُحيي هذه المناسبة والذكرى العطرة لتظل هذه الأُمَّــة غارقةً في براثن شراك العدوّ”.

ودعت الأُمَّـةَ العربيةَ والإسلاميةَ إلى إحيَاء هذه المناسبة والاعتراف بأهميتها، فهو لم يُبعث لطائفة ولا لحزب ولا لأشخاص كما يحاول البعضُ أن يصوره اليوم تحت العديد من المسميات التي تمَّ غزوُ الأُمَّــة بها؛ لتجعلَها غارقةً في بحر التفرقة والاقتتال والعداء المستمرِّ لبعضهم البعض.

 

جاهلٌ من يحارب هذه المناسبة:

من جانب آخرَ، أشارت الكاتبة والناشطة الإعلامية عفاف محمد، إلى مدى ارتباط الشعب اليمني بشخصية الرسول الأكرم -صلواتُ الله عليه وعلى آله- وبسيرته العطرة منذُ القدم، والتي انعكست في إشادة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- باليمنيين.

وقالت عفاف محمد: “كان ولا يزال اليمنيون يهتمون بإحيَاء ذكرى مولد الرسول الأكرم، إلى أن جاء المذهبُ الوهابيُّ وتفشت أفكارُه وغزت عقول الجيل الجديد فباتت ثقافته سطحية وأضحى غيرَ مهتم بمعرفة عظمة الرسول -صلواتُ الله عليه وآله-“، مشيرةً إلى أن ذلك تسبّبَ في جهل حقيقي بسيرة الرسول الأعظم، إلى أن جاءت المسيرةُ القرآنيةُ وكشفت الستارَ عن أمور كثيرة، من ضمنها العواملُ المؤدية إلى جهل الأُمَّـة بشخصياتها وقيادتها الإسلامية والتاريخية وعلى رأسها خيرُ البرية ومنقذُ البشرية عليه وعلى آله أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم، فاستطاعت بذلك أن ترفعَ من مستوى الوعي لدى أبناء الشعب اليمني الذي كان لا يزال الكثيرُ منهم يقيمون ويحيون هذه المناسبة إلّا أنها كانت مقتصرة على إحيائها في المساجد ودور العبادة، واليوم بحمد الله نجد أنه وفي كُـلّ عام يزداد منسوبُ الوعي حتى عند الأطفال الصغار.

وقالت: إنَّ مَنْ يحاربون إحيَاء هذه المناسبة هم من لا زال غبار المذهب الوهابي يعلوا عقولهم، مشيرةً إلى أنهم يتغافلون عن الحقائق البينة والتي من أهمها المخطّطات والمؤامرات التي حاكها ويحيكها أعداءُ الأُمَّـة؛ بهدف تمزيقها وإضعافها، خَاصَّة بعد أن كشف العديد من التفاصيل لتلك المؤامرات والمخطّطات، مؤكّـدةً أنَّ إحيَاء هذه المناسبة واستلهام الدروس والعبر منها كمحطة أولى لعودة الأُمَّـة إلى نبيها ودينها وترسيخ القيم والمبادئ التي جاء بها في أوساطها، يُعدُّ من أهم الخطوات لاستنهاض الأُمَّـة للقيام بواجبها في نشر العدل والتسامح ورفع الظلم والجور عن المستضعفين في مختلف بقاع العالم.

 

تفاعلٌ شعبيٌّ غير مسبوق مع المناسبة:

أما آسيا الأهدل -وهي كاتبة وتعمل أُستاذة في مجال التثقيف- شاركت بالقول: “كنَّا في جهل قبل مجيء المسيرة القرآنية، ولما جاءت المسيرةُ انتشر الوعيُّ وازددنا حبًّا لرسول الله وآل بيته من أَعلام الهدى سلامُ الله عليهم أجمعين، كما أننا عرفنا معنى الجهاد في سبيل الله، والفضل في ذلك يعود لله سبحانه وتعالى الذي منحنا ووهبنا قيادةً حكيمةً وعظيمةً.

في حين أشارت أمجاد العزي -وهي كاتبة وثقافية تعمل في أحد المراكز الصيفية- إلى أنَّ اختلافَ احتفاء اليمنيين واستقبالهم لهذه المناسبة والذي يبدو في كُـلّ عام أعظم وأكبر من العام الذي سبقه، يعود إلى مدى الوعي المتنامي لدى اليمنيين ومدى استجابتهم لتوجيهات القرآن الكريم والقيادة الحكيمة.

أما شفاء أبو طالب فردّت على مَنْ يحاولون تشويه هذه المناسبة بقولها: “إننا نعلن للجميع بأننا حين نحتفل بهذه الذكرى العظيمة (ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسلم) إنما نجدّد ارتباطَنا بالله ونبيه، ونعلن اعتزازَنا بهُويتنا المحمدية ونصرخُ ملبيين بالاقتداء العملي بمن أمرنا اللهُ بالاقتداء به وتمجيده والاحتفال بقدومه في كُـلّ يوم”.

إلى ذلك، قال الكاتبُ والناشط السياسي حسين نجران: “إنَّ المولدَ النبويَّ سيكون في يوٍم ما أعظم يوم في الكرة الأرضية”، وأضاف: “بفضل الوعي المتنامي الذي وصل إليه الشعبُّ اليمنيُّ اليوم بات من الصعب على كُـلِّ من يحاول أن يحدَّ من إقامة وإحيَاء هذه الفعالية التأثير على الناس”.

أما الناشط يحيى صلاح الدين فردَّ على من يعارض الاحتفال بالمولد النبوي بقوله: “يكفي عناد وغباء، الاحتفالُ بالمولد طاعة لأمر الله تعالى القائل في محكم كتابه: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) والقائل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)”، مضيفاً: “وهذه توجيهات ربانية صريحة بالفرح والاحتفال بمولد محمد رسول الله -صلّى اللهُ عليه وآله وسلَّم-“.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com