قراءةٌ في محاضرة (لا عذر للجميع أمام الله) للشهيد القائد “1”

المسيرة/ خاص

تُعَــدُّ هذه المحاضرة من أهَمِّ المحاضرات التي ألقاها الشهيدُ القائدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في تلك المرحلة؛ كونها تناقش بشكل مباشر وصريح الكثيرَ من الحجج والتساؤلات الماثلة في الساحة حينها، والتي لا تزال تتجدد اليوم، وكانت تمثل عائقاً عن التحَــرّك في مواجهة أعداء الأمة بالأمس واليوم، وتبني هذا المشروع القُــرْآني الذي تحَــرّك فيه الشهيدُ القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-، ونادى الآخرين إلى التحَــرّك فيه، وأعلن أنه لا عذر للجميع أمام الله!

 

حقيقةُ الواقع اليوم

في البداية وضعنا الشهيدُ القائدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- أمام الواقع الذي نعيشُه اليوم والذي يتلخص في قول رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسلم: «كيف بكم إذَا رأيتم المنكرَ معروفًا والمعروف منكرًا؟» وما من شك أننا أن سببَ هذه الحالة المؤسفة يرجعُ إلى ما وصفه الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- بأنه “المألوف الذي نشأنا عليه”، فأصبح الإسلامُ هو ما اعتاد كُــلّ مجموعةٍ من الناس أن يعيشوا عليه بالغَثِّ منه والسليم، وبات كُــلّ من جاء من بيئة أُخْــرَى غير التي نعيشُ فيا يأتي ومعه إسلام مختلف، وهكذا بات للإسلام الواحد اليوم أكثرُ من وجه، وأكثرُ من تفسير، وأكثرُ من طريقة، وأصبح المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، وتعددت الأهواء بعد أن تلبست بثيابِ الإسلام، وعاد الإسلام غريباً، ولم يعد من حلّ لهذا الواقع إلا العودة إلى كتاب الله تعالى، والتخلي من كُــلّ الموروث الديني الذي نتعصب له، حتى نجدَ المساحة التي يمكن أن نلتقيَ حولَها، والتي لن تكون سوى مائدة الله، القُــرْآن الكريم، وحينها سنتخلّصُ من الواقع المُرّ الذي حذّرنا الرسولُ الأكرم منه حين قال: «كيف بكم إذَا رأيتم المنكر معروفًا والمعروف منكرًا؟» وهو الواقعُ الذي وصفه الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- بقوله: “نحن نرى الآخرين، اليهود والنصارى هم من يتحَــرّكون في البحار، في مختلف بقاعِ الدنيا مقاتلين يحملون أسلحتَهم، طائراتهم، دباباتهم، قواعدهم العسكرية برية وبحرية، فرقًا من الجنود من أمريكا ومن ألمانيا ومن فرنسا وإسبانيا وكندا ومختلف بلدان العالم الغربي”.

من الشواهد الغريبة على ضياع هذه الأمة وغياب القُــرْآن في واقعها أنك ترى الحديثَ عن الجهاد وبذل النفس أمراً غريباً إن وُجد وإلا فهو ممنوعٌ، تتحاشاه كتبُ المناهج التعليمية، وتتجاوزه خطبُ المنابر، والتوعية العامة في وسائل الإعلام، وكأن القُــرْآنَ لم يهتم بهذه القضايا، وجاءت البدائلُ لتسحق هذه الأمةَ في وعيها وواقعها، فامتلأتِ الشاشاتُ التلفزيونية بمسلسلات مفسدة، ونبحت حناج الوعاظ بالتثبيط وتمجيد السلطة، وحُذفت آيات الجهاد والإنفاق من كُــلّ كتب التعليم المدرسي.

 

الواقعُ الافتراضي لنا في القُــرْآن الكريم

وباستثناء ما ينتظرُ العالم أن يحدُثَ في مارس المقبل 2019 من إرسال إيران مجموعة سفن حربية إلى المحيط الأطلسي لم يحصل أن كان للمسلمين قطعٌ بحرية في أي مكان من العالم بعيداً عن شواطئهم، وهو الواقع الذي كان ينبغي أن يتحقّقُ منذ زمن بعيد لولا غيابُ القُــرْآن الكريم عن واقعنا، ومن ثم غياب القدرة على تحديد هوية العدوّ فضلاً عن تهديده أَو التلويح بتهديده، وما دام الأسطول المصري مثلاً من صناعة فرنسية وألمانية فلن يتحَــرّك هذا الأسطول ليهدد من صنعوه، وما دام الأسطول السعودي أمريكي الصناعة فلن يشكل أيَّ خطر على صانعيه، فكُلُّ آلة حربية تحتاجُ إلى صانعها بشكل دائم لصيانتها، ولو تخلى عنها لتحولت إلى خرد من الحديد لا تنفع، ولذلك لا تجد عربياً يستخدم سلاحاً بحرياً أَو جوياً إلا بإذن من صنعه، فكل طائرة وكل قنبلة وكل صاروخ وكل سفينة أمريكي أَو بريطاني أَو فرنسي يحتاج من اشتراه أن يستخدمه فيما سمح له البائع فقط من المجالات، وإذا خالف ذلك فإنه سيعرض نفسه لخطر المواجهة معهم وهو ليس أهلاً لها.

الواقعُ الذي أراد الله أن نكونَ فيه هو واقع السيطرة والهيمنة والاستقلال، حتى تكونَ اليد العليا مع الحق والعدل، وليس أن نعيشَ حياة الخزي كما يقولُ الشهيدُ القائدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “هذا خزيٌ للمسلمين في الحقيقة، خزيٌ، وتقصيرٌ عظيمٌ أمام الله سبحانه وتعالى، ونبذٌ لكتابه، نبذٌ للقُــرْآن خلف ظهورنا”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com