رسائل «بركان3»: كلما طال الأمد طال «المدى»

المسيرة | ضرار الطيب

متجاوزةً أبعدَ مدى حقّــقته عملياتُها الصاروخيةُ السابقةُ داخل العمق السعودي منذ بدء العدوان، أثبتت القواتُ المسلحة، عملياً، وقوعَ كامل جغرافيا العدوان في مرمى نيرانها، بضربة بالستية مفاجئة وثقيلة العيار على «هدف عسكري هام» داخل منطقة الدمام السعودية الواقعة أقصى شرق الجزيرة العربية.. ضربةٌ حملت الكثيرَ من الرسائل الاستراتيجية الجديدة، عسكرياً وسياسياً، من حيث الرقم القياسي الجديد الذي شكله مدى العملية، ثم من خلال الكشف عن الصاروخ المستخدم فيها «بركان 3» وكذا من خلال الخصوصية “النفطية” للمنطقة المستهدفة، وَأَيْــضاً من حيث توقيت الضربة بعد أَيَّــام من مجزة «سوق آل ثابت» إلى جانب رسائل أُخْــرَى أكّــدت في المجمل على أن مسار مواجهة العدوان يدخل «المرحلة الثانية من الردع» بتقنيات وقدرات ومعادلات خاصة تفرضها قوات الجيش واللجان، ولا يملك العدوّ أيَّ خيار لمواجهتها، بعد أن أثبت عجزه بالفعل عن مواجهة المراحل السابقة.

===================

أَكْثَــرُ من 1300 كيلو متر، قطعها صاروخُ «بركان 3»، أمس الأول، وقبل أن يتم الكشفُ عن هُويته، ليضربَ منطقةً عسكريةً هامةً داخل «الدمام» البعيدة، مسجلاً ما أعلنت عنه القوات المسلحة أنه «تجربةٌ ناجحةٌ» غيّرت بشكل فوري النظرةَ إلى كافة معادلات الاشتباك مع قوى العدوان.

المسافةُ كانت العنصرَ الأبرزَ في النظرة الجديدة التي شكلتها العملية، فهذه هي المرة الأولى التي تنفّــذ فيها القوةُ الصاروخيةُ ضربة بهذا البعد داخل العمق السعودي، وهو أمرٌ لم يثبت وحسب التطورَ الهائلَ في القدرات العسكرية اليمنية، وإنما دخول استراتيجية جديدة من الردع، أكّــدها ناطق حكومة الإنقاذ، ضيف الله الشامي، والذي صرح قائلاً «بدأنا الآن المرحلة الثانية من الرد على العدوان وإذا استمر فسيكون هناك مرحلة ثالثة من التصعيد في الرد».

التأكيدُ الآخرُ على بدء هذه المرحلة تمثل أَيْــضاً في كشف القوات المسلحة، أمس، عن صاروخ «بركان 3»: الجيل الثالث من منظومة بركان البالستية الناجحة ذات السجل الحافل من الضربات الكبرى داخل العمق السعودي، فالكشف عن الصاروخ يعني أن الضربة لم تكن رسالة عابرة، وإنما إعلان واضح عن الاستعداد لضربات مستقبلية بهذا المدى البعيد الذي يغطي تقريبا كامل جغرافيا المملكة، وبالتالي استهداف مالم يكن يتوقعه العدوّ السعودي أبداً.

وكان واضحاً أَيْــضاً أن من بين الرسائل الأبرز التي أفصحت عنها «مسافة» الضربة: وقوعُ كاملِ جغرافيا الإمارات أَيْــضاً في مرمى النيران اليمنية، فالمسار الدائري لمدى الصاروخ مروراً بالدمام، يغطي أَيْــضاً خريطة الإمارات، وهو تحذير واضح المعالم لأبو ظبي التي لربما باتت تظن أنها أصبحت بعيدة بعد إعلانها المراوغ عن الانسحاب من اليمن.

بالعودة إلى «بركان3» الجديد، فَإنَّ الكشفَ عنه يواصل التأكيد أَيْــضاً على نجاحات التصنيع العسكري اليمني، وتماسك الأسس التقنية التي تمضي بها قوات الجيش واللجان الشعبيّة في تطوير قدراتها، وهو الأمر الذي مثل دَائماً «نواة» التحولات الاستراتيجية على الميدان العسكري، وأثبت سقوط ادّعاءات العدوان حول «الدعم الخارجي» كما أثبت سقوط التقنية العسكرية الدفاعية الغربية التي يستخدمها العدوان.

وفي هذا السياق، كشف الناطقُ باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، أمس، أن الصاروخَ «مصنع بأيادٍ يمنية» مُشيراً إلى أنه «خضع لعمليات تجريبية ناجحة ولعمليات تطوير تقني لتجاوز المنظومات الاعتراضية للعدو».

وأضاف سريع أنه تم تطوير الصاروخ «بتكنولوجيا حديثة وبقواعد ثابتة ومتحَــرّكة».

وكان سريع قد كشف سابقاً، عقب معرض الشهيد الصمّاد للصناعات العسكرية، أن «بركان3» قد دخل خط الخدمة في وقت سابق.

وعرض متحدث القوات المسلحة خلال مؤتمره الصحفي، أمس، مشاهد عملية الإطلاق الأخيرة للصاروخ، حيث ظهر الصاروخ في المشاهد بطول يبدو أكبرَ قليلاً من نسخة الجيل الثاني من المنظومة، مخترقاً الأجواء صوبَ «الدمام»، وهادراً بصوت البأس اليمني الذي دَائماً يؤكّــد أن «القادم أعظم».

 

الرسائل الاقتصادية لضربة الدمام للشركات الاستثمارية: اتركوا أماكنكم

طبيعةُ منطقة الاستهداف وخصوصيتها الاقتصادية و«النفطية» على وجه التحديد كانت أَيْــضاً إحدى الرسائل البارزة للضربة، إذ تعد الدمام من أهمّ مناطق المملكة بما تحتوي عليه من نشاطات ومنشآت صناعية ونفطية، ويعتبر نجاح وصول «بركان3» إليها وضرب هدف عسكري فيها بدقة عالية، تهديداً واضحاً بأن اقتصاد هذه المنطقة أَيْــضاً بات ضمن قائمة الأهداف، وهو ما سيشكل كارثة على النظام السعودي الذي بات يعرف جيّداً أثر استهداف منشآته النفطية بالذات، بعدَ عملية «التاسع من رمضان» الشهيرة، وبالتأكيد تستهدف هذه الرسالة الاقتصادية أَيْــضاً الإمارات؛ كَونها واقعة ضمن المدى الصاروخي نفسه.

رسالةٌ حرصت القوات المسلحة على إيصالها، على لسان ناطقها، العميد يحيى سريع الذي جدّد، أمس الأول، الدعوةَ «لكل الشركات الأجنبية والمواطنين بالابتعاد الكامل عن الأهداف العسكرية والحيوية»، مؤكّــداً أن «المناطق العسكرية والحيوية للعدوان أصبحت أهدافاً مشروعة وقد يطالها الاستهداف في أية لحظة».

 

ناطقُ الجيش: لن تمر مجازر العدوان دون رد

من جانبٍ آخر، شكّل توقيتُ الضربة والذي يأتي بعد أَيَّــام قليلة من مجزرة «سوق آل ثابت» بصعدة، رسالةً أُخْــرَى شديدة الوضوح، مفادُها أن المرحلة الجديدة التي يدشنها اليوم «بركان3» تضاعف فورية ونوعية الرد على جرائم العدوان، بما يجعله يغيّر حساباته اللامبالية بدماء اليمنيين لمعرفته بخطورة الكلفة التي سيتحملها.

وقد لفت ناطق القوات المسلحة إلى هذه الرسالة أمس، مؤكّــداً أنه «ولّى الزمن الذي يرتكب فيه العدوان مجازر بحق شعبنا دون رد مناسب».

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com