المصالحة الوطنية.. نحو استقلال القرار السيادي بعيداً عن الوصاية والتبعية

الزبيري: تشكيلُ فريق المصالحة الوطنية خطوةٌ مهمةٌ على طريق التواصل والتفاعل مع المجتمع

أبو نشطان: المصالحةُ مطلبُ كُـلِّ اليمنيين ومن أراد الكرامة فلن يجدَها إلا بصنعاءَ وليس الرياض وأبو ظبي

شنيف: الدعوةُ إلى المصالحة خطوةٌ في الاتّجاه الصحيح ويحافظ على النسيج الاجتماعي وترتيب البيت اليمني الداخلي

 

هاني أحمد علي

على مدى 5 سنوات من زمن العدوان والحصار والدمار والخراب، الذي طال كُـلَّ ما له علاقةٌ بالحياة في اليمن، على مرأى ومسمعِ العالم، مضى الشعبُ اليمني مستعيناً بالله وصمودِه وثباتِه وسواعدِ الأبطالِ الرجالِ في ميادين العزة والكرامة، وفي طريقه لتحقيق كُـلّ الإنجازات على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وصولاً إلى التصنيع الحربي والوصول إلى عقر دار العدوّ بعد تحوله من الهجوم إلى الدفاع.

وفي الوقتِ الذي تحترق المحافظات الجنوبية المحتلة، وتتحول إلى مسرحٍ لحربٍ أهلية أشعلَ فتيلَها الاحتلالُ الإماراتي السعودي، الذي يقتل البشرَ والشجرَ والحجرَ في المحافظات الشمالية تحت ذريعةِ إعادة شرعية من لا شرعيةَ له، بينما يمارس الجرائمَ نفسَها في المحافظات الجنوبية بهدف تحريرها من تلك الشرعية المزعومة، فإنّ حكومة صنعاء تتباهى بكل ما تحقّق في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ رغم العدوان والحصار، مكللةً هذه الانجازات بتشكيل فريق المصالحة الوطنية والحوار السياسي وسط دعواتِ كُـلّ الأطراف اليمنية بما فيها المرتمية في حضن العدوّ، إلى تغليبِ مصلحةِ الوطن على كُـلّ المصالح، وتوحيد الكلمة ورص الصفوف في مواجهة قوى الاحتلال وتطهير كُـلّ أرض اليمن من دنس الغزاة والمحتلين.

وقد لقي قرارُ رئيسِ المجلس السياسي الأعلى بتشكيل فريق المصالحة الوطنية المكوّن من 20 شخصية تمثل كُـلَّ المحافظات اليمنية، ترحيباً واسعاً على المستوى الرسمي والشعبي والقبلي؛ كون القرار يلبي كُـلَّ آمال وطموح أبناء هذا البلد، ويأتي تنفيذاً للرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة بعد أن أفردت محوراً كاملاً للمصالحة الوطنية بين جميع اليمنيين بمختلف مكوناتهم.

 

خطوة مهمة على طريق التواصل والتفاعل مع المجتمع

أوضح محمد محمد الزبيري -الأمين القُطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي-، أن المصالحةَ الوطنية كانت من المسائلِ المهمةِ التي طرحتها الأحزاب؛ لتكون أحدَ أهم مفردات الرؤية الوطنية؛ لما لها من أهميّة في تماسك النسيج الاجتماعي، والمصالحةُ لا تكون سياسيةً فقط بل شاملةً تتم عبر الحوار؛ لتكون أرضيةً مشتركةً للمشروع الوطني وتنطلق بتشكيل المصالحة داخلياً ثمّ خارجياً، وتتخللها مؤتمرات حوارية في جميع المحافظات.

وقال الزبيري في تصريحٍ خاصٍ لصحيفة المسيرة: إنّ إصدار قرار المجلس السياسي الأعلى بتشكيل أعضاء فريق المصالحة الوطنية الشامل والحل السياسي خطوةٌ مهمةٌ على طريق التواصل والتفاعل مع المجتمع، مبيناً أن هذا القرار جاء كالتزامٍ ووفاءٍ بما تعهّد به المجلسُ السياسيُّ، وضرورةٍ حتميةٍ حدّدتها طبيعةُ المرحلة التي كُشفت فيها كُـلّ الأوراق.

وأشَارَ الأمين القطري، إلى أنّ اختيارَ أعضاءِ فريق المصالحة الوطنية وتنوع اتّجاهاتهم ومواقفهم الاجتماعية والسياسية والجغرافية جاء تلبيةً للمهام المنوطة بهم، مضيفاً: كنا نتمنى أن تشمل أَيْـضاً العنصرَ النسائي؛ كونه من المكونات الاجتماعية المهمة؛ واعترافاً بحقها في إدارة المجتمع والتفاعل مع قضاياه، داعياً إلى استكمال الإجراءات الإدارية لعمل فريق المصالحة، وإيجاد هيكلٍ لها يشمل تكويناتِها ومدتَها في المحافظات.

 

المصالحة الوطنية مطلبُ كُـلِّ أبناء اليمن

إلى ذلك، أكّـد الشيخُ نبيه أبو نشطان -وزير الدولة- أنّ قرارَ تشكيل فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي كان موفقاً جِـدّاً ويأتي في الوقت المناسب ؛ باعتبارها فرصة لمن ارتمى في حضن العدوان بأن يستشعروا الخطر المحدِق بهم وبالبلد، وأن يُحكّموا العقلَ والمنطقَ والصوابَ وأن يعودوا إلى رشدهم.

وأضاف الشيخ أبو نشطان في تصريح خاص لصحيفة المسيرة: إنّ قرارَ تشكيل فريق المصالحة الوطنية ينبثق من الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة، موضحاً أنّ بناءَ اليمن لن يتمّ إلا بالمصالحة بين كُـلِّ الأطراف، إضافة إلى إيجاد الأمن والاستقرار ورفع الوصاية الخارجية عن هذا البد، مؤكّـداً بأنّ المصالحة الوطنية والمواطنة المتساوية هو مطلبُ كُـلِّ أبناء اليمن وهو الحل الذي سيخرج اليمن منتصراً أمامَ العدوان.

وأشَارَ وزير الدولة إلى أن اليمنَ يتسع للجميع، وأنّ القيادةَ السياسيةَ في صنعاء كانت ولا تزال تنادي بالمصالحة الوطنية ورص الصفوف وتوحيد الكلمة في مواجهة العدوان السعودي الإماراتي، الذي بسببه وجدت المشاكل ووجد التناحر والتآمر والتقاسم بين اليمنيين، مضيفاً “لقد كنا نحذر دائماً وتكراراً بعدم الوقوف في صفِّ العدوان، وها هم المرتزِقة اليوم يجنون ثمرةَ ما زرعوه على مدى 5 سنوات ويقعون في شرِّ أعمالهم”، لافتاً إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ والتي تعيشُ في أمنٍ واستقرارٍ ووحدةٍ في الكلمة؛ بسبب القيادة الحكيمة التي تتمتع بها، بينما نشاهد المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال تعيشُ حالةً من الفوضى والانفلات الأمني والجرائم والاغتيالات والقتل كُـلَّ يوم، وبات مرتزِقة أبو ظبي يستهدفون مرتزِقة الرياض والعكس.

وبيّن الشيخ أبو نشطان، بأنه لن يكون هناك أيُّ حلٍ إلا بالمصالحة الوطنية، فاليمن هو بلدُ الإيمان والحكمة واليوم هو الوقت المناسب للملمت الصفوف وتوحيد الكلمة والتوجّـه نحو العدوان وتحرير اليمن بكل مناطقها من دنس الغزاة والمحتلين، وإيجاد قيادة موحدة نتمكن من خلالها بناء اليمن والتنعّم بالثروات الهائلة التي تتمتع بها بلادنا والتي تغنينا عن كُـلّ المساعدات، مؤكّـداً أن من يريد العزة والكرامة لنفسه ولليمن فإنه لن يجدها إلا في صنعاءَ وليس في الإمارات والسعودية.

 

قرارُ المصالحة ينطلقُ من حالة قوة وليس ضعفاً

من جانبها، قالت حسيبة شنيف -عضو مجلس الشورى والأمين العام لحزب العدالة والبناء-: إنّ المصالحةَ الوطنية تعني التسامح ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد والعيش وفق مفهوم العدالة والمساواة والقبول بالآخر.

وأوضحت شنيف في تصريح خاص لصحيفة المسيرة، أنّ صدورَ قرار رئيس المجلس السياسي بشأن المصالحة الوطنية والحل السياسي قرارٌ حكيمٌ وخطوةٌ في الاتّجاه الصحيح، ودعوةٌ للحفاظ على النسيج الاجتماعي وترتيب البيت اليمني الداخلي، ويهدف إلى وقفِ نزيفِ الدم اليمني وقطع الطريق على تمزيق البلد ونهب ثرواته، مضيفة ” كنا نطالبُ أن يتم إشراك العديد من المكونات المدنية والأحزاب السياسة والنساء والمثقفين والشخصيات المقبولة اجتماعياً”.

ولفتت إلى أنّ توقيت إصدار هذا القرار في هذا الوقت بالذات ينطلقُ من حالة قوة وليس ضعفاً، حيث تمّ تحقيق العديد من الانتصارات على الساحة في ظل تفكك وانهيار العدوان ومرتزِقته، ومن جانبٍ آخرَ يأتي متزامناً مع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، التي ورد في محاورها المصالحةُ الوطنيةُ والحلُ السياسيُّ ودعوةُ اليمنيين المخدوعين للعودة إلى حضن الوطن.

وأضافت: ولعل السبقَ الذي صدر فيه القرار من صنعاء خيرُ دليلٍ لدعوة الأطراف إلى حوارٍ “يمني – يمني” بعيداً عن الوصاية الخارجية لبناء الوطن الذي دمره العدوان، معربةً عن أملها بأن تكونَ هناك استجابةٌ من الأطراف السياسية في الخارج، وأن يكون لديها القرارُ الشجاع للتحرّر من الارتهان للخارج، والعودة إلى حضن الوطن الذي يتسع للجميع، متسائلة: أما آن الأوان بعد هذه الأرواح التي أُزهقت، وأن الوقت قد حان لتحقيق السلام؟ وَأما آن للغة السلام والمحبة أن تحل محل الكراهية، والتصالح محل الخلاف، والمصلحة الوطنية محل المصلحة الشخصية والحزبية؟ وأما آن الأوان أن يكون الحوار “يمني – يمني” لا يُستثنى فيه أحدٌ، وأن يتم إطلاق المعتقلين والأسرى من جميع الأطراف، وأن تسود المصالحةُ الوطنيةُ بما تحفظ لليمن وحدته وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.

 

استقلال القرار السياسي بعيداً عن الإملاءات والوصاية والتبعية

وفي السياق أشاد مجلسُ الشورى بقرارِ رئيس المجلس السياسي الأعلى، بتشكيل فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي.

وفي بيانٍ صادرٍ أمس السبت، رحّب الشورى بكل الجهود والخطوات التي تهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية من منطلق حوار “يمني – يمني” لا يستثني أحداً، وصولاً إلى السلام العادل الذي يحقّق الاستقلال والاستقرار الذي ينشده الشعبُ اليمني، وفي إطار الموجهات العامة للرؤية الوطنية التي تتمحور في استنهاض هوية الشعب اليمني، وامتلاك الإرادة الوطنية، واستقلال القرار السياسي بعيداً عن الإملاءات والوصاية والتبعية؛ ومن أجل حقن دماء اليمنيين وتغليب المصلحة الوطنية، بعد أن تكشفت الحقائقُ المروّعة لدول تحالف العدوان وأبعادها وأطماعها.

وشدّد البيان على أهميّةِ تعزيز الجهود الوطنية لتحقيق السلام العادل والشامل، من خلال المصالحة الوطنية ومقاومة كُـلّ ما يشكل تهديداً لمنظومة القيم الاجتماعية والمتمثلة في الثوابت الوطنية الثورية والجمهورية والوحدة، داعياً كافّةَ القوى ومكوناتِ الطيف السياسي اليمني إلى التجاوب الإيجابي مع مبادرة المجلس السياسي الأعلى بما يخدم المصلحة الوطنية العليا.

وأكّـد مجلسُ الشورى دعمَه ومساندتَه لفريق المصالحة الوطنية، والذي يُعتبَرُ مدخلاً عملياً للحل السياسي الشامل وبما يحقّق تطلعاتِ الشعب اليمني في الحرية والسلام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com