قراءةٌ سياسيةٌ حول مستجدات العدوان على اليمن: واجهة إقليمية بأجندات دولية

ورقة عمل نشرها “مركَزُ الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني”:

أ. د. عَبدالعزيز الشعيبي*

تمهيد:

الحديثُ عن العدوان الأمريكي على اليمن والمنطقة العربية والإسلامية في إطار السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية والإسلامية حديثٌ طويلٌ بدأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد أُفُول نجمَي بريطانيا وفرنسا كقوتين عظميين على مستوى العالم وظهور الولايات المتحدة الأمريكية والاتّحاد السوفييتي كقوتين عظميين بدلاً عنهما؛ نظراً للتفوق الكبير في إمْكَانية القوة الأمريكية والروسية والتقدم التكنولوجي الذي حظيتا به هاتان الدولتان.

ويمكن ذكر الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة للدخول إلى المنطقة بالآتي: –

1- انحسار قوة بريطانيا وفرنسا وإمْكَاناتهما كقوتين عظميين، وبالتالي تراجع دورهما على المستوى الدولي بشكل كبير.

2- بروز الولايات المتحدة والاتّحاد السوفييتي كقوتين عظميين وبداية التسابق بينهما لكسب مناطق نفوذ في العالم.

3- نشوء فراغ قوة حسب مفاهيم الحرب الباردة في مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية نتيجةَ ما ذُكر سابقاً وانتقال تركة الدولتين إلى الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة حلف الأطلسي (الغربي)

4- وشكلت قضية فلسطين وتالياً الصراع العربي- الإسرائيلي المحور الثاني الذي دخلت بواسطته الولايات المتحدة إلى المنطقة العربية؛ نتيجةَ الدور الكبير الذي لعبته في إقامة دولة إسرائيل والعلاقات المميّزة التي نشأت بعد ذلك بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

5- سماح معظم النُّظُم السياسية العربية للولايات المتحدة بإقامة قواعدَ عسكرية لمواجهة الخطر الذي يتهدّد هذه النظم داخلياً وخارجياً.

وبعد انهيار الاتّحاد السوفييتي، أدركت الولايات المتحدة أن فراغاً كبيراً سوف تشهده الساحة الدولية نتيجة تنحّي أحد طرفي الحرب الباردة من المعادلة الدولية، وحتى لا يستفيدَ من ذلك الفراغ أحدٌ سواها، أخذت الإدارة الأمريكية في ترتيب الأوضاع الأمريكية، بما يتوافق وينسجم مع مصالحها في المرحلة المقبلة، مدركةً أن تغييرَ النظام في حَـدِّ ذاته بُعدٌ من أبعاد إعادة تنظيم العلاقات الدولية وفقاً لعلاقات القوى الجديدة، فعندما تنسحبُ قوةٌ عظمى أَو أكثر ينشأ فراغٌ للقوى، وتضعف معه الدول التي كانت مرتبطة ومدعومة منه، وتنشأ صراعاتٌ جديدة، وتتم تسوية صراعات سابقة وتنشأ تحالفات جديدة وتظهر دول وتحتفي دول أُخرى.

يعدّ ذلك الهجوم الانتحاري على برجي التجارة العالمية في نيويورك ومباني وزارة الدفاع الأمريكية في 11 سبتمبر 2001م، تحولاً كبيراً في مسيرة النظام العالمي الجديد، الذي تشكل خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، تاركاً آثاراً بعيدة المدى على تطور هذا النظام والتي أعلنت ميلاده بعد حرب الخليج الثانية وانهيار الاتّحاد السوفييتي، الأمر الذي شكّل منعطفاً كبيراً في توجّـهات الدولة العظمى الأولى، فقد كانت هذه الأحداثُ لحظةً فاصلةً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية شأنها في ذلك شأن لحظات فاصلة سابقة غيّرت وبشكل سريع التصور الأمريكي للواقع السياسي الدولي، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية طريقاً سياسياً وعسكرياً جديداً يهدف إلى مخاطبة واقع جديد، وهو ما أشارت إليه مستشارة الرئيس الأمريكي بوش للأمن القومي كونداليزا رايس في أبريل 2002 بقولها: “إن أحداث 11 سبتمبر سوف تزعزع الأسس التكوينية للسياسة الدولية”، في إشارة واضحة أن هناك رؤيةً أمريكيةً جديدة للعالم تنطلق من اعتبارات أحداث 11 سبتمبر نقطةَ تحول من أجل تغيير النظام الدولي.

 

الأهدافُ الأمريكية بعدَ أحداث 11 سبتمبر:

نظراً لحجم الورقة المحدود، سوف يتم الإشارة إلى الأهداف الأمريكية، خصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م، ويمكن إجمالُها بالآتي:

– التوجّـه نحو تغيير وظيفة الدولة الاقتصادية، وخصوصاً في دول العالم النامي، فبدلاً عن التركيز على التنمية الاقتصادية، وعدالة توزيع الدخل أصبح الاهتمام منصبّاً على الإصلاح الاقتصادي الذي يهدفُ إلى مضاعفة نصيب القطاع الخاص على حساب القطاع العام في مختلف المجالات.

– سيطرة القيم والمبادئ الغربية الخَاصَّة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة واحترام القانون الدولي وإعلاء الشرعية الدولية.

– ترسيخ مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وقيمها على المستوى العالمي مستخدمةً نفوذَها وأدواتِها المختلفةَ، ولا سيما الأداة العسكرية والاقتصادية.

– إبراز وتشجيع الصراعات ذات الطابع الإثني الساعية في معظمها إلى الانفصال.

– محاصَرة حرية الحركة لدى النظم الإقليمية في أن تلعب دوراً في النظام العالمي.

– تأكيد الهيمنة الأمريكية وتعزيزها على النظام الدولي الجديد.

– إعادة الحلفاء إلى حضيرة الولاء للسياسة الأمريكية.

– القضاء على معارضي الولايات المتحدة ممن تسميهم بمحور الشر.

 

الأهدافُ الأمريكيةُ في المنطقة العربية:

يمكن إجمالُ الأهداف الأمريكية في المنطقة العربية بما يلي:

– تغليب المنظور الاستراتيجي الكوني بشكل عام في التعامل مع السياسات العربية، الأمر الذي يغيّب الخصوصيات الإقليمية والمحلية المحدّدة لتلك السياسات ويعطيها وزناً ثانوياً.

– تهميش مصالح أطراف النظام العربي وأهدافه وتطلعاته إلا عندما تصُبُّ هذه المصالح في المصالح الاستراتيجية الأمريكية.

– عدم السماح لأية سياسة لأية دولة خارج المنطقة في القيام بأي دور ما لم تصُبُّ في إطار مصالحها.

– اتّباع سياسة هجومية ضد الدول العربية المعادية لمصالحها.

– حماية إسرائيل وأمنها وإبقائها متفوقة على كُـلّ الدول العربية عسكرياً.

– الوقوف ضد عقيدة النظام العربي وحقوقه المشروعة.

– حماية الخطوط البحرية للنفط الآتي من الخليج.

وفي هذه المرحلة لم تعد الدولُ ولا سيما النامية منها حرةً في نظامها السياسي والاقتصادي الذي تريده، مما أَدَّى إلى انتزاع الكثير من الحقوق التي كانت تتمتع بها الدولة وخَاصَّة حق السيادة.

كما فقدت الدولةُ حقَّها المطلَقَ في التعامل مع مواطنيها، وهو الأمر الذي فقدت معه حقها الطبيعي في إبعاد الآخرين عن التدخل، وأصبح من حق المجتمع الدولي أن يتدخل وبأية طريقة بما فيها التدخل العسكري.

وللوصول إلى تحقيق أهدافها (أي الولايات المتحدة الأمريكية) في المنطقة تستخدم وسائل مختلفة ذات أشكال متنوعة وعلى المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، في المجالات العسكرية السياسية والاقتصادية والثقافية.

بعد ظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد وانتهاء نظام ما كان يُعرف بالقطبية الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتّحاد السوفييتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي القطب الأوحدَ والأكبر على المستوى العالمي والدولي.

 

الأساليبُ الأمريكيةُ في الوصول إلى الأطماع:

تلجأ الولاياتُ المتحدة الأمريكية للوصول إلى تحقيق أطماعها وأهدافها إلى استخدام الوسائل الآتية:

 

1- استخدامُ الأمم المتحدة:

من خلالِ قرارات مجلس الأمن الدولي (ما يُعرف بالشرعية الدولية)؛ ونظراً لعدم وجود توازن حقيقي على مستوى الواقع تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على قمة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد وتتفرد باتخاذ القرار دون وجود منازع أَو منافس لها كما كان الحال في ظل نظام القطبين، وأصبحت الأمم المتحدة وسيلة فعالة من الوسائل التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة خصومها الحقيقيين أَو المحتملين، وهذا ما وجدناه في كثير من الحالات التي تصرفت فيها الولايات المتحدة بأراده منفرده لم يكن هناك من دور يذكر لبقية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حتى بدا الحال وكأن الأمم المتحدة عبارة عن إدارة تخضع لتصرفات الخارجية الأمريكية.

وكان العراق مثالاً صارخاً على هذا التصرف الأمريكي المسيطر على القرار في أروقة الأمم المتحدة وخصوصاً مجلس الأمن الدولي ليس ذلك فحسب، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تجمع ما يقرب من أربعين دولة من دول العالم (38) دولةً من دول العالم بما فيها دول عربية لمحاربة العراق وإخراجها من الكويت، ويرى الكثير من السياسيين أن ذلك كان بمثابة إعلان لظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي فيما يخص المنطقة العربية في سوريا وليبيا واليمن. حتى تظهر الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك إجماعاً دولياً في اتخاذ القرارات، وفي الحقيقة أن الإجماع الدولي مغيَّب في ظل سيطرة ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية على قرارات الأمم المتحدة وخصوصاً في مجلس الأمن.

 

2- الفوضى الدولية:

وهي الوسيلة التي لجأت إليها الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الكيان الصهيوني لفكفكة النظم السياسية العربية فيما يُعرف بالمدلول الأمريكي (الشرق الأوسط الكبير)، ومفهوم الفوضى الخلاقة وهو مفهوم أمريكي ظهر لأول مرة من خلال مستشارة الأمن القومي الأمريكي (كونداليزا رايس) في العام 2005 وهو مصطلح سياسي (عقدي) يقصدُ به تكوّن حالة سياسية بعد رحلة فوضى متعمدة الإحداث يقوم بها أشخاصٌ معينون بدون الكشف عن هويتهم وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم.

هذا الحديثُ كان لكونداليزا رايس في الواشنطن بوست الأمريكية التي أفصحت فيه عن نية الولايات المتحدة الأمريكية نشرَ الديمقراطية في العالم العربي والبدء بتشكيل ما يُعرف “بالشرق الأوسط الجديد عبر نشر الفوضى الخلّاقة في المنطقة العربية “منطقة الشرق الأوسط” كما يحلو للغرب تسميتها.

 

3- التدخل المباشر في سياسة الدول:

نظراً للواقع المضطرب تتحَرّك الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها في دول العالم بنوع من الغطرسة والغرور والتفرد وتملي إرادتها على كثير من الدول حتى صارت هي صاحبة الحق الأصيل في بعض الدول في التصرف بحرية بمقدرات الشعوب واستغلال ثرواتها وإمْكَانياتها لتحقيق أهدافها دون الاعتداد بالجوانب والعلاقات الدولية والإنسانية.

ولم تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في أية سياسة وخصوصاً للدول النامية إلا قضت على تلك الدولة وأصابتها بالشلل والانهيار التام ومثال ذلك الصومال والذي لم يصل إلى مرحلة التعافي بعد التدخل الأمريكي، بل إن انهياره وذوبانَه كدولة متجهة إلى الزيادة في المراحل المختلفة التي يمر بها هذا البلد العربي.

 

4- التدخُّلُ من خلال حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة:

وهذا سوف يتم تناولُه من خلال الحرب الأمريكية الإسرائيلية على اليمن في السطور التالية:-

نظراً للكلفة الكبيرة التي تقتضيها الحربُ؛ ولأَنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تخشى دخولَ الحرب بشكل مباشر لما يفرض عليها ذلك من تخصيص موازنات إضافية غير محدودة وهي لا تمتلكها، أَو أنها ستكونُ خصماً من إنفاقات حكومية ضرورية لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية تحملها، ليس ذلك فحسب، إنما أَيْـضاً للخسارات المادية الأُخرى المتمثلة في العتاد والتجهيزات العسكرية، إضَافَةً إلى الخسارة في العنصر البشري وهو الأهم، وكذلك أصبحت سُمعهُ الولايات المتحدة الأمريكية في مستوى الحضيض الذي لا ينُمُّ على أن هذه دولة كبرى بل يشير بكل وضوح إلى أن تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقتها بكل الدول على أنها دولةٌ مارقة ذات إمْكَانيات عسكرية وهي لا تختلفُ عن تصرفات رؤساء العصابات وتجار المافيا.

ولذلك لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشكيل ما يسمى بالتحالف العربي في حربها ضد اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وذلك للأسباب التالية:

– حتى تظهرَ هذه الحرب أنها في الإطار العربي وفق قرارات دولية، وتبقيَ الولاياتُ المتحدة الأمريكية صورتَها بعيداً عن المشهد.

– حتى تتكفّلَ المملكةُ العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وباقي الدول بتغطية الكلفة الباهظة للحرب.

– حتى لا تتعرضَ الولاياتُ المتحدة الأمريكية (قيادة الولايات المتحدة الأمريكية) للمساءلة، لما ستترتب عليه هذه الحرب من خسائر مادية وبشرية.

– هشاشة هذه النظم العربية وعدم قدرتها على المناورة مع الولايات المتحدة الأمريكية إنما سرعة الاستجابة الفورية لما يأتي بأوامرَ منها.

 

أسبابُ العدوان على اليمن:

يمكن إعادة العدوان الأمريكي الإسرائيلي على اليمن للأسباب الآتية:-

– الموقع الاستراتيجي لليمن المتميّز في جنوب الجزيرة العربية، وسيطرته على باب المندب، كممرٍّ رئيسي لنقل إمدادات الطاقة للعالم ومرور جزء كبير من البضائع من خلاله.

– سيطرة اليمن على جزء كبير من الشواطئ البحرية وما تزخر به من ثروات.

– وجود الموانئ التي لو أحسن استخدامُها لأصبحت أكثرَ موانئ العالم أهميّةً.

– اليمن هي الدولة الوحيدة في جزيرة العرب التي لو توافرت لها الإمْكَاناتُ الاقتصادية لأصبحت الدولةَ الأكبرَ في المنطقة.

– الثروات الطبيعية غير المستغلة، بالإضافة إلى المناخ المتنوّع والتأريخ الموغِل في القدم الذي يؤهل اليمن إلى أن يكون الدولة السياحية الأولى في المنطقة.

– قدرة الجيش واللجان الشعبيّة على ردم الفراغ الذي كان قد أحدثته استقالةُ رئيس الجمهورية عَبدربه منصور هادي والحكومة وما كان يمكن أن تسببه هذه الاستقالات من فقدان للسلطة ومن ثم فقدان ركن أَسَاسي من أركان الدولة، تصبح بعدها الدولةُ موزعةً بين جماعات مسلحة إرهابية تسمح بالتدخل الدولي لوجود مسوغه القانوني والمشروع، كما استطاع الجيش واللجان الشعبيّة توجيه ضربة موجعة بل وقاتلة لأدوات النظام الدولي الجديد ممثلة بالإرهاب، وهذا ما أزعج الولايات المتحدة الأمريكية وجعلها تعلن الحربَ على اليمن من خلال عملائها بالمنطقة؛ بحُجَّةِ مواجهة الخطر الإيراني.

وقد تجاوز ما يسمى بالتحالف العربي كُـلّ القيم والأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية في حرب لم يعرف لها التاريخ سابقة، استخدم هذا العدوان كُـلّ الوسائل غير النبيلة في حرب ظالمة على شعب بأكمله؛ بحُجَّةِ ما أسموه (عودة الشرعية)، وتارة أُخرى يقولون بأن الحرب هي لمواجهة إيران في اليمن.

 

ويمكن الإشارةُ إلى أن هذا العدوان على اليمن أفضى إلى الآتي:

– الإغارة بما يقرُبُ من نصف مليون صاروخ ذات القدرات التدميرية الواسعة في معظمها.

– لم يستثنِ العدوانُ أحداً لا منزلاً ولا طريقاً ولا مسجداً ولا مدرسة ولا مستشفى أَو مركزاً صحياً أَو فندقاً أَو متجراً أَو صالة أعراس أَو صالة مواساة ولا وادياً ولا جبلاً إلا استهدفته نيرانُ هذا العدوان.

– أَدَّى تدمير البنية التحتية في اليمن إلى إضافةِ مشاقَّ وصعوباتٍ في الحياة إلى الصعوبات الموجودة، وهو ما فاقم من شدةِ الأزمة الإنسانية والحياتية لكل أبناء الشعب اليمني.

– وما يعزز الاعتقاد بأن من يسندُ هذا التحالف ومن ورائه هو الاستخدامُ المفرطُ لهذه القوة من قبل التحالف هي الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أن كثيراً من الصواريخ والمقذوفات كانت في بعضها تقتربُ من قدرة القنابل النووية، وفي الأُخرى اتّسمت بقوة تدميرية هائلة محرمة دولياً، وما هو أكثر من ذلك أننا نرى ونلاحظ كثيراً من الأمراض التي بدأت تنتشرُ على نطاق واسع في اليمن بفعل هذه الصواريخ، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أنها محملة بأسلحة بيولوجية.

– استمرار هذا العدوان لما يقرب خمس سنوات حتى الآن مع حصار بري وبحري وجوي استهدف كُـلّ أنواع الحياة على الأرض اليمنية.

– فتح العديد من جبهات القتال الممتدة على الأرض اليمنية لمزيدٍ من استنزاف العنصر البشري ولكل مقومات الحياة الطبيعية.

ومن المؤسف عدم استجابة ما يسمى بالشرعية إلى نداءات الحوار والمصالحات الوطنية والحلول السلمية التي تجنب الشعب اليمني مزيداً من الدمار والخراب.

 

خاتمة:

في نهايةِ السطورِ السابقةِ، نستطيع أن نقول: إن الحربَ العبثية التي تشُنُّها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني على المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص جاءت لتتحولَ إلى حرب الجميع ضد الجميع حتى يتمَّ استنزافُ المنطقة برمتها من كُـلّ المقومات الخَاصَّة ببقائها وقوتها وتحويلها إلى مساحات تسيطر عليها جماعات إرهابية تحول الدول العربية إلى كتل من الخراب والدمار ينعدم فيها أبسط قواعد التعامل الإنساني، وهو الأمر الذي سيعكسُ رغبةً عامةً دوليةً لتخليص العالم من ظلم وقهر وسطوة وطغيان الجماعات “الإرهابية”، وهنا يأتي المنقذُ الأمريكي والبريطاني والصهيوني لتخليص العالم من هذه الجماعات الإرهابية وأخذ الدول لقمة سائغة بعد تدميرها وإنهاكها بالحروب المدمّرة والمتواصلة.

 

الاستنتاجات:

– العدوانُ على اليمن وعلى الأُمَّـة العربية والإسلامية ليس وليدَ اللحظة بل له مقدماتُه التاريخية.

– طالما بقيت الأُمَّـةُ العربية والإسلامية بعيدةً عن دينها وعن قيمها وثوابتها فإنها ستكونُ خارجَ السياج الذي يحميها والذي يؤسّس لأعمال مشتركة تنتهي بقواسمَ ومصالحَ واحدةٍ تصُبُّ لمصلحة قوة النظام العربي والإسلامي.

– غيابُ الأهداف العربية والإسلامية المشتركة في مواجهة أهداف الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.

– عدمُ الاستفادة من المقومات الحضارية والموارد الكبيرة في الدول العربية والإسلامية لمصلحة الأُمَّـة.

– عدمُ إعادة توجيه البوصلة العربية والإسلامية لتحديد مفهوم العدوّ والانجرار وراء خديعة الطُرُوحات الصهيونية والأمريكية.

– عدمُ العمل على المستوى الوطني فيما يصُبُّ في المصلحة القومية والإسلامية الواحدة.

– عدمُ وجود مشروع واحد يمكنُ البدءُ منه لتحقيقِ نموذج كفؤ يكونُ قُدوةً لبقية الدول العربية والإسلامية، وليس هناك من مشروع يجمعُ عليه الكل أفضل من المشروع الاقتصادي.

 

التوصيات:

– كما أن للآخرين أهدافاً، على الأُمّتين العربية والإسلامية أن تكونَ لها أهدافٌ مشتركة في مواجهة أهداف الآخرين.

– الاستفادةُ من المقومات الحضارية والموارد الكبيرة في الدول العربية والإسلامية لمصلحة الأُمَّـة.

– إعادةُ توجيه البوصلة العربية والإسلامية لتحديد مفهوم العدوّ دون الانجرار وراء خديعة الطروحات الصهيونية والأمريكية.

– العملُ على المستوى الوطني فيما يَصُـبُّ في المصلحة القومية والإسلامية الواحدة.

– إيجادُ مشروع واحد يمكن البدءُ منه لتحقيق نموذج كفؤ يكون قدوة لبقية الدول العربية والإسلامية، وليس هناك من مشروع يجمع عليه الكل أفضل من المشروع الاقتصادي.

– الدعوةُ إلى مؤتمر وطني شامل لتقديم أوراق عمل في المجالات المختلفة مع التركيز على المشكلات القائمة في الجوانب المختلفة.

– إعادةُ ضبط منظومة القيم المجتمعية، وإنشاءُ المواد القانونية التي تحافظُ على ثبات القيم وتماسك المجتمع.

– إعادةُ بناء الجيش الوطني بهوية يمنية واحدة.

– التركيزُ على موضوع التعليم باعتباره الضامنَ لحلِّ كثير من الإشكالات والتعثرات وإصلاح ما تم إفسادُه.

– التركيزُ على دور الإعلام الوطني المنافِس في توحيد الجهود ونبذ الفرقة وإعلاء شأن القيم (إعلام لكل اليمنيين بهُوية عربية وإسلامية).

* أكاديمي وباحث سياسي، قُدِّمت الورقة إلى ندوة بعنوان: “مستجداتُ العدوان على اليمن: واجهة إقليمية بأجندات دولية” نظّمها مركَزُ دار الخبرة للدراسات والتطوير.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com